السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

تحديات التغيير الجوهري منصور خالد وصراع العقليات بقلم: أبوذر على الأمين

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/4/2005 11:30 ص


أكثر ما يهم وما يدعو للبشريات في اتفاقية السلام هو تبنيها للتغيير الجوهري وللسودان الجديد ، فقد وضعت الاتفاقية بنياناً يمكن أن يقود إلى هذا الهدف (التغيير الجوهري) ، إلا أن هذا البنيان قد تهدمه عوامل في جوهره ، إن التركيز على الهدف الاستراتيجي (التغيير الجوهري) ، يمكننا من تبيان مواضع الخلل وأخطاء الممارسة الحالية ، التى لا أرى أنها ستقود لذلك التغيير المطلوب.
إن القراءة الحصيفة لا تقوم على قاعدة الممكن السياسي ، كما يريد لها د. منصور خالد ، بل على قاعدة الممكن الاستراتيجي ، ذلك لأن قاعدة الممكن السياسي تعمل على حصر الفعل الحاكم " القرار " بين قوتين تمثلهما الآن الحكومة والحركة ، باعتبارهما طرفي الاتفاق الموقع بينهما وتفاصيله المتعلقة بالسلطة والثروة والقوة وحتى المجال السياسي (بشمال حكومي ـ جنوب حركة شعبية).
مما يجعل أمر الاتفاق وتفاصيله محصورا ضمن إطار الحكومة الحركة ، ليكون مجال التعاطي خارج إطار الشريكين وقفا لما يتيحه الشريكان من نسب مشاركة أو هوامش حريات للقوى السياسية الأخرى في الشمال والجنوب.
وقاعدة الممكن السياسي هذه مهما كانت المبرارت لها ( إنهاء الحرب بين ذات الطرفين ـ أو خضوع الناس وتحملهم لشمولية الانقاذ وقهرها لأكثر من عقد ونصف ـ أو شكل الحكومات الانتقالية السابقة وموقع القوى السياسية منها ، لايعطي الشريكين الحق الكامل طالما تبنيا حلاً جذرياً يعمل على إعادة تشكيل وهيكلة بل وتأسيس " سودان جديد " . وهنا بالتحديد معضلة ونقطة ضعف الاتفاقية والشريكين .
لأن الشريكين تبنيا مشروع هدفه الاساسي هو إعادة هيكلة السودان كل السودان وبناء وتأسيس قواعد جديدة لقسمة السلطة والثروة تأسيسا لعدالة راكزة راسخة في الشمال والجنوب عنوانها الديمقراطية واطلاق الحريات . لكنهما ليستا القوتان الوحيدتان اللتان لهما وجود بالجنوب والشمال ، وإن كانتا القوتان الوحيدتان المتحاربتان بالسلاح .
فاذا كان هدف الاتفاق في حدود انهاء الحرب ، وتحقيق مطالب وأهداف الحركة الشعبية في الجنوب من جهة ، والمؤتمر الوطني في الشمال من جهة أخرى ، لكان الأمر واضح ومفهوم أن كل شئ سيتأسس على قاعدة ( العنف الرسمي – وغير الرسمي ) . ولكن عندما تتبنى الاتفاقية برانامجا كاملا هدفه إعادة الهيكلة وتحقيق العدالة وتجديد العقول في كل السودان وضمان وحدته طوعا ، فإن التأسيس أو التعامل وفقاً لقاعدة الممكن السياسي والشراكة وضبطها لهوامش مشاركة القوى الأخرى تصبح غير مبررة وغير صحيحة بل وغير ملزمة وجوباً.
خصوصا وأن الاتفاقية لم تتعامل مع كل ولايات السودان ومناطقه بذات الطرح من الدقة والتفصيل النصي كما حدث مع الجنوب والمناطق بالشمال الجغرافي( جبال النوبة ، النيل الأزرق ) ، مما يعنى أن الاتفاقية هنا ( مثال ) يمكن أن يطرح حلول ومعالجات ، لكنها ليست ( قاعدة ) تضبط التفاصيل كما هو الامر مع المناطق التى تناولتها .
إن التغيير الجزري الذي تتبناه الاتفاقية يستدعي القراءة وفقاً لقاعدة الممكن الاستراتيجي لسببين متلازمين . أولا أن الذي ليس له مصلحة في شئ لن يشارك الآخرين وهو يعلم أن ليس له من الأمر شئ . وأن الشماليين مثل الجنوبيين إذا لم تكن مصالحهم محسوبة ومراعاة بمشاركتهم سيسعون لها بكل السبل ، ولن يكون انفصال الجنوب مشكلة .
بل ولا يجب أن يكون انفصال الجنوب مشكلة أو هم إذا أريد لمعادلة الاتفاق هذه أن تتوزان ، لأن الأمر لايعدو أن يكون ضمان الحقوق الاقليمية والقومية لكل المجموعات السودانية وعدم التعدي عليها ، أما حق تقرير المصير فيجب أن يكون قاعدة لكل أقاليم السودان ليطمئن الجميع في أن لا يتغول أحد على حق لهم أياً كان . لهذا توفر قاعدة القراءة الاستراتيجية للاتفاقية والتعامل معها بنية أكثر مرونة وعملية تضمن التغيير الجزري وإعادة الهيكلة وتأسيس مجال سياسي يضم الجميع الكبير والصغير الضارب في التاريخ والذي ستفرزه التغيرات القادمة ضمن الولايات ، وحتى لا يصبح موضوعاُ للمساومة السياسية .
وثانيا ضرورة الاعتراف بوجود قوى سياسية شمالية وجنوبية ، وهو اعتراف يماثل في شكله وفي جوهره الاعتراف بتعدد الثقافات والقيم والاعراق والاديان . بل لها نفس الأثر ضمن معادلة تسعى لاعادة هيكلة وبناء سودان جديد .
وأن أمر اشراكها يمثل مرتكزاً حاسما طالما أن المتحاربين تناولا السودان كله برؤية تهدف إلى إعادة هيكلته بصورة شاملة . ولن يكون مثال الحكومات الانتقالية هنا مناسباً أو في مكانه دعك عن عدم أخلاقيته .ذلك لأن القوى التى تولت الحكومة الانتقالية في أكتوبر أو أبريل لم تكن حكومة حزبية ، ولم تفرض شروط أو تحتكر نسب من سلطة أو ثروة أو قوة كما هو الحال الأن بين الشريكين اللذين تقاسما الشمال والجنوب والسلطة والثروة والقوة .
لكل ذلك لن يكون مناسبا للقوى السياسية أن تشارك ضمن مشروع تغيير جوهري بنسب رمزية يبرر له بـ ( مراعاة لحالة الانتقال من الحرب للسلام ) فهذه القوى السياسية لم تكن طرفا مباشرا في الحرب وإن كان لها سهم في ذلك مثلها مثل الباقين . لكنها طرف أصيل في أيقاف الحرب وإعادة تأسيس المجال السياسي ، خصوصا وأن هذه القوى لم تقف ضد الاتفاق بل رحبت واستبشرت به واعتبرته نقطة انطلاق ومرتكز نحو العدالة والحرية والديمقراطية .
لقد جاء ارتداد الشريكين إلى قاعدة تنسيب المشاركة ضمن إطار لجنة أو مفوضية الدستور رغما عن عدم نص الاتفاقية على ذلك (كان هذا النص يمثل أقوى قواعد بناء الانطلاق نحو السودان الجديد بناء وتأسيسا على الاتفاقية) قويا انعكس على (روح) الاتفاقية ومآلات التغيير الذي رسمته ، بل إن الشريكين مضيا لأبعد من ذلك بحصار القوى الآخرى في الشمال والجنوب بشرط الاعتراف والالتزام بالاتفاقية والدستور كجواز مرور لديمقراطية السودان الجديد .
دفع ذلك كل القوى السياسية خارج الشريكين للتفكير والعمل للتكتل لمواجهة القوى الجديدة القادمة للحكم وقد احتكرت القوة والسلطة والثروة . إن ذلك يعيد انتاج المناخ السياسي مع قدوم الانقاذ التى احتكرت السلطة والقوة والثروة . لتتكتل كل القوى السياسية في الجنوب والشمال ضدها ، ليدور التاريخ ويعود وقد ادمجت الانقاذ أقوى قوى الجنوب المحاربة ضمن مشروع السلطة شراكة بينهما ، لتتحول كل المقولات والدعوات للتغيير والسودان الجديد لإيدولوجيا للخم والتضليل والدعاية الاعلامية ، والدفع بكرت ايقاف الحرب لتبرير كل خطوة أو مشروع.
هل هذا الوضع سيقود لجديد في وضع السودان الحالي القابل للتفجير كما حدث في دافور وبأثر غير خفي لإعتبارات اتفاقية السلام ، كأنما فهم أهل دارفور أنه إن كانت لهم حقوق ومطالب فلا سبيل لنيلها إلا عبر القوة . هل هذه هي القاعدة التى نريد أن تؤسس عليها قواعد التفاعل السياسي وحراسة الحقوق وضمان المصالح .
إن الممكن الاستراتيجي يوضح أنه يجب أن تكون كل القوى السياسية كبيرها وصغيرها له وجود ضمن إطار اللعب السياسي . وأن يكون ذلك بدرجة من قبلوها ومشاركتها. وأن نطبق ذات قواعد التنازل التى قادت الحكومة والحركة للوصول لاتفاق تاريخي . فإذا لم تحقق الحركة الشعبية كل أحلامها ومطالبها ورضيت بالتنازل وكذلك قبلت الحكومة ، فالاجدى أن لا نترك أحدا أي كان خارج الملعب حتى تنتظم قواعد اللعب وتتأسس وتترسخ بالجميع ومع الجميع فيتواضع الجميع على ضوابط وقواعد السلوك والنشاط والممارسة السياسية بعدالة وحرية وشفافية . إن التحدي الآن هو التأسيس للتغيير وليس المماحكات والمساومات السياسية التكتيكية .


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved