ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
آه‚‚ لو كنت وزير صحة ! بقلم هاشم كرار - الدوحة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 6/23/2005 11:51 م
آه‚‚ لو كنت وزير صحة ! هاشم كرار - الدوحة في السودان «كوليرا سياسية»‚‚ وفي زمان الكوليرا السياسية‚ يحدث الحب احيانا‚ تماما مثلما حدث «الحب في زمان الكوليرا»‚‚ وما بين القوسين عنوان واحدة من اشهر الروايات العالمية‚ لو قلت للرئيس البشير‚ او اي من «الاسلاميين» الذين كانوا يكبرون‚ ويهزون الكلاشنكوفات‚ في يوم كل نفرة الى الجنوب‚ لمحاربة الكافر (جون قرنق) انك ــ او انكم ــ ستتقاسمون السلطة والثروة والضحكة مع هذا الكافر‚ ننظر اليك ــ او نظروا ــ من فوق الى تحت‚ وتكأكأ ــ او تكأكأوا عليك ــ تكأكأهم على ذي خية ! في المقابل‚ لو قلت «للكافر» جون قرنق‚ انك ستصبح نائبا اول للبشير «الطالباني»‚ لنظر اليك من فوق الى تحت‚ ومن تحت الى فوق‚ واتهمك في اعز ما تملك: عقلك ! شخصيا‚ لم اقل بذلك للبشير‚ أو قرنق‚‚ ولم يقل بذلك غيري‚ وهم كثيرون جدا ممن تطيب تسميتهم بالصحفيين والمراقبين والمحللين والسياسيين‚‚ لكن نفي هذا القول مني‚ ومن غيري‚ لا ينفي ان شوارع ومصحات السودان‚ تحتشد بالمجانين ! لو كنت وزير الصحة‚ في السودان‚ لفتحت ابواب كافة المصحات‚‚ اخرجت من بداخلها‚ وأدخلت من هم خارجها ــ ما عدا الذين يمشون عرايا في الشوارع‚ او يرجمون المارة بالحجارة‚ او يقهقون بغير سبب ويتكلمون مع لا أحد ــ و‚‚‚ لكنت قد دخلت المصحة مع الداخلين ! صديق ساخر‚ كان باستمرار يرسب في علم الحساب‚ منذ الابتدائي متى تسلم راتبه‚ اول كل شهر قال لي: فهمني‚‚ الله يفتح عليك ! سألته: أفهمك ماذا يا هذا‚ قال: يمكنني ان افهم كيف ان ثلث الثلاثة واحد‚‚ لكني لا افهم كيف التقت الجبهتان: الجبهة الشعبية لتحرير السودان‚‚ والجبهة القومية الاسلامية‚ لم أرد‚ في زمان الهجمة الشرسة على كل ما هو عربي في السودان‚ ان استشهد ببيت شعر عربي‚ حتى لا يصرخ في وجهي طفل من دارفور: «جنجويد‚‚جنجويد» ! لم ارد في هذا الزمان‚ ان استشهد بالبيت الذي يقول: وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان‚ كل الظن‚ ألا تلاقيا ! لم ارد‚ ذلك‚ ما اردته‚ قلته: هذا زمان الحب «في السودان» في زمن الكوليرا‚ لا ادري‚ ما اذا كان صديقي الساخر‚ قد فهم شيئا‚ أم ان ما قلت كان مثل «ثلث الثلاثة‚‚ كمْ»‚ وهو السؤال الذي ألقاه عليه‚ قبل نيف وخمسين عاما‚ مدرس الابتدائي‚ وما يزال يهرش صديقي الساخر في رأسه بحثا عن الاجابة التي لن تأتيه على الاطلاق ! كل ما ادريه‚ ان صديقي نظر اليّ من فوق الى تحت‚ ومن تحت الى فوق‚ بعينين مرتابتين‚ قبل ان يتمتم: «كل الناس مجانين‚‚ لكن شقي الحال‚ هو الذي يقع في القيد !»‚ انا لم أقع في القيد‚‚ ولم يقع في القيد البشير وجون قرنق‚‚ ولم يقع فيه ايضا جملة السودانيين «خارج المصحات» برغم ان الذي حدث‚ ويحدث الآن‚ بين «الجبهتين» يجنِّن جمل ! هل اصبحت الجبهتان «جبهة»‚‚ أم ان احدهما اصبحت «طالبانية» مثل الاخرى‚‚ أم ان الاخرى اصبحت «علمانية»؟ السؤال يجنِّن «ويجنين هنا يجنِّن جدْ‚‚جَدْ‚‚ وليست على طريقة يجنن التي تقول بها رزان المغربي»‚ جون قرنق‚ في القاهرة قبل ايام‚ قدم اجابة ذكية للسؤال‚ حين نادي على النائب الاول للرئيس السوداني‚ وقسيمه في سلام نيفاشا علي عثمان طه بـ «الشيخ الاستاذ» ! «الشيخ»‚ دلالة على الجبهة التي كانت «طالبان»‚‚ والاستاذ دلالة على الجبهة التي اصبحت «قرضاي» ! لو كنت مكان طه‚ لكنت قد ناديت على قرنق‚ بعد الضحكة مباشرة: «نعم؟! ماذا تقول يا أخي الكريم؟!» اترك الاثنين: طه وقرنق الى الفيلسوف الفرنسي مارسيل بروست‚ الذي قال قولة مشهورة جدا: للزمن قوة مدمرة ! نظرت الى جملة بروست‚‚ وفهمت: انه الزمن صاحب القوة المدمرة‚ هو الذي دمر «الجبهتين»: جبهة قرنق‚‚ وجبهة الترابي التي اصبحت جبهة طه ! وفي زمان التدمير‚ الذي يشبه زمان الكوليرا‚ يحدث الحب‚‚ ومن الحب ما قتل ! آه‚‚ لو كنت وزير صحة !
للمزيد من االمقالات