السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رؤية درامية. فى رثاء أبونا الفاضل سعيد وختام مشهد رحيله الدرامى بقلم سيف الدين صالح هارون-مخرج متعاون بتلفزيون سى تى 15 بمنسوتا- الولايات المتحدة الأمريكية..

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/12/2005 1:01 م

بسم الله الرحمن الرحيم

رؤية درامية

فى رثاء أبونا الفاضل سعيد وختام مشهد رحيله الدرامى


أضاءة مركزة على بقعة مسرح خالى الا من كواليس سوداء وخلفية رمادية على عمق الخشبة .

صوت موسيقى جنائزية حزينة تنساب من براح صالة مظلمة تختلط فيها بأصوات الملايين من المحبين ورفاق المهنة من مسرحيين وصنوهم من فنانين منتحبين أجزعهم مشهد نعش فنان مسجى على خشبة مسرح كان يحلم يوم ما بأن يكون مسك ختام رحلة مهنة آمن بها أرقت سنين المسير.

منلوج :

أذهب أيها المتمحور فى مفاصلنا غنوة الى بارئك فقد قررت الرحيل . لما تفاجئنا بسرعة القرار؟ هل تعب جسدك الهزيل من أرق السفر المضنىء ؟ أم دعاك داعى الى اللحاق بمن سبوقك دون استئذان منا الى معالى رحاب أوسع يخلوا من أمراض من ورثوا الأرض وزينوا فيها قصور ملك لايدروا أنه يغشوه الزوال.

كورال :

انه الى جنات خلده سائر ، أتعبه المسير . صلوا له احرقوا البخور. شيدوا له على الساحات مسارح . اقرعوا النوبات وحلقات الدراويش .

منلوج :

مالى أراك صامتا اليوم ؟ لم نعهدك كذلك . أين صوتك الجميل المنساب فى اسماعنا ؟ أتريد ان تقتل الفرحة فى قلوب محبيك ؟ أم تريد أن تزيد من وتيرة ايقاع الحزن العام فى وطننا الجريح؟

كورال :

أخرج أيها النائح البقيض من خشبة هذا المسرح القدسى . أتركه وشأنه يواصل مرقده السرمدى . فهناك ملائكة فى انتظار قدوم موكب نعشه الجليل . أذهب تحفك زغاريد بت عمسيب ، فتحية ، تماضر،نعمات ،وآمنة أمين .

منلوج :

أخرسوا ألسنتكم أيها النائحون على سفر رفيق نرقب فى ملازمة موكبه الجميل . دعونى أبلل بياض كفنه بمثخن دمع يؤججه حر الفرقة وأسى الرحيل.

ترانيم :

الله يازمنا توشح بظلمة الليل المريع . أواه ياقلبا تقطعه حرقة الأسى والجذوع . رحماك يارفيق فى العلى، من مغبة الفقد الجليل . واحفظ لنا ما تبقى من ملائكة ابداع فى زمن القهر واحتضار القيم .

منلوج :

اسكتوا هذا الغناء المهزىء . دعونى اغازل سموغ قامته. ابرحوا لى مكان لاقبل وجهه البرىء. اوقفوا قطار مشواره المتسارع الى منتهى رحلته الاخرى؛ لم يحن بعد زمان الرحيل .

منلوج :

أصمت أيها المأفون بولع حبه ؛ فانه قد أحزم حقائب سفره الى محطات أبدية؛ مسبوق لها برفاق درب طويل. آثروا الرحيل المبكر دون أن يحظوا منا بحرارة الوداع وعناق المحبين .

كورال :

أفصح أيها الشقى عن مكنون الحديث؛ واخبر جموع الثكالى من نائحات من ممثلات، مصحوبات بجوقة ممثلين. ومغنيين يتبعهم الغاوون من شعراء. وأخريات من فنانات ومغنيات يتقدمهم موسيقيين؛ يتراقص حزنا على أنغام لحنهم الجنائزى، راقصوا فلكلور شعبى؛ يزين أجسادهم الرائعة مبدعوا أزياء ومكياج . تجلت روعة فنونهم من خلال مصابيح ضؤئية؛ رسمها فنانوا اضاءة ومهندسوا ديكور.

منلوج :

انهم موكب حزن رائع بهيج. تقدمهم مشايخ طريقة نحن على دربهم سائرون . منهم الجعفرى ، العميرى ، خورشيد ، عيسى تيراب ، مكى سنادة ، عوض صديق، يس عبد القادر، والرائعة البافية دوما نعمات هارون .

ترانيم :

هم السابقون ونحن من بعدهم لاحقون - انا لك وانا اليك راجعون، ارفق بنا من جور زمان ومحنة مصاب. واحفظ ما تبقى لنا من ورود تزبل قبل موسم نضوجها، ويموت بداخلها رحيق الحياة.

كورال :

رفرفوا فى العوالى نحن نعلمهم؛ فهل لك من مزيد قبل وداع موكب شيخنا الأخير.

منلوج :

نعم وبكل شك آخرون نحن نعلمهم والله عالم بما عملوا - رائعون أسرعوا خطاهم همو أيضا - مصطفى سيد أحمد- مغرد لحننا الحزائنى ومدوزن انشودة فقرنا الطويل .النابغة عبدالله أميقوا المبكى عليه بما خلف بناى كسير. رسم من بعد رحيله المبكر معلم طريقا ابداعى لرفاق دربه من دارفور ليهتدوا به، تجلت فيه روعة - حواء رمضان - ورفاقها ، من تراث دارفورى غنى؛ لولاه لما وجد طريقا لظهور. و أحمد الجابرى - الذى سقط فى منتصف الطريق، فى مشهد حزن عجزنا فيه فى زمن الخزىء حتى من أن نتمكن من ايجاد فاتورة الدواء التى تجنبه سوء المصير. وآخرون كثر نفسح لهم براح فى زمن لاحق حتى نتمكن من اقامة تأبين يليق بمقام قاماتهم فى أزمنة يموت فيها الفنان جوعا وغبنا ومفاصل الوطن يؤرقها حزن الحريق.

ترانيم مصحوبة بجوقة كورال مكونة من رفاق المسيرة من قبيلة الموسيقيين والمسرحيين وعموم أهل الابداع .

بقعة ضوء (سبوت لايت) مركزة وسط وسط خشبة المسرح. مدرج يتوسط الخشبة(بلاتفورم) عليه عنقريب مخرطة بنى اللون. برش زاهية ألوانه يتمدد عليه جسد راحلنا الكبير، ملفوف ببياض كفن يفوح منه عبق مسك وبخور. وعلم سودانى تحفه باقات ورود نمدده على جسده الطاهر بكل فخروالكل محيط به فى مهرجان حزن فنى منشدين ترانيم الوداع الأخير.

الأغنية :

تبكيك الجوامع الاتبنت ضانقيل. يبكيك أبو المسارح (القومى) يوم أن أشعلت مصابيح انارته فى زمن التوجع والعويل . تبكيك البوادى والمدن التى حولت مواسم حزنها الى موكب فرح نبيل . تبكيك المرافى التى ضجت أزقة مدنها باسراب مبدعين أرقهم أسى الرحيل.

صدى صوته :

كفكفوا دمعكم المثخن بجراحات الحرقة والأسى . أحفظوا ماتبقى لكم من بواقى أغنية ونشيد . لاتفزعوا سكون مرقدى فانى الى عوالم أخرى ذاهب .أذهبوا أيها المغضوب عليكم فابحثوا عن مصير . فانى مقتفى أثر أصحاب رحلوا عندما أتعبهم مشاق البحث عن أمل الخلاص وفرحة الفقراء المقلوبين .فان حلمكم بمسرح تجلسون على خفوت مصابيحه قد ذهب مهب الريح . فابحثوا لكم عن سلوى تخفف آلام حزنكم فى عوالم أخرى .أو واجهوا ذلكم المصير الذى لامحالة أنتم اليه سائرون.

كورال :

هون عليك شيخنا الجليل فان الذى كنت تبقيه باقى فى رقابنا دين علينا نسديه . وان حلمك النببيل يبقى نبراسا نهتدى به ومشروع نؤسس له رقم ديجور أزمنة التيه .فلا تفزع من مغبة سحب تفتتها شمس الشروق.

أضاءة كاملة :

بخطوات متعترة من اسفل الصالة أصعد من خلالها خشبة المسرح متجها من اسفل يمين المسرح متجها الى وسط وسطه ؛ محنيا ظهرى- قابضا على أحدى أرجل العنقريب. ملقيا نظرة أخيرة مودعا فيهاشيخا مسرحيا جليلا و صديقا عزيزا، عرفته منذ بداية مشوارى مع مهنة المتاعب والشقى . عندما كنت حيالها من الذين كانوا ملقى على عاتقهم أمر الثقافة والفنون باقليمنا الشرقى الحبيب؛ وحاضرته مدينة الجمال وسحره - كسلا - الحاضنة لوادى القاش وشامخاته مكرام وتوتيل. المحروسات ببركات أبوجلابية وسيوف رجالات البجا المشهورة دوما بعزة أوهاج وأدروب. حينها كان فقيدنا وفرقته المسرحية من المداومين بتعطيرسماء مسرح تاجوج (الذى أفخر بادارته قبل أن أجبر منه على الرحيل) . فكانت لحظات أسعد فيها بصحبته امتدت الى رحاب أوسع شملت الأسرة والتى كان يحرص فيها أن أتشرف بزيارتها ببحرى فى مسار طريقى للخرطوم . قبلة طويلة أرسمها على جبينه المبتسم - مع صمت كامل يعم أرجاء الصالة. قطرتا دمع تتدلان من المحجر، تسقط احداهما على خشبة المسرح . تصادف انعكاس ضوء خافت؛ يكون مفتاح وعلامة لمهندس الاضاء ليقيوم باظلام تدريجى كاملا مصحوبا باسدال الستارة الأمامية ايذانا برحيل احدى الشوامخ الابداعية المسرحية فى زمن نحن أحوج اليه فيه لما أصاب فيها الحس الفنى من ضمور وتخيم على أنسجتها من بوار وفتورأقعدها عن روح الدعابة البريئة وروح الأصالة ومفهوم التغيير. نسأل العلى القدير أن ينزل رحمته عليك ويلزم زوجتك الصابرة وأفراد أسرتك المبدعين السائرين على طريقك الصبر الجميل؛ ولرفاق دربك من مبدعين السلوى وحسن الثواب.

أبنك وصديقك المكلوم برحيلك.

سيف الدين صالح هارون.

مخرج متعاون بتلفزيون سى تى 15 بمنسوتا- الولايات المتحدة الأمريكية.

C TV 15 - Roseville - St.Paul - Minnesota - USA

Tel # 612- 327- 3389

email - [email protected]


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved