ووفقاً لمعايير الاستعلاء العرقي في السودان عند عموم الجماعات الواقعة تحت
تأثير عقدة ثقافة (الشعر الناعم) Soft Hair Comlex ) ) إذا ما جاز لنا اصطلاحا
هذا التعبير والذي يصنف كل من يولد ( من غير شعر ناعم ) في السودان في خانة
التهميش والدونية الاجتماعية والتحقير والاضطهاد المستتر ( Defacto
Discrimnation ) ويكون دائماً راس ماله رصاصة إذا ما ثار أو تاق إلي التحرر
والإنعتاق ( ثورة أبناء جبال النوبة ) . والجدير بالملاحظة أن صفة الدونية
والتحقير الاجتماعي في السودان علي أساس الشعر والفروق الإثنية (Ethnical
(Differences لا ينطبق علي أهلنا النوبيون في أقصي الشمال وعلي مجموعات البجة
في الشرق لانهم بيولوجياً مستوفون لكافة الشروط البدائية التي يمكن أن يجعل
من الإنسان (ود عرب في السودان ) إلا أن لسانهم العجمي وثقافتهم ذات الجذور
الأفريقية وضعهم سياسياً في خانة أهل الشعر غير ( الناعم ) من الزنج الأفارقة
الاقحاح وهو خانة لا يحسد علية المرء من حيث التمييز والاضطهاد العنصري المؤسسي
المستتر بثوب الثقافة والدين ضد الجماعات غير العربية في السودان .
و انطلاقا من هذه البواعث والدوافع البدائية لثقافة الاستعلاء العرقي فقد
إستغل لفيف من عرب دار فور هذه الاختلافات الإثنية والفوراق البيولوجية الشكلية
لسحق الآخرين دون هوادة . و اعتقدوا واهمين تحت دعاوى ترحيض المرضي من دعاة
العروبة أنهم أي العرب في دار فور أفضل من غيرهم و أحق بالحياة و أجدر بالسلطة
. وأن قبائل ( الزرقة ) من أبناء دار فور ما هم إلا أشباه بشر خلقوا من أجل
توفير الراحة لهم ولذلك قتلهم والاستيلاء علي ممتلكاتهم وتخريب وحرق قراهم
ودفنهم أحياء وسبي نسائهم وتشريدهم من ديارهم وإبادتهم جماعة وأفراد أمر يقره
ثقافتهم البدائية العدائية العربية المنشأة ولا يعد في نظرهم تلك الأفعال
الشنيعة في حق الأبرياء من أبناء دار فور جريمة أو معصية وخير دليل علي ذلك هذا
الشعار الذي يردده غوغاء الجنجويد كلما هبوا في نهب قرية أو هتك عرض من أعراض (
الزرقة ) ( المات مات شهيد ومن بقي يحل له الغنائم من مال العبيد !!) . شعار
يقشر له الأبدان ويترفع عنه بلا شك كل مسلم في دار فور يخشي الله و يرجو حسن
الختام . كما أعتاد الأعراب في دار فور أن يطلقوا أسم( أمباوي ) لكل من ينحدر
من قبائل الزرقة في دار فور وهو لفظ يشير إلي الدونية والتحقير . وعلي العربي
أن يقوم بجلد هذا الامباوي بسوطه الذي لا يفارقه بحكم طبيعة عمل رعاة الجمال
إذا ما تصادف وجود هذا الامباوي يعمل في مزرعته لوحده أثناء مرور العربي
بمزرعته دون أي ذنب ! فقط لمجرد أنه يتضايق من شكل ولون بشرته وهو سلوك عدائي
يصدر بدافع رغبة إشباع فكرة الاستعلاء العرقي المتأصلة في أعماق الرعاة من
العرب الرحل والبدو في دار فور . كما أن لا فرق عند العرب في هذه النظرة
الدونية تجاه كافة المجموعات الزنجية في السودان (فالنوباوي) في الجبال
و(الدينكاوي) القادم من الجنوب و(الأمباوي) في غرب السودان فكلهم نوبة في
نظرهم ويجب قتلهم وحرق قراهم واغتصاب نسائهم واسترقاقهم وطردهم من السودان
لانهم أي النوبة ينحدرون من عنصر( الرمانة) بضم الراء والعرب تفاح طبعاً ودرة
قبائل أهل السودان حسبما يعتقدون . والغريب في الأمر أنهم لا يكترثون
للعواقب الوخيمة التي تنتظرهم لارتكابهم تلك الجرائم البكماء في حق الجماعات
الإفريقية من السكان الأصليين للمنطقة ((Abrognies) ) والتي لم تفكر أبداً علي
مدار التاريخ في إبادة العرب يوم من الأيام بل يقال مجرد التفكير في مثل هذه
الفظائع والجرائم ترعبهم لان منظومة المفاهيم والقيم والعادات والتقاليد
والمبادئ النابعة من ثقافتهم الأفريقية المحلية لا تحمل في مكوناتها ورموزها أي
شطحات استعداء تجاه الآخر فالثقافة الإفريقية المتسامحة تشكل ترياقاً
لأيدلوجية الإقصاء والتي تتغذى من قيم الاستعلاء العرقي التي تمتاز به الثقافة
العدائية العربية البدوية المنغلقة المتخلفة في إقليم دار فور ومن أبرز مميزات
وملامح هذه الثقافة المتخلفة مليشيات الجنجويد العربية العدائية والتي بات
يهدد وجودها مستقبل التعايش السلمي في دار فور . فحملات التطهير العرقي
والمجازر وعمليات الإبادة الجماعية والتمثيل بالجثث وحرق القري واغتصاب النساء
يعد نتاج طبيعي لثقافة الجنجويد الحاقدة و صورة صادقة تعبر عن الحقد الدفين
لرسالة ثقافة الجنجويد التي تجعل من السلب والقتل والنهب والإرهاب والترويع
وسائل مشروعة لتحقيق مأربها في دار فور. وهو ما يهدد الأمن الجنائي للمواطنين
الأبرياء في دار فور لأنها بكل بساطة هذه الثقافة العدائية لا تحمل في مضمونها
الاجتماعي غير بزور الفرقة والكراهية وإثارة العصبية القبلية والتمزق وممارسة
الانكفاء والعودة بعقارب الساعة إلي الوراء ولا يمكن الاستقرار في ظل سيادة
مثل هذه الممارسات . لان الأصل في البواعث والدوافع الحقيقية و العوامل
الأساسية لخلفية الصراع في دار فور يكمن في جوهر الأفكار والثقافة الثيوقراطية
العقيمة و التي يستمد منها مليشيات الجنجويد العربية مخططاتهم الشيطانية
الرامية إلي تكوين دولة ( قريش التي لم تقم في مكة يريدونها في دار فور !)
وبقية سيناريو بناء المستوطنات في دار فور للقادمين من دول عربية أخرى !
والتهجير القسري لسكان المنطقة الأصليين وتغيير أسم الإقليم من دار فور إلي دار
العرب ؟ . لذلك علينا في دار فور هذه المرة أن ننتبه لخطورة أبعاد المخطط
العربي السياسي الاستعماري في المنطقة والتي تستهدف وجودنا وهويتنا وثقافتنا
الإفريقية في دار فور كما آن الأوان أن نثور ضد الاستمرار في الاعتقاد بكل
رسالة دينية أرضية كانت أم سماوية تمجد بشكل أو آخر جنس من البشر دون غيره من
الأجناس أو يدعوا إلي تفضيل آل بيت فئة من الناس وتغض عن فئات وتظهر فئه بأنه
الارقي والأفضل في العالم أجمع لأنها في الأصل تنتسب إلي ( الخنفشاري ) فلان
الفلتكان صاحب العلاقة بالسماء و أخصائي فك طلاسم لغة الجان . فلا يجوز أبدا أن
يطلب منا الطاعة والخضوع باسم الله في دار فور ثم يطلق علينا أسماء بهدف
الاستخفاف والسخرية والتهكم والاستهزاء مثل ( دار فور اللوح والماحي) لماذا لا
نسمي أمد رمان عاصمة المهدية باللوح المقدس أو( شندي ) مسقط راس الكثيرين من
دعاة الشريعة الإسلامية ومعقل قادة المشروع الحضاري الفاشل في السودان بأهل
(اللوح الكبير والماحي) . علينا أن لا نسمح بمصادرة حريتنا وإرادتنا السياسية
و الاقتصادية والتحكم في علاقتنا الخارجية حتى ولو كانت مع إسرائيل أو الشيطان
طالما يخدم مصالحنا العليا باسم الدين. علينا أن لا نسمح مرة أخري بالسيطرة علي
عقولنا وعلي خيراتنا الطبيعية باسم الدين . لقد قدمنا قافلة من الشهداء من خيرة
أبناء دار فور في معارك الجهاد في سبيل الله في حرب الجنوب علي اعتبار أن
الجنوبيين كفار حتى جاء اليوم الذي كشف الله لنا فيه من هم الكفار والقتلة
الحقيقيين الذين يستحقون القتل والجهاد غير الجنجويد وسدنتهم من حكام الخرطوم .
تذكروا كل ما قدمه أبناء دار فور من تضحيات في سبيل هذا الوطن العزيز لا مقابل
له سوي الذل و الهوان والعيش في هامش الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
في السودان أو في مخيمات اللاجئين في تشاد . ولا يقف القهر الاجتماعي التاريخي
والتجهيل والاسترقاق الفكري والثقافي لأهل دار فور عند هذا الحد بل ما زال
النظام يعمل علي تخديرهم بوعود النعيم المؤجل بالله عليكم أليس هذا تسويف فاضح
ومخجل و استخفاف بعقول أهل دار فور الذين حرموا من الأمن و الأمان ومن نعيم
هذه الدنيا وأصبحوا يهيمون بوجههم في مخيمات اللاجئين بحثاُ عن الماء والدواء
والغذاء والكساء فكيف لهم إذاً أن يوعدوا بنعيم مؤجل ونحن في الألفية الثالثة
عصر التكنولوجيا والتقدم التقني في شتي مجالات الحياة العلمية والاقتصادية
والاجتماعية نوعد إن جوعاً بطعام علقم و إن طالبنا بالمساواة والعدل والحرية
نباد ونشرد بواسطة مليشيات الجنجويد تباً لهذا الزمان ! ( سود يبيدون سود من
بني جلدتهم ) . من أجل لا شئ غير القتل والدمار .
ولا أحد في الخرطوم يدعوا إلي حل عاجل للازمة والكارثة الإنسانية في دار فور
المستفحل يوم بعد أخر والتي سببها ثقافة( الجنجودزيم) (Janjweedism ) وعنجهية
عسكر الخرطوم . وبالطبع لم يكن يتوقع أهل دار فور في يوم من الأيام أن يحدث لهم
كل هذا الخراب والدمار والتشرد والقتل والسلب والسحل من قبل أناس تجمعهم بهم
العروي الوثقي رابطة ديانة الإسلام التي تحرم قتل النفس البريئة إلا بالحق .
وفي تقديرنا لم يتوقعوا حملات الإبادة الجماعية التي استهدفتهم في عقر ديارهم
بسب اعتقادهم في الأوهام الغيبية والخرافات البالية التي جاءت مع ثقافة
الجنجويد الموروثة والتي أنستهم الحديث بلغاتهم المحلية وطمست هويتهم الإفريقية
فأضحوا بيادق يدورون في الحلقة الغيبية لدياجير القرون الوسطي مما جعلهم لقمة
سائغة لجحافل مليشيات الجنجويد التي أخذتهم علي حين غرة لتفرض عليهم من بعد ذلك
حكومة العسكرتارية العميلة المنبطحة دوماً بغير خجل لعواصم عربية تنظر إلي
السودان وشعبة بعيون القرون الوسطي هوية جديدة لا تتفق مع طبيعة مجتمع أهل دار
فور المتعدد الثقافات والأعراق . ثم الويل لكل وطني غيور أجبر علي حمل السلاح
في دار فور دفاعاً عن ثقافته وكرامته وهويته ورداً لحقوقه المسلوبة والمهضومة
.فالجنجويد أصلاً أداة تقتيل دافعه ثقافة العنف يعود تاريخ ميلاده إلي ما قبل
حكومة البشير فقد إستخدمهم رئيس وزراء السودان الأسبق سئ الذكر الصادق المهدي
في إبادة قبائل الفور فيما سمي ( بحرب العرب والفور آنذاك ) . كما أستخدمها
حكومة البشير دون حياء أو خجل في إبادة شعب النوبة في الجبال ومن قبل أستخدمها
كافة حكومات ( أبناء النهر ) المتعاقبة علي السلطة في الخرطوم ضد ثورة أبناء
الجنوب والآن في دار فور القران واللوح و( لا تنسوا وبكل صراحة أن تكون مسلم أو
إمام مسجد في دار فور لا يحصنك من رصاصات الجنجويد الغادرة الحاقدة فأوامرهم
تقضي بتطهيرك عرقياً حتى ولو كنت بالع مصحف طالما أنت من الزرقة في دار فور )
. ولا قوة في اعتقادنا يستطيع أن يضع حداً لمجازر الجنجويد ضد المدنيين
الأبرياء من سكان القري في دار فور غير التدخل العسكري الدولي العاجل والمباشر
في المنطقة مثل ما حدث في يوغسلافيا السابقة وهو خيار يصفة الجهلاء
والانتهازيون من شرذمة تجار الرقيق في الخرطوم بأنه عمالة وخرق لسيادة البلاد
عن أي سيادة يتحدثون ؟ لا اعتبار للسيادة الوطنية عندما يكون سيفاً مسلطاً علي
رقاب المواطنين . فمن المعروف أن كل حكومة تعجز في توفير الأمن الجنائي
والغذائي لمواطنيها لا يكون لسيادتها أي معني وكذلك كل دولة تفشل في توفير
الأمن والاستقرار و بسط العدل والمساواة بين المواطنين أمام القانون دون أي
تمييز ديني أو عرقي وتأمين الجبهة الوطنية الداخلية ضد أ ي عدوان خارجي والعمل
بالمواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان تفقد تلك الدولة تلقائيا
مبررات و شرعية وجودها وهو ما ينطبق تماماً علي حكومة البشير الحالية . فالتدخل
العسكري الدولي قادم لا محالة وكل ما خطا الحكومة السودانية خطوة عرجاْء نحو
السلام الزائف في دار فور كل ما اقتربنا أكثر من ساعة تدخل المجتمع الدولي
عسكرياً لحسم الأمور علي الأرض إنقاذاً للأرواح وللحيلولة دون تكرار تجربة
روندا في دارفور ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية والإبادة
الجماعية.
فالجنجويد ليست مجرد مليشيات مسلحة يمكن التغلب عليها بحلها وجمع السلاح منها
ومحاكمة عناصرها المتورطة في جرائم إبادة الجنس البشري (Genocide) بقدر ما هي
ثقافة عدائية تنبع من صميم منظومة المتخيل الاجتماعي البدائي للمر أحيل
والرعاة من عرب دار فور ولا سبيل للتعايش السلمي إلا بدفعهم إلي التحرر من عقدة
الاستعلاء العرقي المتأصل في أعماق النفس البدوية العربية في دار فور . و
إقناعهم بضرورة الوحدة الاجتماعية و أهمية الانتماء إلي السودان الوطن الواحد
وليس إلي دين من الأديان أو ثقافة بعينة أو الانتماء إلي أي أمة خارج أمة
السودان العظيمة .
وليعلم المجتمع الدولي و كل من في السودان ودار فور بأننا ننشد الأمن والسلام و
الاستقرار وطننا خالياً من الاحتراب والاقتتال والدمار و الإقصاء والتطرف وسفك
الدماء ونطمح إلي العيش الكريم مع بقية أبناء دارفور من القبائل العربية
المعتدلة العاقلة والتي لم تشارك في تلك الفظائع والجرائم . ولسنا دعاة تفرقة
أو عنصرية ولا نقبل بالمزايدة ولا الهجوم علي كل ما هو عربي في دار فور فهناك
من أصد ر البيانات من أبناء قبائل عرب دار فور ببلاد المهجر وبالداخل و
استنكروا فيها بكل صدق ما يحدث من قتال بين الأخ وأخيه و أدانوا فيها كل من
كان طرفاً في تلك الأحداث المأساوية الدموية وطالبوا بمحاسبة مرتكبي تلك
الجرائم )وضرورة تسليمهم إلي المحكمة الجنائية الدولية ( ICC)) لمحاكمتهم كما
حملوا حكومة البشير ورجالة في الخرطوم مسؤولية الانفلات الأمني في الإقليم .و
استغلال الحكومة لجهل الرعاة من العرب وزجهم في حرب ضد الأهالي من القبائل ذات
الأصول ألا فرقيقة في دار فور بغرض الفتنة وبحجة القضاء علي التمرد في المنطقة
من أجل البقاء في السلطة . كما لا يفوت علينا أن نعلم عن التعريف الاصطلاحي
الأعم لمعني الجنجويد وهو التعريف الذي يعرف الجنجويد بأنها ( ثقافة عدائية
وسلوك إجرامي يرتبط بأعمال السلب والقتل العمد والاغتصاب والإرهاب الإبادة
المنظمة ضد الإنسان والإنسانية في أي مكان في العالم ز بغض النظر عن جنسية
وقبيلة من يقوم بمثل هذه الأعمال الإجرامية . ولذلك فكل من يساند حكومة البشير
في سياستها العدائية تجاه إقليم دار فور عن علم ووعي و إدراك فهو بلا شك
(جنجويد) سواء من الزرقة أو العرب يجب محاسبته وتسليمه إلي المحكمة الجنائية
الدولية لمحاكمته .
بقلم / عبد الرحمن صديق هاشم كروس
القاهرة : بتاريخ 11/9/2004م .