لقد لعبت الاتصالات الحديثة ادواراً كبيرة في شتي المجالات واصبح بمقدور الانسان وهوجالس في بيته ان يتعامل مع انسان اخر لايعرفه وربما يكون هذا التعامل اذا ظهر علي الوجه الطبيعي جريمة يعاقب عليها القانون , كأنً يتعارف شخصان عن طريق الانترنت ويتفاكرا فيما بينهما وتصير بينهما علاقة بشكل تجعلهما يدخلان في تعامل تجاري او علمي او اجتماعي وعند ظهورهما للعلن يكون كل منهما ينتمي لوطن او دين او جماعة او حكومة لها عدائيات مع ما ينتمي اليه الشخص الاخر.
من هذا المنطلق يمكننا القول ان هناك دبلوماسية جديدة قد ولدت , هى الانترنت Internet , الامر الذى يمكن تسميته بدبلوماسية التقنية , فاذا كانت الدبلوماسية تعنى فن ادارة العلاقات عبر التفاوض فان هذا المعنى هو نفس ما يقوم به الانترنت الان ويختلف عن الدبلوماسية الرسمية والشعبية فى ان العلاقة التى تنشأ بموجب التعامل بالانترنت لاتعرف القيود ولا تحكمها قوانين , فهل يستطيع الانترنت ان يفعل ما لم تستطيع ان تفعله الدبلوماسية بشقيها الرسمى والشعبى ؟ .
الانترنت يجمع الناس بجميع مشاربهم وجنسياتهم والوانهم ولغاتهم واوطانهم يجلسون في مائدة واحدة هي الشبكة الدولية العريضة World Wide Web , يتناقشون ويتحاورون ويتعارفون كل يعرض وجهة نظره بكل حرية لاحجر على احد و لا خوف من احد بلا قيود او موانع , ليس هناك تفرقة بين جنس و اخر او لون واخر او مهنة و اخرى الكل سواسية على الشاشة لافرق بينهم الا بالراى او وجهة النظر المقبولة فكل يعرض بضاعته فان كانت صائبة قبلت و الا سيكون مصيرها البوار والنسيان بدون اى عداء او حرب او غيره .
تعتبر تقنية الانترنت معجزة هذا العصر و معرفتها صارت خيار لامفر منه فهو من اهم الانجازات البشرية منذ بدء الخليفة وهو فرصة لنا وتحدي , فرصة اننا حضرنا زمنه فعلينا الاستفادة منه باقصى درجة , وتحدي لاننا ان لم نتعلمه ونتعامل معه ونستفيد منه فسيسبقنا العالم من حولنا ونظل في تخلف وجهل .
الانترنت منبر يمكن الاستفادة منه ليس فقط في عرض الافكار والتجارب والبضائع والخدمات بل يتعدى ذلك الى الاستفادة منه في لم شمل الشعوب والقبائل والافراد و الجماعات في كل مكان لتحقيق السلام والمودة والامن والاستقرار والتنمية .
تاتي اهمية الانترنت وايجابياته في انه منفعة ليس لها قيود ولا يستطيع شخص او جماعة او نظام ان يمنع شخص من الاستفادة منه او التعامل به , القانون في بعض البلدان يحظر التعامل مع شركات او جماعات او هيئات او اشخاص ينتمون الي بلدان لها عدائيات مع بلدانهم لكن القانون لايستطيع ان يمنع شخص ما من التعامل بالانترنت مع اي جهة يريد وفي اي مجال حتي ولو كانت هذه الجهة لها عدائيات مع دولة ذلك الشخص , فهناك شركات او افراد او مؤسسات تقدم خدمات و استشارات عن طريق الانترنت في شتي المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية وبدون مقابل مثال ذلك ساحات النقاش Chat Rooms التي يجد فيها الانسان مايطلبه في شتي المجالات ومنها ايضاً ماكنات البحث Search Engines التي تقدم خدمات تكاد تكون فى الماضى من المستحيلات , فمقدموا هذه الخدمات ربما ينتمون الي شركات او جهات لايمكن التعامل معها مباشرة لكن بكل سهولة يكون هذا التعامل بالانترنت ممكناً .
الانترنت لايعرف القيود والاجراءات المعقدة الخاصة بالهجرة وجوازات السفر فتستطيع بدون اي تاشيرة ان تدخل موقعاً في امريكا الجنوبية كما تستطيع ان تدعو ضيفاً من نيوزيلندا لزيارة موقعك دون اذن جهات الاختصاص في الداخلية او الخارجية ويمكنك ان تدعو الي اجتماع او تظاهرة او تكون حزباً او جماعة بدون اذن الجهات الرسمية في اي مكان في العالم .
ان الدبلوماسية التقنية (الانترنت) تقوم الان بتقديم خدمات جليلة للانسانية وبدون مقابل او تعاقد او تعارف مسبق الامر الذي لا تستطيع ان تقدمه الدبلوماسية الرسمية اوالشعبية , لذلك علينا توظيف وتطوير هذه التقنية لتقوم بدورها المنشود فى خدمة البشرية ولم شملها وياتى ذلك اولاً بمعرفة هذه التقنية ثم معرفة فوائدها ومضارها وغرائبها واخبارها وعجائبها واخر تقنياتها , فعدم معرفتها كما ذكرت انفاً يعتبر تحدياً صعباً لا يمكن مواجهته , لذلك لابد من التسلح بمعرفة هذه التقنية معرفة جيدة .
صلاح الدين حمزة الحسن
لاهاى - هولندا