في مقال على الشبة االعنكبوتية اردنا ان نتناصح فيه مع الاخوة في الجبهة
الشرقية لاستجلاء موقفهم الغامض تجاه السلام كان لابد لنا من ذكر الدور
الاريتري ما له وما عليه بلغة معممة تراعي الوضعية السيادية لدولة مثل اريتيريا
وحساسية روابطنا الكثيرة والمعقدة معها فذكرت دون اسهاب ان لها حقوق شرعية في
شرق السودان وعلاقات دم وثقافة وجغرافيا غير منكورة ثم طالبتها ان تسعى بشفافية
في علاقاتها مع المعارضة الشرقية بحيث لا يساء فهم دورها من قبل الجبهة
الداخلية بسبب غموض مواقف الجناح المسلح من العملية السلمية الجارية . ولكن
يبدو ان جملة ( الحقوق الشرعية وعلاقة الدم والثقافة ) ازعجت اخي عمر حامد عنجة
من ابناء البجة ومن قبيلة البني عامر المشهورة والغيورة والمتواجدة كغيرها من
البجا في الشرق السوداني والغرب الاريتري . وفهمت من مداخلته انها من باب الحرص
على البوصلة الموجهة للملاحة الثقافية والسياسية للبجا عبر الامواج المتلاطمة
في القرن الافريقي الصاخب !! ولا املك الا ان احي طرحة الناصع برلغته الرائعة
واطارئه لكتاباته رغم عدم استحقاقي له . ولكنه اختلف معي بادب علمي عن مضمون
الجملة السالفة بطريقة المثقف المهذب كعادة اهلنا البني عامر .

وكان ملخص رؤياه ( ان البجة لا تربطهم صلة رحم ودم وثقافة بالنظام الحاكم في
اريتريا والمنتمي للتلال الشرقية والصليبية المعتقد !!وكذلك يرى الاخ عنجة ان
النظام لا يريد ازدهارا ثوريا وحضاريا للبجة بدليل تحجيمه لدور البني عامر في
الجناح المسلح , وايضا تشريده المتعمد للقيادات الواعية والمستنبرة عن قيادة
الجبهة الشرقية ليختلي بتابعيةعاجزة , ثم يرجع الاخ عنجة ما سبق من سلوك
الحكومة الاريترية الى خوفها من القوة المحتملة لشعب البجا الممتد في الدولتين
) انتهى ملخص الاخ عمر عنجة . وكما وضحت ما كان لي ان اسهب في التاثير الاريتري
لحساسيته كدولة يجب علينا مراعاة حرمتها لذلك انصب عتابي على اخوتي في التنظيم
. ولكن لا مانع من تطييب خاطر الاخ عنجة بوضع بعض النقاط فيما اعترض عليه . لم
اقصد الحكومة الاريترية عندما ذكرت الحقوق الثقافية والاثنية وانما قصدت الشعب
الاريتري ككل والبجا منهم خاصة لوجود اخوانهم دما ولحما ولغة ودينا في الجانب
السوداني مما يقتضي الواجب الاخلاقي للحكومة الاريترية ان تراعي الوصل البار
بهؤلاء في حدود ما يمليه الضمير والقانون الانساني لان بجا السودان امتداد غير
منفصل عن بجا اريتريا وان ما يصيب البعض منهم يتداعى له كل الجسد البيجاوي
بالسهر والحمى !! وكان لابد من اللغة المعقلنة في مخاطبة الحكومة الاريترية
وخاصة من قبل المثقفين البجا من الجانب السوداني لاننا نطمع دوما و نريد منها
ان تتلطف بنصفنا الاخر الذي معها ولا تفصلنا عنهم سوى قدرية حدود الاسوار
البرلينية !! ثم يجب ان نعتدل في نظرتنا تجاه التنوع العقائدي في اريتريا في
جباله وسهولة وان لا ننظر اليه بحمرة عيون الصقور الطالبانية ولا من خلال رموش
حمائم الديوسي الديني !! لان نفس التنوع موجود عندنا في السودان وفشلت معه كل
المحاولات الشمولية الدينية والثقافية والاثنية !! وكما يجب ان ناخذ في
الاعتبار الطور التسنيني للتشكل الحضاري للدولة الوليدة التي لم تكمل عقدها
الثاني !! ولا اقصد هنا ( بالتسنين) الطاقم الحكومي الذي ولد باسنانه وصقلته
الخبرة الكثيفة للنضال الميداني والفكري لحوالي ثلاثة عقود قبل التحرير . رغم
اننا لا نبرء كل تصرفاته في حق اخواننا البني عامر الذين لا ينكر دورهم
التاريخي في اريتريا اصالة وبسالة . الا ان الحكمة تقتضي ضرورة الخطاب المتمهل
والرصين للمثقف البجاوي وخاصة في سجاله مع الحكومة الاريترية مستصحبا حساسية
الاعراض الكردية والكشميرية لموقف شعب البجا !! الممتد من بورسعيد شمالا الى
مصوع جنوبا !! لذلك اعتقد ان يكون منطق الرسالة النضالية للبجا في كل من
السودان واريتريا ان الدولة التي تشرع وتعجل بالاسترضاء المنصف للبجا سوف تحصد
سبق ميول الوجدان القطري لهذا الشعب العريض والطويل زمانا ومكانا !!