أحسب أن الاستاذ ابوبكر القاضي مسلم ومواطن سوداني حيث إن الاسلام والمواطنة
تفرض اسلوبا خاصاً لابداء الرأي ، حيث كتابات الاستاذ ذات الصلة بالعنصرية
والقبلية تؤسس لثقافة الفتنة وعلى الاحقاد وعلى الغلو والتطرف وما هو مناقض
لجوهر الاسلام القائم على التسامح والرحمة والتعاون ويمكن للمرء أن يعارض
السلطة السياسية دون الخوض في الجاهلية والفتنة، حيث إن الانتماء إلى قبيلة
معينة ليس حراماً ويقول الله سبحانه وتعالى : ( يا أيُّها الناس إنّا خلقناكم
من ذكر وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) ولكن الحرام والممنوع
العصبيات القبلية التي تؤدي إلى تمزيق الوطن وإثارة النزاعات و تاجيج نار
الفتنة والتي تؤدي إلى تدمير الوطن والمواطن السوداني سواء كان في غرب البلاد
أو وسطه أو شرقه، حيث إن الفتنة لها آثارها المدمرة لذا قال الله تعالي :
(والفتنة أشد من القتل ) ( سورة البقرة الآية : 191 ) ومن الممكن ان تؤدي
كتابات الاستاذ إلى تأصيل مفهوم العنصرية ومن ثم التشجيع على الاحتراب بين
افراد القبائل المختلفة.
ولا ينبغي إثارة النعرات القبلية لتحقيق أهداف سياسية، ويمكن مثلا المطالبة
بالحقوق على اساس مفهوم المواطنة وهو مفهوم تقوم عليه معظم الدساتير في تاسيس
اثبات الحقوق والواجبات . ونحسب أن الاستاذ أبوبكر القاضي وهو رجل قانوني على
علم بهذا الامر، وعليه نآمل من أجل الله والوطن والمواطن من الاستاذ ابوبكر
القاضي والّذين يسيرون في هذا النهج الابتعاد من اثار العصبية القبلية
والمطالبة بالحقوق على اساس المواطنة.
ولنا في رسول الله اسوة حسنة ، فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم أبا
ذر الغفاري – وهو عربي – يعتدي على بلال بن رباح – وهو حبشي – ويقول له :يا ابن
السوداء ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا و انتهر أبا ذر و قال
: (طف الصاع طف الصاع ) ثم اتجه إلى أبي ذر و قال له : (انك امرؤ فيك جاهلية
،ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى أو عمل صالح ) فوضع أبو ذر
خده على الأرض ، و أقسم على بلال أن يطأه بحذائه حتى يغفر الله له زلته هذه ،و
يكفر عنه ما بدر منه من خلق الجاهلية الأولى. وعندما قالها عبدالرحمن بن عوف
وهو من سادة وأثرياء العرب، قال له الرسول (ص) ما معناه، أوترى لك من فضل على
ابن السوداء، دعوها فإنها منتنه.
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: ((أيها الناس، إن ربكم
واحد وإن أباكم واحد، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)).
وقوله (ص) : ((إن الله قد أذهب بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرهم بآبائهم، لأن
الناس من دم آدم وآدم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم)).
و قال (ص) "كلكم لآدم وآدم من تراب" حيث بين أن البشر يعودون إلى اصل واحد، لذا
لا حاجة لتغليب نظرة التعالي القبلية، فكلكم من آدم وآدم من تراب. يقول الإمام
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
الناس من جهــة الأباء أكفـاء أبوهم آدم والأم حــــواء
فإن يكن لهم من أصلهم شــرف يفاخـرون به فالطـين والمـاء
وقيمة المرء ما قد كان يُحســنه والجاهلون لأهل العلم أعـداء
فقم بعلم ولا تطلــب به بدلا فالناس موتى وأهل العلم أحياء
و الله من وراء القصد.
د. أسامة مصطفى إبراهيم - المحامي / قطر

للمزيد من االمقالات