السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الأنسان بين حاضره ومصيره بقلم ايهاب عثمان خالد -الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/27/2005 2:59 ص

الأنسان في هذه الحياة يجد نفسه مع امتداد مراحل عمره مشدوداً الى الدنيا في تطوراتها وتحولاتها وفي تياراتها وتقلباتها .. وأن عليه أن يتكيف لملاحقة تلك التطورات والتحولات .. وأن يتعامل بحكمة مع تلك التيارات والتقلبات .. فقد تطويه في أعصار مع المد الزاخر بالمظاهر المادية فيجد نفسه بعد مسافة طويلة من الركض قد وهن منه العظم واشتعل الرأس شيباً .. وجهوده كلها موظفة لدنياه وقد نسي أخرته أو كاد .
وعندما يجرى التأمل في هذا الكون الفسيح ينتقل الذهن الى مبدعه الخالق العظيم .. وما جاد وتفضل به سبحانه وتعالي على هذا الانسان الذي خلقه في أحسن تقويم .. وكرمه بالعقل .. وزكاه بالفكر .. وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً .. فسخر له الطبيعة بما عليها من كائنات والأرض بما تختزنه من معادن .. وامده بقدرات كثيرة من الفكر بما سضمن له حياة تتوافر فيها كل وسائل الراحة ومتطلبات السعادة .. ولذلك أتيح له تملك وسائل كثيرة في هذا الوجود الرحب ، وفي عالم الحياة الانسانية بصفة عامة .. فتحققت له طفرات وأسعة ومهمة ولافتة للنظر في مجالات متعددة ولاسيما في هذا العصر .. والذي ان جاز لي ان اطلق عليه عصر التقنية .. وإذا التفتنا الى الوراء قليلاً لاجراء مقارنة سريعة بين امكانيات العصور الماضية وحاضرنا الذى نعيشه فماذا نجد ؟؟ سوف نجد أشياء كثيرة تطورت من خلالها الحياة تطوراً سريعاً وباهراً ومذهلاً لحد الدهشة في جوانب عديدة .. ومن اهم هذه التطورات النقلة الحضارية التي نحياها في واقعنا الحالي .. ولو اخذنا نوعاً واحداً منها كالمواصلات مثلاً .. أو الاتصالات فسنرى الفرق الشاسع بين ما كان في السابق .. وبين ما هو حالياً واقعاً معاش .. فوسائل النقل كانت فيما مضي تقوم على الدواب في اجتياز المسافات سواء في الصحارى بين الاقطار المتباعدة .. أو في المدن الآهلة بالسكان .. وقد حلت محلها واستبدلت بها مركبات حديثة تتمثل في الطائرات والسيارات فضلاً عن المركبات العابرة للقارات ومحلقة في الفضاء .. وفي الجانب الأخر نلحظ التطور الكبير للاجهزة المتقدمة في الاتصالات السلكية واللاسلكية .. وما تمتلئ به الاجواء من ارساليات في صور برامج مذاعة ومسموعة ومحطات منظورة .. وما تقوم به الاقمار الصناعية من سلسلة متتابعة من الفضائيات التى عزت كل قرية وكل مدينة في جميع انحاء العالم وحققت تقدماً ملموساً فيما يشبه المعجزة .. سواء في انتشارها واتساع مداها ، أو في تأثيرها واستقطابها للمشاهدين .. وهي انجازات لم يكن يتخيلها السابقون ممن عاشوا في أجيال ماضية ولم يدركوا هذا الجيل .. ولم يقف هذا العصر بجهوده الجبارة وسباقه مع الزمن عند حدّ المنجزات الحضارية المدنية .. وأنما تجاوزها الى انتاج ادوات وأجهزة تحمل فناء البشرية .. فقد منح الله تعالي وتبارك .. افراد ومجتمعات هذا العصر مواهب سخروها فيما يسعدهم ويشقيهم ، فاذا كان التقدم المعاصر حمل الينا مبتكرات غاية في الدقة والأتقان والسرعة والأمان .. فأنه كذلك أوجد ما يشبهها في تدمير الحضارات التي انشئت والصناعات الضخمة التي تحققت وهكذا يفعل الانسان عندما يمتلك القدرة على الأبداع .. ولكن هل يجمع الى ذلك الايمان بالاله المبدع ؟؟
عندما يتأمل الأنسان حياته يجد نفسه يمر بأدوار متعددة ومراحل متواصلة من ضعف في طفولته .. إلي قوة ونضج في شبابه .. مروراً بمرحلة الكهولة .. ثم تأتي بعد القوة ضعف وشيخوخة !! ومن خلال هذه الادوار المتنوعة والمراحل التي يفضى بعضها الى بعض يتحدد مصيره الحتمي ووداعه لهذه الدنيا التي سوف تنتهي حين يأذن الله تبارك وتعالي بانتهائها .. وهو بين الامل الذس يعيش في ظله والواقع الذي سينتهي اليه مطالب بالتفكير في أخرته التي مآله اليها وخلوده فيها .. وهى على كل الاحتمالات المقر النهائي الذي يجب الاهتمام به والاستعداد له .. فالدنيا أشبه بطريق يعبره المسافر فينتهي الى غايته ، وعند هذه الغاية يتوقف سيره وينتهي دوره .. فأن الدنيا عمل بلا حساب .. والآخرة حساب بلا عمل .. لأن الأنسان يكون عندئذ قد قدم ما عنده في دنياه ليكون رصيده في آخره .. أن خيراً فخيراً وأن شراً فشراً .. والسعيد من عمر أخرته في دنياه .. والشقي من عمر دنياه على حساب أخرته .
وحين يفكر المرء منا في حاضره يجد أن الايام تنفلت من بين يديه .. وأن العمر يذوب كما تذوب الشمعة تحت الوهج الساطع .. وعندما ينتشر الخبر بأن فرداً من الناس قد مات لا يوقظه هذا الخبر من سباته .. ولا يهزه من غفلته الطويلة .. وأنما يظن أنه بمنجاة من هذا المصير الذى لا يحسب له أدني حساب .. وكأن الفناء مكتوب على غيره والبقاء متحقق له ، ولو تأمل كيف تمضي الاعوام وتتداول الايام فتفني اجيال وتولد أجيال .. لعلم انه كما ولد سيموت وكمكا وجد سيرتحل .. وسيظل الكون عامراً بمن ينتقل اليه عبر هذا الوجود من الأجيال الوافدة .. ولن يتأثر بانتقال من ينتقل منه من الاجيال المنتهية آجالها .. وتتبين للأنسان حقيقة هذا الوضع حين يتفقد رفاق دربه واصحابه .. في دراسته وزملاء عمله وأصدقاء عمره فيجد أن اكثرهم قد غرهم طول الأمل حتي طواهم الموت وغيبهم الثرى .. وهم لم يستكملوا آمالهم .. والأنسان في هذه الدنيا عليه أن لا ينخدع بسرآب الآمال .. وأن يحسب أيامه الباقية .. فما مضي منها لن يعود.. وقد يشده هذا التأمل لتمتد نظرته فيدرك واقعه فيلتفت الى ذاته ليتأمل ما قدمه من عمل وما سترك من أثر .. فيعمل على اصلاح ما أفسد .. ويتدارك ما قد فرط مما يلزم عدم التفريط فيه .. وينشط للعمل لآخرته كما نشط في العمل لدنياه .. حتي يخفف عليه الحساب ويحقق الدرجات التى يرجوها لنفسه بعد رحيله الى الملآ الاخر .
وعندما يمعن المرء في التفكير ويستحضر في ذهنه صورة المحاسبة على كل ما عمل .. فأنه حينذاك ينتهي الى كل ما بذل من جهد وما استوفاه من متاع الدنيا لايساوئ شئياً في ميزان الحسنان اذا لم يكن له رصيد في المجال الاخروي الذي يبقي بعد دنياه .
وحين يتأمل الأنسان هذه الدنيا ويقارنها بالدار الآخرة يجد أن الاتجاه كله منصب على العمل الدنيوي .. فهو ميدان تنافس ومضمار تسابق .. وحتي لو حقق أى فرد في حياته أمجاد كبيرة فما هو مردودها عليه في أخرته ؟؟؟!! وماذا يفيد التفوق الأنساني في الفكر والعلوم والأنتاج وما قد يناله الفرد ن جوائز وما يحصل عليه من تكريم وما يتحقق له من شهرة أو مجد سواء كان هذا المجد في صورة تقدم علمي أو سمو فكري .. أو سلطة ونفوذ شخصي .. أو إي لون من ألوان التفوق الأنساني ؟؟؟ ماذا يفيده ذلك كله بعج أنتقاله من دار فانية الى دار باقية ؟؟ لا شئ يبقي له من الاسم الرنان والنفوذ الكبير والشهرة الواسعة .. فبعد الانتقال من الدنيا لا يحس بشئ مما كان يحرص عليه من قبل في دنياه حيث تتلاشي جميع الالقاب مهما كانت كبيرة وتتضاءل كل المظاهر اللامعة ، وتختفي معالم البروز المرتبطة باسم الراحل مهما بدت باهرة في حياته ،، وتتبدد سحب الهالات التي ترادف أسمه وتحف بشخصه ولا يبقي له سوى العمل الصالح الذى قدمه أمامه .. وهو رصيده الباقي له والذى يعول عليه .. والسمعة الطيبة التي خلفها وراءه والتي تستجلب له الدعاء بالرحمة عند ذكره أن كان من المؤمنين المحسنين .
ولا ريب أن الموت هو نهاية كل مخلوق .. فمهما عاش الأنسان .. وأمتد به العمر فانه لا بد راحل عن دنياه التي افرغ فيها كل جهوده وكرس لها جميع أمكانياته واستنفر لها طاقاته وقدراته .. وكأن بقاءه فيها دائم لا يتحول ومستمر لا يذول .. ويفترض أنه يعلم أن بقاءه محدد بمدة لا يتجاوزها وان اجله مهما طال فهو قصير بحساب الزمن ، وأن الرحلة الى العالم الأخر وشيكة والمصير المحتوم حقيقة وواقعة وواقع لا شك فيه .. واذا ادرك المرء ذلك وتفهمه فعليه أن يعمل على أعداد نفسه وهو يتمتع بصحته وجميع مزاياه لبنا مستقبله في الآخرة .. وهو المستقبل المضمون البقاء .. كما يعمل على تكوين رصيد من الحسنات يضاف اليه بعد وفاته وانقطاع علمه .. وقد قال المصطفي عليه افضل الصلا والتسليم في هذا المضمون كلاماً يفيض بالحكمة ( أغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل مماتك ) وهذا الحديث جاء في صحيح الترمزي .
والسلام عليكم ،،، واسأل الله أن يجعلنا من الناجين ،،،

ايهاب عثمان خالد
المملكة العربية السعودية
الرياض

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved