ستةعشرعاما كالحة ماحلة قاحلة مضت من عمر هذا الوطن التعيس جداجدا مأسوف عليها جدا جدا وقد كانت هي عمر نضالنا الرسمي في مواجهة عصابةالخرطوم الاثمة خصما من عمرنا البايلوجي ابتدأها (كوامر ومجروسات) السياسة السودانية مجتمعين ومنفردين ومتنافرين من خلال طيب الذكر المرحوم تجمع المعارضة والذي كان مخموما مختوما ماركة مسجلة ريعا وارثا مثله مثل سائر الجنائن والسواقي والنذور والتمور والعجور التي سخرها الرحمن لاشراف آخر الزمان وقدانتهوا به الى الحضيض الادنى ( خردة) متوكئا خيباته وحسراته في (دقداق) الاستحقاق الخديوي القديم علىالمأجورين والعملاء السابقين واللاحقين ليضيع الوطن كما ضاع من قبل وعلى ذات الشاكلة وتضيع معه طموحات وآمال وعشم الملايين من المقهورين والمبطوشين من ابنائه في الداخل والمنافي وهم يحلمون في التحرر من عصابة الخرطوم ذات السبعة ارواح وقد ضعنا كما ضعنا كثيرا في فواتير هذا الاستحقاق الخديوي القديم الجديد وهو المتذلف والخائف ايضا من فزاعة الوطني السودانوي الجديد المبتز هبة النيل بماء النيل بفزاعة الانفصال وتبعات الانفصال وهو ايضا يمثل طروادة جديدة اخرى ولكنها غير خديوية في لبوس وطني جديد وايضا محملة بجملة استحقاقات آنية ومستقبلية لاخر ابيض اكثر بياضا ولمعانا من خديوية مصر وصاحب فضل واحسان على صنائعه وهو اكبر من خديوية مصر الصدئة حيث هو دوما سيدها قديما وحديثا وسيد البيادق وصاحب البيارق . فقد ظلت الخديوية الرسمية قديمها وحديثها من خلال وكلائها في بلادنا دوما هي ( الباب البجيب الريح) لشعبنا التعيس حيث ظلت دوما هي وكيلة الباب العالي بخيولها وجنودها وفومها وبصلها وبقلها وعدسها ولكن هذه المرة ليس الباب العالي هو بباب الاستانة المهتريء القديم بل هو باب واشنطون ولندن وباريس وبقية امم الله( الكافرة ) والغالبة ايضا باذن الله؟ نعم ،، لقد كانت تراجيديا القاهرة الاخيرة هي أنصع صورة لقذارة اللعبة السياسية حينما تعهر المبادىء و( تملطش وتشرشح) المصالح الوطنية وتبدل المواقف في منتصف النهار بلا ادنى حياء وتتم المساومة بدماء الشهداء وعذابات المعذبين ونحن نستجدي قاتلنا وجلادنا شيئا من فتات حقوقنا السليبة ونبلع كل مطالبنا وشعاراتنا ومبادئنا لاجل الاستسلام وواقعية الانهزام حيث ظل افضل الحلول للحاق بقطار حسن الخاتمة لاولئك المخضرمين الطيبين من سياسيينا الكباروقد عجزوا في الاتيان بمطلب الحرية وانتزاعها من براثن الجبروت بل اذعنوا للهزيمة ولكنهم لا زالوا يكابرون ويبررون اليوم هذاالاستسلام المفضوح وهذه الهزيمة المرة وهذا الاستجداء البخيس بمصطلح الجنوح للسلام وهو سلام يصوغ حيثياته قتلة السلام واعداؤه من الجلادين من عصابة الخرطوم حيث لن يستقيم الظل والعود اعوج وبكل بجاحة يتأبى الجلاد بعزة اثمه بل يتصدق عليهم بالقليل .... وقد كانت مهزلة القاهرة ايضا هي التشييع الرسمي لما سمى زورا بالتجمع الوطني الديموقراطي في سردا ق العزاء في دار الخديوية الرسمية التي كانت تتعجل مراسم الدفن لالحاق ابناء المرحوم ب (حلبة الظار والدستور) في الخرطوم قبل فوات الاوان ليحفظوا لها شيئا من الكعكة التي اقتسمها الكبار قبل ان توجد.. وفي ذات الوقت ظلت الخديوية تتقبل كعادتها الوصائية القديمة العزاء نيابة عن شعبنا الطيب جدا جدا في مصابه الجلل وبحضور حبيبها وعشيقها الجديد (غادرها و قاتلنا) حيث جاء ايضا مشيعا وشامتا بل وارثا وهو سيد المشيعين والنائحين وفي بيت العزاء الخديوي تم توزيع تركة المرحوم( التجمع) وكان نصيب القاتل من الميراث دار المرحوم شخصيا عملا بالنظرية القائلة ( دار ابوك كان خربت شيل ليك فيها شلية) لتبقى فرعا لحزب العصابة الانقاذية في ارض الكنانة كمحطة جوسسة جديدة بالاضافة للمحطات الدبلوماسية والقنصلية الرسمية وممولة من مال الشعب المنهوب لا من اشتراكات العضوية الناهبة لخير الوطن ليبقى عملا غير مسبوق في تاريخ العلاقات الرسمية بين البلدين حيث لم نر حزبا حاكما في البلدين (الشقيين) قد فتح فرعا رسميا له في البلد الاخر قديما وحديثا ولكن يبدو ان عسل العلاقة المتميزة والمفرهدة هذه الايام هو الذي عجل بترحيل ( الجلاكين) ترحيلا قسريا كي لا يسترقوا السمع في غرف العسل المريبة والتي كان مهر بغائها وسفاحها (حلايب) السودانية اما وابا لتضيع سيادتنا الوطنية ايضا في هذا الحريق القذرامام ناظري الحاكمين والمعارضين بقيادة الشريف الحريف .. وايضا قد قررت الخديوية باذن الباب العالي وبمباركة الشريف الحريف ترحيل ابناء المرحوم المخضرمين على نفقتها الخاصة الى اهلهم وذويهم في السودان بعد فقدان صلاحيتهم النضالية وادوا ماكان مطلوبا منهم ليعودوا عودا لا حميدا عله يحفظ شيئا من ماء وجه اندلق في رابعة النهار ليعودوا جنازة حية وادعة مستسلمة مسالمة لن تخيف عصابة الخرطوم مثلما أخافتها جنازة (الخاتم ) وحده لا شريك له والذي ظل قابضا على جمر القضية حتى الموت ولم يركع ولم يهن اويتنازل شبرا واحدا عن مواقفه بينما المرحوم (تجمع) البلاد كله تنازل عن كل ما يحفظ كرامته وشرفه ومبادئه بارتخاص منقطع النظير فبدل ان يجتث العصابة من الجذور مثلما كان يولول ويثبت على مبادئه حتى النهاية تم اجتثاثه شخصيا من الجذور وصار اكبر طرطور يكابد الملطشة تلو الاخرى حيث ظل تارة مقطورا باذن الشريف الحريف وتارة اخرى باذن مخابرات الخديوية واليوم مقطور (تمومة جرتق) للعودة المهينة والخائبة الى بيت الطاعة الانقاذي بعد ان وقع على ( بياض) ليعود خالي الوفاض موعودا بفتات مائدة الخرطوم الثنائية من ضمن جملة المعازيم والشهود اللاعدول في الثواني الاخيرة ليأخذوا نصيبهم من (كراويش) مائدة حفلة الزار أوالدستور الكبيرة في خرطوم الحكم الثنائي مثلهم مثل اولئك البؤساء الذين يتسللون الى (استاد) الخرطوم في ربع الساعة الاخير حينما تفتح الابواب لخروج الجمهور وهم يسألون الخارجين من الملعب عن نتيجة المباراة والهازم والمهزوم واذا كانت تعادل ايضا يسألون عن اسم المتعادلين؟
فما كان بمستغرب ذاك المشهد الجنائزي الذي شيع فيه التجمع الوطني رسميا هناك في دار الخديوية على من يملك ادنى قدر من قدرة الرصد والتحليل والمتابعة للمشهد الدرامي الذي كانت تسير عليه المعارضة الرسمية والذي آل اليه جسمها المعطوب ما كان يعرف بالتجمع حيث ظل منذ ميلاده وحتى مماته معوجا ومرتجا بل فجا الامر الذي مكن بسهولة الشريف الحريف للقبض بأم تلافيفه حيث ( لطشه) على حين غرة في سهوة من سهوات اهل السودان القاتلة و بقي فيه ( مكنكشا) بأسنانه وارجله ( نقاطة) جديدة تدرعليه وعلى اله ملايين من الدولارات السائبة باسم القضية الوطنية واسم الشعب المظلوم المحروم بلا كشوف حساب او عتيد ورقيب يحاسبه حيث اضحى كل التجمع بماله ورجاله وقراراته واهدافه وغاياته ملكا خاصا له لم يستطع الفكاك منه ابدا بفعل فاعل هوضمير مستتر ظل اكثرتغلغلا في وعي الحيران والدراويش المنقادين في ذاك الخواء من تهويمات ويافطات الايديولوجيا المخصية بذات الضمير وهو امر محزن اكتشفناه اخيرا بعد خراب سوبا عندما اكتشفنا ان التجمع كله كان اكبر مفعول به في تاريخ المفاعيل بعلامات وادوات نصب واضحة فاضحة وايضا ظل اكبر المجرورات في تاريخ الجر حتى غدا ( ترلة قاطرها جونقراني) على وزن غندراني للسير في اتجاه واحد في طريق نيفاشا الخرطوم وبالعكس والعفش داخل البص على مسئولية الركاب؟؟
وليس غريبا هذا المآل البئيس الذي آلت اليه الحركة الوطنية السودانية في هذه الالفية الثالثة ونحن ولجناها من بوابات ( الانفزار والانفناس) وقد تسنم قيادنا هذا الشريف الحريف الصادق جدا جدا والذي وحده بين كل (مجروسات) السياسة السودانية قد تساوق مع افكاره ومبادئه وثقافته وتاريخه بصدقية منقطعة النظير وكان اكبر الصادقين في هذا المعمعان الوطني وله كل التجلة والاحترام لانه لم ينافق واما الاخرون اما انهم كانوا سذجا ودراويش ومريدين في حولية الشريف وسلموا الامر بطواعية الاستلاب والتدجين لشيخ الطريقة اودهاقنة في اللعبة السياسية (مقددنها) قد اسرفوا في النفاق السياسي و( جلت) حساباتهم عندما رهنوا مستقبل البلاد بين يديه الشريفتين توخيا لغايات ومآرب خفية قد تكون ذاتية وشخصية او حزبية ولكن المحصلة في الاحتمالين هي خروجهم من المولد بلا حمص حيث راح كل الحمص في جيبه الطاهر الشريف وحلفائه الاستراتيجيين القادمين في اجندة اللعبة القذرة ولله الحمد قد ثبت بأنه كان سيد الاذكياء والمحظوظين وما يلقاها الا ذوحظ عظيم ؟؟
وما دام مرحومنا ( التجمع) قد ارتضى ثقافة الانجرار بلا مسار او قرار او شعارفي زمان التيه الكبير فليس امامه كي يستعيد شيئا من كرامة وشرف افتقده في هذه الهزليةالا ان يعطي الفرصة بالكامل بلا تزيد لدماء جديدة في داخل الوطن تجرب حظها في دفع عجلة التحرر والانعتاق الى الامام في هذا الهامش من الحرية المنتزعة بفعل نضالات الداخل الرائعة التي اجبرت العصابة لتقديم هذه التنازلات التي لم تك منحة او صدقة من العصابة لخصومها وهو موقف سيعيد شيئا من هيبة افتقدها ذاك الكيان العطيب حيث هو الافضل من الانجرار ( ترلة) بقاطرة الانقاذ في طريق التلاشي والضياع وعلى التجمع ان يجلي مواقفه في هذه الفترة الفاصلة في تاريخ الوطن ويطهرها بشيء من اباء سيجده فقط عند اولئك الشباب الآتين من واقع الحريق و هم اصدق مواقف ومباديء في ملاحم النضال والقتال اولئك الابطال الصغار الكبار في جامعاتنا ومعاهدنا وقد تجاوزوا سن الفطام حيث برهنت مواقفهم النضالية السابقة في اكتوبر وابريل والانية في جامعاتنا الثائرة انها الاكثر نضجا وتماسكا وحكمة وايذاء للخصم من مواقف المخضرمين الكبار وهم يفتقدون صلاحية الثبات على المباديء وصدقية النوايا وقد تمثلت في تراجيديا التوسل والاستجداء الراهن والخنوع التام لعصابة الظلام ؟؟
اما لو ظلت المكابرة والمزايدة هي الاجابة الداعمة لصمدية اولئك المخضرمين وبقائهم
في هذا السجال غير المتكافيء المغيب والمهمش لنضالات اولئك الشباب الافذاذ بل ممكنا لجبروت العصابة التي تستمد بقاءها من ضعف خصومها وتفريطهم وتهاونهم وتخاذلهم في مواجهتها .. حينها لا املك الا ان اقول على الوطن السلام وهنيئا ايها الشريف الحريف فقد صدقت ونحن الكاذبون؟؟؟
هشام هباني