![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
إنها دعوة للعنف‚‚ والعنف لا يغير مجرى التاريخ كما فهم ذلك اخيرا اصحاب نظرية التغيير بالعنف (الشيوعيون) وكما فهم ذلك «اسلاميون تشيعوا» حين تورطوا في إقامة «دولة الخلافة» بدبابة! أتحدث عن الدكتور الظواهري في شريطه الاخير الذي بثته «الجزيرة» وهي الدعوة التي تحرض على «القتال لوجه الله» لطرد الصليبيين وسحق الأنظمة «الكافرة» ليس فقط في الدول العربية وانما في الدول الاسلامية كلها‚ تورط الظواهري في الدعوة الى العنف ليس جديدا‚ تاريخ دعوته في مصر يقول بذلك تماما مثلما يقول «سبتمبر» البرجين والبنتاغون ولو كان الظواهري يقرأ التاريخ القريب جيدا لكان قد ادرك ان العنف لا يمكن ان يحدث تغييرا وانما وهذا هو الاصح يؤدي الى عنف آخر ليس مساويا له في القوة ومقابل له في الاتجاه‚ الامثلة كثيرة: عنف الدولة في مصر على عنف «الجماعات الاسلامية» وعنف الدولة في الجزائر على عنف هذه الجماعات ايضا‚ وعنف الحركة الشعبية في السودان على عنف الدولة التي أخذت بنظرية الشيوعيين وتورطت في العنف وظنت انها قد «تمكنت» به من اقامة ما اسمته بـ «المشروع الحضاري»‚ التغيير على مر التاريخ لم يتم بالعنف وانما تم بالقوة‚‚ والقوة ليست هي العنف ذلك لأن الأخير مرتبط بالعضل فيما ترتبط القوة بالعقل ذلك الذي تأدب بأدب الدين وتأدب بأجمل أدبيات معرفة الدنيا! التغيير بالقوة هو نتاج علم ونتاج تربية والتغيير بالعنف نتاج جهل‚ ونتاج عقل فوضوي‚ التغيير بالقوة حتى وان استغرق زمنا هو تغيير مضمون العواقب والتغيير بالعنف عواقبه وخيمة وربما ينتهي بأصحابه الى الانهيار التام (الاتحاد السوفياتي سابقا) أو الانزواء في كهف (الظواهري نفسه مثالا)‚ أو الاضطرار الى تقديم التنازلات الأكثر ايلاما وطي سجادة المشروع الذي اريد له ان يتمدد بالعنف الى خارج الحدود الوطنية (المشروع الحضاري للجبهة القومية الاسلامية في السودان‚‚ مثالا)!‚ لو قيض الله للدكتور الظواهري ان يلتقي «الشيخ» الذي خلط بين «القوة» تلك التي دعا لها الله المسلمين ان يستعدوا بها لإرهاب عدو الله وعدوهم‚ وبين العنف الذي يدعو اليه الشيطان للإفساد في الارض لكان قد استمع من «الشيخ» الذي هو الآن حبيس حيطان لجملة من شاكلة: «بالعنف يا دكتور ما قطعنا ارضا ولا ابقينا ظهرا‚‚ خذها مني لوجه الله تعالى!»‚ جملة الترابي الشيخ الذي خلط بين القوة والعنف هي من «أدب المراجعات» وهي امتداد لهذا الأدب الذي كان قد بدأ في سجن ليمان طرة‚ وهو الأدب الذي امتد من هناك الى مناطق وعرة في جبال الجزائر‚ تلك التي انكفأ اليها دعاة العنف ويمشطها الآن العنف الذي هو اكثر عنفا: عنف الدولة! كنت اتمنى وقد اتاح الله للدكتور الظواهري خلوة مع الذات في كهف لا يتوزع فيه بصره فيما يشغل البصر ان ينظر الى صورة العالم ببصر حديد ليرى هذه الصورة كيف هي مضرجة بالدم‚ بسبب العنف والتحريض عليه باستمرار‚‚ وبسبب هذا التخليط بين العنف والقوة واتخاذ العنف وسيلة لتغيير مجرى التاريخ! العنف‚‚ إثم‚‚ فمالي أرى الدكتور الظواهري تأخذه في كل مرة العزة بالاثم تماما مثلما أخذت هذه العزة بالاثم الدكتور الترابي حتى لأوشكت ان تضيع وطنا بأكمله (كان يلعب فيه الصبي كرة الماء مع التمساح في النهر)!