• ولو سألنا الناس عن معنى كلمة ( تنظيم ) فإن الناس سيشيرون الى قالب جامد هو رسم تنظيمي يحدد هيكل العلاقات بين أفراد التنظيم ويحدد مختلف الإدارات والأقسام وخطوط السلطة ... غير أن الهيكل ليس إلا أشكال تدل على ما يقوم به التنظيم وكيفية عمله .
• والجماعة من خلال تفاعلها وعملها تتغير باستمرار وفق إتجاهات العمل كذلك فإن شكل التنظيم أيضا يظل متحركا وثابتا ثابتا كعلاقات تنظيمية .. بمثال مبسط لهذه العبارة فإننا نجد أن اللاعبين الأحد عشر الذين يكونون فريق كرة القدم يخلقون الفريق كتنظيم من خلال الطريقة التي يلعب بها كل فرد وكل في وضعه المخصص ومركزه ( حارسا - ظهيرا - وسطا - مهاجما ) ويعمل كل لاعب دائما على أساس علاقته بغيره من أفراد الفريق وهو يقظ دائما لما يفعله الآخرون ويستجيب لكل حركة في الملعب .. بمعنى أنه متحرك أدائيا ولكنه ثابت تنظيميا .
• من خلال هذا المثال يمكن أن نتعرف على التنظيم وندرك أنه نشاط ديناميكي متغير داخل نموذج مؤطر يحتفظ به الأعضاء على الدوام .. فالفريق على أرض الملعب يتعرض لسلسلة من التغيرات والتبديلات في المراكز وطبيعة الأداء ولكن كل فرد له وظيفة محددة داخل إطار التنظيم ويحاول دائما أن ينسق دوره من خلال علاقته بالآخرين .
• و بذا يكون الشخص الذي يؤدي دوره من اجل مجد شخصي يعتبر ليس عنصرا جيدا في فريقه وقد يؤدي الى خسارة المجموعة لأنه يحطم التنظيم ويشكل خلالا في جانب ما من خلال عدم الإنسجام في البنيان المتسلسل للتنظيم .. وبهذه الصفة يعتبر هذا العضو عنصرا سلبيا وثغرة في البنيان المتكامل .
• وبهذا المنطق يصبح ( التنظيم ) عملية دائرية ديناميكية قوامها القيام بعمل ما للآخرين ومعهم .. ومن خلال هذا العمل يقوم باستثارة الآخرين وحثهم على الاستجابة .. تماما كما يفعل الممثلون حيث يحفظ كل فرد منهم دوره تماما لكنه أثناء الأداء يعطي الآخرين علامات وإشارات معينة تبين الوقت لمن يليه في الكلام أو الحركة وفق المشهد المعد .
• ولا يمكن لهذا التنظيم أن يؤدي دوره الجماعي ما لم يفهم كل فرد دوره وطريقة التداول بينهم .. من خلال الرأي والإقتناع والأمل والطموح والإيمان بالدور الذي يؤديه مسهما بدوره الفردي في الأداء الكلي للجماعة لكي يكون متصلا وفاعلا ومنتجا .
• ولنضرب مثالا واقعيا آخر من خلال فرقة موسيقية مكونة من ( 100 موسيقار ) وقد تخصص كل واحد منهم على عزف آلة واحدة فقط ( الكمان - البوق - الرق - الناي - الطبلة - ..... الخ ) وبالتمرن على انفراد ثم العمل معا فإنهم يتعلمون التزامن والمزج والتداخل الصوتي في وقت واحد وتتابع دقيق .. مهما كان الدور قصيرا أو طويلا ومهما كانت نوعية وحجم الآلة التي يعزف عليها .
• فلو قدر لكل فرد في الفرقة الموسيقية أن ينفرد بآلته فإنه لن يستطيع أن يؤدي لحنا مؤثرا متكاملا بمفرده .. لذا فإنه سيحتاج الى غيره ليخرج اللحن بالصورة المطلوبة .. ويجب أن يؤمن بأهمية دوره مهما كان قصيرا وبعدم إمكانية الاستغناء عنه .. وبأنه قادر على استثارة غيره كما أنه يستجيب للاستثارات التي تأتيه من الآخرين .
• والدافع وراء ذلك كله هو إيمانه بالدور الذي يقوم به .. وبأنه يريد أن يحقق الأهداف والغايات والمرامي التي يعمل من أجلها .. ويأتي هنا الدور الخطير الذي نبحث عنه وهو ضرورة وجود ( قائد ) لهذه الفرقة الموسيقية .. وهي ضرورة تنظيمية فإذا إقتنع عضو الفرقة بقائده ووثق في قدرته التوجيهية ومقدراته الموسيقية وحسن أداءه فإنه سوف يتقبل النقد والتوجيهات حتى إن جاءت شديدة وعنيفة أحيانا .. لأنه سيدرك أن القائد يهدف في آخر المطاف إلى ذات الغاية التي يسعى لها الجميع وهي جودة العمل الجماعي .
• في بعض الحالات .. أو الحفلات الغنائية قد يجلس موسيقار ما لعدة ساعات دون أن يشارك أو يعمل شيئا بينما الفرقة الموسيقية تعمل لمدة طويلة حتى تحين اللحظة التي ينبغي عليه أن يعزف فيها مقطوعة قصيرة .. و قد لا يسمعة أحد من المتفرجين لكنه يعرف أن إسهامه الموجز إنما هو ضروري بالنسبة للمجموعة ولمثالية الأداء المتكامل تماما كما يؤمن بقية أعضاء الفرقة لأهمية الدور الذي يقوم به هذا الفرد .
• ورغم أن الفرقة الموسيقية تعتبر مثالا طيبا للتعبير عن التنظيم إلا أنها ليست المثال الأوحد فهناك ( الجماعة المسرحية - فريق الجراحين المكون من المخدرين والممرضات والمساعدين - والطيارين ومساعديهم - والملاحين وطاقمهم - والبحارة - وحكام المباريات - والمعلمين ... والصحفيين .. والإذاعيين .. والمدرسين .. الخ ..... ) .
• ربما انتبه القارئ الكريم لكلمة ( يستثير ) التي استخدمناها هنا مقارنة مع كلمات أخرى تعبر عما يصدر من القادة والموجهين مثل ( يأمر - يوجه - ينبه - يلفت - يرشد ) وهي كلمات تبين درجة العلاقة بين القائد والمجموعة التي معه والاستثارة أكثر السبل رقيا إلى دفع الآخرين للعمل من خلال تفجير الطاقات واستنهاض الهمم من خلال احترام قدرات وشخصيات الآخرين .
• التنظيم مثل الكائن الحي فإنه يمكن أن يصبح فاعلا إذا ما توفر قدر من التخصص والتمايز وتقسيم العمل والأدوار مثل القلب والرئتين والمعدة والذراعين والتي تهدف جميعها الى تحقيق رغبات الإنسان وأهدافه ويكون العقل في هذا التنظيم هو ( القائد ) الذي يختار المناسب من الخيارات المطروحة أمامه .
• إذن ما الذي يحفظ لهذا التنظيم موجهاته العامة ؟؟ لقد أصبح ضروريا وضع لائحة معينة أو دستور أو قانون يسير الأداء لأي شكل من أشكال التنظيمات المكونة وهي تتأتى قي شكل قواعد تحدد شكل العلاقات وطبيعة التسيير .. لكن هذه القواعد الجامدة لا يمكن أن تنشيء عنصري الحركة والتفاعل الضروريين إذ لابد من وجود قائد فاعل مدرك لطبيعة الدور الذي يجب أن يقوم به .
• بهذا الفهم يصبح القائد هو الموجه الحقيقي للعمل ويصبح هو من خلال هذا الدور الخطير مفجرا للطاقات مستثيرا ومحفزا للآخرين نحو الإبداع وتحقيق الأهداف بخلق نوع من التجانس ونوع من التكامل الجماعي ... مما يجعله واعيا ومدركا لطبيعة الدور القيادي الذي يقوم به بل قادرا على استيعاب هذا الدور من خلال التأهيل اللازم والإعداد الذي يمكنه من النهوض به .
-----------------
ملء السنابل تنحـــني بتواضـــع والفـــارغات روؤســـهن شوامـــخ
-----------------
كلمــــــــات متقاطعــــــــــــــــة :-
• من حق الهلاليين أن يفرحوا بنصرهم .. لكنه نصر معلق بشرط .. وهو اجتيازهم شوط المباراة الثاني .. لكن يكفيهم حتى اللحظة طعم هذا الانتصار البرتقالي .
• من حق ( الحيدوسي ) أن يفاخــــر أهله بما حقــــق فقــــــد أكد لهم بأنه أهــــل لذاك .. وأنه ( ح يدوسهم ) ومن حق الرجل أن يفرح كيفما يشاء وحيثما يشاء ووقتما يشاء .
• المريخيون من حقهم أن يتعلقوا بأهداب الأمل .. طالما أن الشوط الثاني لم يبدأ بعد .. وطالما أنه سيكون بإستادهم الجميل وبين أهلهم .. بعد أن يحسنوا وفادة القوم .. فأهل الكرم يعرفون بالمكارم .
• ترى هل يصلح العطاران ( صلاح – الوالي ) ما أفسده الدهر ؟؟
صـــلاح محمــــد عبد الدائــــم
( شكوكو )
[email protected]