حروف من الذاكرة
د.عمر الباشا طه[email protected]
وتر الزمن:
قبل سويعات مضت كنت أحس بكآبه عميقه تنساب في فيافي وتلافيف أحاسيسي تكبلني وتقيدني ,تجعلني أحس بوحشه و وحده خانقة و هاهي السويعات تمضي بطيئة كئيبة موشحة برداء اليأس الأصفر و معطرة بأصالة عذابات المدي البعيد.... أتساءل عن منبع أسآي و أحزاني فلاأسبرلها غورا . فالأسي رفيقي منذ أزمنة سحيقه قبل ميلادي !! يعاودني متي شاء و في أي مكان حتي أعتدنا بعضنا ,أدمنني و أدمنته و هل يدمن الانسان الأسي الأبدي؟؟؟ دعاشات بواكير اليوم حملت لي بعض السلوي و مع زخات المطر كنت أحس بأنني أغتسل من أوراق الأحزان و انضو عني الثوب الأسود و أتلفع بثوب جديد وردي اللون متجاوزنا اللون الأسود ... مع زخات المطر كنت أتجاوز أحزاني قليلا قليلا وبأن الميلاد لابد آت ...آت , التجدد عشته قطره ... قطره ,زخه ...زخه وقليلا قليلا كنت أذوب في دواخل الكينونه السرمديه مفرهدا في الفضاء الرحيب أتشكل مع جزيئات الماء و أعود مطرا لأسقي وردا!!
شقاوه اولاد:
"الحي قيوم ... الحي قيوم " تتكرر العباره علي دوي الطار و الطبل في حلقه الذكرو يتحلق الصغارحول الحلبه العامره بالدراويش و المشايخ. كان الاطفال يتألقون فرحا و هم يشاهدون المتصوفه يتصببون عرقا كلما حمي وطيس الذاكر وأنفعل الذاكرون بروح اللحن, وهم يتحركون بسرعة وعنف وملابسهم المزركشة تمنحهم مظهرا عجيبا ملفتا و مبهرا...... الصغار تجاوبوا ببرآة مع الايقاع ولحن الترنيمه وشكلوا حلقه ذكر صغيرة ابتدآت بالحي قيوم ...... الحي قيوم وتصاعدت اصواتهم لتتخذ بعدا جديدا:
الحي قيوم.....الحي قيوم
الحي قيوم.... الحي قيوم
الحي قيوم....الفته أم دوم
الحي قيوم....الفته أم دوم
الحي قيوم....الرز بالكوم
الحي قيوم....الرز بالكوم
الرز بالكوم....الفته أم دوم
الرز بالكوم ....الفته أم دوم
ينتشي الصغار باللحن و اكتشاف الأيقاع الجديد الذي صاغوه ولكن فرقعة سوط في الهواء تعلن اغتيال اللحظه الباذخه فيفرون ويتفرقون لا يلوون علي شئ ولكن يظل اللحن يتردد في أعماقهم أبدا...
بت كوبي:
وتظل بت كوبي* شامخه في بهاء وجلال ترنو ببصرها في الفضاء العريض كشاهد أسطوري تشع فتنة وتعطر سماوات المدي بأبهج الأحساسيس و الأسرار الدفينه عبر الازمنة- سر الأنوثة المختبئ في تلافيف جسدها المتناسق الغامض أبدا, وستظل بت كوبي سرا غامضا في الجوار يتحدث عنها كل متيم بالسحر و الجمال ولايدري أحد كنهها, من أين جاءت و كيف!!!! فقد وجدوها واقعا حيا و جميلا .. ترنو ببصرها في الأفق اللامتناهي و تسبح في عوالم غير محسوسه من الغموض و الأبهام الساحر .. بت كوبي أحبتها الأجيال و الأجيال التي تعرفها كمعلم للجبل الخرافي الذي تقيم فيه قبل ميلادهم,فتحولت لنجمة لا تشيخ و لا يتخلل وجها الفتي تجاعيد الشيخوخة و وقع خطي الزمان... تمضي الأجيال مبهوره وتظل بت كوبي شامخة متعالية بفتنتها علي قمه الجيل تنتظر و تنتظر...
الطفابيع يعودون:
حكت لي جدتي ذات الكبرياء الرهيب و التي تحدت الزمن بأكثر من مائه عام ذات مساء عن الطفابيع** وعن أصلهم و قبائلهم و أشكالهم فهم يحبون المال وسفك الدماء ويقال أن رجل صالح من الزمن السالف أستطاع حبسهم و راء النهر بعد دعوه كاربه خصيصا للطفابيع وذلك بعد أن هجموا ذات مساء أغبر بايديهم الفئوسيه علي بلاد السودان وقسموا أنفسهم الي فرق وكتائب فمنهم فرقه ماموث وجرادة جركم تأكل خريفين وقرنين ,فرقه خرسانه خرساء ,طلائع فتح طفبوعي متجمعة ومقدمه ومؤخرة و كانوا يحملون أعلاما غريبه الألوان لم يري أهل السودان مثيلا لها من قبل وهم يستخدمون الألوان بمهاره في أصابه عدوهم بعمي الألوان الطفبوعي ثم يتبعون خطوتهم تلك بضربة أسرع من البرق بواسطة أياديهم التي تتشكل كفأس عند الحاجة والي أشياء أخري كخطاف عندما يريدون الخطف وللطفابيع عين واحده في منتصف الرأس المخروطي كوحش سايكلوب الأوديسه, وتتحول أجسامهم الي ظلال تتداخل مع ظلال البشر فتتبعهم كظلهم دون أن يدروا بذلك حتي يفاجئونهم بغته و لسرعة مداهمتهم لشعب السودان لم يستطع الشعب عمل شئ فأعملوا فئوسهم في كل شئ حتي سالت الدماء أنهارا وبحارا وأقبلوا يتدافعون قاصدين السباحه و الرياضه الطفبوعيه و قسموا أنفسهم الي فريقين حكومه الطفابيع والمعارضه الطفبوعيه, وبين الفريقين كانت الروؤس السودانيه التي استخدموها ككرات تتدحرج فاغره الأفواه بلا ألسنه فقد كان للطفابيع شهيه جنونيه للألسنه فهم لايحبون الكلام !!! وعلي ضفتي ملعب بحيره الدم كان مشجعي الطفابيع يتصايحون صياحا ليس كما نصيح و لكن كما يليق الصياح بطفبوعي: الرأس راسنا... انحنا اهلوا... وبنستاهلوا وعلي طرف الملعب كان هنالك رأس سوداني كبير فاغر الفاه , تحملق أعينه بدهشه فجائيه هلعه ويتدلي لسانه خارجا. و لا زالت المباراة دائره...
حاشيه:
* بت كوبي هي تشكيل صخري في شكل امرأة يقع في قمه جبل الحرازه الضخم في شمال كردفان بين منطقه حمرة الوزه و كبش نور والمنطقة يقطنها نوبيون يعرفون بنوبه الحرازة و اسم كبش نور نفسه ذو دلالات نوبيه تاريخية.
** الطفابيع هو امتياز لفظي ابتدره القاص السوداني المعروف بشري الفاضل في مجموعتة القصصية الرئعه( حكايه البنت التي طارت عصافيرها) ولكن الطفابيع هنا تستطيع القتل حتي بالدهشه الفجائيه التي تجعل الراس جاحظ العينين وفاغر الفاه.
د.عمر الباشا طه
oooooommm,nmnnjjbhhbhbbhohomkmm;