السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

مؤتمر البعث السوري من منظور البعث السوداني بقلم كامل معروف-كاتب سوداني

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/24/2005 3:20 ص

اي حديث او كتابةعن سوريا هذه الايام لاتكاد تخرج عن ما تمخض عنه المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي. وهذه الملاحظات المكثفة حول الموضوع تنطلق من افتراض بديهي الصحه وهو انه ليس ثمة امكانية لاصلاح في النظام السياسي دون اصلاح في حزب البعث نفسه. وتتجرأ هذه الملاحظات علي القول بأن التجربة البعثية السودانية لديها ماتقوله في هذا الصدد رغم هامشية السودان نفسه عربيا وافريقيا الان ولفترة ستطول اذ تعصف به ازمة كياينة ورغم كون البعث السوداني المقصود هنا كان ضمن التشكيلة البعثية المرتبطة بالعراق وليس سوريا. بعد فترة من التفاعلات الداخليه، اتخذت ظاهريا وفي البدايه شكل الخلاف مع قسم من قيادة البعث السوداني الاكثر قربا للصيغة والتجربة البعثية العراقيه ( اثنان من اعضاء القيادة القومية سودانيان ) حول مسائل متعلقة بالاستراتيجية السياسية في السودان، انتهي الامر في عام 1997 الي فك الصلة علنا بالقيادة القوميه في اطار عملية مراجعه اكثر شمولا طاولت الصيغة العراقية نفسها حزبا وحكما ومجمل تجربة الحزب - في - الوطن العربي.

بعض الخلاصات والافكار التي توصلت اليها هذه المراجعه او التي انبنت عليها يمكن ايجازها علي النحو التالي :

اولا ازمة البعث العربي الاشتراكي تعود في جذورها الابعد الي صراعه مع الناصريه. هذه معركة هزم فيها البعث هزيمة كاملة بمعني انها انتهت بوقوعه تحت تأثيرها بشكل من الاشكال واصبحت قضيته الرئيسية هي كيفية استلام سلطة دولة والحفاظ عليها بدلا من ان يركز علي تطوير نقطة قوته الرئيسية بالمقارنة للناصريه وهي ادواته الفكريه لكي يتمكن من استعادة نفوذه في اوساط المثقفين والنخب المدينيه مراهنا علي انحسار موجة المد الناصري الكاسحه ابان الستينيات. توقف نمو البعث الفكري، او بشكل اكثر دقه، تراجع معدل نموه الفكري بالمقارنة لمعدل تراكم التحديات واضح من ان عملية اعادة تقييم الناصريه بعد ظهور عيوبها التكوينية مع هزيمة 67 تمت بمقولات فكرية ماركسيه وفي مرحلة لاحقة مقولات اسلاميه وكانت مساهمة المفكرين البعثيين فيها هامشيه او انهم، مثل ياسين الحافظ، لم يكونوا اصلا منتمين الي صلب التجربة البعثيه بينما ظل مفكر قيادي من صلبها هو منيف الرزاز ضعيف التأثير بسسبب تعقيدات الصراعات الداخليه وابعد عن مجال التأثير كلية بأعتقاله منزليا في العراق مع تصاعد هذه التعقيدات عندما بلغ قمة نضجه الفكري.

ثانيا: سيادة الفكر الاشتراكي ونظريات الحزب الواحد والصراع العنيف ضد المعكسر الغربي وحليفه الصهيوني مع الحضور الفاعل عسكريا واقتصاديا وايدولوجيا للمعسكر الاشتراكي، جعل الوصول الي السلطة بوسائل غير ديموقراطيه والاعتماد علي اوضاع الشرعية الثوريه مقبولا في اوساط النخبة العربية عموما خلال العقدين السادس والسابع. هنا اضيف العنصر الرئيسي الثاني في تعطيل نمو البعث الفكري. وظل هذا المعدل يتقلص بأستمرار حتي وصلت به قيادة صدام حسين في مرحلتهاالاخيرة الي التماهي مع الفكر الديني التبسيطي.

ثالثا : سواء في العراق او سوريا ترافقت الازمة الفكرية بطبيعة الحال مع اهمال الرصيد الديموقراطي المرتبط بالمنشا السوري للبعث ( دستور عام 1947 والممارسات البرلمانيه البعثية في سوريا والاردن في الخمسينات ) وبمرور الوقت وتطاول الامد بالسلطة الانفراديه وتجويد اساليب القمع المادي والمعنوي ( تضخيم الاخطار الخارجيه، سد منافذ التفاعل مع الخارج الخ ز الخ . ) انتشر موات الحيوية البعثية الداخليه الي المجتمع المدني السياسي وغير السياسي من حوله.

رابعا : تفاعل هذه الظاهره مع تدهور الاوضاع المعيشيه بسبب سوء الاداره والاولويات غير المنتجه اقتصاديا للسلطه الدكتاتوريه وتوسيع النظام التعليمي مع تفريغه من اي مفعول استناري سواء في اسلوب التدريس او محتوي المناهج، فتح المجال واسعا لظهور العقبة الكبري امام الاصلاح السياسي البعثي وغيرالبعثي وهي تضاؤل وزن القوي والعقليات واسلوب الحياه القادر علي تنمية واحتضان التيارات والافكار النهضويه عموما والي تنامي فعالية نقيضها التقليدي لاسيما ذو المحتوي الديني لانه يلبي الحاجة الي السكينة النفسية لاحتمال مصاعب الحياة وفقدان الامل في المستقبل. وفي مثل هذا المناخ تولد بؤر الاصولية الاسلاميه التي تتغذي منها عمليات العنف العشوائي في العراق بمسمي المقاومه مع ملاحظة انه مهما كانت المبالغات بشأن المكون السوري في هذه العمليات فأنه اكبر من اي مكون عربي اخر بما فيه السعودي مما يؤكد متانة مواقعها الكامنة في اوساط الشباب السوري بالداخل.

بناء علي هذا فأن المسالة ليست وجود نوايا وتوجهات اصلاحيه لدي بعض القيادات البعثية السوريه بما في ذلك الرئيس بشار الاسد يمكن حتي ان تكون قد اتخذت شكل مشاريع قوانين لانفتاح سياسي جزئي وانما في انها فاقدة للقاعدة التي يمكن ان تستند اليها لتدخل حيز التنفيذ الفعلي وتغدو بداية لمسار اصلاحي تصاعدي. الحرس القديم الذي يشار اليه دائما كعقبة امام الاصلاح قاعدته في المجتمع اقوي بكثير وحليفه الرئيسي هو حالة اللامبالاه وجفاف منابع الاستناره التي يخلقها تطاول حياة الانظمة القمعيه لدي القسم الاعظم من القوي الاجتماعية الحديثة، محركة التغيير وقاطرته. اما حليفاه الاخران فهما الاسلام السياسي بأعتباره أهم جناح في حركة المعارضه ويمكن يذلك استخدامه للتخويف من الانفتاح السياسي، ومن جهة اخري، المراكز النافذة في الجهاز الحزبي والدولة، عماد قوي الامر الواقع. وبينما يتمني المرء ان يكون توقعه هذا محطئا تعاطفا مع حقوق الشعب السوري الانسانيه وتطلعا لدوره في صنع حياة الكرامه والنهضه التي نستحقها كعرب مثل غيرنا من البشر فأنه، بناء علي هذا التحليل، لايتوقع ذلك.

كامل معروف

كاتب سوداني

[email protected]



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved