السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

القضاء السوداني ليس على شاكلة قضاة الطوارئ بقلم أبو بكر القاضي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/21/2005 11:36 م

تحية اجلال واكبار لقائمة الشرف التي تصدرت التوقيعات دفاعا عن الاستنارة وحقوق الانسان ودفاعا عن الحالة الماثلة الاستاذ محمد طه محمد احمد رئيس تحرير جريدة «الوفاق» السودانية الذي تعرض الآن للمحاكمة بالردة بالخرطوم رغم انه اعلن توبته النصوح, ليس لأنه ارتد فعلا عن الاسلام أو ارتكب كبيرة من الكبائر ولكن لأن التوبة سمة من سمات المؤمن,, «التائبون العائدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين» (التوبة:112), أحيي الموقعين على بيان الاستنارة وهم الاستاذ غازي سليمان المحامي عن المجموعة السودانية لحقوق الانسان والحاج وراق كاتب صحفي صاحب «مسارب الضحى» وآمال عباس الصحفية وطه النعمان صحفي وخالد فضل صحفي وكمال محمد الامين محامي وعز الدين عثمان محامي, ابواب التاريخ نظريا مفتوحة للجميع, ولكن عمليا لا يدخله إلا اصحاب العطاء والقادرون على صناعة التاريخ من الصابرين وذي الحظ العظيم, التهمة الموجهة من النيابة العامة للاستاذ محمد طه هي تحت المادة 125 عقوبات «اهانة العقائد الدينية» وعقوبتها السجن مدة لا تجاوز ستة اشهر او بالغرامة او بالجلد بما لا يجاوز اربعين جلدة, وأخرى تحت المادة 126 الردة, والتي عقوبتها الاعدام وتحت المادتين 29 و37 من قانون الصحافة, القضاء السوداني يبرئ محمد طه من تهمتي الردة واهانة الأديان أوردت صحيفة «سودانايل» الالكترونية ان محكمة الخرطوم شمال برئاسة القاضي عصمت سليمان قد حكمت ببراءة المتهم محمد طه محمد احمد من التهم المنسوبة اليه تحت المادة 125 إهانة العقائد الدينية والمادة 126 الردة من القانون الجنائي لسنة 1991, فيما ادانت ذات المحكمة صحيفة «الوفاق» في شخص رئيس تحريرها محمد طه محمد احمد تحت المادة 37 مقروءة مع المادة 29 من قانون الصحافة والمطبوعات وقررت المحكمة بموجب ذلك الغرامة 8 ملايين جنيه واغلاق الصحيفة لمدة ثلاثة اشهر اعتبارا من تاريخ ايقافها, وأسباب الادانة جنائيا تحت قانون الصحافة والمطبوعات هي ذات اسباب الادانة اداريا بموجب قانون الصحافة نفسه, حيث أوردت المحكمة الادارية في حيثياتها التي سبق نشرها بالصحف السودانية في الاسبوع الاول من شهر مايو المنصرم انه قد تبين للمحكمة الادارية ان صحيفة «الوفاق» قد اخطأت مهنيا حيث نشرت مقالا دون ان تنسبه لكاتبه كما خالفت ميثاق الشرف الصحفي, وأعلن الكاتب محمد طه انه بدأ اجراءات الطعن ضد حكم المحكمة في الشق المتعلق بالادانة والعقوبة تحت قانون الصحافة وذلك استنادا الى سببين: الاول: هو ان المحكمة قد انعقدت في ظل تظاهرات سياسية,الثاني: ان حكم المحكمة تجاهل واقعة احتجازه نحو 40 يوما, حيث تم حبسه على ذمة القضية منذ 8 مايو 2005, كما اعلنت هيئة الاتهام من جهتها انها سوف تستأنف الحكم, التظاهرات السياسية التي يشير اليها الكاتب محمد طه هي تلك التي صورتها الصحافة العالمية ونشرت على الصفحات الاولى من الصحف حيث ظهرت اللافتات التي تحمل الشعارات «الحد,,الحد,, على المرتد», مما لا شك فيه ان هذه المظاهرات التي سمحت لها الحكومة في أحلك الظروف التي كانت تمر بها البلاد بعد صدور قرارات الشرعية الدولية باحالة مجرمي الحرب في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية, ان هذه المظاهرات كان القصد منها ارهاب المحكمة وقد صاحبتها اشاعات بالتهديد بقتل القاضي, وهيئة الاتهام ووزير الاوقاف اذا برأت المحكمة المتهم محمد طه, فضلا عن تصفية محمد طه «حدا», الملاحظات التي أوردها الكاتب محمد طه ضد الحكم لا تقلل من قيمته التاريخية, فقد دخلت محكمة الخرطوم شمال القاضي عصمت سليمان التاريخ من وجه ايجابي خلافا لمحكمة أم درمان شمال عام 1985, محكمة قاضي الطوارئ المهلاوي التي حاكمت الشهيد محمود محمد طه بالاعدام تحت قانون أمن الدولة «المادة 96ط» الذي أدخله النميري في قانون العقوبات لسنة 1983 المشهور بقانون سبتمبر, وقد عدلت محكمة الاستئناف برئاسة المكاشف طه الكباش ــ قاضي الطوارئ الشهير ــ التهمة الى الردة دون اعلان المتهم بالتهمة الجديدة ومنحه الفرصة للدفاع عن نفسه تحت هذه التهمة الجديدة, كما حكمت عليه بالاعدام دون حق الاستتابة, ويلزمنا ان نبين للقارئ غير السوداني او الذي لم يعاصر محاكم الطوارئ, ما هي هذه المحاكم وما هي خلفية تشكيلها؟ في عام 1983 زار المشير جعفر نميري رئيس الجمهورية آنذاك مدينة الفاشر بشمال دارفور, ودون ترتيبات مسبقة طلب منه افتتاح محكمة الاستئناف بالفاشر, وبهذه المناسبة تحدث النميري وتضمن حديثه عبارات اعتبرها القضاة مهينة لهم, فتداعت الامور الى ان دخل القضاة في اضراب شهير تضمن عدة مطالب في مقدمتها الزام رئيس الجمهورية بالاعتذار للقضاة, واستمر الاضراب ثلاثة شهور, اعتبر النميري هذا الاضراب اهانة وتحديا له,, لم يجد النميري بدا من الانحناء للقضاة, فقام بالاعتذار لهم علنا والوفاء بكل طلباتهم, إلا انه اضمر شرا لهم, فقد قرر رد الصاع صاعين, وذلك بركنهم جانبا والاستعاضة عنهم بالقضاء الشرعي, واستبدال القانون الذي يعرفه القضاة بقانون شرعي, ومن ثم اصدر قوانين سبتمبر, ثم اعلن النميري حالة الطوارئ وانشأ محاكم الطوارئ ونيابة الطوارئ, وهي في النهاية محاكم من قضاة غير مؤهلين فنيا, تم استجلابهم من خارج الهيئة القضائية ومنحو امتيازات لم يكونوا يحلمون بها في يوم من الايام, قضاة الطوارئ ولأنهم ليسوا قضاة لا يعرفون معنى استقلال القضاء, كانت مهمتهم استشراف أهواء السلطان والقاعدة عندهم احلام السلطان أوامر ! وتجدر الاشارة الى ان محمد طه كان واحدا من ضحايا غضب النميري وهزيمته امام القضاة ابان اضرابهم الشهير, فقد شارك محمد طه في ندوة نظمها القضاة المضربون عام 1983, وذلك بنادي الاساتذة بجامعة الخرطوم, وسخر من جعفر نميري قائلا ما معناه ان جعفر نميري لا يتحمل التحدي, وقد ادرك المعبرون عنه هذه الخصلة فكتب عادل رضا كتابا كاملا باسم «جعفر نميري,,الرجل والتحدي» فضحك الحاضرون,, ودفع محمد طه ثمن هذه المداخلة والضحكة, بالفصل من وظيفته كمستشار بديوان النائب العام, وقد كان حديث التعيين «تحت الاختبار» فتم فصله دون حقوق ودون ابداء اسباب ! وقد غير هذا الفصل مجرى حياته, دافعنا عن محمد طه لقناعتنا ببراءته وعدالة قضيته, ثم هو دفاع عن الاستنارة عندما قمنا بواجبنا الوطني والمهني بالدفاع عن الاستاذ محمد طه محمد احمد كنا ننطلق من موقفين: الاول هو قناعتنا بعدالة قضيته اذ لم يساورنا مثقال ذرة من الشك في حسن نية الكاتب, وان هدفه من وراء ايراد الكلام المنسوب للمقريزي هو الرد عليه والدفاع عن عرض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ), وأكبر دليل عملي ملموس على ذلك هو انه تصدى في اليوم التالي مباشرة لنشره للمقال موضوع المحاكمة للدفاع عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في ثلاثة مقالات متتالية, وقبل ان تقوم الدنيا عليه, كنا ننطلق من مبدأ حسن ظن المؤمن بأخيه المؤمن, كما اننا كنا ندرك ان هذه المحاكمة هي محاكمة سياسية, كان محمد طه ناقدا لاذعا, وكانت صحيفته (الوفاق) أعلى الصحف توزيعا, لذلك كان محسودا, الثاني: اننا كنا وما زلنا ندافع عن الاستنارة, فالمشروع الذي يحارب الكاتب محمد طه هو مشروع ظلامي تكفيري يعادي التحول الديمقراطي والمشروع الحداثي ــ السودان الجديد, ان المشروع الظلامي يهدف الى تكميم الافواه باسم الدين الاسلامي ويكرس ثقافة الحسبة والتكفير لأهل لا إله إلا الله, من منا كان يتصور ان تهمة الردة وثقافة الحسبة يمكن ان تطال اشخاصا مثل مولانا النيل ابو قرون احد صانعــــي قوانين سبتمــــبر لسنة 1983 المشار اليـــها؟ من منا كان يتصور ان ثقافة الاحتساب والتكفير يمكن ان تطال الناشط الاسلامي محمد طه محمد احمد الكادر الاسلامي الذي يعرفه وزير العدل علي عثمان ياسين, ووزير الدولة بوزارة العدل على كرتي الذي زامل محمد طه في كلية القانون؟ هل تغيرت نظرتهما اليه لمجرد ميوله الشيعية؟ وما الخطأ في الميول الشيعية؟! وألم تكن الحركة الاسلامية السودانية كلها تنادي «ايران,, ايران في كل مكان»؟ ثم كيف تنسى حكومة الخرطوم الدعم الايراني بالسلاح حين كان سودان «ثورة الانقاذ» محاصرا من العالم كله بما في ذلك مصر وليبيا والسعودية بعد حرب الخليج الثانية حيث وضع السودان نفسه في معسكر صدام حسين البعثي المستبد ؟! ان اهانة الاديان والعقائد هي جريمة في كل انحاء الدنيا تقريبا, ولكن نرفض تماما أن يتهم الكتاب والمفكرون بالكفر والردة تحت هذه اللافتة, اننا ندعو الى التسامح والى التقارب المذهبي بين أهل السنة والجماعة والصوفية والمدارس الشيعية, كما ندعو الى قبول الآخر المسيحي وأصحاب كريم المعتقدات في السودان من أجل التعايش في دولة «المواطنة» ولتعزيز الوحدة الوطنية, ان الاستاذ محمد طه محمد احمد هو ضحية لثقافة التكفير وثقافة الحسبة المنصوص عليها في قانون هيئة تزكية المجتمع لسنة 2003, وسوف أتناول لاحقا ــ باذن الله ــ هذا القانون التكفيري الذي صاغته حكومة الخرطوم وزرعته كألغام موقوتة في طريق التحول الديمقراطي في السودان,


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved