السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الاسلام ويساسة الاندماج التى تفرضها الحكومة الهولندية بقلم الاستاذ عزيز ناصر محمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/28/2005 10:33 ص

في البلد الأمن ، الذي يعتبر " مملكه التسامح "، يبدو الجميع مستائين من هذه الإحداث ، من الراى العام إلى الطبقة السياسية بمختلف انتماءاتها ، بعد إن كانوا حتى ألان مقتنعين بأن لغة العنف لايمكنها أن تصل إلى الخطاب السياسي .

إن المخرج تيو فان غوغ مهاجم الديانة الإسلامية والمحرض الصريح ضدها ، قد تلقى تهديدات بالقتل بعد أن عرض التلفزيون ، في أواخر أغسطس عام 2004 فيلمه القصير " سابميشون" (الخضوع) ، وهو فيلم خيالي يفضح أشكال التمييز والعنف التي تتعرض لها المرآة في المجتمعات الإسلامية .

وقد جاء اغتياله على يد إسلامي متطرف هولندي من أصل مغربي يدعي محمد بويري ، ليثير حالات من التوتر الشديد بين الطوائف ، والى تصاعد الأعمال ضد المسلمين .وتبدي بعض الشخصيات قلقها من تصاعد النزعة العدائية للإسلام في بلدهم .

حتى أن أحد الخامات الأكثر بروزاً ، السيد أبراهام سوتندورب، قد شبة وضع اليهود في الفترة ما بين الحربين العالميتين، مندداً بالأجواء التي تضع جميع المسلمين في سله واحدة ،هي سله التطرف والإرهاب .

فالباحثون في مؤسسة " آن فرانك"، في جامعة لايدي ، قدكشفوا في تقرير بعنوان يقظة العنصرية واليمين المتطرف ، نشر في 15ديسمبر عام 2004 وغطى فترة 2003-2004، أنه منذ اغتيال تيو فان غوغ ، تم إحصاء 174 حادثاً ذات طابع عنصري ، أكثر من ستين في المئة منها استهدف الطائفة الإسلامية . ويؤكد الباحثون على تجدد نشاطات اليمين المتطرف الذي يتحمل مسوؤلية 15 في المئة من أعمال العنف هذه،أي ما يزيد مرة ونصف عن العام 2003 ومرتين عن العام 2002 .

وقد كثفت زمر اليمين المتطرف الأربع ( الاتحاد الشعبي الهولندي، والتحالف الوطني، واليمين الجديد والحزب الوطني الجديد) من انتقادتهم اللاذعة المعادية للإسلام.

فمع الاعتداءات الأولى على حوالي اثني عشر مسجداً ومدرسة قرآنية (كما على بعض الكنائس المسيحية )، قام رئيس الوزراء المسيحي الديمقراطي جان بيتر بالكينيدي ،بزيارة المكان للتعبير عن تضامنه مع الطائفة الإسلامية .

وفي نوفمبر 2004 اجتمعت الملكة بياتريس في أمستردام مع حوالي خمسين شاباً منحدرين، بشكل أساسي من المهاجرين المغاربة، ودانت بحزم الأعمال المعادية للإسلام.

وأشارت صحيفة الفوكس كرانت في أخر تصريح لرئيس الوزراء الهولندي السيد بالكييند يوم 7/4/2005م عقب اختتام سلسلة من الندوات حول الإسلام وسياسة الاندماج قائلاً انه يتفهم تماماً مشاعر المواطنين الذين يشعرون بأنهم عرضة للانتقاد من خلال الربط بين الإسلام والمشاكل في المجتمع الهولندي فقال إن الإسلام ليس هو المشكلة بل السلوك الذي ينم عن عدم الاحترام هو المشكلة الحقيقية .

وأكد السيد بالكينند على تاييده الكامل للتعامل المشدد مع الاشخاص الذين يثيرون الكراهية ويطلقون التهديدات ويستخدمون العنف ضد الافراد والمدارس والمساجد ، وحول والوافدين الجدد قال ان قبولهم ضروري جداً في الحي والشارع وفي العمل وفي أي مكان .واستناداً اليه فان مسألة الاندماج ليست فقط برنامج يجتازة الشخص المعنى بل هي انخراط كامل في المجتمع دون ان يفقد الإنسان هويتة .

حتى مطلع تسعينات القرن الماضي، كان النقاش الشعبي والرسمي حول الشعوب المهاجرة يتناول، بشكل أساسي، تخلفها الاجتماعي الاقتصادي. وبعد ظهور بيم فورتيون،(قتل في مايو 2002 على يد هولندي من أبناء البلد) الذي برز إلى الواجهة بعد انتقاده بعنف السياسة المتعددة الثقافات التي تعتمدها السلطة العامة وباستنكارة "خطرأسلمة "المجتمع،تركز هذا البحث حول المظاهر الثقافية والدينية، وحول عجز المسلمين عن الاندماج . وبعد مقتل تيوفان غوغ،الذي أعقب مقتل بيم فورتيون ،واثر اعتداءات نيويورك ومدريد تجد النقاش بقوة . ومازكى ذلك هو انه منذ 2 نوفمبر2004 كانت النائبة عن الحزب الليبرالي (VVD) السيدة أيان هرسي على،ذات الأصل الصومالي،والتي شاركت تيوفان غوغ في كتابة فيلمة"سابميشن"، قد تلقت تهديداً بالقتل واضطرت إلى إمضاء خمسة وسبعين يوماً متخفية في ظل حماية شديدة .

وبحسب الإحصاءات الحالية،هناك حوالي 920000مسلم،غالبيتهم من الأتراك والمغاربة،على عدد سكان يزيد عن 16مليون نسمة (5,7 في المئة من الشعب الهولندي).

ساهمت سياسة الاندماج التي بدا تنفيذها في العام 1983 في تفتح الأعين على الطائفة الإسلامية بما هي علية، كما في الاعتراف بالإسلام.وقد منحت السلطات العامة رخصاً لبناء المساجد، ومساعدات كبيرة للجمعيات ووسائل الأعلام والمدارس الإسلامية (هناك 37 مدرسة إسلامية ابتدائية ومدرستان ثانويتان إسلاميتان مدعومة كلها من الدولة وهناك جامعة " روتردام وشديام" إسلاميتان خاصة ) وقد تمت تلبية الكثير من مطالب المسلمين لتشجيع عملية الاندماج.

ومن جهة وعلى أساس فصل الدين عن الدولة(منذ العام1983)

لايمكن للمسلمين إن يأملوا كثيرا فى دعم رسمي لهم في المسائل المتعلقة بالشؤون الدينية إلا انه في نظر السلطة،تجب مساعدتهم لكي يصبحوا متساوين مع السكان " الأصليين".

وخلال سنوات الهجرة الشديدة (1960-1970) التقرير الصادر في العام 2004 عن "مكتب التخطيط الاجتماعي والثقافي " يعلمنا أنه خلال هذه السنوات كان قسم من الهولنديين يبدي تخوفه من وفود هولاء "الغاستربايدرز" الذين باتوا سيمون أكثر فأكثر الـ"أللوكتون"(allochtones)، الذين جاؤوا ينافسون سوق العمل وخصوصاًً في القطاعات التي لا تتطلب مؤهلات كبيرة . وفي مرحلة الركود الاقتصادي، غالباًَ ما تحول التخوف رفضاً. لكن على الساحة العامة لأيتم الكلام على ذلك فالعنصرية والتعصب هما من المحرمات في هولندا.

ومع ذلك عمد فرتز بولكشتاين، زعيم اليمين الليبرالي والمفوض الأوروبي العتيد مع السيد رومانوبرودي الى فتح السجال، في صيف العام 1991، حول نموذج الاندماج وحول الإسلام، الذي لا تتلاءم معاييرة وقيمة مع معايير وقيم المجتمع الهولندي، منها الليبرالية والتسامح والتحرر.

وهاجم السيد بولكنشتاين اليسار الهولندي متهماً إياه بالتبشيرية والتعامي عن الحركة الإسلامية الصاعدة.

وفي أواخر التسعينات،كان قسم من الرأي العام والعيد من السياسيين والمثقفين يعيدون النظر في "النموذج الهولندي "للمجتمع المتعدد الحضارات .

وقد بلغت الانتقادات من الحدة ما حمل السلطات العامة على تقرير عملية إعادة توجيه، وعلى مطالبة الوافدين الجدد والأقليات أن يتكيفوا بشكل أفضل مع المجتمع المضيف وفي 30 نوفمبر 1998، دخل حيز التنفيذ القانون الخاص بعملية الاندماج،

والذي يجبر كل "وافد جديد" على التسجيل لمتابعة "دروس الاندماج "، التي على أثرها يتقرر ما إذا كان عليه أن يتبع برنامجاً يتضمن دروساً في اللغة الهولندية،وتوجيهاً حول طبيعة المجتمع الهولندي ،إضافة إلى دروس في التوجية المهني .

ومن جهة أخرى، فان السلطات العامة تبحث في ما إذا كان يفترض السماح للمسلمين بانشاء مؤسسات خاصة بهم، وإضافة إلى الخشية من تدخلات خارجية، أو من تاثير بعض المنظمات الإسلامية الدولية،ويرى البعض أن هذا قد يمنع إدماجهم .وأساساً بدأت السلطات العامة العمل ببرنامج لأعداد الائمة باللغة الهولندية .

في يناير عام 2000، أبدى السيد بول شيفر، أحد المثقفين الطليعيين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تخوفه من نسبة " العدد الهائل " من الجيل الثاني في إحصاءات البطالة والجريمة (بلغت نسبة البطالة في أوساط الشباب المتحدرين من الهجرة التركية والمغربية 10 في المئة أي ما يعادل ثلاثة أضعاف نسبة الشباب الهولندي من السكان " الأصليين")، وفي ابتزاز الدولة وعلى غرار السيد بولكشتاين، يرى السيد شيفر أن على المسلمين مواكبة التطور الجاري في المجتمع في اتجاه المزيد من الليبرالية(السلوكيات)وفصل الدين عن الدولة وحقوق المرآة.

ويبدو إن هذا السجال، وكذلك مقابلات بيم فورتيون المتلفزة قد أثرت على السلطات الهولندية وعلى شريحة من السكان الأصليين الذي ظلوا متعلقين بالمثال المتعدد الثقافات.فالإسلام،كعامل معطل لعملية الاندماج،أصبح الموضوع الأكثر الحاحاً حتى أن عملية النقد قد جاءت أيضا على يد مثقفين أو كتاب مشهورين هم أيضاً من أبناء المهاجرين .

ففي مقابلة مع مجلة " الزفيير" أجريت في أبريل عام 2003،اعتبر الكاتب حافظ بوعزة المغربي الأصل " انه لا يجب علينا أن ننتقص من الحرية باسم التعددية الثقافية . أما السيدة ايان هيرسي علي الصومالية الأصل وهي انسانة مرتدة عن دينها وتنتقد الدين الإسلامي وهي عضوة في البرلمان الهولندي عن الحزب

اللبرالي المحافظ ،وهي من اشد مناهضي الأصولية الإسلامية وضد الوضع المتاخر للمرآة وضد مسالة ختان المرآة التي تعتبرها من أقبح العادات البربرية إضافة الى أنها من المعترضيين على الحجاب للمرآة المسلمة.

(والتي شاركت المخرج السينمائي تيوفان غوغ في كتابة فيلمة وقد تلقت تهديداً بالقتل واضطرت إلى إمضاء 9 أسابيع متخفية في ظل حماية شديدة،وكان اغتياله عبارة عن تحذير لها ، ولكن ردها تمثل في الإعلان عن نيتها في إنتاج الجزء الثاني من فيلم خلال الفترة القادمة ).

ينظر قسم من الطائفة الإسلامية بعين الاستياء إلى انتقادتها، اما الحادها المكافح فانه يزعج أيضا الكثير من الهولنديين وبعض زملائها في الحزب يتهمونها بالإساءة للمباديء اللبرالية من خلال مهاجمتها للدين الإسلامي .

وقد حذر زعيم الحزب اللبرالي المحافظ السيد " فان آرتسن "من مهاجمة الدين ودعى إلى عدم استبدال التسامح بالكراهية للإسلام وقال أن هذه الطريقة الوحيدة لضمان حرية الدين والضمير.

إن مسالة "فشل" عملية إدماج الـ"أللوكتون" من ذوي الحضارة الإسلامية قد أصبح يوماً بعد أخر،الموضوع الأول في المجتمع الهولندي، حتى في صفوف اليسار فالسيدة فمكي هالسيما الناطقة باسم حزب اليسار الأخضر،قد أبدت قلقها علناً من أن عدداً من الشباب المتحدرين من المهاجرين الأتراك أو المغاربة ، ويذهبون للزواج من أبناء بلادهم الاصلية،وان هناك بالتالي قليلاً من الزيجات المختلطة. وقدجاء مقتل تيوفان غوغ ليجعل المجتمع بأكمله في مواجهة الارهاب الإسلامي، بعد أن اعتقد أن هذة الظاهرة مقصورة على الدول الاخرى .

ويبن الاستطلاع الأخير للرأي العام اجري بعد مقتل المخرج السينمائي " تيوفان غوغ إن نسبة 85% من الهولنديين تعتبر الحكومة الهولندية قد فشلت في معالجة التطرف الإسلامي وانها قد اساءت تقدير حجم خطر التطرف الإسلامي في هولندا،وبين الاستطلاع أيضا إن نسبة 60% من الهولنديين متخوفين من اندلاع مواجهات بين الهولنديين والمغاربة اثر مقتل "تيو فان" هذا في حين ترى نسبة 90% من الشعب الهولندي ضرورة في تكثيف المراقبة من قبل المخابرات الهولندية على الأصوليين المسلمين إضافة إلى ذلك تؤيد نسبة 80% الادعاء القائل إن " هولندا متسامحة بشكل كبير " كما بين الاستطلاع أن نسبة 28% مستعدة لمغادرة هولندا أن استطاعت ذلك .

أما دوائر الاستخبارات العامة الهولندية (AIVD) تقدر عدد الإسلاميين الراديكاليين الناشطين في هولندا بما بين100و200،ويدور في فلك هذه الحركة المتطرفة مابين 1000و1500 شخص.

لكن، حتى وان لفتت إلى إن " أدنى احتمال من التطرف الديني يمكنه في بعض الظروف،أن يكون كافياً للتسبب باضطراب جدي في المجتمع ، فان منشورة مكتب التخطيط الاجتماعي والثقافي ، والمخصص للوضع الديني للأتراك والمغاربة المقيمين في هولندا، قد خلصت إلى أن حماسهم "لنزعة الحصرية الدينية" ضعيف جداً،وأن الإسلام بات يمارس أكثر فأكثر بشكل إفرادي.

ويبدوا أن السجال الحالي يهمل احد المعطيات الأساسية في عملية إدماج الـ"أللوكتون " (المسلمين وغيرهم )، أي عملية ادماجهم الاجتماعية والاقتصادية .

وبالرغم من حالات التحسن الواضحة موخراً فان تقرير مكتب التخطيط الاجتماعي والثقافي للعام 2004، يستنتج أنه في فئة العمال، هناك نصف الأللوكتون غير الغربيين يحظون بعمل، وهذه النسبة تعود أيضا إلى عدم المشاركة النسائية بالشكل الكافي ،والى إن الكثير منهم هم صغار السن وما يزالون يتابعون دراستهم وهم يبقون متواجدين في المهن التي لا تطلب

كفاءات عالية والرخيصة الأجر والربع منهم يقبض تعويض البطالة (10 في المئة من الجيل الثاني).

وهناك عدد من المهاجرين الأتراك والمغاربة من الجيل الأول يعيشون من مدخول بدل العجز عن العمل يتهمون كمجموعة بأنهم غير ناشطين اقتصادياً .

وفي أطروحة دكتوراه نوقشت موخراً "موظفين من البيض والمسحيين "هذا التمييز في التوظيف، التي تبلغ نسبتة 56 في المئة بحسب منظمة العمل الدولية وتوضح لماذا عدد منهم لم يعد لهم القدرة على المطالبة بوظيفة.

وفي موضوع النجاحات في الدراسة، ومعدل البطالة والتمييز المدني، فان الهوة بين المهاجرين والسكان الأصليين هي أكثر أتساعاً مما هي عليه لدى الجار الألماني الذي لطالما احتذى بالنموذج الهولندي.

ويمكن الاستنتاج حكماً تمركزاً نسبياً للأللوكتون غير الغربيين في الأحياء القديمة والغارقة في الفقر من المدن الكبرى ،وهناك عدد من العائلات من السكان الأصليين تنتقل للعيش في بلدات مجاورة،وخشية إن أولادهم بمستوى تعليمي متدن، فانهم يرسلونهم إلى المدارس التي لا تستقبل، أو تستقبل عدد قليل من أبناء المهاجرين وهى تسمى مدارس البيض .

وفي دراسة حساسة جداً حول الأجواء الحالية، وخصوصاً موقف قسم كبير من وسائل الأعلام والطبقة السياسية، يحذر المؤرخ ماك وهو وجه لامع في هولندا يحذر مواطنيه من مغبة الدعاية التبسيطية "لتجار الخوف"، ومن إغراءات القومية الشعبوية الجديدة وهو يحضهم على العودة إلى تقاليدهم،في الحوار والتشاور وعلى عدم الانجرار إلى مواجهه بين الحضارات والديانات .



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved