ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
خلافات وانشطارات حركات تمرد دارفور إلى أين ؟ بقلم آدم خاطر
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 6/28/2005 10:44 ص
خلافات وانشطارات حركات تمرد دارفور إلى أين ؟ الثلاثاء 28/6/2005 م آدم خاطر لقد سبق لي وان أشرت في أكثر من مقال ومقام إلى الظروف المصطنعة والملابسات التي أوجدت هذه الحركات الوليدة في دارفور والحرائق التي أشعلتها في جميع ولايات دارفور الكبرى والنتائج التي ترتبت عليها في حجم المأساة الماثلة الآن هناك منذ العام 2003 م ، وأوضحت أن ميلاد هذه الحركات كان قيصريا ومفروضا بقوة السلاح وإرادة الاجنبى ومخططاته بعيدا عن هموم الوطن ومعاناة شعبه ، وقصيا عن دارفور ومطالب إنسانها وتوقه إلى الحياة الكريمة والتنمية والطمأنينة ، وان بدت قياداتها بانتمائها لهذه المناطق وقبائلها اسما لان ما فعلته بدارفور وما أوجدته من خراب وهول ودمار في وقت وجيز أوشك أو هكذا أريد له أن يجعل دارفور تتصدر الاهتمامات الدولية لتفوق فلسطين وأفغانستان والعراق وكشمير ورواندا على تقادم هذه الازمات ومدلولاتها . وان اليد الخارجية والدعم الاجنبى من قبل الدول الراعية للحريق في دارفور بكنائسها ومنظماتها وإعلامها ومراكز صناعة ورفد القرار فيها كان أوفر من اى سند داخلي أو تعاطف شعبي . بل إن خلفيات قادة هذه الحركات تتباين وتتعارض كلية في أهدافها المعلنة والمستترة من وحى التكوين الذي قامت عليه وتركيبتها القبلية الممعنة في تكريس أهداف وغايات بعينها ، والأدبيات التي تتداولها والبرامج التي تطرحها إن وجدت ، والانتماءات التي تسعى للتقارب معها داخليا كالحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي أو إقليميا وخارجيا كما يبدو مع اريتريا وليبيا وتشاد والدول الأوربية وإسرائيل وأمريكا ، مما كان طبيعيا أن يفرز هذه الصراعات والإشكالات الداخلية التي تجتاح هذه الحركات وتتفاقم على مدار اليوم والليلة فتجعلها تتوالد وتتكاثر من تلقائها وهى في طريقها لان تصبح مجموعات صغيرة أشبه بالعصابات والمافيا منها لاى تفسير آخر . بل قلت إن السلام الذي يصنع بجهد أبناء الوطن المخلصين بتعظيمهم للأجندة القومية والترفع عن الصغائر ومصالح الذات والأحزاب وتجرى تفاعلاته على ساحتنا السياسية لا يمكن لعاقل أن يفسره بأنه محفز ومشجع لتوالد هذه الفتن بنعراتها القبلية والجهوية على نحو ما تعكسه الحركات المسلحة في الغرب والشرق أو يحق لها أن ترتكز إلى فرضية كهذي إن كانت جاءت لأجل مناطقها وإنسانها . هذا البناء الذي يشيد باسم السلام والمصالحة الوطنية الشاملة لا يمكن لصانعيه أن يتركوه نهبا للأهواء والنزوات والمطامح الشخصية حتى تفتت البلاد في وحدتها ونسيجها الاجتماعي ، لذلك كان واحدا من اهتماماتهم أن تتوالى مسيرة السلام بانتظام مساراتها على تباين مناطقها و قضاياها في نيفاشا والقاهرة وابوجا وفى اى بقعة ومكان ، حيث لا تعارض أو تقاطع طالما كان المبتغى هو تحقيق الاستقرار والأمن للوطن والمواطن حتى يكتمل عقد هذا الصرح الذي نسميه السلام ويصل إلى نهاياته المرجوة. بعد كل الذي تحقق علنا توقعنا شيئا من الانفراج والتقدم وبشريات السلام تعم البلاد و الجنوب بوجه خاص من وحى اتفاقه وآليات تطبيقه التي يجسدها إنجاز الدستور الانتقالي تتسارع ، وتكوين حكومة الوحدة الوطنية على الأبواب تسير ترتيباتها اتساقا مع مقتضيات المرحلة وما أنجز من اتفاقيات ، وان مسار القاهرة قد اكتمل وانتظم واتصل وتفاعل بمسار الجنوب فكبرت به لوحة السلام ، ولكن مسار دارفور في ابوجا يبارح مكانه لا لعلة في التحضيرات التي أعدتها القيادة النيجيرية وبعثة الاتحاد الافريقى ، وليس هنالك استحالة للتقارب فيما يطرح من أفكار ورؤى رغم بؤس معروض التمرد ومتجارته ببضاعة الخارج الكاسدة باسم الغلابة في دارفور ، ولا تشاكس بين الوسطاء ونهجهم في تطويق المشكل رغم المحاولات الاريترية اليائسة للتشويش على مجريات الحوار الوطني وسعيها الدءوب لتعطيل التفاوض وإضعاف الوسيط وتصويره بأنه عاجز عن تحقيق ما هو مطلوب فتنسف هذه الجولة أو إفشالها ، و لا منقصة في الأجواء التي تهيأت وتحيط بالتفاوض والطرف الحكومي يواصل اتصالاته بكافة الأطراف الإقليمية والدولية ويعقد القمم ويكثف تنسيقه مع المنظمات ويعاظم جهوده بالداخل، يهمه أن تتوالى خطى السلام في دارفور ويبدى من المرونة والجاهزية لإنجاز إقرار اتفاق المبادى ء على نحو فوري وعاجل لتأتى المرحلة التي تعقب التاسع من يوليو المقبل متكاملة ومتسقة مع ما هو ماض . والأوضاع على الأرض تشهد استقرار مضطردا على الصعيدين الامنى والانسانى سيما وان الحياة هنالك قد بدأت تعود إلى طبيعتها بشهادة ممثل الأمين العام والكثير من المنظمات العاملة في الحقل الانسانى ، وان الخروقات والانتهاكات أضحت قاصرة على الحركات المسلحة وانفلات أفرادها وقادتها الميدانيين جراء الخلافات التي تعصف بها فأصبحت كل واحدة تقاتل الأخرى لا الجنجويد كما كان يروج ، وان برامج الولايات الراتبة وأنشطتها تمضى وفق ما هو مخطط وتشهد مدن دارفور وحواضرها العديد من المصالحات القبلية والعديد من الأنشطة التي تهدف لرتق النسيج الاجتماعي ،كل ذلك يحدث ولا أدنى اثر ايجابي له على المفاوضات وتقدمها لجهة حركات دارفور المتمردة بما تبديه من مماطلة ومماحكات . فالاعاذير الواهية التي تأتى بها هذه الحركات ويعكسها محيط التفاوض عن حيادية تشاد وتأهيلها للوساطة وأهليتها لذلك لا أساس له من الصحة البتة ، فما الذي يجوز الوساطة لاريتريا البعيدة مكانا وتاريخا وفهما وعقلية عن دارفور وإنسانها ويمنع تشاد الجارة قربا بعمقها الاستراتيجي لها ومصيرها المشترك معها و التي تتأذى بتمرد دارفور ويضار أمنها القومي بمثل ما يضار أمننا . كيف يهضم وجود اريتريا بعدائها الماثل وتنكرها لبلادنا وتحرشها المستمر وإيوائها لفصائل المعارضة المسلحة وإفساح الطريق أمام إسرائيل وأمريكا للتدخل في دارفور كما تدخلت في البحر الأحمر وأمنه ولم يسلم من كيدها اى من دول جوارها ، وبالمقابل تبعد تشاد لان فصيلا منشقا ( حركة الإصلاح والتنمية ) عن خليل يرابط بها أو فهما منطقيا مؤسسا لدى القيادة التشادية عن حركة تحرير دارفور وقادتها حرير وعبد الواحد ومناوى . اى أحقية هذى التي يجادل بها هؤلاء لتبرير الوجود الاريتري في إصلاح شان دارفور وعلاقتنا معها في خانة العداء المستمر والتحرش و المواجهة والحرب ، واى منفعة ترجى من هكذا دولة وهى تضمر هذا الحقد وتعمل لأجل تقويض استقرارنا . المصلحة الوحيدة التي تعود من الوجود الاريتري عائدة للتمرد وفصائله وأعداء السودان وسلامه وأمنه ، ومن هو الكاسب من وجودها وهى بهذه النعوت والصفات ولا تتورع في المجاهرة بها وتكريسها . لم يعد خافيا حجم الصراعات والخلافات التي تنخر جسد هذه الحركات وقياداتها التي بدأت تأكل بعضها بعضها وتتبادل التهم في الفساد المالي والثراء والترف وشراء الذمم والعمالة والارتزاق ، بل ارتدت تهم الابادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب إلى صفوفها واضحي القتل الجماعي والغدر شيمة أصيلة في صراعها الداخلي بعد أن بسطت الدولة سلطانها وهيبتها على تراب دارفور . أين هي دارفور الآن من اهتمامات الخليل أو الحرير أو مناوى وغيرهم من سماسرة الحرب وتجارها الذين يجوبون مدن العالم يتاجرون بأرواح أهلنا في دارفور وهم يسمونهم هذا الشقاء . ما الذي قدموه لأجل أن تتقدم المفاوضات وتتجاوز عقبة المبادى حتى يدخل التفاوض إلى الكليات ؟ غير هذه الصراعات والانشطارات وتعدد الواجهات وتكاثر الأسماء والألقاب بين العسكر والسياسيين . هذا هو الذي تحصده دارفور من قادة العدل والمساواة الذين عجزوا عن إقامة أسس العدل في أنفسهم وتلطخت أياديهم بدماء أهل دارفور الطاهرة ، أو حركة تحرير دارفور التي لم تتحرر في نفسها ولن تتحرر مطلقا من عصبيات اليسار وحميات العرق ونزوات السلطة والقبليات . قدر السودان ودارفور أن يتسنم أمرها أمثال هؤلاء ( السماسرة من تجار الحرب الإقليميين ) في زمان وأوضاع مغايرة وتغيرات جوهرية على المشهد الاقليمى والعالمي فضلا عن إقبال البلاد على مرحلة دقيقة وهامة من تاريخها . فالساحة السياسية الراهنة وهى تقف على مشارف استحقاقات السلام الحقيقي ومطلوباته بعد هذه المسيرة المرهقة بتضحياتها الكبيرة لاتقبل غير السلام ولغته وأدبياته وخطاه ، وان الذي أنجز في ملفات السلام الرئيسة قبل هذه الحرب المفتعلة في دارفور يظل كبيرا بمعايير الوطن ومستقبله في النهوض والتنمية والاستقرار ،وان المراهنة على أجندة الخارج واخذ الحقوق على هذا النحو في اعتماد لغة العنف والإرهاب به مخاطر جمة على البلاد وأمنها وقد كلفنا الكثير فيما سبق ولحق، ويعد جريمة وطنية ودولية كبرى ، ولكن الشاهد الآن أن العقبة الحقيقية والمعضلة الجوهرية التي تحول دون إحراز التقدم المطلوب للمفاوضات هو ما تعيشه هذه الحركات المسلحة من واقع مرير وما ينتظرها من مستقبل مظلم جراء هذه الصراعات التي تجاوزت سقف الاحاطة والمعالجات الوقتية وبات مستعصيا لملمتها وحلها وهذه الوجوه على قيادة الحركات في دارفور كانت سياسية أم ميدانية عسكرية . واننى لمشفق اشد الإشفاق على مستقبل التفاوض وحالة الأمن السائدة في دارفور إذا ما استمر الحال على ما هو عليه دون بذل المزيد من الجهد وممارسة الضغط عليهم للخروج من عنق الزجاجة التي وضعت هذه الحركات نفسها فيه بفعالها وأقعدت التفاوض من أن يتقدم ، ولكن كيف المخرج لا احد يستطيع التكهن وسط تصاعد الخلافات والاقصاءات فيما بينهم .