لقد كتبت في مقال سابق أن دولة قطر من كثافة الوجود المتناقض علي أراضيها اشبه بجزيرة توم براندو في فلم جزيرة الحيوانات ، فدولة قطر تستضيف في أراضيها المتناقضات الفكرية من ألوان القوميين العرب والاخوان المسلمين والبعثيين ، وفي ركن منفصل وغير بعيد عن موقع قناة الجزيرة يقبع خمسون ألفا من مشاه البحرية البحرية وهم ينتظرون الاوامر من أجل اجتياح الدول والبلدان العربية والاسلامية ، وذلك بالاضافة الي وجود مكتب كامل للمخابرات الامريكية والمباحث الفدرالية ، وفي السر يوجد مكتب اتصال بينها وبين الدولة العبرية ، كما أن قناة الجزيرة والتي ترعاها وزارة الخارجية تتمتع بحرية الحركة والتنقل داخل اسرائيل و تحسدها في ذلك قناتي ال CNN و ال BBC ، وفي أزمة تمزيق المصحف الشريف داخل السجون الاسرائيلية أستطاعت قناة الجزيرة أن تحقق سبقا صحفيا ونفذت من خلال القضبان الحديدية وأجرت لقاءت حصرية مع ادارة السجون والسجناء داخل داخل سجن عسقلان الرهيب ، وقطر هي المقهي الرحب الذي تلتقي فيه المخابرات الدولية من كل أنحاء العالم ، وهي توفر المكان الامن للضحية والحصانة للجلاد ، غرر بالسيد سليم باندريف رئيس جمهورية حكومة الشيشان السابق للمجئ الي دولة قطر حيث لقي حتفه علي يد المخابرات الروسية والتي عجزت عن اصطياده في العواصم الاوربية ، ان استدراج الضحايا سمة بارزة من سمات الدولة القطرية والتي تبني مجدها علي الاعلام والاثارة ، وخلال حرب الخليج الثالثة لم تجد الولايات المتحدة مكانا مناسبا تمارس فيه الدعاية الحربية غير جزيرة قطر ، وكلنا نذكر المركز الاعلامي والذي كان يعلن فيه العميد فينست برونكس تقدم قوات المارنز جنوبا من أجل احتلال عاصمة الرشيد ، , كما أن قطر اصبحت مرتعا وملاذا أمنا للتنظيم الدولي للأخوان المسلمين ، فالقرضاوي يفتي بالليل والنهار في قناة الجزيرة عن ضرورة محاربة الصليبيين والمرتدين والثورة علي الحكام الطغاة ولكن عدساته السميكة لا تري قيام أمير قطر بنزع الجنسية القطرية عن قبيلة عددها ستة الاف فرد وتاريخها في قطر يعود لأكثر من مائتي سنة ، ونتيجة لسياسة التحريض والغمز السياسي أوصدت العديد من الدول العربية ابوابها في وجه قناة الجزيرة ، وذلك لأن تغطياتها أتسمت بالانحياز الي طرف واحد خلقته الرؤية الفكرية المسبقة لأغلب المذيعين الذين يعملون في هذه القناة ، فبعضهم من القوميين العرب مثل فيصل القاسم واخرين من الاخوان مثل أحمد منصور ، بعد نهاية نظام صدام حسين كانت قناة الجزيرة تبث حلقات حية عن الرعب والذبح الدموي شبيه بمسلسل ( جايسون وليلة الجمعة الثالثة عشر ) كما أنها رافقت الارهابيين في معركة الفلوجة الاولي ، ولم يجد الساسة في العراق طريقة أخري من أجل التعامل مع هذه القناة والتي قسمت العراقيين الي وطنيين وخونة غير اغلاق مكتبها ، تم اغلاق مكتب الجزيرة في بغداد والاردن والكويت ونواكشوط والرياض والمنامة وحتي في القاهرة بدأت السلطات تشعر بالضيق من التغطيات الاعلامية المنحازة التي يعدها أخوان الجزيرة وتتصدر عناوين اخبارها الرئيسية ، وفي السودان نجد ان قناة الجزيرة تدس أنفها في الشأن السوداني وتدعم نظريات النظام في كل الازمات التي يواجهها ، وتغطيات قناة الجزيرة للشأن السوداني لا تختلف عن تغطيات تلفزيون السودان ، فخبر رحلة الجنرال قوش الي الولايات المتحدة عن طريق طائرة نفاثة لم تشر اليه قناة الجزيرة من قريب أو من بعيد وهي القناة التي تسلط ضوءها علي العملاء والخونة في العالم العربي ، وفي أزمة دارفور تجاهلت هذه القناة تقارير الاغتصاب الجماعي وألتزمت جانب الصمت والذي يفسر بأنه دعم ضمني لمواقف السلطة ، وخلال هذااليوم أعدت قناة الجزيرة استفتاء علي الشبكة الالكترونية ليصوت المتصفحين هل تؤيد المحكمة الجزائية الدولية في السودان أم لا ؟؟ ولم تمض نصف ساعة حتي صوت 80 % من المشاركين بعدم ثقتهم في هذه المحكمة ، وقناة الجزيرة تحاول الان وعن طريق الاعلام انقاذ نظام الخرطوم والذي فشلت حملته الاعلامية في التغطية علي جرائم الحرب في دارفور ، وقناة الجزيرة تدعي الحيدة والموضوعية ولكنها بذلك العمل تضع سمعتها ومكانتها الاعلامية في سلة المؤتمر الوطني والذي يبحث الان عن قشة تنقذه من غرق محقق في اضابير المحكمة الدولية ، ولن تخدم هذه الخطوة المدسوسة النظام لأن الضحايا معظهم لا يعرفون القراءة والكتابة ناهيك عن تعلمهم مهارات الانترنت والتي تمكن مخادع واحد من التصويت الاف المرات ، أن قضية دارفور ليست قضية اعلامية ليثبت فيها الجميع قيمهم الوطنية بالوقوف الي صف النظام المعزول والذي تحرق شرطته الجامعات في سبيل البقاء في السلطة ، ان قضية دارفور هي قضية اخلاقية وقانونية وجل الضحايا لا يعرفون الفذلكة في وسائل الاعلام أو قراءة التقارير من الشبكة العنكبوتية ، بل كانوا أناس بسطاء تعرضوا للذل والاغتصاب في عقر دارهم ، فاذا كانت قناة الجزيرة ومن خلفها المستشار السياسي لأمير قطر الشيخ القرضاوي حريصون علي بقاء نظام المشير البشير فلماذا لا يجرون عملية مصالحة بين ولي العهد الشيخ حمد وابيه المخلوع الشيخ خليفة ، فاذا لم تكن مصالحة سياسية فلتكن مصالحة عائلية يتحقق فيها البر والاحسان ، ولماذا تركز القناة علي خبر اعتقال الشيخ المتشدد سعيد بن زعير في السعودية و لكنها تجاهلت عن عمد خبر اعتقال حفيدة عثمان دقنة ( ولبوة ) الشرق الدكتورة أمنة ضرار من قبل المخابرات السودانية ، ان الجزيرة تبث اخبارها وفق مدرسة سياسية مسبقة ولا تتقيد بمعايير بالحيدة والموضوعية الصحفية ، وهي تحاول حماية نظام سئ السمعة يعتقل النساء ويحرق الجامعات ويقصف المدنيين بالطائرات يا تري ما هي الحسنات التي تراها قناة الجزيرة في نظام الخرطوم وعجزنا نحن في السودان عن رؤيتها ؟؟
ولنا عودة
سارة عيسي
[email protected]