فالأديب مبدع وحين يمارس هذا الفن لم يخلد بذهنه أن يكتشف نفسه من أجل الحصول للمادة ، في المقام الأول الأدب بجميع فنونه و ألوانه متعة ذاتية والأديب يشعر بسعادة عارمة ويغمره نشوه ساحرة حين الوصول إلى قناعة بأنه نظم شعراً مجوداً أو نسج رواية متناسقة 0
والأدب عموماً وسيلة للتعبير عن الذات فإذا استطاع الأديب من إيصال طرحه للمجتمع أو الشريحة الإجتماعية المستهدفة بأسلوب سلس يكفيه ذلك ولا اظن أنه يفكر في العائد المادي لأفكاره وإنتاجه الأدبي.
وكما قال فلاسفة علم النفس " كل شي غايته السعادة " ولا أحسب ان اديباً وجد إنتاجه الإحستحسان ولم يشعر بالسعادة وهذا يكفي0
يقول الأديب مصطفى سند " لقد خسر الشعر فعلاً خسر أرضه وجمهوره وفقد تأثيره بعد أن توزع هويته ولبس شاراته وتسلق جدران مهابته وإقتحم حرمه اناس ما لهم به من قربى لا وشيجة ولا نسب ، يظنونه صاروخاً نافذاً إلى أبعاد ومجاهل زينة الحياة الدنيا"
لا مراء أن هذا العصر عصر الرواية وليس عصر القصيدة فإن وجد الشعر في العصر اناس يتدافعون وتزاحمون لإثبات نسبهم إلى الشعر فبهذا التدافع لا إعتقد أن الشعر يخسر شيئاً فإن وجد واحداً أصيل النسب فهو الكاسب و أن كان الجميع ادعيا فالزحام افضل له من الجهر ومعظم الأدباء أشتهروا بالصدفة ولا شك أن عالم الشعر كغيره من المجالات الأدبية يلجه الكثيرون ولكن البقاء فيه للأصلح
والشعر من نفس الرحمن مقتبس X والشاعر الحر بين الناس رحمن
فالعلامة البروف / عبدالله الطبيب ، طيّب الله ثراه لو خيّر بين مكانته الأدبيه ورصيده الأجتماعي وبين آلاف الصقور والفلل لإختار المجد الذي ورثه ، وهو لم يولد بأسنانه ولم يلج عالم الشعر وهو عملاقاً ، بيت من الشعرفقصيده ثم ديوان ثم ثروة أدبيه0
كان بإمكان الأديب مصطفى سند القول بأن الشعر قد خسر بإدعاء بدر شاكر السياب ونازك الملائكة ورفاقهم النسب إليه ، لأنهم أتوا بجينات وراثية معدله أشكل وفسد على الكثيرين تذوقهم للشعر0
ولا أحسب أن نجيب محفوظ وماريو فار غاس ليوسا ونذار قباني مثلاً كانوا يعانون من شذف العيش لكن عدم كفالة العيش الكريم للأديب في السودان مرده إلى واقع المجتمع السوداني فحسب وكأني أري الأديب يقول لعشاق الأدب الواعديين توقفوا عن الزحام إلى حين تعيد الجهات المعنية النظر في أوضاع الأدباء وفي تقديري أن هذا الطرح ليس إيجابياً.
إبراهيم سليمان
المملكة العربية السعودية
e.mai:[email protected]