ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 3/13 5:19م
أســــــــامة بن لادن ( 4 ) سـيرة ذاتيــة ( أمجــــــد شكوكو ) كما أسلفنا من قبل فإن هذه الإضاءة التي نسلطها على أسامة بن لادن هي إضاءة علمية محايدة .. قصد بها إضاءة الجوانب الشخصية لأحد أكثر الناس شهرة في أيامنا هــذه .. وكما سلطنا الضوء من قبل على شخصية ( صدام حسين ) ثم ( أبو مصعب الزرقاوي ) فإننا عبر هذه السلسلة والتي بلغت حتى هذه الحلقة أربع حلقات حتى الآن .. فإننا نختار شخصية مؤثرة في المنطقة وأحداثها .. شخصية نستطيع من خلال التعرف على جوانبها المختلفة التعرف على كثير من الأحداث التي شكلت الواقع السياسي في المنطقة العربية والإسلامية . مواصلة للحلقة الفائتة من سيرة أسامة بن لادن كنا قد توقفنا عند فكرة القاعدة وظروف تكوينها ووصلنا معه الى داخل أفغانستان .. حيث تعرفنا على علاقة أسامة بالجهاد وسبل تجنيد الشباب للمشاركة في الجهاد وتكون جبهات مختلفة في الساحة الأفغانية .. وتوقفنا كذلك عند عودة أسامة للملكة العربية السعودية بعد رحلاته الى أفغانستان . عــــودتة إلــــى المملــــكة في عام 1989 ميلادية وبالتحديد بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان عاد أسامة إلى المملكة معتبرا هذه العودة واحدة من السفرات التي يتوجه فيها للملكة ويعود فور إنهاء بعض الأمور هناك . لكن هذه المرة لم تكن مثل السابقات ، فقد علم أسامة بعد فترة من وصوله أنه ممنوع من السفر . ظن أسامة أن السبب هو الانسحاب الروسي وتفاهم القوى العظمى والمملكة تبعا لها ، وهذا لا شك كان عاملا لاشك لكن أسامة فوجئ حين تعرف إلى السبب الرئيسي الذي لم يخطر بباله . لقد بدأ أسامة يخطط لجبهة ضد اليمن الجنوبي وبحركة جهادية تنطلق من المملكة واليمن الشمالي . لم يكن حكام المملكة مهتمين فقط بالإحراج الدبلوماسي لأمر من هذا القبيل لكن الذي همهم هو أن هذا التوجــه من قبل أسامة كان دليلا على أن الرجــــل استأنس مسألة الجهاد لذات الجهاد وليس لمجرد استغلال فرصة تقاطع مصالح مع الحكومات والقوى العظمى . هذا هو السبب الرئيسي في منعه من السفر تلك المرة والله أعلم . ينذر بخطر النظام العراقي كانت تصرفات أسامة في تلك الفترة تدل على إن الرجل بدأ يتصرف تصرف المسؤول الذي يحمل هم قضية ، وتضايقت الحكومة بشكل كبير حين تكلم علنا عن خطورة النظام العراقي وتنبأ بأنه سيغزو الخليج في محاضرات معلنة ومسجلة في وقت كان النظام العراقي من أقوى أصدقاء المملكة وكان الملك فهد قد عاد لتوه من زيارة رسمية للعراق . نصيحة سرية للدولة عندها لم تكتف وزارة الداخلية بمنعه من السفر بل وجه إليه تحذير بعدم ممارسة أي نشاط علني وإنه ربما يعتقل أو يوضع تحت الإقامة الجبرية إن لم ينصاع للتوجيهات . ورغم هذا التوجه والتحذير من قبل الدولة تجاهه فقد بادر أسامة بكتابة نصيحة للدولة سلمت عن طريق أحد إخوانه للأمير أحمد بن عبد العزيز . تضمنت الرسالة نصائح عامة وخاصة . العامة عن المطالبة بإصلاح شامل والخاصة كانت تكرارا لتوقعاته بأطماع صدام حسين في المنطقة وضرورة الاستعداد لها . وكان الأمير نايف قد حرص على مقابلة أسامة حين بلغه تقرير عن محاضرته حول أطماع صدام . بعد غـــــــزو الكويت ما أن سمع أسامة بغزو الكويت في الأخبار حتى تصرف بطريقة تدل على أنه يشعر بجزء كبير من المسؤولية حيث بادر بكتابة رسالة أخرى إلى الدولة يعرض فيها وجهة نظره حول الطريقة المثلى لحماية البلد من الخطر العراقي بمجموعة اقتراحات حول السبيل الأمثل لتعبئة الأمة ضد هذا الخطر ومن ثم السبيل الامثل عمليا لمواجهته . وأضاف لهذه الاقتراحات عرضا بجلب كل المجاهدين العرب الذين يستمعون له للمساهمة في عملية الدفاع هذه . سلمت الرسالة بنفس الطريقة التي سلمت فيها الرسالة الأولى وكان رد فعل الدولة له هو وعد بالنظر بالأمر . ورغم موقف الحكومة من القضايا التي أشار إليها فقد كان يتوقع نوعا من الإستجابة وشيء من المساهمة في عملية الدفاع عن البلد .. لكن بدلا من أن تستجيب الدولة للعرض الذي قدمه أسامة بادرت بقرار كان السبب في أكبر تحول في حياة أسامة وهو إعلان استدعاء القوات الأمريكية . وتحدث أسامة واصفا لحظة سماعه خبر قرار استدعاء القوات الأمريكية بأنه أكبر صدمة تواجهه في حياته ، لأنها بتقديره المرة الأولى ( منذ البعثة النبوية ) التي تطأ فيها أقدام الكفار جزيرة العرب بقواتهم العسكرية . وصدم كذلك لأن القوات الأمريكية لم تدخل باحتلال أو رغم أنف الحكام بل دخلت بطلب منهم بعد أن هرعوا مستنجدين بهم . كان شعوره بعد ذلك شعور الإحباط والقلق على مستقبل الجزيرة بعد هذا التطور الخطير . بعدها أيقن أسامة أن مخاطبة المسؤولين بالخطابات والمذكرات أسلوب عديم الجدوى ولا بد أن يفكر بأسلوب بديل . تحرك أسامة باتجاهين ، الأول تجاه استخراج فتوى بوجوب الاستعداد للقتال على كل مسلم وخاصة أهل الجزيرة وأفتى الشيخ بن عثيمين فعلا بتلك الفتوى فاستخدمها أسامة في تشجيع الشباب من جديد في الذهاب لأفغانستان والتدرب هناك ، واستجاب لدعواه تلك عدد من كبير من الشباب توجهوا فعلا لأفغانستان . الاتجاه الثاني كان محاولة جمع أكبر عدد من العلماء في مؤسسة شرعية مستقلة غير مؤسسة هيئة كبار العلماء حتى تكون مرجعا للناس بعد أن تحولت الهيئة في نظره لمجرد أداة بيد الدولة بعد فتيا استدعاء القوات . ورغم أن حركة أسامة كانت مقيدة في وضع يشبه الإقامة الجبرية ألا أنه استطاع إنجاز شيء مما أراد إنجازه وخاصة الاتجاه الأول . لكن محاولاته في جمع العلماء بتجمع مستقل لم يحالفها النجاح أولا لصعوبة حركته بسبب القيود التي عليه وثانيا لأن العلماء بما فيهم علماء الشباب لم يستوعبوا بعد فكرة المؤسسات المستقلة. تفتيش مزرعة أسامة من قبل الأمن ولم يكن أسامة ملتزما بالتقييد المفروض عليه حيث ألقى عددا من المحاضرات وعقد عددا كبيرا من الاجتماعات مع العلماء والدعاة والناشطين في مجال الدعوة . لم يكن ذلك مقبولا لدى السلطات ولذلك استدعي أكثر من مرة ووجهت له تحذيرات شديدة بوجوب الالتزام بتجميد نشاطه . ومن اجل تخويفه أرسلت السلطة مفرزة من الحرس الوطني في جدة لاقتحام مزرعته الواقعة في ضواحي جدة وتفتيشها بشكل فجائي حيث لم يكن نفسه موجودا فيها لحظة الاقتحام . وقامت المفرزة باعتقال بعض العمال في المزرعة ( أطلق سراحهم بعد ذلك ) وتم إعداد محضر عما وجد فيها وتصوير كامل المزرعة ومخازنها ومرافقها بالفيديو . عندما أخبر أسامة بالحادث غضب غضبا شديدا وكتب رسالة احتجاج شديدة للأمير عبد الله . واستغرب أسامة حين ورده رد من الأمير عبد الله ينفي فيه علمه بالحادث ويعد بمعاقبة المسؤول عنه . خارج البلد مرة أخرى كان تراكم هذه الأحداث سواء على مستوى البلد أو عليه هو شخصيا سببا في التفكير جديا بمغادرة البلد لكن أنى له ذلك وهو ممنوع من السفر وكل تحركاته تحت المجهر . لكن بن لادن استطاع أن يخرج من البلد بسهولة وبطريقة معلنة . كيف خرج من المملكة ؟ مضت الأيام على أسامة في ذلك الوضع الذي لا يحتمله ، فلقد تعود على النشاط والجهاد والحركة وإذا به يجد نفسه في وضع الإقامة الجبرية . أمر آخر لم يكن يتحمله هو هذه القوات المقيمة في جزيرة العرب وظن أنه يتناقض مع نفسه إن زعم أنه جاهد الكفار في أفغانستان لاحتلالهم بلدا مسلما بينما هاهم في جزيرة العرب التي لها حرمة إضافية على باقي الأرض . تحمل أسامة بمرارة فترة الحرب " عاصفة الصحراء " ثم وصل إلى قناعة أنه لا يمكن أن يكون صادقا مع نفسه إذا استمر في المملكة . لم يكن هروبه أمرا سهلا فهو شخصية معروفة وبيته تحت الحراسة الدائمة . ولذلك فكر أسامة بطريقة أقرب للأسلوب الطبيعي وهو ما حصل بنجاح . كان أحد أخوته مقربا من الأمير أحمد بن عبد لعزيز نائب وزير الداخلية. تحدث أسامة مع أخيه شارحا له أن لديه التزامات مالية كثيرة في باكستان ومناطق أخرى وحقوقا ينبغي أن تدفع لأصحابها وحقوقا له ينبغي استخلاصها وأنه لا يمكن أن يحل هذه الاشكالات وكيل لأن بعضها قائم على الثقة والعلاقة الشخصية جدا . اقتنع أخوه بالفكرة ووعد بشرح ذلك للأمير أحمد. كان الأمير نايف على وشك أخذ إجازة فانتظر أخوه إجازة نايف وتحدث مع الأمير أحمد فعلا واستطاع إقناعه بإعادة الجواز والسماح بالسفر . وافق الأمير أحمد وسمح له بسفرة واحدة وكلف الجهات الأمنية بمتابعته . وهكذا استغنى أسامة عن أسلوب الهرب والتخفي وتمكن من مغادرة البلد بشكل طبيعي . حينما وصل إلى الباكستان كان أول عمل قام به هو كتابة رسالة اعتذار رقيقة لأخيه يخبره أنه لا يخطط للعودة وأنه سيسبب حرجا له أمام الأمير نايف واعتذر له أن الثمن غال يستحق اللجوء لمثل هذا الأسلوب . هنا نتوقف على أن نواصل هذه السلسلة في الحلقة القادمة لنتعرف على عودة أسامة الى أفغانستان وعدم رغبته في العودة للمملكة العربية السعودية مما يحتم عليه ضرورة البحث عن مكان آخر بديل له بأعتبار أن أفغانستان تعتبر ساحة للحرب والأمر يتطلب أكثر من موطيء قدم وهذا هو الأمر الذي حدا به للتفكير في السودان كملجأ بديل ورغبة منه في مساعدة الدولة الإسلامية فيه من خلال إمكاناته الكبيرة .