السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

متابعات أوربية القمة الأوربية الأخيرة وتعميق الخلاف حول السلطة والمال بقلم محمد يوسف (أبومصعب)

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/18/2005 2:12 م

انعقدت القمة الأوربية الأخيرة فى 16 و17 يونيو الجارى ببروكسل فى أعقاب أحداث عظام وقعت فى الاسبوع الأول من هذا الشهر لتشكل اختبارا حقيقيا لتماسك الاتحاد الأوربى. وكان أول هذه الاختبارات القاسية الرفض الفرنسى للدستور فى الاستفتاء الذى نظم فى نهاية شهر مايو ثم أعقبه بيومين الرفض الهولندى مما طرح سؤالا فى الرأى العام: الى أين يسير الدستور الأوربى؟ وما هى جدوى الاستمرار فى عملية المصادقة عليه من الدول اذا تطلب اعتماده مصادقة كل الدول عليه؟ وثالثة الأحداث أن أعلنت الحكومة البريطانية، التى ظلت أصلا تترد فى التصويت عليه، فى يوم 6 يونيو أنها قررت تأجيل تنظيم استفتاء على الدستور الى حين تتضح الرؤية أو"تنفرز الكيمان".
نشرت المحللة الأوربية مارتين دوبويسون فى صحيفة لوسوار بتاريخ 17 يونيو مقالا حول القمة الأوربية الأخيرة لايجاد مخرج للدستور من مأزق "لا" الفرنسية والهولندية قالت فيه أن الدستور الأوربى لم يغادر بعض" غرفة المشرحة المبردة" فى أعقاب الرفض العنيف الفرنسى والهولندى الذى أدى الى غرق الدستور". وقد توصل القادة الأوربيون مساء الخميس 16 يونيو، وبعد مداولات مكثفة ومضنية، الى صيغة اتفاق حول الدستور الأوربى المثير للجدل والمرفوض فى عدد من الدول الأعضاء يقضى بتمديد مهلة المصادقة عليه لفترة قد تصل الى عام ونصف العام ذلك لتجنب تصدع نهائي بشأنه فى الفترة الحالية ولابقاء الدستور حيا. ونتيجة لهذا التطور أعلنت خمسة دول هى المملكة المتحدة وايرلندا والنمارك والبرتغال وجمهورية الشيك تأجيل موعد الاستفتاءات داخلها. أما الرئيس الفرنسى جاك شيراك، الذى صوتت بلاده بـرفض الدستور قال:"ان الدستور لم يمت وان صوت عليه الشعب الفرنسى بـ"لا" ودعا الى ضرورة الالتزام بمهلة زمنية قبل البت فى النهائى فى مستقبل توسيع الاتحاد الأوربى على صعيد مسألة تمديد أوربا على دول البلقان وتركيا التى خيمت على جانب القمة. ومن المقرر أن تعمد القمة الى اشارة محددة بالاستمرار الفعلى فى قبول كل من بلغاريا ورومانيا فى الموعد المحدد فى العام 2007 ومواصلة الالتزام فى الملفات الأخرى لكن دون الاشارة الى تركيا بسبب الخلافات القائمة حاليا بشأن انضمامها للاتحاد. وفى هذا أكد رئيس الدورة الحالية للمجلس الأوربى جان كلود يونكر للصحفيين أنه لم يرتفع حتى الآن، بشكل صريح ورسمى، صوت يدعو الى مراجعة آلية التفاوض مع أنقرة. وقد بدأت العراقيل تصاحب انضمام تركيا منذ قمة روما فى أبريل من العام 2003 حيث خيمت على أعمال القمة طوال الرئاسة الايطالية للاتحاد مسألة الاشارة الى الارث الروحى والدينى لأوربا واذا كان ضروريا الاشارة الى ارثها المسيحى وهو ما سعى له الفاتيكان بكل ثقله ويحظى فى ذلك بتأييد ايطاليا ودول مثل اسبانيا وايرلندا وبولندا وهى مجموعة الدول الكاثوليكية داخل الاتحاد الأوربى. واتخذت فرنسا فى هذا المنحنى موقفا معارضا فى حين كان الموقف الألمانى مترددا. ونسبة للخلاف حول هذا الأمر لم يتم الاتفاق على وضعه فى الدستور الأمر الذى اذا تم كان سيسد الباب نهائيا أمام تركيا أو أى دولة اسلامية كالبوسنة وألبانيا للانضمام يوما ما فى المستقبل. وقد تم تجاوز ذاك المأزق بعد تمسك كل دولة بموقفها أن قام القسم القانونى بالمجلس الأوربى، وفى سرية تامة، فى ادخال بعض التعديلات التى تم اقتراحها على الدول كما عرض عليها بعض الحلول الوسط حتى تتمكن من اعتماد مجمل المقترحات الدستورية. وقد سبق للرئيس الفرنسى الأسبق فاليرى جيسكارد ديستانق، رئيس الهيئة الأوربية التى تضم مجموعة مائة وخمسين من السياسيين والخبراء والبرلمانيين لتجنيب الاتحاد الأوربى الشلل الادارى، حذر عشية مؤتمر روما أنه فى حالة المطالبة بتعديلات جوهرية على النص الأول الذى اعتمدته الهيئة الأوربية فان ذلك سيعنى فشل المشروع الاصلاحى الأوربى برمته. وقد صدق حدث ديستانق، فقد شهد النص كثيرا من التعديلات والتنازلات ساوى فيها الدول الصغيرة بالكبيرة فى عدد الأصوات وطالب فيها الدول الغنية تقديم مساهمات كبيرة لصالح الدول الصغيرة داخل الاتحاد الشئ الذى أشعر الشعبين الفرنسى والهولندى أن دور دولتيهما داخل الاتحاد قد تم تحجيمه وأن الرفاه الذى ظلان يتمتعان به ما عاد موجودا فى ظل القادمون الجدد من شرق أوربا. وذكرنى احتجاج الكبار فى دول الاتحاد لمزاحمة ومقاسمة الدول الصغرى لهم بأمر التعليم فى بلادى الذى انتشر أفقيا بصورة مهولة أتاح لعدد كبير الالتحاق بالمدارس والجامعات والمعاهد العليا ولكنه ظل فى توسعه النوعى "طابق واحد" لم يرتفع الى أعلى مما جعل بعض الذين نالوا حظهم من التعليم فى فترات "تعليم الصفوة" حيث لا يتجاوز استيعاب الجامعات منهم سوى عدة مئات معارضة هذا التعليم المتوسع الكم المتدنى الكيف.

وقد جرت مواجهة بين الدول المؤسسة للاتحاد الأوربى الراغبة فى اندماج سياسى ودستورى فعلى والدول الحديثة العضوية والمرشحة حينئذ وتقودها اسبانيا وبولندا الراغبة فى الحصول على مزايا ومواقع نفوذ تفوق ثقلها الديموغرافى. وأمام محاولات اعتماد دستور بدلا من معاهدة نيس للوحدة الأوربية التى اعتمدت فى ديسمبر 2000، والتى تهدف الى تنظيم الالتزامات والعلاقات داخل مؤسسات الاتحاد الأوربى، وعلى الرغم من أن العديد من الأوساط الأوربية لاتعتبر ان معاهدة نيس تحمل أى طموحات اندماجية فعلية ولا تحل أى من المشاكل الهيكلية والجوهرية التى تعانى منها أوربا، ولكن ظلت تسع دول هى بولندا والنمسا وليتوانيا وبريطانيا واسبانيا والسويد وقبرص تتخذ موقفا مشتركا أعلنت فيه تمسكها الحرفى بمعاهدة نيس وهى نقطة التحدى الرئيسية التى واجهت مؤتمر روما فى عام 2003. وترفض هذه الدول أى تعديلات قد تخل بالتوازنات حينها داخل الاتحاد الأوربى سواء من حيث عدد الأصوات الممنوحة لكل دولة أو تحديد صلاحيات الاتحاد الدفاعية والأمنية والدبلوماسية والضريبية فى المستقبل. وتجمع الأوساط الأوربية فى بروكسل أن معاهدة نيس التى تتمسك بها هذه الدول لن تكون قادرة على منح أوربا أى ثقل سياسى أو دفاعى أو اقتصادى فى المستقبل لأن صياغتها جاءت لاعتبارات سياسية ولانقاذ الرئاسة الفرنسية فى ذلك الوقت.
ولكن الشعوب الأوربية التى رفضت معاهدة الدستور كان من ضمن مخاوفها أن الدستور سيؤدى الى تقليص قدرات الحكومات الوطنية فى نقض قرارات الاتحاد الجماعية والخوف من اعطاء البرلمان الأوربى مزيدا من الصلاحيات على حساب البرلمانات الوطنية.
وفى مقال جرئ قال مدير تحرير مجلة لا فيف اكسبرس الاسبوعية البلجيكية المسيو جاك جيفير فى عددها للفترة بين 10 الى 16 يونيو أن من يقول "لا" لأوربا عليه أن يترك الاتحاد وأقترح فى المستقبل أن حرية قول "لآ" للقواعد الأوربية المشتركة يجب أن يتبعها خيار واضح هو مغادرة الاتحاد. ويرى جاك جيفير أنه على الرغم من مصادقة عشرة دول على الدستور الا أنه يرى أن الدستور قد مات سريريا فى أعقاب الضربة القاضية التى تعرض لها من الرفض الفرنسى والهولندى ومن اعلان المملكة المتحدة فى 6 يونيو تجميدها للاجراءات البرلمانية التى صادقت على تنظيم استفتاء بذلك كان مزمع اجراؤه فى مايو المقبل. ونعت الضبابية التى صاحبت قرار التأجيل باحتوائها على درجة غير عادية من النفاق. وأعلنت لندن رسميا أنها لم تستبعد العودة فى يوم ما عن قرارها وتنظيم استفتاء عندما تتضح الرؤية. ووصف حديث وزير الخارجية جاك سترو بأنه حديث طيب ولكنه خادع حينما قال بجرأة:"ان مستقبل معاهدة الدستور لا تقرره المملكة المتحدة لوحدها." ويرى الصحفى البلجيكى أن حكومة تونى بلير لم تستخدم لباقة كافية للاستجابة لطلب رئيس المفوضية الأوربية والرئاسة الأوربية اللذان ناشدا الدول الأعضاء بالامتناع عن كل التصريحات الفردية قبل أن ينعقد المجلس الأوربى (القمة) فى 16 الى 17 يونيو الجارى. ولكنه يرى أن الحكومة البريطانية، دون انتظار القضاء على الدستور مباشرة باستفتاء خاسر مسبقا فى قول "نعم"، سايرت دون تأخير الأغلبية المناهضة لأوربا وسط السكان وممثليهم. وتساءل عن تحت أى مسمى يمكن وضع الحدث غير الواقعى الذى وقع فى مجلس العموم البريطانى فى يوم الاثنين 12 يونيو حينما بعث أعضاؤه بترحيبهم الحار الى الشعب الفرنسى لرفضه الدستور الأوربى. وتساءل الصحفى مستنكرا:"فى أى بلد توجد أوربا؟" وخلص الصحفى المرموق الى أن لندن بموقفها المتسرع هذا تأمل أيضا أن دولا أخرى يغلب عليها الشك شيئا فشيئا لكى تتبع خطى المملكة المتحدة فى رفض الدستور فى الاستفتاء. ويرى أن القمة الأوربية الحالية تحتاج لمعجزة حتى تتمكن من ايجاد مخرج مشرف من هذا المأزق وتمنى أن تكون شيئا آخر غير المساحيق التى تخفى هذا العجز.
والقمة التى أحبطت بالتراجع حول مصادقة الدستور انغمست فى أزمة خطيرة تتمثل فى اجازة الميزانية للاعوام السبعة القادمة. وعلى رغم الجهود المضنية والتى استمرت لأربعة عشر ساعة الا أن الرئاسة اللكسمبورغية اكتشفت بعض منتصف الليل أن القمة قد أصابها الفشل ذلك حسبما صرحت به للصحفيين:" أن الفشل يعزى لأنانية بعض الدول". وقال المستشار الألمانى شرودر "ان التوصل للاتفاق كان ممكنا لو لا أنانية بريطانيا وهولندا" اللتان رفضتا تقديم تنازلات بشأن حصة المساهمة فى الميزانية التى تبلغ 870 مليار يورو للفترة من 2007 حتى 2013. وقد بدأ بلير فى بداية النقاش معزولا ولكنه استطاع من بعد استمالة هولندا ثم السويد وفنلندا واستغل الموقف المترنح لاسبانيا.
وقال جان كلود يانكر الرئيس الحالى أنه يشعر بالخجل أن الدول التى انضمت أخيرا وهى الأقل فقرا أبدت استعدادها للتنازل عن مطالباتها المالية فى صالح التوصل لاتفاق. أما تونى بلير ففى رده على الهجوم الفرنسى الألمانى عليه تمنى أن تتغير أولويات الميزانية وقال" يجب أن نغير السرعة حتى نساير العالم الذى نعيش فيه."

ولكن يظل أكبر الأخطاء التى ارتكبها الاتحاد الأوربى أنه لم يتحسب أن من بين أعضائه من سيجرؤ على رفض الدستور، على الرغم من التمنع البريطانى الذى لا تخطأه العين منذ رفض بريطانيا الانضمام للعملة الأوربية الموحدة، ناهيك عن توقع أن تكون فرنسا بين الرافضين بل أولهم. والنظم الديمقراطية تعمل دائما بنظام الأغلبية لا نظام الاجماع الذى يعطى دولة ما مثل مالطا الحق فى كبح اجراءت المصادقة على الدستور. والخلاف يتوقع باستمرار فى معظم قضايا الاتحاد التى تتمحور حول المال والسلطة. ولأن العملية شابها كثير من التعقيد لجأت القمة الى كسب الوقت بتمديد فترة المصادقة لعام ونصف العام دون البت فى مصير الدستور الحالى أو مصير من قالوا "لا". أما الميزانية فقد نحرت فى "ضؤ الضحى الأعلى"،،،
للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved