السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ظاهرة العنف الطلابي بقلم د. الطيب زين العابدين

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/28/2005 12:09 م

اجتاحت موجة من العنف الطلابي جامعة أم درمان الأهلية يوم الأربعاء "15/6" أدت الى حرق مكاتب مدير الجامعة ونائب المدير وعميد الطلاب ومسجل كلية الاقتصاد بالاضافة الى كلية الدراسات البيئية ومعمل الحاسوب ومكتب الحرس الجامعي، استحالت جميعها الى هياكل شبحية مما أدى الى خسارة تحسب بمئات الملايين من الجنيهات بالاضافة الى قاعدة المعلومات الأكاديمية والادارية الهائلة التي قضت عليها النيران.
ولعلها أكثر موجات العنف الطلابي تكلفة بالنسبة للممتلكات الجامعية في السنوات الأخيرة، وهذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها جامعة أم درمان الأهلية للحريق فقد وقع الحريق الأول في عام 1996م ومن ذات المجموعة الطلابية. ومثل حوادث العنف الطلابي الأخرى كانت المناسبة هي انتخابات اتحاد الطلاب ولكن العنف اتسم في هذه المرة بسمات غير مسبوقة:
وقع الحدث قبل بداية التصويت وعند اعلان برنامج العملية الانتخابية ودون استفزاز من جهة معينة، استهدف العنف ادارة الجامعة وممتلكاتها بدلا من أن يستهدف المعسكر الطلابي المناوئ، تم تنظيم الاعتداء على الممتلكات في وقت وجيز وبدرجة عالية من الكفاءة والمهنية مما يدل على اعداد دقيق مسبق وربما خبرة غير طلابية، دخلت المجموعة الطلابية ومن عاونها على الاعتداء بأربع عربات مكشوفة في ضوء النهار تحمل مسدسات وبنادق كلاشنكوف ومواد حارقة وقنابل صوتية لزوم اخلاء الموقع قبل اندلاع النيران. اتهمت الادارة مجموعة طلاب المؤتمر الوطني بارتكاب الحادث لأن طلبهم بتأجيل العملية الانتخابية رفض من قبل لجنة الانتخابات المكونة من الأساتذة وممثلي التنظيمات الطلابية، وبعد نصف ساعة فقط من تسليمهم رفض اللجنة بدأ العدوان المنظم على ممتلكات الجامعة. وتشير القرائن الظرفية الى صحة ما تردده ادارة الجامعة فقد تجاهلت وسائل الاعلام الرسمية الحادث تماماً، وأصدرت أمانة الطلاب بالمؤتمر الوطني بيانا اتهمت فيه ادارة الجامعة بمخالفة اللوائح في اجراء العملية الانتخابية ودون أن تدين حادثة العنف التي أودت بممتلكات الجامعة، وأصدر وزير التعليم العالي أمرا بتعطيل الدراسة بالجامعة على غير رغبة الادارة التي تستعد لاستقبال الطلبة الجدد.
ان ممارسة العنف لأسباب سياسية ليست جديدة في أوساط الطلاب بالجامعات فقد وقعت أول حادثة قتل في عام 1968م في جامعة الخرطوم حين وقع اشتباك بين الطلاب الاسلاميين واليساريين قبيل انتخابات الاتحاد عندما حاول الاسلاميون منع فقرة للرقص يقدمها الطلاب اليساريون كجزء من حملتهم الانتخابية، اتهم الاسلاميون ابتداءً بقتل الطالب ولكن اتضح فيما بعد ان قاتله هو أحد الطلاب اليساريين ظنا منه أن المقتول من الاسلاميين ولم يكن كذلك. وتكررت حوادث العنف في مواقع أخرى ولكنها زادت بشكل ملحوظ في سنوات الانقاذ الأخيرة بعد أن استعاد الطلاب حقهم في تكوين الاتحادات الطلابية، ووقعت حوادث العنف من المعسكرات المختلفة ولكن قائمة طلاب الحزب الحاكم كان لها النصيب الأكبر من تلك الأحداث خاصة عندما يخشون من الفشل في الانتخابات التي عادة ما ينفقون عليها أموالاً طائلة. وربما كانوا يبررون ذلك العنف لأنفسهم بأنهم يقفون مع الاسلام والآخرون يعادونه، وقد يساعدهم في عدوانهم بعض أجهزة الدولة الرسمية، فقد كانت سياسة الدولة بصورة عامة الوقوف بقوة ضد وصول العناصر المعارضة لأي تنظيم فئوي أو مهني أو طلابي ولكن حان الوقت الذي تغير فيه الدولة من تلك السياسة بعد أن توصلت الى اتفاقية سلام مع ألد أعدائها وهي الحركة الشعبية التي حملت السلاح ضدها طيلة سنوات الانقاذ وتحمل فكرا مناقضا لأطروحاتها الاسلامية والعربية، وقد وقعت الآن اتفاقا جديدا مع التجمع الوطني الديمقراطي المعارض وهذه هي القوى السياسية الكبيرة المنافسة للحكومة في الاتحادات المهنية والطلابية. وقد نصت اتفاقية السلام مع الحركة كما نص اتفاق المصالحة مع التجمع على ضرورة احداث التحول الديمقراطي والتراضي على التداول السلمي للسلطة، وستشترك هذه القوى مع الحكومة في الأجهزة التنفيذية والتشريعية أثناء الفترة الانتقالية ولكن ذلك لا يمنعها من حقها الديمقراطي المشروع في منافسة حزب الحكومة في أي انتخابات جماهيرية قادمة. وأتوقع أن يستمر التحالف ضد الحزب الحاكم من معظم القوى السياسية المعارضة خاصة في أوساط الطلاب الذين اعتادوا على ذلك وذاقوا طعم الفوز عليه. ينبغي على الحكومة أن تفطم تنظيماتها الفئوية والطلابية والجماهيرية من الرضاعة الدائمة من ثدي الحكومة والاعتماد على مناصرتها مهما ارتكبت من أخطاء وجنايات في حق الآخرين، فقد أفسدتها تلك الرضاعة وجعلتها تستحل ارتكاب العنف مما أساء الى سمعة الحكومة وأفقدها قدرا من رصيدها وسط تلك الفئات. وان من أهم مستحقات السلام والتحول الديمقراطي هو المنافسة الحرة النزيهة في كسب التفويض الشعبي على كافة المستويات. ونرجو أن تكون البداية من حادثة حريق جامعة أم درمان الأهلية غير المبررة تربويا وسياسيا وأخلاقيا بأن تستجيب وزارة التعليم العالي لطلب ادارة الجامعة بتكوين لجنة تحقيق محايدة في تلك الحادثة القبيحة وتنزل أقسى العقوبات بالعناصر التي تسببت فيها حتى يقتنع الناس بأن الحكومة تعني ما تقول باحداث تحول ديمقراطي حقيقي وأنها فارقت أساليبها القديمة الى غير رجعة.

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved