طه يوسف حسن - جنيف - سويسرا

اختار مهرجان فريبورغ السينمائي الدولي بسويسرا (الرحلة) شعاراً لدورته 19 التي تتواصل من6 إلى 19 مارس الجاري بأفلام تدعو إلى رحلات سياسية وزمنية ووجدانية وروحانية . مثل كل عام نحاول اكتشاف أعمال لاتصل عادة إلى سويسرا كما نحاول جعل التنوع الثقافي في متناول الجمهور. بهذه الكلمات لخصت مديرة مهرجان فريبورغ السينمائي الدولي راشيل برولارت خصوصية الدورة 19 للمهرجان الذي بات يشتهر بتشجيعه للأعمال السينمائية في دول الجنوب وانتقائيته لأفلام مفيدة تطرح تساؤلات وتعيد النظر في وضع المجتمع وكانت السينما السودانية حاضرة وممثلة في شخص السينمائي الرائع حسين شريف حيث تم عرض فيلمه الشهير (انتزاع الكهرمان) الفيلم يحمل في ذاكرته فسيفساء من المواضيع والثقافات والحقب التاريخية و وصفاًً ديمغرافياً وعمرانياً لمدينة سواكن في منتصف السبعينات مدافعاً عن حضارة تلك المدينة التي لم يبق منها سوى الأطلال والمدهش في الشريط اللمسة الإبداعية التي تؤكد على وحدة الوجدان السوداني من خلال تنوع الحضارة السودانية المتوفرة في كل مدينة سودانية.

نسمع صوتاً ندياً ينساب من خلال المباني المتصدعة التي تحكي عن روعة حضارة منقرضة في جزيرة سواكن لا يمكن أن يكون إلا للفنان المبدع الراحل عبد العزيز داؤود و تظهر الممثلة الكبيرة فايزة عمسيب بمستوى ثقافي عالي, الشريط الذي يظل وفياً من البداية إلى النهاية يؤكد وطنية الفنان والرسام والمخرج السينمائي حسين شريف , رغم أنه تلقى تعليمه الثانوي بكلية فكتوريا في الإسكندرية والجامعي بجامعة شفيلد ببرطانيا و من ثم إلى جامعة كمبردج لدراسة التاريخ الحديث ثم مدرسة سليد للفنون الجميلة بجامعة لندن يظل الفيلم يحمل الجينات السودانية و رائحة الدعاش ورزاز المطر والمفكرة الريفية ودرب القمر.

كان تشوق وفضول الجمهور واضحين وكبيرين لإكتشاف الشريط الوثائقي الذي يحكي عن عظمة السودان وقبل العرض الذي حضره حشد كبير من السويسريين والأوربيين وثلة قليلة من السودانيين خاطبت الحضور إبنة المبدع الراحل نصرة حسين شريف المقيمة حالياُ بلندن و شكرت إدارة الإحتفال لإهتمامها الشديد بأعمال والدها الذي غيبه الموت قبل شهور قليلة مضت بقاهرة المعز. وهذا الفيلم الوثائقي (انتزاع الكهرمان) عرض بمهرجان غرينوبل بفرنسا عام 1976 وفي لاغوس بنيجيريا عام 1976 وفي مهرجان أدنبرة 1978 وقام الفنان حسين شريف بإنتاج الفيلم الوثائقي ( ليست مياه القمر) لمنظمة اليونسيف.

العشاء الأخير

ويسجل الحضور العربي في الدورة التاسعة عشرة للمهرجان في إطار المحور الإسترجاعي (ريتروسبيكتيف)أحد المحاور الثلاثة الرئيسية التي يقترحها المهرجان من خلال فيلم ( الرحلة الكبرى) من إنتاج مغربي - فرنسي للمخرج المغربي إسماعيل فروخي و (العشاء الأخير) للمخرج السويسري نيكولا فالديموف و المخرج الفلسطيني عيسى فريج وهو مرتبط بالأحداث إذ يحكى قصة أسرتين قريبتين سيتم فصلهما بالجدار الإسرائيلي . تقرران تنظيم عشاء أخير قبل أن يفرقهما الجدار لكن العشاء لن يتم لأن الجداركان أسرع من العشاء ...

والسينما الإفريقية حاضرة أيضاً في مهرجان فريبورغ السينمائي العالمي حيث بدأت تثبت وجودها بشكل ملحوظ في العرض الذي قدمته سيدة من جنوب إفريقية ونال إعجاب الحضور المتعطش لمعرفة أسرار وخفايا القارة السمراء. و في ختام المهرجان تقدم جائزة (النظرة الذهبية) التي تبلغ قيمتها 30 ألف فرنك سويسري التي يتنافس عليها 12 شريط مطول و13 شريط وثائقي.