السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رسالة إلى الأخ / العقيد جون قر نق دى مبيور بقلم اخمد حماد إدريس - الدمام

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/24/2005 12:01 ص

رسالة إلى الأخ / العقيد جون قر نق دى مبيور
تحية أيها القائد تحية الصداقة أو التقدير أو إنها تحية في أي حال فمن أدبيات الإنسان ولياقات البشر أن يطرح المرء التحية على الآخر قبل أن يبدا طرح الأسئلة ..فانك من حسن حظك لاتعرفنى حتى وان أضع العمامة فأنا من عامة اهلك السودانيين ومن دهماء هم من الذين قال عنهم على أب الشهداء المبرور سيفه انهم إذا اجتمعوا ضروا وإذا تفرقوا لا يعرفوا..ياسيادة العقيد نحس بالجفاف وبالغضب والحزن والقهر والظلم وتخيم فوق رؤوسنا غيمه إحباط رمادية وتتبعها واحدة سوداء تلخصان نظرتنا للحاضر والمستقبل ..نحن في حاجة إلى دق نواقيس الإنذار كلها وأجراس الاستغاثة جميعها وأبواق التنبيه كلها للفت النظر لهذا الخطر الماحق الساحق المسمى الفساد..إنها مشكلة الفساد يا سيادة العقيد الذي يعتبر من أمراض العصر الخطيرة مثلها في ذلك مثل قضايا الجوع والتصحر والأوبئة والأمراض الفتاكة ..صحيح أن غالبية دول العالم الثالث النامي والنا يم تعانى من استفحال هذا المرض الخطير ..فهذه الدول التي ارتضت لنفسها وصف المتخلفة والفقيرة والعيش بالتالي على الهبات والصدقات والمساعدات والمعونات الأجنبية تكاد تستسلم لوصف جديد آخر لتصبح الدول الفاسدة وذلك بسبب ما تعانيه من فساد لا يشبهه سوى التصحر الذي يأكل الأخضر واليابس الحي والميت ..يكاد الفساد في السودان يا سيادة العقيد أن يرتقى إلى مرتبة العدو ويكاد الصراع يصبح معه أو ضده صراع وجود لا حدود ..انه ليس عدوا خارجيا يمكن التغلب عليه في معركة عسكرية أو التعايش معه عبر اتفاقات هدنة وسلام واستسلام ..في الوقت نفسه فهو ليس مجرد طبقة مستغلة يمكن التغلب عليها عبر انقلاب عسكري يقوده ضابط محترف أو ثورة يقودها حزب طليعي ..الفساد يا سيادة العقيد عدو من نمط مختلف عدو متعدد الأبعاد والمستويات والأشكال والمخاطر يفتك بالدولة والمجتمع من القمة للقاعدة وفى مختلف الاتجاهات ..يفتك بالحياة الاقتصادية أولا ثم بالحياة الاجتماعية والثقافية والقيم والسلوك ..كلما ازداد فتكا ازداد شراسة ازداد معه ضعف الدولة والمجتمع وتعرضهما للتفكك والانهيار واندفاعهما نحو الهاوية..إن الفساد يا سيادة العقيد في السودان اصبح فسادا في السياسة والاقتصاد وبالتالي فان فتح ملف الفساد السياسي وبالتالي تعرض النظام للخطر والسقوط والمحاكمات القاسية بوصفها المسئول الأول عما حل بالبلاد والعباد من مصائب وأهوال..وفى استطلاع آخر منفصل يخص الاقتصاد تبين أن الفساد اصبح اقتصادا آخر ويسير متوازيا مع الاقتصاد الرسمي وأغلبية تقبل به وتباركه ..السودان يا سيادة العقيد الذي يعتقد انه أغنى دول العالم نسبيا أراضي فائقة الخصوبة وثروات من كل نوع ولكن من أسف سارقون من كل الأنواع وهاهي كل التقارير الدولية تحدثنا عن ما ألحقه الفساد بالبلاد ولن يجد الألوف من السودانيين الذين يموتون جوعا في بلد كان قبل بضعة عقود يسمى سلة الخبز لكل العالم..يا سيادة العقيد كما أن القمار لا يبقى على ثروة مهما كبرت ..أيضا فان الفساد لا يبقى على أي ثروة وطنية مهما عظمت ..الفساد مثل القمار لا يبقى أثرا لخير في مكان لكن الفارق أن المقامر يقامر بثروته ورغيفه والفساد قمار على مقدرات وثروات الأمة ..الفساد يا سيادة العقيد جعل السودان أشبه بجمهوريات الموز المهلهلة في أمريكا اللاتينية ..الفساد في النهاية جعلنا نواجه مجاعتنا ويأسنا الأخير ..ملايين الجوعى يا سيادة العقيد ..ملايين الفقراء ..ملايين المشردين.. اصبح يا سيادة العقيد غير غريب وجود موظفي دولة سابقين وحاليين يتصدرون قوائم الأغنياء والمجالس الاجتماعية ونخشى أن يكون الفساد قد وصل للقضاء في هذه الفوضى الضاربة اطنابها فيصبح بشكل مباشر أو غير مباشر يساهم ويكرس في تدهور الوضع القائم بعدم إصدار أحكام صريحة أو تأجيل إصدارها ..وان الطامة الكبرى أن بعض أجهزتنا العدلية أصبحت إحدى أدوات الظالم بدلا من أن تكون ملجا للمظلومين والمقهورين والمسروقين والمنهوبين والجائعين والمهجرين والنازحين واللاجئين وينطبق الحال على الأجهزة الرقابية المنبثقة من الدولة للحد من التسيب والفساد..ولعلك يا سيادة العقيد قد سمعت عن إنجازات إحدى أجهزتنا العدلية في عام مضى وهى إقامة مركز تدريب للدفاع الشعبي وتوفير البيض والأسماك لأعضائها بسعر مناسب وتوفير خراف الأضحية وشراء سيارات من المال العام لأعضائها..سيطرة السياسة يا سيادة العقيد في الدولة لا يؤدى فقط إلى تدهور الاقتصاد وتخلفه بل غالبا ما تعنى في نفس الوقت استخدام أجهزة السياسة لتحقيق مصالح وبالتالي إفساد كل من الاقتصاد والأخلاق ..وبالمثل فان ترك الأمور على الغارب للاقتصاد والمصالح الخاصة دون قيد أو رقابة من سلطة عليا كثير ما ينطوي على نوع من التوحش الأناني وفرض سلطة القوى على الضعيف بما ينعكس سلبا على الإنجاز الاقتصادي نفسه فضلا من أن الأمر لا يلبث إلى أن تصبح السيطرة الاقتصادية نوع من التسلط الاقتصادي الذي قد يكون اشد قسوة من التسلط السياسي حيث تستخدم فيه أساليب التفوق الاقتصادي لتحقيق سيطرة كاملة لفئة أو طائفة محددة واخيرا فانه من العبث الاعتقاد بإمكانية حماية المجتمع والأفراد تحت وهم القيم الأخلاقية وحدها سواء أن كانت دينية أو غيرها فلن تلبث أن تؤدى غرائز الأفراد في التسلط والأنانية لاهدار هذه القيم ذاتها وبذلك تصبح هذه الأخلاق الرسمية قناعا للاستغلال والتدليس واكل أموال الناس بالباطل..الفساد يا سيادة العقيد ينخر كالسوس في عظام الاقتصاد والمجتمع ويدمره والحد منه ومجابهته ومحاسبة المخالف تتطلب جرأة واضحة وقوامة قانونية صريحة وشفافية غير مسبوقة لابد من وضع الخطط القريبة والبعيدة للقضاء عليه وإصدار القوانين الكفيلة بمكافحته وإنشاء المحاكم القادرة على محاكمة الفاسدين علانية وعلى مرأى ومسمع من الناس ..نأمل يا سيادة العقيد تفعيل أجهزة الرقابة والتفتيش الرسمية منها والشعبية وإتاحة الفرصة للمواطنين لتقديم ما لديهم من معلومات وشكاوى وإتاحة الفرصة لأجهزة الأعلام للقيام بدورها على هذا الصعيد ..هذه المطالب يا سيادة العقيد ليست جديدة أو غريبة ومعروفة للجميع وعملا كهذا إذا أودى بجدية وحكمة فان أمر التخلص من الفساد وأخطاره والقضاء عليه يصبح في متناول اليد خلال فترة وجيزة وسيتمكن النظام والمجتمع من تجديد نفسه واستعادة الثقة بالنفس وبالقدرة على التنظيم والتقدم ..ويبقى السؤال الحائر يا سيادة العقيد هل لدينا القدرة على الانسلاخ من المناخ الفاسد ومواجهته أم سنبقى أسرى التناقض فيما نرفعه من شعارات وما نقوم به من أعمال..بالصدفة التاريخية والجغرافية يا سيادة العقيد السودان جزء من عالم عربي في عزلة عن دنيا متغيرة بسرعة وفى حالة خصام مع قيم عصره مشتبكا مع نفسه في حروب أهلية لا يكاد ينجو منها بلد في هذه الغابة العربية الممتدة من الماء إلى الماء نتمنى أن تكون لنا المصدة من أي افتراس جديد نتمنى أن لاتعود الذئاب من جديد لتفترس ..ذئاب يا سيادة العقيد من كل لون يجمعها التلذذ بدماء البشر ..ذئاب يا سيادة العقيد تقتل باسم الدين وباسم القومية والعنصرية وباسم فلسطين ..غابة ممتدة تقطع فيها رؤوس البشر بطرق شتى بالسكاكين والفؤوس وطائرات ألانت نوف وتمارس لغة التفخيخ والتفجير والقتل على الهوية والقتل بلا هوية..نتمنى يا سيادة العقيد أن نعيش كما يعيش البشر المتحضرين خارج الغابة الناس يصحون في الصباح ويحتسون قهوتهم على نشرة أخبار الطقس ليمارسوا الرياضة وعلى أخبار اكتشافات طبية تعيد الأمل للإنسان بسعادة وعمر جديد ومديد..وأخبار عن الجامعات والمختبرات والمكتشفات بينما نصحو نحن سكان الغابة العربية يا سيادة العقيد على إطلاق النار على رؤوس المتظاهرين في بور تسودان وقصف القرى الآمنة في دار فور وحرق الجميع في الخيران والوديان وعلى إخبار قتل الشرطة العراقية وجز رؤوس فلاحين في قرية جزائرية وتفجير مجمع سكنى في الرياض وثار قبلي في اليمن وثار عائلي في صعيد مصر..وأرقام رهيبة عن الأمية والبطالة ..حرمان وجوع يا سيادة العقيد وقانون افتراس يسمح للعربي الكبير أن يمارس فحولته وشطارته وشجاعته على العربي الصغير ومحطات فضائية تتلذذ برائحة الدم وتبث الأشرطة المسمومة عن منظمات ذئاب بشرية مشبوهة يتم النفخ فيها ..نحن في دولة يا سيادة العقيد يحتاج فيها الإنسان لاستخدام جهاز الفاكس أو اقتناء ماكينة تصوير أو قمر صناعي لختم سلطاني..نأمل أن تعدل الحال المائل فقد كان لدينا مؤتمر سنوى للزراعة فاصبح لدينا مؤتمر سنوى للتصحر..نأمل ونتمنى يا سيادة العقيد أن تدبرنا مع هذه الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة أمة الوحدة التي جزأت البلد الواحد والحرية التي حولت البلد إلى سجن كبير بمساحة مليون ميل مربع والاشتراكية الإسلامية التي أفقرت الغنى والفقير بعدالة نادرة..وفى الختام يا سيادة العقيد فإياك إياك والمثقفين المنكسرين من أشباه الرجال وأنصاف الثوار ممن يعلوا صوتهم عند انتصارات الغير –ناس لا سودان بلا عثمان –ويتراجعوا بغير انتصار عند الهزائم وفى المنحدرات ..هؤلاء هم الرواد الذين خذلوا أهلهم ..هؤلاء هم الذين جعلوا من أنفسهم عبيدا لقادة الطائفية وكهنة الأيدلوجيات ..هؤلاء هم المبررين لكل باطل بأكثر مما يبرر الباطل نفسه ..هؤلاء هم آفة السياسة السودانية وآفة السودان ومصدر البلاء والخزى ..هؤلاء الذين حاولوا على الدوام خدعتنا وغشنا ببيع الترام لنا وبيع الصخر على انه ثمر والنحاس على انه ذهب وبيع الغراب وفى وضح النهار على انه هدهد ..نرجو يا سيادة العقيد أن لا تكافئ الشهادة اكثر مما تكافئ حاملها نرجو أن لا ترتفع المرتبة العلمية للشهادة وتزداد حظوظ الترقية والعلاوات المالية المرتبطة بالشهادة يجب التدقيق يا سيادة العقيد في حملة الشهادات ومدى قدرتهم على أداء عمل مفيد للعامة وللبلد ..الأمل في الله ثم فيك كبير يا سيادة العقيد لانك جزء منا ونحمد الله أن نجمة هادئة وهادية أتت من المهمشين والمظلومين ونأمل أن لا تخذلنا كما فعل السابقون وان تكون بحق ابن لهذا الشعب الأمين لانك ابنه وصنيعته ولان أباك أو جدك لم يأتي هاديا لطلائع الغزاة المندفعين من الشمال في نهايات القرن قبل الماضي وان جدك لم يقم بتسليم سيفه للملكة فكتوريا في سفر الولاء طاعة وولاء..ونحمد الله أن جدك لم يكن تاجرا للنخاسة متدثرا بثوب الجهاد أو النضال أو الوطنية أو الدين ...سيادة العقيد أرجوك لاتخذنا ولاتخذ لنا فالأعناق والقلوب تشراب نحو الجنوب ..
حرقوا الغابة يا جو زيف ..سرقوا البفرة والبامبى وباعوا المانجو الني..

اخمد حماد إدريس - الدمام....

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved