ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
قصة الوزير سبدرات مع أهل الانقاذ بقلم سارة عيسي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 6/18/2005 2:10 م
كلنا نعرف السيد عبد الباسط سبدرات ، هذا الرجل الذي تقلب في كل وزارات الانقاذ وأصبح فصيحها المفوه وخطيبها عند أوان المصائب والحروب ، واذا بحثت في تاريخ هذا الرجل فلن تجد فيه شيئا يذكر سوي أنه كان أحد المبهورين بالتجربة الشيوعية في فترة دراسته الجامعية ، ولعل أبرز المحطات في حياة وزيرنا سبدرات هو دفاعه المستميت عن المايويين في فترة الديمقراطية الثالثة ، ويري بعض الناس أنه شاعر تحت الطلب واخرين يرون أنه صوفي من الدرجة الاولي ولكن المتفق عليه أن سبدرات يجيد لعبة القفز بالزانة للوصول الي مبتغاه ، واذكر للوزير سبدرت ثلاثة مواقف مهمة كان هو الناطق فيها بلسان الانقاذ ، الموقف الاول كان اذاعته لبيان اغلاق صحيفة ( السوداني الدولية ) والتي كان يراس تحريرها الاستاذ محجوب عروة ، والموقف الثاني كان اذاعته لبيان الانقلاب ضد ولي نعمته الدكتور حسن الترابي ، والموقف الاخير هو تبنيه لخطاب المصادمة مع الامم المتحدة حيث اعلن رفض السودان للقرار رقم 1593 ، وقصة عبد الباسط سبدرات مع نظام الانقاذ اشبه بقصة الحجاج بن يوسف مع الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان ، وقف الحجاج بن يوسف في مجلس الخليفة الاموي وزعم أنه رأي نفسه في المنام يذبح عبد الله بن الزبير بن العوام ، فأمر عبد الملك بن مروان بتولية الحجاج امرة الجيش المتحرك الي مكة المكرمة لقتال ابن الزبير ، فانتصر الحجاج في المعركة وحقق حلمه وصلب عبد الله بن الزبير ، يمكن أن تكون المقارنة بين الرجلين غير متوازنة في بعض النواحي ويكمن التشابه في تملق الرجلين للحكام ، فالحجاج استغل نقطة ضعف الامويين وهي خوفهم من تزايد نفوذ عبد الله بن الزبير في اقليم الحجاز وسبدرات أستغل نقطة ضعف نظام الانقاذ وهي حاجتها الي ادلاء السوء من خارج حلقة التنظيم المغلقة ليدافعوا عن عن برامج الانقاذ ، وكما نجح الحجاج في مهمته وصلب أول مولود بعد هجرة النبي في المدينة وهو ابن الزبير فقد نجح عبد الباسط سبدرات ايضا في حملته وذبح الديمقراطية والحرية باسم الحرص علي الوطنية السودانية ، وطريق سبدرات الي السلطة لا يختلف عن طريق الحجاج في شئ حيث يحكي الرواة أنه أخذ معه ابناؤه الثلاثة وذهب بهم الي منزل الترابي في المنشية ، كان الترابي وقتها يمسك بصولجان سلطة الانقاذ ولا تقف في وجهه عقبة ولا تحد نفوذه حدود ، رحب الشيخ الترابي بالزيارة الميمونة وأعتبرها زيارة عادية لا تزيد عن كونها مجاملة عادية وتواصل داب السودانيون علي القيام به في أيام الاعياد والمناسبات ، وكان يمكن لهذه الزيارة أن تنتهي علي هذا النحو لولا أن أستعمل سبدرات لباقته المعهودة والقي علي مسامع الترابي أمرا في غاية الغرابة وقال له ( يا شيخ الترابي أنا خايف علي أولادي يبقوا مثلي ) ، استغرب د.الترابي وتعجب من كلام الضيف اللبق وقال له ( ما شابه اباه ما ظلم فما الضير في ذلك ) فاقترب سبدرات قليلا من المكان الذي يجلس فيه الترابي وبدا يسرد عليه أمورا جعلت د.الترابي يضحك حتي بانت نواجذه ولكنه ربت علي كتف سبدرات ووعده خيرا ، لم يعرف الذين حضروا هذه الواقعة قصة الهمس الذي دار بين الرجلين ، ولكن الذي جري أن سبدرات كان يحكي للشيخ الترابي مخاوفه أن يصبح ابناؤه شيوعيون مثله بسبب اهمال الحركة الاسلامية لهم وضرب سبدرات مثلا بنفسه وقال (( أنا كنت شيوعيا لأن الحركة الاسلامية لم تهتم بي قط ) ، وكانت غرض سبدرات من الترابي اشبه بغرض أبو دلامة عند الخليفة هارون الرشيد ، طلب أبو دلامة من الخليفة كلبا فقط ولكنه نجح في انتزاع فرس ودار وجارية وأعطية مع نفس الطلب ، لأن الكلب اذا اصطاد الفريسة فلا بد من ملاحقته بالفرس ، واذا أمسكت بالفريسة فتحتاج لجارية لتعد الطبخ ، فاذا كان عندك جارية وحصان وكلب فأنت في حاجة الي دار لتجمع كل هولاء ، واذا حصلت علي الدار فأنت في حاجة الي أعطية ثابتة من أجل الصرف علي كل الذين يجمعهم سقف الدار ، كان أبو دلامة ذكيا وبدأ طلباته بأيسرها تحققا وترك الصعب منها في أخر القائمة حتي لا يمل الخليفة من كثرة طلباته وكذلك فعل الوزير سبدرات مع الشيخ الترابي حيث طلب منه التوسط من أجل ادخال ابناؤه مدارس المركز الاسلامي الافريقي ليقيهم شر فتنة الوقوع بين براثن الشيوعيين ، وفهم الشيخ الترابي مغزي الطلب البسيط واوعز بالاستعانة بخبرات عبد الباسط سبدرات القانونية في أروقة المجلس الوطني وكانت هذه بداية الانطلاق وبعدها فتحت له دنيا السلطة أوسع ابوابها ، فهجر مهنة المحاماه وتفرغ للعمل السياسي في نظام الانقاذ بحماسة شديدة ، وشغل العديد من المناصب خلال خمسة عشر عاما من غير أن يتعرض للاقصاء أو التنحية ، أدرك عبد الباسط سبدرات بحسه الذكي من أين تؤكل الكتف ولجأ لزعيم الجبهة الاسلامية ورجلها القوي أنذاك لينال جزءا ولو يسيرا من كعكة السلطة التي تقسمها الانقاذ بين محبيها وخدامها ، ومن القرارات المثيرة للجدل والتي أتخذها عبد الباسط سبدرات نيابة عن سلطة الانقاذ هو قراره بارسال طلاب الشهادة السودانية المتدربين في معسكرات الدفاع الشعبي الي مناطق التماس في الجنوب وذلك عندما كان وزيرا للتربية والتعليم ، سبب هذا القرار أزمة نفسية وصدمة للأمهات وتحت ضغط شعبي تراجعت الدولة عن هذا القرار ولكن الوزير الهمام كان يري أن الدولة حرمت الطلاب من نيل الشهادة في سبيل الله ، كان سبدرات متحمسا لبرامج الانقاذ أكثر من الانقاذ نفسها ، وعندما بدأت تطل نذر الخلاف بين الترابي وتلامذته انتظر سبدرات هدوء العاصفة حتي ترسي سفينة السلطة علي شاطئ واحد ، وكما نعلم كانت الغلبة للمؤتمر الوطني وعندها قرر سبدرات مواصلة عمله مع الفريق الفائز و الكفر بأنعم الدكتور حسن الترابي والذي أوصله الي هذه المكانة الرفيعة ، اختار سبدرات الجانب الذي يضمن له أن يكون خادم الانقاذ لبقية حياته ولم يختر جانب الاحتراب ومواجهة الدولة ، أثبت سبدرات أنه اذكي من الجميع ، والتقلبات الجديدة حولته الي نجم ساطع يلمع في سماء الانقاذ ، يقول المثل ان القداسة تموت في ابواب السياسة وهذا هو حال النخب السودانية علي الدوام ، لم يعرفوا القداسة طيلة حياتهم والسياسة عندهم هي الجلوس علي كرسي السلطة الدوار حتي ولو للحظات قليلة ، نسي سبدرات أنه سعي الي الشيخ برجليه من أجل أن يخلص ابنائه من شبح الشيوعية فقام الشيخ بالواجب وزاد عليه كيل بعير وجعله جزءا من منظومة الانقاذ ، ولكن سبدرات لا يعتبر أن جزاء الحسنة حسنة مثلها ولذلك قرأ خطاب تنحية الترابي عن سدة رئاسة المجلس الوطني ، وهناك طرفة يحكيها الذين زاملوا سبدرات في الجامعة بأنه طلب من الذين يشاركونه السكن نشر خبر كاذب في الجامعة مفاده بأن سبدرات قد مات !! وذلك ليعرف وقع الخبر علي الجنس اللطيف وليعرف ايضا كيف تبكي عليه البنات في الجامعة !!! و ليس غريبا أن تضم الانقاذ في تركيبتها السحرية شخصا غريب الاطوار مثل عبد الباسط سبدرات ولو بحثنا تاريخ كل الذين عملوا معها فسوف تجدهم لا يقلون غرابة في السلوك عن وزيرنا سبدرات ولنا عودة سارة عيسي [email protected] المقال القادم : دراسة لشخصية اللواء الركن المهندس عبد الرحيم محمد حسين
للمزيد من االمقالات