السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

شهادة وفاة لصحيفة الخرطوم مونيتر (الإنجليزية) بقلم مدينق ودا منيل-دوحة - قطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/20/2005 9:45 ص

شهادة وفاة لصحيفة الخرطوم مونيتر (الإنجليزية)

بقلم مدينق ودا منيل

صحيفة الخرطوم مونيتر (الإنجليزية) هي الصحيفة المعارضة اليومية الوحيدة التي تصدر باللغة الإنجليزية في الخرطوم .
أسسها الصحفي الجنوبي المخضرم الفريد تعبان في حقبة التسعينيات من القرن الماضي ، و لا زال السيد الفريد تعبان يتبوأ رئاسة تحريرها ، علاوة على عمله مراسلاً للبي .بي .سي و رويتر في السودان .
عانت الخرطوم مونيتر كسابقاتها من الصحف الجنوبية التي كانت تصدر بالإنجليزية أبان فترة الحكم المدني الثالث ، حيث تعرضت كل من الخرطوم تايم التي كانت يشرف عليها الأستاذ بونا ملوال مدوت للمضايقات من قبل الدولة ، كما تعرضت أيضاً صحيفة الهارتيج لسان حال إقليم بحر الغزال ( تصدر من الخرطوم ) تحت إشراف وزارة الثقافة والأعلام ، وصحيفة ستار لسان حال حزب التجمع السياسي لجنوب السودان و التي رأس تحريرها السياسي و الصحفي البارع بنجامين وارلي ، و صحيفة الشماشة التي كانت يشرف عليها الأستاذ ماثيو أبور إلى المضايقات تلو المضايقات من زبانية الطغمة الحاكمة .


معاناة الصحافة الجنوبية في العهود الديمقراطية والعسكرية في السودان:
تعرضت الصحافة الجنوبية منذ الستينيات حتى يومنا هذا لحملة منظمة من الاستهداف المستمر ، و لا عجب في ذلك فقد ظلت الصحافة في السودان عموماً ضحية للأنظمة المتعاقبة على الحكم في البلاد و بنسب متفاوتة بناء على أهواء القائمين على سدة الحكم من الأنظمة المدنية أو الشمولية على حد سواء ، و يرجع ذلك إلى عدة أسباب لا أريد أن أخوض في تفاصيلها بل أترك المجال في هذا الصعيد للإعلاميين المحترفين .
ستتركز مقالتي على الصحافة الجنوبية التي دأبت الحكومات المتعاقبة في الخرطوم على النظر إليها بغير عين الرضا و اتهامها بالعمالة رغم أنها اتسمت دائماً بالوطنية و الموضوعية ، و ربما يكون السبب هو أن تلك الصحف باعتبارها تمثل قطاعاً عريضاً من الشعب كان تغطي بدقة و حيادية مرهفة وقائع الحرب التي كانت تدور رحاها في الشطر الجنوبي من البلاد مما جرّ عليها الويلات و التشهير المتشنج .. بل وصل الأمر إلى حد التهديد بالإغلاق و التصفية الجسدية للناشطين .. أما فرض القوانين الجائرة على تلك الصحف من قبل الأجهزة الأمنية المملوكة للدولة فكان ممارسة شبه يومية .
يعد التطرق لحرب الجنوب و فشل الحكومات في إيجاد حل واقعي لها ، و خاصة التعرض لمسألة الانتهاكات البالغة لحقوق الإنسان في الجنوب الأسباب الرئيسة التي جعلت من الصحافة الجنوبية المتواجدة في الخرطوم عرضة للتعطيل بل مصادرة إصداراتها اليومية بحجة أنها تحرض و تعبئ الرأي العام الجنوبي ضد المركز. مما جعل العمل الصحفي الحر يتآكل و تتراجع رقعته في الشارع السوداني والجنوبي على وجه الخصوص ..
و منذ بداية العهد المدني الثالث ، ضاق رئيس وزراء السودان آنذاك السيد الإمام الصادق المهدي ذرعاً بصحيفة الخرطوم تايمز مما دعا سعادته لمحاكمة مالكها السيد بونا ملوال أمام المجلس التأسيسي مما يعد سابقة مشينة في تاريخ العرف البرلماني المتبع في جميع أرجاء العالم .. فقد كان الأجدر بسعادة رئيس الوزراء الإيعاز السلطات المختصة في الدولة للقيام بالإجراء المناسب بدلاً من الزج بالبرلمان في أمور لا ينبغي .. بل لا يجدر بالفئة التي اختارها الشعب لتمثيله الخوض فيها ..
أما الصحفي أروب مدوت (صحيفة هارتيج) فقد تعرض للمضايقة بعد عودته من أديس أبابا فقط لأنه قام بإجراء لقاء صحفي مع الدكتور جون قرنق دي مبيور قائد الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان ، فقد تم اعتقاله و استجوابه بتوجيه من وزير الداخلية آنذاك السيد مبارك الفاضل المهدي.
التخويف والتنكيل و حجر الرأي الآخر ... قام نفر كريم من أساتذة جامعة الخرطوم و تحديداً الأستاذين الدكتور عشاري و الدكتور سليمان بلدو بتأليف كتيب عن مذبحة الضعين التي راح ضحيتها نفر من أبناء الدينكا اللذين كانوا يقطنون جنباً إلى جنب مع أهلهم البقارة في مدينة الضعين .. فكانت نتيجة ذلك وبالاً عليهما و ظل شبحها يطاردهما حتى يومنا هذا لأن الحادثة المشهورة وقعت ضمن سياق الحرب الأهلية الطاحنة في الجنوب .


الصحافة الجنوبية في ظل الإنقاذ:
تدهور دور الصحافة الجنوبية في ظل حكومة الإنقاذ إلى أسوأ درجاته منذ الاستقلال . حيث بات من الصعوبة بمكان للصحف الناطقة بالإنجليزية العمل في ظل الرقابة الصارمة و الاتهام سلفاً على ما كل هو جنوبي خاصة إذا خالف رأي حكام الخرطوم ، و أضحت قوانين أمن الدولة سيفاً مسلطاً على الرقاب في كل صغيرة و كبيرة لا تنال موافقة الحكومة أو تحوز فرماناً راضياً منها .. جعل هذه الإجراءات التعسفية ضد صحف أهل الجنوب من العمل الصحفي تحت رحمة قوانين الإنقاذ جحيماً لا يطاق .. مما نتج عنه تفريق البلاد من الكوادر الصحفية الجنوبية ، فغادر البلاد طوعاً خيرة الكتاب الجنوبيين إلى منافي اختيارية .. أما من لم يسنح له القدر بفرصة مغادرة البلاد أو اختار البقاء فقد أضطر إلى البحث عن مهنة أخرى أقل متاعب أو انضم إلى ركب المنتفعين و المطبلين لحماية ظهره أو لتحقيق منافع شخصية بحتة .. أما أولئك الشرفاء ممن يحترمون شرف المهنة و قدسية الكلمة فاختاروا المواجهة مع الإنقاذ دفاعاً عن حقوق أهلهم .. فأولئك يا لهفي عليهم .. فمصيرهم كانت بيوت الأشباح أو الاختفاء في ظروف غامضة ..
جراء هذه السياسات الجائرة اختفت كل من صحيفة سودان تايمز و الهرتيج و ديلي ستار و غيرها من الصحف اليومية التي كانت تصدر بالإنجليزية ، و حلت مكانها أبواق النظام من الصحف الإنجليزية الموجهة التي تنقل أخباراً و أكاذيب يندى لها الجبين .. و بالطبع فإن الهدف منها هو تسويق النظام أمام البعثات الدبلوماسية الأجنبية بثمن بخس و بث الفرقة بين أوساط الصحفيين .. و النتيجة الحتمية كانت هي إقصاء الصحافة الجنوبية من الساحة الإعلامية و ما ترتب عليه من خيبة أمل و مرارة في نفوس القراء من المثقفين الجنوبيين.
كانت صحيفة مونيتر المعارضة في الخرطوم صوت أهل الجنوب الوحيد الذي ظل صامداً حتى الآن .. و ذلك رغم قيود الرقابة الصارمة من قبل أجهزة الدولة .. و حرصت على تقديم مواد متميزة للقراء باللغة الإنجليزية .. و لذا تعرض رئيس تحريرها الأستاذ الفريد تعبان إلى التحفظ الإجباري مرات عديدة من قبل أجهزة الدولة .. كما خضع عضو طاقم التحرير الأستاذ نيال بول لنفس الإجراءات المشينة .. بل تدنى النظام الإنقاذي في عام 2003 إلى درك الوعيد بالتصفية الجسدية عندما تناول الكاتب لموضوع الرق . فما كان أمام الأستاذ نيال بول من خيار سوى الفرار بجلده إلى كينيا ، و أسس من منفاه صحيفة إنجليزية مع بعض زملائه من الجنوبيين.
في ظل هذا الصراع المحتدم قامت حكومة الإنقاذ بتعطيل بل بمصادرة ترخيص المونيتر خلال الأيام القليلة الماضية و البلاد مقبلة على السلام غارزة بذلك إسفينا جديداً بينها و بين عامة الشعب من الجنوبيين و الشماليين على حد سواء .. فتعطيل منبر ثقافي ليبرالي مثل المونيتر يعد بحق وصمة عار جديدة في جبينها الذي لا يمكن للحظة وصفه بخلوه من العار .. و حجة الإنقاذ الواهية كانت أن الصحيفة قد تناولت موضوع مذبحة سوبا الأراضي خارج الأطر التي وضعتها أجهزة إعلام الدولة الموجهة.


هل ستشهد الصحافة الجنوبية تغييراً بعد اتفاق السلام:
هذا ما نصبوا إليه و نتمنى مخلصين تحققه في الفترة الجديدة القادمة .. فبلادنا تحتاج بصورة عاجلة إلى قانون جديد للصحافة يستلهم روح التحول الديمقراطي المرتقب في الخريطة السياسية السودانية ..
و لكن ينبغي الحذر لأن طبيعة الممارسات الحكومية الحالية إزاء الصحافة توسع الهوة بين مستوى الصحافة الموجودة في الخرطوم العربية و الإنجليزية ... مما يحرم قطاعاً عريضاً من الشعب من متابعة مستجدات الأحداث ناهيك عن المشاركة الفاعلة في أمور بلادهم ..
الصورة الحالية لا تبدو زاهية .. فبدون صحافة حر نزيهة سيزداد الوضع صعوبة خلال الست أعوام المقبلة .. و لذا نحتاج إلى التوقف لإعادة النظر إلى الموضوع برمته و إتاحة الفرصة للصحافة و الرأي الآخر أن يعّبر عن نفسه بحرية و تجرد ضمن أطر قانونية موضوعية ..

ترى هل طلبنا صعب المنال ؟؟

[email protected]

[email protected]

دوحة - قطر

الجوال 5802130



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved