كثر الحديث هذا الأيام عن اللغة العربية واللغات السودانية في إطار
اتفاقية السلام بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان . وأنا هنا سوف اركز
حديثي حول خلط العديد من المفاهيم تجاه من ينتقد سياسات فرض اللغة العربية
في السودان وإقصاء اللغات السودانية الأخرى تارة بأنها ليست لغات وتارة
بالتمسك بلغة القران الكريم وهنا يكمن جوهر الإقصاء . أثبتت الدراسات سرعة
انتشار اللغة العربية في السودان بحيث اذهل الباحثين بهذه الدراسات لكن
يرى المتمحص و الباحث الجيد أن هذه الدراسات تفتقر وتتجاهل العديد من
الأسباب الموضوعية منها التاريخية والسياسية والدينيه . يكمن القول إجمالا
أن اللغة العربية فرضت على حساب اللغات الأخرى في السودان وبل أطلق لفظ
الرطانة عليها لاشعار مستحدثيها ( تصحيحا بالدونية . وقد تناول الأخ بريمه
في رده على أبى القاسم شئ من التهكم والاستفزاز . وقد قال الكثيرون أن
العروبة لسان وليس دم بما فيهم أجهزة السلطة في حكومة الإنقاذ وهذا كلام غريب
ولكنه من ضمن سياسة التمييع والتذويب للقبائل السودانية الأخرى وهذا
الكلام يربط الدين بالعرق واسالك بالله وأنت في أميركا هل تحدثك
بالإنجليزي يجعل منك خواجه ؟ بلا أنت سوداني عندي وزنجي أميركي إذا
أخذت الجنسية الأميركية في نظر الأمريكان , ولا يختلف اثنان يااخى بريمه بان
العروبة عرق والإسلام دين وشتان بين هذا وذاك وإلا لما صنف أصحاب النفوس
المريضة الصراع في دار فور بين عرب وزقه مع أيماننا التام انه ليس كذلك
وهذا كلام ممجوج وإذا كان هذا التعريف هو تعريف العرب لما كان هنالك سلمان
الفارسي وصهيب الرومي رضى الله عنهما وغيرهما كثر و إذا كان ذلك فهم العرب
الأقحاف لفقدوا الكثيرين .
أما قولك لا يمكنك أن تصلى ولا تقرا بغير العربية نعم تصحيح ولكنه قول حق
أريد به باطل لان الله ما أرسل نبي ورسول إلا بلسان قومه وهنالك عدة
أسباب لذلك (1) دلاله على عدالة السماء لعباده وإلا لارسل نبي بلغة مختلفة
وهنا لا يمكن فهمه وبالنظر إلى الواقع السوداني نجد أن اللغات السودانية
مكانا وزمانا أطلق عليها الرطانة نكاية بها والنيل منها وبالمناسبة هذه
اللغات هبة من عند الله لبني البشر كما اثبت الدراسات اللغوية ذلك وكان
القران الكريم قبلها (2) والسبب الأخر هو الإعجاز: لقد عجز، يا آخي بريمه،
جاهلية العرب والذين كانوا يتفاخرون بلغتهم آنذاك بان يأتوا ولو بآية واحدة
. أضف إلى ذلك إضافة القران الكريم الكثير من المفردات والكلمات التي
يجهلها العرب إذا يااخى بريمة ثراء اللغة العربية لا يكون فخرا وإقصاء للغات
الآخرين ولا يفهم من ينتقد سياسات فرض اللغة العربية في السودان بأنه
كراهية وتحامل على اللغة العربية وكتابة شخص ما بلغه ما يضيف إليها اكثر
لان للغات أسرار يتميز كل عن الأخر بشيء .
نعم المسا ليت قبيلة مسلمة عملا وقولا لذا تفاعلت مع غيرها في الله والوطن
وتعاملت بالحسنة مع غيرها وفى كثير من المجالات تتعامل باللغة العربية (
كالعبادة) مثلا ولكنى أؤكد لك إذا كان الدين يقصى هوية شخص لتمسكوا
بهويتهم وإذا كان الخيار إقصاء لغتهم وإحلالها باللغة العربية فانهم سوف
يكونوا في خندق واحد مع أبو القاسم محمد إبراهيم . انظر يا أخي بريمة أن لغة
المسا ليت ما تزال حية ، فأي لغة على وجه الأرض يمكنها أن تعطى وتأخذ فخذ
مثلا الكثير من كلمات وجمل العامية السودانية في دار فور فتجد الكثير من
لغات ( المسا ليت ، الفور ، الزغاوة الخ) من كلمات وتراكيب ونبرات . وثبت
بما لا يضع مجالا للشك بان هذه اللغات بان هذه اللغات ثرة وإذا أعطيت الحق
كما اللغة العربية . ولا يستطيع أحد أن يقول أن العامية في دار فور يمكن
أن يفهمه كل سكان الخرطوم وهى مثل الكثير من اللهجات السودانية لان
هنالك ما يسمى بال( Dialect Continuum ) في علم اللغة وهكذا طبيعة اللغات
وليست هنالك لغة مقدسة أو لغة افضل من لغة . وقول أبو القاسم يجب أن يحل
اللغة الإنجليزية العربية في السودان هذا صوت الكثيرين من أبناء الهامش
السوداني والذين يمثلون السواد الأعظم وليس في ذلك عيب أعطيك مثالا حيا
لقد عمدت حكومة الإنقاذ كامتداد لسياسة التعريب في السودان إلي تطبيق سياسة
التعريب في الجامعات السودانية واجمع الكثيرين من المختصين والأساتذة على
أن هذه السياسة غير موفقة ويا ليتك رأيت ما يجرى في الجامعات وقاعاتها من
مهازل من بتر للمعلومة وسرقة للحقوق العلمية تحت غطاء التعريب أتحداك أن
تفهم ترجمة بعض مؤلفات جومسكى وبلومفييلد ( وإذا ارت سوف أرسلها لك) قد
تمت الترجمة ارتجالا لان اللغة العربية التي تتفاخر بها لم تسطع استيعاب
المفردات العلمية وليس هنالك من دراسات فيها ( شفت كيف رجعنا لورا)
وأراك تستشهد باستيعاب اللغة العربية لعلم الفلسفة وكنت أتمني لو تمحص
الكلمة قبل الاستشهاد بها(PHYLOSOPHY ( يعنى أدخلت للغة العربية ببغض
التعديلات ((Morphology والأمثلة كثيرة وليس في ذلك عيب ولكن العيب استخدامها
لإقصاء لغات الآخرين .
يا أخي أتمنى أن ترجع السودان وتشوف لغة الطلاب الجامعيين لتعرف أن للناس
خيارات وسياسة الفرض لا تنفع أما موضوع إخواننا السودانيين في الدول
العربية فحدث ولا حرج فعندهم العروبة دم ولون وعرق وليست لغة كما زعمت.