![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الإستقالة الإجباريـــــــــــــة1
17.6.2005
الأيام المنصرمة شهدت الكثير من الحديث حول إستقالة وزير الداخلية السوداني عبدالرحيم محمد حسين أحد صقور القصر الجمهوري بعد الملابسات التي أحاطت بقضية إنهيار مبنى المعامل الطبية بجامعة الرباط الوطني , و قد شغل هذا الأمر الشارعين العام و السياسي معا و بدأ الصحفيين و المحللين بإعداد رؤوس أقلامهم للكتابة عن هذا الأمر ,و قد آثرت أن أعرض وجهة نظري في هذا الأمر.
يبدو للجميع أن تحقيقات اللجنة التي كونها وزير العدل بتاريخ 1.3.2005 قد وصلت إلي توجيه ما لا يقل عن التسع تهم ضد المقاول و المركز الإستشاري لوزارة الداخلية بل و قد وصل الأمر إلي نيابة مكافحة الثراء الحرام و التي ما إن يورد إسم شخص فيها حتى يتم تصنيفه من قبل العامة في السودان بأنه آكل سحت و حرام حتى لو كان بريئا فيمكن أن نسميها نيابة محرقة السمعة للبريئ و غيره.فقد برأت هذه النيابة الوزير حسين من تهمة إستغلال الوظيفة العامة و خلصت إلي أن تشييد منزل الوزير كان وفقا لعقد واضح بينه و بين المقاول .
كل ما سبق تناولته وزارة العدل و الجهات القضائية الرسمية في البلاد من وزير العدل إلي لجنة التحقيقات المكونة من قبله, و لكني أريد أن أخوض في هذه القضية في إتجاه آخر و هو هل فعلا أحس الوزير بأنه قد بدر منه تقصير في حق المواطنين بأنه قد عرض حياة المئات للخطر فقدم إستقالته وفقا لهذه الأسباب كما يفعل أقرانه في الدول المتقدمة ؟؟؟؟و الإجابة في نظري من حرفين لا! و لا تتعجبوا لأن كل الدلالات تدل على أن هذا الرجل ليس لديه أي نوع من أنواع الإحساس بالذنب أو المسؤولية الأدبية أو السياسية كما قال هو في بيانه تجاه المواطن السوداني , فقد لا حظنا أن المقاول المتهم في القضية من أقرب الأقربين للوزير عبدالرحيم محمد حسين و شركته رويال الهندسية هي المسؤولة عن جميع منشآت وزارة الداخلية في جميع ولايات السودان و قد أزكم فساد هذه الشركة و راعيها الوزير نفسه الأنوف و شاع عنها الكثير و المثير من الأقاويل طيلة السنوات الفائتة,بل و إن جميع اللجان المختصة في الوزارة تعلم أن المقاول قريب الوزير صاحب كل العطاءات التي تخص الوزارة مقدما و إلا ما شاء الله , لذا فإن كان يود الوزير تقديم إستقالته فلماذا لم يقدمها منذ سنوات و الفساد قد طاله منذ وصوله للوزارة ؟و قد أشار الأستاذ عثمان ميرغني من قبل إلي هذا الملف مشيرا إلي أن الوزير أصبح يتعامل مع الوزارة و كأنها أحد أثاثاته المنزلية , و لكل ما سبق لا نريد أن تدق الطبول الصحفية الإنقاذية و تملأ الصحف بأحاديث مملة و مثيرة للحفيظة عن نكران الذات و السابقة الأولى من نوعها منذ الإستقلال حول من إستقال! و ما شابه ذلك من الحديث لأن الوزير عبدالرحيم محمد حسين قدم إستقالته مجبورا!!!!
إن هذا الأمر أخي القارئ الكريم أكبر من سقوط بناية المعامل الطبية في مدينة بري فقد قمت بجمع خيوط العملية السياسية التي تجري على الساحة السياسية في السودان و ربطها مع الوزير و توصلت للآتي:
يعتبر المهندس(دبلوم ) عبدالرحيم محمد حسين من المقربين جدا لما يسمى بجناح البشير داخل القصر الجمهوري و يكاد يكون العالم بكل صغيرة و كبيرة عن حياة الرئيس السياسية و الخاصة و كاتم أسراره الأول و هو أيضا من أقوى صقور جناح البشير و لذلك فإن البشير يثق في الرجل ثقة عمياء فأصبح في السنوات الأخيرة من رجالات الحل و الربط بالنسبة للبشير و بالرغم من أن الرئيس نفسه بعيد عما يدور في البلاد و لا يدري كيف تدار البلاد إلا أنه يتمتع بتأييد عال في المؤسستين العسكرية و الشرطية أكثر من عدوه الخفي علي عثمان محمد طه , فأصبح عبدالرحيم يجمع ما بين ثقة الرئيس و الطاعة العمياء للنائب الأول , و لم يكن هذا الأخير مستمتعا لما يجري من قبل هذا الوزير داخل أروقة صقور القصر فإنه يخطط لعدة أمور في الخفاء و يعتقد أن هذا العبدالرحيم أحد معوقاته لتنفيذ مخططاته .و قد كان النائب الأول يخطط لهذا الأمر منذ أكثر من أربع سنوات , إلا أن إزاحة رجل مثل عبدالرحيم ليس بالأمر السهل و السريع لذا تطلب الأمر الكثير من الوقت من النائب الأول ليخطط فالقيام بهذه الخطوة كان صعبا مع الترهلات التي يعاني منها النظام و ضعفه في الأداء و صورته السيئة في الإعلام و تربص المعارضين السياسيين بالداخل و الخارج و الحركات المسلحة في الشرق و الغرب بالنظام و إغتنام نقاط ضعف النظام ,كلها أسباب أسهمت في تأخير إزاحة الرجل ,و لذلك آثر الثعلب المكار علي عثمان محمد طه علي تنفيذ مخططه الخطير تجاه الرجل ليقوم بعملية Burning له ؟ و سوف نعرف في المقال القادم ما هو السناريو الذي حدث لإزاحة الرجل .
عبدالله عثمان الفــكي
[email protected]