مع ملاحظة أنّ هذا الدور ليس اختياريّا أو تطوّعيّا ، بل هـــو حقّ للطفــل على أبويه إذ أن ترك الطفل يكتسب شخصيّته بمنتهى ( الحريّة ) ثمّ يتفاجأ الوالدان بأن بعض السلوكيات على غير ما يرغبان ، فيبدأن المعالجة ولكن بعد فوات الأوان !!!! .
والكارثة أن الأبوين يفعلان ذلك ظنا منهما أن الحرية هي أن لا أقيـــد الطفل بالأوامر والنواهي ليشب بلا عقد .. بينما الواجب أن أصحح له كل الأخطاء بإسلوب مناسب يــدور بين الحديث الرقيق وشيء من العقــــاب الحكيم . ذلك أن كلمـــــة ( عيب ) قــــد تكون عقابا رادعا في أحـــايين كـــــثيرة ..
هنا أستحضر في خاطـــري صورا واقعيـــة يعاني منها بعض المغتربين الذين يحسون بأن وجـــودهم في بلاد الغربة لون من التضحية من أجـــل الأبناء وبالتالي يتركون لأطفالهم الحبل على الغارب والقارب .. وهم في غمرة هذا الفعل لا يحسون بالخلل التربوي ولا يدركون ذلك إلا عندما يغادرون منزلهم أو يعودون في إجازاتهم فيجدون أطفالهم يتصرفون بشيء أقرب ما يكون للتخلف منه للحال السوي العادي .. وقد لا يلحظون ذلك لكن المقربين منهم سرعان مايحسون بذلك ولكن الحياء وعدم رغبتهم في مواجهة ذلك تتركهم يؤثرون الصمت على التدخل !!!!
نعود للإعلام مرة أخرى فنتحدث عما يبثه من سموم وأفكار فاسدة .. بخلاف العري والفجور والفواحش والسلوكيّات المنحطّة ، التي تتشبّع بها نفس الطفل من الأفلام والمسلسلات ! وغيرها .. حتى أن الأغاني أو ما تعرف بالفيديو كليب لهي السم المحشو في طيات الدسم من خلال اللقطات السريعة والحركات الماجنة وتلاقي الفتيات والفتيان بملابس فيها ما فيها من الإيحاءات الفاجرة .. وقد نترك الأطفال أمام التلفاز ساعات طويلة بدعوى إبعادهم عنا حتى نستريح من الضوضاء والصخب الذي ينبعث منهم .. و بتركهم أمام بعض المحطات التي تبث رسوما و قصصا وروايات متحركة ونحن لا نعلم إنّ كلّ نماذج قصصنا ورواياتنا وأفلامنا ومسرحيّاتنا هي شخصيّات مريضة بكلّ المقاييس ، وإن صحّ فيها شيء ، فهو إنتصار الحق على الشر ولكن بعد بث السموم في العقول الخاوية ، وهنا استشهد بحديث للدكتور ( مصطفى محمود ) الذي يرى أنّ هــــذه المزبلة هي أقوى عامل هــدم ينخر في جسد المجتمع المصريّ ، فهي تربّي أجياله الجـــديدة على السلبيّة والجهل والفهلوة ... بلا علم ولا ثقافة ، وهي لا تنجح إلا في إعـــداد المجرمين والشباب المايع الذي لا هـــم له إلا الحب والزواج العرفي ..
إنّ طفلك الذي تتركه يرضع هذه السموم في فترة تكوينه الأولى ، تهتز قناعاته وتترسب في أعماقه مفاهيم خاوية وتخيلات عميقة يستصحبها معه في مراحل عمره القادمة فيحدث له ما يلي :-
تترسّخ في ذهنه القيم المغلوطة مع التكرار .
يكوّن الإعلام عبر الزمان تصوّرا إحصائيّا فاسدا عن المجتمع ، بسبب المنحرفين الذين يشاهــدهم عبر التلفاز كل يوم ، بصورة أكبر مما يشاهـــد من الملتزمين المستقيمين والمحترمين الذين يصادفهم في محيـــط الأسرة والعائلة ( إن صادفهم ) فيصبح العالم كله بالنسبة له هو ( عـــادل إمام ) و( يسرا ) وهما على سرير النوم بملابس النوم !!.. إنّ هـــذا يُلغي بالتدريج حاجـــز الخجل من ارتكاب الخطأ ، باعتبار أنّ كلّ المجتمع يفعله ، ولا أحد يستنكر ! فيضحى ذلك سببا يكسب الطفل حصانة نفسيّة ضــدّ مراقبة الناس له أو الشعور بالذنب تحت ستار الحرية الشخصية ودخـــول الفعـــل حيز الإعتياد .. وهذا هو الدرس الأوّل في إنتاج تغذية الروح الإجرامية والفجور وعـــدم الحياء حتى أصبح الحياء من فطرة إيمانية الى تعريفة بأنه مرض لا بد من مراجعة الطبيب للتخلص منه .
تنغرس في لا وعيه اقترانات شرطيّـــة مــــدمّرة من أمثلة ذلك :-
1- أن البطل سكّير .. البطلة راقصة أو داعرة وماجنة ..
2- الخمر يجعل المرء أكثر ظرفا ومرحا ومقدرة على المواجهة ..
3- المتديّن إرهابيّ شرس .. فأحذر التواجد معه أو مصاحبته .
4- الأب الذي يحاول الحفاظ على شرف ابنته ظالم وعنيف وجاهل ورجعيّ ..
5- الأب الذي يود أن يؤدب إبنه هو شخص غير ديمقراطي ومتخلف ..
6- ربّة البيت خدّامة .. لها أن تلزم البيت بينما الأب ماجن عربيد .
7- الرجل يخون زوجته مع أوّل ماجنة يصادفها وكأن الفحولة تقضي ذلك حتما .
8- .. و ... و ... و .... أرتال من الرذيلة الخفية والعلنية .
كما أن التلفاز يعرضُ ليل نهار ، مشاهدَ الحبِّ والرقصِ والموضاتِ العارية ، والأحضانِ والقبلاتِ التي لا تنقطعُ وكأنّها سيل جارف ، والتي تتمُّ علنًا بلا حرجٍ كأنّها حقٌّ لا مراءَ فيه ، ويدافعُ عنِ حقِّ الأزواجِ في الخياناتِ الزوجيّة ، وحقِّ الشبابِ في الزنا ، وفي العيشِ معًا سِفاحًا بدونِ زواج ، أو على الأقلِّ يعرضُ ذلكَ بطريقةٍ محايدةٍ على أنّه أمرٌ واقعٌ وعاديٌّ تمامًا !.. كلّ ذلك ينتزع حياء الفتيات وغيرة الفتيان ، فتسيرُ الفتياتُ في الشوارعِ شبهَ عاريات ، وتشيع قصص الحبّ المراهقة ، والزنا والفواحش ويصبح الفتى غير قادر على ردع إخته التي يحدثها الشبان في قارعة الطريق ، في إطار هذا الجو تشيع الاستهانة التامّة بالأخلاق والفضائل ، وتصبح حفريّات من زمن مضى ! .
إظهار الشاب الناصح الملتزم وكأنه شخصية معقدة لا تصلح لهذا الزمان .. وكأنه رجعي يحمل أفكارا عفا عليها الزمن وأصبحت في أرفف المتاحف .
كما أنّ المصيبة الأعظم ، هي تقديم الرذيلة بكلّ جوانبها الممتعة على مدار الفيلم ، وحصر العقاب على آخر لقطتين في النهاية ، حيث يتمّ القبض على البطل المجرم ، الذي يقــول جملة على غرار: " يا ليتني لم أفعل هذا ".. وينتهي الفيلم دون أن يعرض للطفل المعاناة والمذلّة التين يتعرّض لهما هذا المجرم في السجن ، بنفس درجة سرد تفاصيل استمتاعه بالخطا .. و هذا يؤدّى بالطبع إلى استهانة الطفل بالعقاب ، وإحساسه بأنّه لا يتكافأ مع متعة الرذيلة فيستحسن الرذيلة من باب المتعة أوالمغامرة والتجربة .
هـــذا بخلاف تخدير عقل الطفل وإيقافه عن العمل ، نتيجة التكرار الأبله والأفكار المليئة بالمتناقضات والثغرات ، التي لو شغل المتفرّج عقله بها لفقـــد استمتاعه بالعمل !
أضف لهـــذا تضييع وقت الطفـــل ، وإلهائه عن التعرّف على أساسيّات دينه ، وإقصائه عن القراءة ، بل وحتّى المذاكرة .
وفي كلّ الأحوال ، يتمّ تهشيم عزيمة الطفل ، بالتغرير به وإغرائه لتأجيل الأهمّ لمتابعة الفيلم أو المسلسل .. وبالتالي ينشأ الطفل فوضويّا لا يعرف النظام ولا ترتيب الأولويّات .
هذا مع تضخيم تبعيّته لشهواته على حساب عقله وضميره .. ليس فقط بسبب الإعلانات البلهاء التي تحثه على الاستهلاك بلا مبرّر لمجرّد إشباع غريزة الامتلاك ، ولكن كذلك بسبب الإلحاح الغريزيّ في كلّ عمل فنّيّ يعرض عليه ، ممّا يفتّح ذهن الطفل لمفاهيم أكبر من سنّه ، يكون لها أشنع التأثير على شخصيّته ، حيث تتولّد له شهوات تخيّليّة غير متزامنة مع نموّه الجسديّ ، نتيجة استثارة فضول التجريب لديه .. جدير بالذكر أنّ الوضع سيزداد سوءا بعد تدريس مادة الثقافة ( الجنسيّة ) هذه المادة المفروضة على المدارس العربية ! والتي جاءت تحت ضغوط من جهات نعلمها جميعا .. والتي رفضتها حتى الآن ( 3 ) دول فقط منها السودان .
كذلك تستقرّ في عقل الطفل والطفلة ، صورةٌ مشوّهةٌ للمرأة ، تبدو فيها متكافئة مع الرجل ، بل تجدها تعاديه وكأنها ضده وفي حرب مستمرة معه .. فتجدَ في كلِّ عمل ٍ دراميٍّ امرأةً قد دُسّتْ دسًّا في مشهد نكافي ، أو منصبٍ لا يصلحُ له غيرُ الرجال ، فتفاجأ ُ بها ضابطةَ شرطة أكثر غلظة من الرجال ، وتجدُها مع حرسِ السواحل في وحشة البحر ، وتجدُها مع روّادِ الفضاء ، وتجدُها ف ي صالاتِ الملاكمةِ والمصارعة .. بلّ إنَّ هناكَ سلاسلَ من الحلقاتِ والأفلامِ البوليسيّةِ بطلتُها الرئيسيّةُ امرأة ، حيثُ تراها تضربُ الرجالَ المدجّجينَ بالعضلاتِ وبالأسلحة ، رغمَ أنّهم يختارونَها في غايةِ الأنوثة ( لأغراضٍ تجاريّة !! ) .. ويبدو جليًّا للمشاهدِ أنَّ ركلةً واحدةً منها يمكن أن تُطيحُ بالمدفعِ الرشاشِ من يدِ خصمِها .. إنَّ هذا الإلحاحَ في زجِّ المرأةِ في غيرِ مواضِعِها ، أخلَّ كثيرا بعقليّاتِ ونفسيّاتِ أجيالٍ من الفتيات ، وأنتجَ مع الزمنِ أجيالا مشوّهةً من النساءِ يملؤها العنفُ والتحدّي للرجل ، وبدلا من أن تخففَ من أن تكون برقّتِها وحنانِها وأمومتِها بلسما يداوي الجراح ، ودخلتْ من حيث لا تعلم في حروبٍ ضاريةٍ مع الرجل ، وتركتْ منزلَها لتحصلَ على قيم واهية ، وأصبحتْ على استعدادٍ لطلبِ الطلاقِ عندَ أوّلِ وهلة ، ولم لا ، ما دامَ رجلُها لا يُقدّرُ سيادتَها وتسلّطَها وتطاولَها عليه وقلّةَ احترامها له ، ويُطالبُها باستمرارٍ بمزيدٍ من الرعايةِ والاهتمامِ به وبأطفالِه ؟!!.. هل تتعجّبُ إذن من ازدياد نسب الطــلاق ؟!! وإنعدام الثقة بين الشباب والشابات وتحول الشباب الى تبني الزواج العرفي ( الخفي ) كحل للممارسات الفاحشة .
وأخيرا ـ وليس آخرا ، فلا أدّعي قدرتي على حصر كلّ صنوف الدمار التي تلحق بشخصيّة الطفل نتيجة هـــذه المزبلة ـ يفقــد الطفل علاقته بالأسرة ، نظرا لأنّ غالبيّة الوقت الذي يتواجد فيه في البيت يقضيه أمام التلفاز ، ممّا يقطع خطوط التواصل بينه وبين المجاورين له أمام التلفاز .. هل تتعجّب من فشل غالبيّة المحترمين من توصيل مبادئهم وأخلاقهم وأفكارهم وطباعهم وأذواقهم لأبنائهم ؟؟!!
يبدو أنك أخي الكريم قد فهمت أبعاد القضية كاملة وليس أمامك إلا أن تتخذ إجراءاتك الضرورية من أجل حماية الأبناء حتى لا يكونوا ضحية لهذه الظروف التي وجدوا عليها أنفسهم ولا حول لهم ولا قوة .. وليس أمامهم إلا التأمل في وجوهنا وهم في غيوبة اللا شعور .. وهم ضحايا وضع نُسأل نحن عنه .. بل جريمة عظيمة نرتكبها في حق أبناءنا بمحض إرادتنا وكامل قوانا العقلية ..
كلمات متقاطــــــــــــة :-
المريخ .. سفير الكرة السودانية .. ينازل هذا المساء وبإسم السودان نادي المقاولون العر ب بمصر .. يحتاج الى أن نسانده بحسن نية .. وجمال طوية وهو يدافع عن الكرة السودانية في أكثر الثغور حساسية في تاريخنا الرياضي .
مهما كانت المبررات ومهما كانت ردود الأفعال فلن نقبل تبريرا يمكن أن يجعل سودانيا واحدا يضمر في أعماقة أمنية تتصور هزيمة المريخ ..
رضا مصطفى الشيخ .. إستطاع أن يقدم برنامج الرياضة بإقتدار .. رغم بعض الهنات وشيء من الرهبة ... لكن الرهبة لن تزول إلا بمزيد من التقديم وهذا ما لن يتأتى في حضرة المقـــــدم الغائب ... في رأيي أن تقديم هذا البرنامج بمقدمين إثنين ( لا يكون بينهما سيف الدين علي ) سوف يتيح الفرصة للمقدمين الناشئين بالثبات .
صـــلاح محمــد عبـــــدالدائم
( شـــكوكو )
[email protected]