أراضي النُّوبة
تعتبر قضية الأرض مسألة محوريَّة لأي شعب، ومن هذا المنطلق نرى أنَّ الحقوق الجماعيَّة لامتلاك الأرض (Collective land rights) بالنسبة للنُّوبة أمر في غاية الأهميَّة. إذ نجد أنَّ الحقوق الجماعيَّة هذه ذات أهميَّة قصوى بالنسبة للسكان الأصليين (القبليين) (Indigenous people)، وبخاصة الحق الشَّعبي لامتلاك أراضيهم. وقد بدأت الشركات العالميَّة المنقِّبة عن المعادن والنَّفط تعترف بهذه الحقوق المملوكة للسكان الأصليين، وتأخذ برأيهم فيما يجري في أراضيهم، ولهم الحق في الموافقة الجماعيَّة أو الإعتراض الجماعي على أي قرار في هذا الشأن. هكذا نجد أنَّ شعارات الحريَّة والدِّيمقراطيَّة وحكم القانون والعدالة للمضطهدين لا يمكن أن تتأتى إلا إذا قامت الدَّولة أي دولة بترجمة هذه الشعارات إلى واقع والنظريات العدليَّة إلى تطبيق اجتماعي. فما من نزاع سياسي أو اجتماعي إلا وكان الأرض أحد مسبباته الرئيسة؛ إذ كانت قضية الأرض موضوع التَّنازع بين الهنود الحمر ومستوطني القارة الأمريكيَّة من الشمال إلى الجنوب، وتسبَّبت قضية الأرض في خلق مشكل اجتماعي-سياسي بين سكان استراليا الأروميين (الأصلين) (Aborigines) والمجرمين الذين كانت بريطانيا تتخلَّص منهم بابعادهم إلى استراليا ونيوزيلاندا. كذلك أخذت قضيَّة الأرض جل الوقت في المحادثات الدستوريَّة التي أفضت إلى انهاء نظام الأبارتهيد (Apartheid) في جنوب أفريقيا، وقد شملت التَّعويضات إعادة الأراضي المسلوبة منذ العشرينيات من القرن الماضي إلى أصحابها. وما زالت قضية الأرض تشكل مشكلاً اجتماعيَّاً في كينيا وزيمبابوي. وفي الأخير لم تُحسَم هذه المسألة بصورة قطعيَّة؛ إذ باتت هذه المسألة أحد محاور النزاع السياسي-الاجتماعي في هذه الدَّولة.
مهما يكن من الأمر، ففي الماضي اعترفت سلطات الحكم الثنائي في السُّودان (بريطانيا ومصر) بالحقوق الجماعيَّة للنُّوبة في امتلاك أراضيهم؛ ووجدت فكرة استصلاح الأراضي في جبال النُّوبة استحساناً وتطبيقاً منذ الحكم الثنائي في السُّودان (1898-1956م) – ولو بصورة جزئيَّة - بعد استتباب الأمن في هذه المنطقة. فيحدثنا إيَّان مكي، الخبير الزراعي البريطاني الذي عمل مفتِّشاً زراعيَّاً في منطقة جبال النُّوبة في الأربعينيات المنقضية من القرن المنقضي، أنَّه عمل في إستصلاح الأراضي للزراعة، وتربية الحيوان، وتوفير مياه الشرب للإنسان والحيوان على السواء. وبما أنَّ مكي واجه ظروفاً عصيَّة في محاولاته الجادة للتغلُّب على الزَّحف الصحراوي بسبب الزراعة غير المرشَّدة، والإفراط في الرَّعي، والقطع العشوائي للأشجار وحرق الغابات، بيد أنَّه استطاع في نهاية الأمر أن يحقِّق نتائج ملموسة. فكانت أهم تلك النتائج تكوين لجنتين زراعيَّتين لمنطقة تقلي، حيث عُقدت اجتماعات في كل من العباسيَّة وكالوقي لمناقشة مشكلة صيانة التربة. وعلى الفور شرع الأهالي في الخطوات العمليَّة لمحاربة أسباب تعرية التُّربة العام 1944م. كان يتَّخذ مكي مدينة رشاد مركزاً لعمله، وبين الفينة وأخرى يخرج في تجوال إلى كل من أبوجبيهة، كالوقي، تلودي، هيبان، دلامي وأم برمبيطة، حيث يقابل المكوك، ويعقد محاضرات شعبيَّة تحت الأشجار، وفيها يشرح كيفيَّة القضاء على الآفات الزراعيَّة، واتِّباع الطرق الحديثة في الزراعة وحفر الآبار وغيرها. لم يكن مكي عالماً أنثروبولوجيَّاً حتَّى يقدِّم للقارئ شيئاً أثنيَّاً عن المجمعات العرقيَّة المتباينة التي تتخذ من الجبال موطناً لها، وطبيعة المشكلات السياسيَّة التي تنشأ نتيجة الاحتكاكات المسلَّحة وسط النُّوبة أنفسهم أو بين النُّوبة والعرب من جانب آخر، لكنَّه – وحسب ملاحظاته الدَّقيقة واختلاطه بالنُّوبة – عرف أنَّهم قوم يكرمون ضيفهم، ويعينون ضعيفهم، ويوقرون الكبير، ويرحمون الصغير. فقد أُعجب مكي بعادات وتقاليد النُّوبة العريقة، المتمثِّلة في المبارزة بالعصا لدي الصبيان، والضرب بالسياط عند البنات، والمصارعة، والطقوس الدينيَّة التي غالباً ما تمارس على سطوح الجبال. على أي، فإنَّ أهم انجازين قام بهما مكي هما مشروع دم جمد في تلودي لإعادة توطين الجنود العائدين من الحرب العالميَّة الثَّانية (1939-1945م)، وتشييد سد على خور أبي حبل بالقرب من مدينة أم روابة. فقد تمَّ تجهيز قرية دم جمد النَّموذجيَّة بتوفير أسباب حياة مناسبة للجندي العائد من القتال ليطيب به المقام في عقر داره حتى يستطيع ممارسة سبل كسب العيش الشريفة. ذلكم هو المشروع الإنجليزي. أمَّا سد أبي حبل فقد خدم هدفين أساسين هما: الاستفادة من الفيضانات في زيادة الرُّقعة الزراعيَّة، واستخدام السَّد لربط منطقة تقلي بشمال كردفان، حيث كان – قبل انشاء هذا السَّد – من العسير قطع هذا الخور في موسم الخريف.(23) كان من الواجب الوطني أن تعكف الأنظمة الوطنيَّة التي ورثت الحكم بعد الاستقلال على الدِّراسة العلميَّة والميدانيَّة والعمل على تطوير المنطقة، مسترشدين بالدِّراسات والبيانات التي تركها المستعمرون، الشئ الذي لم يحدث.
إنَّ الظلم الذي لحق بالنُّوبة من جراء سياسات الأراضي في منطقة الجبال - وأيم الله - لأمرٌ إدُّ. إذ أن مثل هذا الظلم يُولد الحقد والموجدة؛ وإنَّ الضغن بعد الضغن لتفشو آثاره، ويخرج الداء المدفون من الأفئدة، أي يبعث على الانتقام؛ وغليل أجواف الذين يعانون حرارة الحقد – لا حرارة العطش – لا يسكنه شراب الماء الفرات. وما "توزيع الأراضي الزراعيَّة الخصبة لاشخاص من خارج المنطقة بحجة أنَّ لديهم امكانيات الاستثمار"، إلاَّ واحداً من هذه التظلُّمات. ولا ريب إنَّ عمارة الأرض لعمل مفيد إلاَّ أنَّ الشُّبهة تجئ عندما نشهد أنَّ حقوق الامتياز في تطوير كل تلك المناطق قد ذهبت إلى "النُّخبة" المدنية والعسكريَّة من أبناء الشمال، كبار الضباط المتقاعدين، قدامى رجالات الخدمة المدنيَّة، السِّياسيين، الأسر الطَّائفيَّة، التجَّار الشِّماليينن.(24) وعندما فقد المواطنون أراضيهم التي كانوا يزرعون فيها بالوسائل التَّقليديَّة، كان طبيعياً أن يلتمسوا لأنفسهم مهرباً ومخرجاً مما دفعهم للأراضي الجبليَّة غير الصَّالحة للاستثمار بواسطة الآلات. وبعد انتهاء موسم الحصاد، "يذهب أصحاب تلك المشاريع بمحاصيلهم وزكواتهم للأماكن التي أتوا منها مما جعل المواطنين لا يجدون القوت الكافي لحياتهم، فهجروا مناطقهم إلى المدن والعاصمة. وهذه من الأسباب الرئيسة لمجئ أبناء النُّوبة للعاصمة والسَّكن في أطرافها."(25) وبدلاً من أن تتفهَّم الجهات المعنيَّة قضاياهم وتعمل على معالجتها تلجأ دائماً لمعاملتهم بصورة غير لائقة. إنَّ اللَّهاث المحموم تجاه أراضي النُّوبة الفلاحيَّة الخصبة بواسطة موظَّفي الحكومة والعرب الأثرياء قد أخذ طابعاً عسكريَّاً باستخدام السُّلطات القوة العسكريَّة لطرد النُّوبة من ديارهم بغير حق. وقد حدث ذلك في مقينص بمنطقة رشاد العام 1984م عندما رفض ما يزيد على 80 شخصاً تسليم أراضيهم الزِّراعية لشركة مكوِّنة من التجَّار ووزير حكومي. عندئذٍ تم القاء القبض على هؤلاء وجئ بهم إلى محكمة طوارئ وجُلِدوا وسُجِنوا. إذ تكرَّر حدثٌ شبيهٌ بذلك في هيبان، حيث جُلِد وسُجِن الأهالي عندما اقتادوهم إلى كادقلي وأُدينوا بواسطة محكمة طوارئ. أما الذين استطاعوا تحاشي القبض عليهم في هيبان، فقد انضمَّوا إلى مقاتلي الحركة الشَّعبيَّة والجَّيش الشَّعبي لتحرير السُّودان. فالتوسُّع في الزراعة الآليَّة يعمل على إزالة الغطاء النَّباتي ويجعل التصحُّر يزحف جنوباً. ونسبة للظلم الذي حاق بأهل الرِّيف، أضحت مناطق الزراعة الآليَّة - سواء في جنوب النِّيل الأزرق أو جبال كردفان أو شمال الإقليم الجنوبي – مسارحاً للعمليات الحربيَّة.(26) إذ ذكر الدكتور منصور خالد أن من "بين مائتي مزرعة في أراضي النُّوبة المستصلحة في هبيلا لا يملك أبناء المنطقة غير ربع مزارع، واحدة منها لتاجر وثلاث لجمعيات تعاونيَّة من أبناء الجبال." ويضيف أنَّ "أهل الحل والعقد في زماننا هذا لم يملكوا حتى الفطرة السليمة التي هدت الصوفي السُّوداني الزاهد إدريس ود الأرباب لرفض أرض أقطعها إياه ملك سنار وهو يقول: "هذه ليست أرضك حتى تمنحها لي، هذه أرض النُّوبة استغصبتموها منهم".(27)
بيد أنَّ هذه الأراضي كان فيها العامر الذي تجسَّدت فيه جهود بشريَّة سابقة، وقد بذلت في سبيل استثمار الأرض للزراعة أو غيرها من المنافع البشريَّة. وكان فيها العامر طبيعيَّاً، دون تدخل مباشر من الإنسان، كالغابات الغنيَّة بأشجارها التي استمدَّت غناها من الطبيعة لا من إنسان. كما كان فيها، أيضاً، الأرض المهملة، التي لم يمتد إليها الإعمار البشري، ولا الإعمار الطبيعي، ولهاذ تسمى ميِّتة في العرف الفقهي، لأنَّها لا تنبض بالحياة ولا تزخر بأي نشاط، لكنها جميعاً ملكية عامة للنُّوبة.
لعلَّ هذه السياسات تذكِّرنا بالحكومة البريطانيَّة التي أقدمت على تهجير سكان جزيرة دييقو قارثيا في الستينيات والسبعينيات المنقضيات من القرن الماضي، وإلقائهم على مرافئ السفن في مدينة بورت لويس – حاضرة جزيرة موريشوس. وقد انتهت عمليَّة التَّفريغ هذه من الجزيرة العام 1973م، لكي يتم تحويلها إلى قاعدة عسكريَّة أمريكيَّة. وقد واجه الدييقوقارثيُّون النَّازحون قسراً إلى موريشوس، والبالغ تعدادهم 5,000 نسمة، من العنصريَّة والفقر كثير في ديارهم الجديدة؛ وبعد حملة شرسة قادها النائب البرلماني (من حزب العمال) – تام دليل – في مجلس العموم البريطاني منذ العام 1969م، تمَّ نقلهم إلى بريطانيا وبدأوا يطاردون القضاء من أجل التَّعويضات وفي سبيل إرجاعهم إلى وطنهم الأصلي.(28) كذلك نجد أنَّ أثنيَّة سان – المعروفة استهتاراً باسم شعب الأدغال (Bushmen) – في بوتسوانا يطالبون بإرجاعهم إلى أرض جدودهم بعد أن طُرِدوا منها في الثمانينيات من القرن الماضي، وحُرِموا من أداء مناسك الصلاة على مقابر أجدادهم، حيث انتهجت الحكومة في سبيل ذلك قطع موارد المياه، وسحب تراخيص الصيد، مع العلم أنَّ الصَّيد هو الحرفة الرئيسة في حيواتهم. وقد تمَّ تهجير 2,500 منهم قسراً من الأراضي التي عاشوا فيها – من بعد أسلافهم – أكثر من 30,000 عام؛ وبعد أن سمحت لهم السُّلطات الاستعماريَّة البريطانيَّة البقاء فيها منذ العام 1961م، حيث ادَّعت الحكومة الوطنيَّة، فيما بعد، أنَّها تريد تعويضهم بعد التَّهجير وتوفير الخدمات التَّنموية لهم من ماء ومدارس وأكل ولكن بدون وظائف، مما اضطرَّ أغلبهم إلى اللجوء إلى إدمان الخمر، وسموا مستوطناتهم الجديدة "مناطق الموت". بالرَّغم من المزاعم الحميدة التي أبدتها الحكومة تجاههم، إلاَّ أنَّ الغرض الأساس من ترحيلهم هو إفساح المجال لتعدين الماس في هذه المنطقة، كما لا تخلو الادِّعاءات الحكوميَّة من بعض التَّوجهات الأبويَّة غير الرَّشيدة، مثل "نريد أن نمن عليهم ونجعلهم منشغلين بعملٍ ما في الكنيسة لأنَّ من بينهم مجرمين". وهي نفس القضايا الحقوقيَّة التي بها يطالب الأقزام في غرب أفريقيا وأفريقيا الوسطى والشُّعوب الذين يحترفون الصَّيد في شرق أفريقيا باستعادة أراضيهم الأصليَّة.(29)
أيَّاً كان أمر الشعوب الأخرى، فإنَّ شعب النُّوبة تعرَّضوا لمثل هذا النَّمط من الضَّيم أيما الضَّيم. فمنطقة جبال النُّوبة تتمتَّع بغنى الأراضي الخصبة، بالإضافة إلى كونها أهم المناطق التي يمكن أن تمتد إليها الزراعة الآليَّة. ومثَّلت قضيَّة تملك الأرض أكثر قضايا جبال النُّوبة تفجراً قبل الحرب، وذلك لأنَّ المزارعين التجار انتزعوا الأراضي من صغار الملاك تحت مظلة مؤسسة الزراعة الآليَّة. بالنسبة للعديد من المزارعين سرعان ما تحوَّل القتال من أجل الأرض إلى حرب عصابات ضد الحكومة. إنَّ الصراع من أجل الأرض أجَّج أشكال الصراع والنزاعات الأخرى في جبال النُّوبة. فالرعاة من البقارة العرب، والذين كانوا يشاركون النُّوبة السهول من أجل المراعي، فقدوا تلك المراعي بسبب المشاريع الكبيرة واندفعوا للرعي في مزارع النُّوبة. وقد اتَّسمت العلاقة بين الرعاة والمزارعين في الماضي باحتمالات وجود نزاعات، لكن خلال الثمانينيات أصبح العنف والقتال الدَّموي سمات عامة لتلك العلاقة. ولا يحصل النُّوبة على الانصاف من محاكم مؤتمرات القبائل التي تُدار بواسطة الحكومة. وإحدى مآسي النُّوبة تتجسَّد في الطريقة التي تتم بها استمالة البقارة – وهم أيضاً من الفقراء والمحرومين – بواسطة السياسيين للمبادرة بالهجوم على النُّوبة.(30) فمن أجل العدالة الاجتماعيَّة والسياسيَّة لا بد من إعادة الأراضي إلى ملكيَّة أصحابها في كل منطقة، وإلغاء القرارات التي حوَّلتها إلى ملكيَّة الدولة، لأسباب لا علاقة لها بالعدل ولم تراع فيها مصلحة أصحاب الأراضي، بل أريد سلبهم من حقوقهم.
هوامش وإحالات
(23) Mackie, I, Trek into Nuba, Durham, 1994.
يحتوي الكتاب على صور وخرائط وتقارير رسميَّة وتوصيات المؤتمرات المختلفة التي كانت تُعقد من أجل النُّهوض بمنطقة جبال النّوبة زراعيَّاً، وكذلك قصائد دوَّنها مكي في رحلاته "النُّوباويَّة" العام 1943م. فنجد - على سبيل المثال لا الحصر - في صفحة 132 من الكتاب جدولاً فيه يوضِّح إيان مكي كميَّة الأمطار التي هطلت في منطقة رشاد – والتي تضم رشاد نفسها، أم برمبيطة، أبوجبيهة، والعباسيَّة – في الموسم الزراعي 1943-1944م، حيث أنَّ الكميَّة أخذت تتضاءل بصورة مستمرِّة منذ العام 1939م، وقد تمَّ إخطار الحكومة المركزيَّة في الخرطوم لاتخاذ الاجراءات المناسبة لدرء مخاطر نقصان المياه في المنطقة وأثره على الإنسان والمحاصيل والبيئة.
(24) الدِّكتور منصور خالد، النُّخبة السُّودانيَّة وإدمان الفشل، الجزء الثَّاني، القاهرة، 1993م، صفحتي 485-486.
(25) صحيفة "الميدان"، الأربعاء، 31/8/1988م.
(26) صحيفة "الحريَّة"، 28/12/2001م.
(27) الدكتور منصور خالد، جنوب السُّودان في المخيلة العربيَّة: الصورة الزَّائفة والقمع التأريخي، لندن، 2000م، صفحة 258.
(28) The Observer, July 27, 2003.
(29) The Guardian, July 10, 2004.
(30) أفريكان رايتس، الغذاء والسُّلطة في السُّودان: نقد الإغاثة الإنسانيَّة، لندن، مارس 1986م، صفحتي 228-229.