السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حوار اللغة العربية: رداً علي جوك بيونق اللور، مبارك ابراهيم الحاج، عبدالرازق والأستاذ محمد علي النغرو بقلم بريمة محمد أدم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/11/2005 11:14 م

حوار اللغة العربية: رداً علي جوك بيونق اللور، مبارك ابراهيم الحاج، عبدالرازق والأستاذ محمد علي النغرو


بريمة محمد أدم/ واشنطن
[email protected]

الأخوة محمد وأبراهيم وعبدالرازق وجوك لكم ولقراءنا الذين يتابعون هذا الحوار علي أمتداد الكرة الأرضية ألف تحية. فهولاء الشباب المثقف الواعى بقضايا وطنه وهمومه، هم عزة السودان وزخرة، وبقدر ما أفخر، وكل منا يفخر بسودانية وطنيته، تنقصنا جمعياً النظرة الموضوعية، وكلنا يأخذ الأمر من زاويته الثقافية، ليس هناك تجرد في الطرح. وما أعنيه بالتجرد هنا، أن نضع المصلحة العليا نصب أعيننا، تأتى الحكومات وتذهب، كنا معها أو ضدها ليس ذى معنى، وليبقى الولاء لهذا الشعب (الشعب السودانى) بكل ألوانه، أثنياته، قبائله وأقاليمه، تلك هى خلاصة فكرى ومصب جهدى، يجب أن نؤسس لوطن يسع الجميع. وقبل أن أخوض في حوارى، دعنى نبدأ بسؤال الأخ أبراهيم، من أى الأراضى أنت؟ أنا من أبناء جنوب كردفان، قبيلة الحوازمة، بحكم نحن رعاة، تجدنا نلتقى مع أبناء الجنوب في أحواض بحر العرب وبحرالغزال لفترة تتراوح ما بين أربعة إلي سته أشهر خلال العام، ونلتقى مع الجلابه في كردفان فى مدينة الأبيض وما جاورها لمدة شهرين إلي ثلاثة شهور في العام، ونظل كل ما تبقى تحت مظلة الجبال في جنوب كردفان، هناك حوالى 70% من الرعاة في هذا الجزء من السودان يستقرون إستقرار دائم في الجبال. ففى هذا الأطار من الذى ينكر أن مصالحنا الأقتصادية، السياسية والأجتماعية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالمجموعات السكانية التى نساكنها، وذلك شأن كل القبائل السودانية فهى تتداخل تداخل معقد من خلال الأنصهار، الصلح القبلى، والمصالح الأقتصادية. من الذى يتخيل أن القائد المسلاتى (النوباوى بالقيادة) عبدالعزيز الحلو أن يصبح يتحكم في مصيرنا في جنوب كردفان، وهذا يكفي في هذا المجال ومقالاتى خير شاهد علي جدلية الأمن القبلى التى تعنى أمننا القومى، أى قبيلة فقدت أمنها يعنى أن القبائل المجاوره لها سوف تفقد أمنها أيضاً، مما يعنى فقدان الأمن القومى.
ومن هذا المنطق أجد نفسى مهمش المهمشين من بين المتحاورين وإن ظلم أهل القربى أشد وأمر بحسبان إننى عربى، ولكن كل ذلك (كوم) وتأسيس الوحدة علي أسس متنية وصلبه وقواسم مشتركة يلتقى عندها الجميع شئ أخر تماماً. ومن هذا المنطلق أدافع عن شئ أثبت وجوده وعمليته وتعقلمه علي كل بقعة في أرض وطننا الحبيب، فأبراهيم المسلاتى في أقصى الغرب، بريمة البقارى في الوسط، جوك الجنونى، وأدروب في أقصى الشرق، ومحمد عثمان المحسى في الشمال يلتقون جميعاً بلسان واحد، هو اللغة العربية، تلك الحجة وحدها كفيلة بدهض إدعاء المدعين علي عدم إستيعاب اللغة العربية للمستجدات وفي نفس الوقت يؤكد ضعف اللغات المحلية التى لم تستطع تحقيق ذلك الأنتشار الواسع للأسباب التى أستفضت فيها في مقالى السابق.
فالأخوة النغرو، عبدالرازق، جوك وأبراهيم، ينطلقون من أرضية واحدة هى سلب الهوية التى تمثلت في تحجيم دور اللغات المحلية، فهل إنبعاث اللغات المحلية ووجود اللغة العربية متناقضان أم يمكنهما أن يتعاشا كما تعايشت اللغة العربية معها جنباً إلي جنب. أنا لا أرى أى مانع من التعايش، بل حقيقةً التعايش مستمر وحتى لحظة هذا الحوار وما بعده ولا يحتاج إلي تنظير فالأمر قائم، إذن ما هذه الضجة التى يدعيها إبراهيم بأن تذهب العربية إلي الجحيم وتلك التى يدعيها جوك بأن لن تذهب العربية قبل أن يذهب أصحابها، حرب شاملة علي كل من يتحدث العربية. كل ذلك مرده إلي الغبن الذى تولد بسبب الأستئثار بالموارد والسلطة، ذلك هو بيت القصيد في الحرب القائمة وقد عرف السودان شماله وشرقه وغربة وجنوبه بهذا الخلل المأساوى الذى يقودنا إلي هاوية تبتلعنا جميعاً إن لم نتدارك أنفسنا، ولكن لن يكن ذلك التدارك علي حساب مقومات وحدتنا الوطنية التى ثبتت بمالا يدع مجال للشك ومنها لغتنا الغربية.
وليسمح لى الأخوة بالعودة إلي جوك، أخى جوك أنك لا تحاورنا ولكنك تفرض علينا رأياً مسبقاً، وإلصاق ما تريد دون وجه حق، فما شأنى بالرئيس عمر البشير أو الأمام الصادق المهدى، فإنت ترى كل فصيلة من الطيور ذات لون المنقار الواحد بأنها طائر واحد، هذا الشمول المخل هو الذى عطل الحوار وقاد إلي الأفلاس الفكرى، ما رأيك في قيادات أبناء الشمال (وأقصد شمال جنوب) التى قاتلت إلي جنباً إلي جنب مع أبناء الجنوب حتى أنتصر، لماذا قاتلت معكم، هل ترضى لنفسها تسومها سوء العذاب بهذه اللغة الفجة، هل لأنهم مشردين ضاليين آواهم الجنوب أم أنهم يرون في قضية الجنوب قضية السودان أجمع؟. وبقدر ما أنتج الشمال من عقول فقد أنتج الجنوب ولقد ذكرت أنت منهم فرانسيس دينق، ما الذى يجعل فرانسيس دينق أفضل منك؟ وما الذى يجعل د. جون قرنق أكثر رقياً حتى مع الذين يحاربهم. فالقوة تكمن في قوة الحجة والدليل والبرهان وليس توزيع التهم (والشتائم) جزافاً، فالبندقية التى تتحدث عنها من أصبح يخافها والموت الذى ترعب به الأخرين من أصبح يخشاه، تلك الأشياء أصبحت مألوفات في حياة الشعب السودانى حتى مللناها، فكان لزاماً علينا جميعاً أن نتحاور ومتى ما ركنت إلي الحوار ذلك يعنى أنك تملك نصف الحقيقة وليس كلها إن لم يكن أقل من نصفها. وفي هذا الحوار الذى أنت فيه معنا لن نقبل منك غير طرح يؤسس لوحدة تامة للسودان شماله وجنوبه، ومن تطلع إلي الثريا لوصلها، وكل ما دون ذلك يستوجب الأخذ والرد ومن ذلك اللغة العربية التى نضعها علي طاولة الحوار وسوف تثبت جدواها، فهل أنت بمقدار هذا التحدى وتطرح رأيك للأخذ والرد أم تظل تتصلب كما كنت في مقالاتك الماضية؟ ثم نسألك ما شأننا بالعرب، يعترفون بالسودانى ام لا يعترفون؟ هل ذلك يظل سبب نقتتل نحن السودانين من أجله؟ وهنا نكته أقولها لك من حديث د. جون قرنق، سأل د. جون لماذا قبلت بأستثناء الجنوبين من الشريعة في الشمال ولا تطالب بألغاءها؟ فماذا قال: الشريعة تعنى الحدود، قطع الرجل واليد، ومن الذى تقطع يده ورجله ثم أجاب الأنسان الحرامى وأسطرد يقول ما أردت حمايتة هو الحرامية الجنوبين، ولكن ما الذى يدعى الحرامى الجنوبى، والحديث للدكتور، يذهب إلي مكان تقطع فيه رجله ويده مادام هنا في الجنوب لا تواجهه تلك المشكلة. هذا الحديث يعنى أعتراف الدكتور بثوابت يجب التعايش معها. فهل هذا يعنى شئ للأخ جوك بشأن اللغة العربية سواء كان في شمال السودان أو جنوبه؟
نعد للأخوة أبناء المساليت، لقد أخرجتم حديثى عن محتواه وموضعه، ما أتحدث عنه هو ضعف الرباط الثقافي لقبائل المساليت ببقية لغات السودان الأساسية ومنها العربية، ذلك لا يعنى أنى أنفى وطنية المساليت كشعب سودانى أصيل، ولعل لو أجبتم في الأتجاه المعاكس لأجابتكم تكونوا أصبتم الحقيقة، أى هل الشعب السودانى موحد ثقافياً حتى يكون هناك ضعيف أو قوى ثقافياً؟ هل حقيقة لدينا مشاعر وطنية موحدة؟ هل لدينا تأريخ موحد حتى نكون وحدة متجانسة ثقافياً؟ تلك كلها أسئلة مشروعة. دعنى نقتبس هذه النبذة التأريخية عن خلفيتنا الثقافية من مقال سابق لى: ( السودان علي مر تأريخه القديم لم يكن دولة موحدة، بل دويلات (ممالك) متفرقة، تتقاطع وتتداخل مصالحها مع بعضها البعض، وأسم بلاد السودان، الذى أطلقة الجغرافيون المسلمين في العصور الوسطى ليشمل كل الحزام جنوب الصحراء الكبرى، بدأ يتقلص تدريجياً حتى أنحصر في مفهومة الضيق الذى يمثل سوداننا اليوم والذى بدأ يتشكل كدولة موحدة منذ الأحتلال البريطانى في عام 1821م وظهرت معظم ملامحه من خلال الثورة المهدية وقد أكتمل (تقلص) إلي حدوده الحاليه أبان الأحتلال المصرى -البريطانى بين 1899م -1955م. وقد ضمت تلك الدولة الناشئة شعوب لم تكن موحدة سواء كان ثقافياً أو جغرافياً، فالنوبة في الشمال كانوا أقرب إلي الشعوب النوبية في جنوب مصر منها إلي شعب الفونج إلي الجنوب أو البجه إلي الشرق منهم. شعب البجه الذى وصفه المسلمون في العصور الأولى بأنه شعب متميز في خصائصه وملامحه فهم ليس بسود، أو نوبا أو عرب ويرتبط أكثر بشعوب القرن الأفريقى والجزيرة العربية أكثر من أرتباطه بالشعوب التى توجد إلي داخل بلاد السودان. الشعوب الجنوبية التى تبربط بالقبائل النيلية وشعوب البانتو في أراضى البحيرات العظمى أكثر من أرتباطها بالشمال المستعرب. شعوب سلطنة دار مساليت ودار زغاوة يرتبطون بشعوب وسط وغرب أفريقيا أكثر من أرتباطهم بالشعوب الكردفانية، أضف إلي ذلك تميز شعب النوبة في الجبال، تميز شعب الفور في دارفور، تميز المجموعات الرعوية من البقارة أو الأبالة. أقليم كردفان الذى يعتبر قلب السودان اليوم يعتبر حتى عام 1823م يسمى كردفان ولم تشمله كلمة السودان، فقد كان الحاكم العام الدفتردار محمد بيه خوسرو يسمى حاكم عام السودان وكردفان، ثم تم إعادة التسمية في عام 1841م بعد أن تسلم الدفتردار علي خورشيد باشا مقاليد الحكم حيث لقب بحاكم عام السودان، وحينها لم تكن دارفور ضمت بعد، وقد تم ضمها عام 1916م وظلت الحدود بين تشاد والسودان غير مرسومة حتى تنازع عليها البريطانيون والفرنسيون وتم ترسيمها عام 1922م حيث ضم أغلب دار سلطنة مساليت إلي السودان بينما صار جزء منها يتبع تشاد الفرنسية.

تلك الخلفية التأريخية تؤكد إننا ثقافياً لم نكن شعب موحد، بل شعوب أشتات قهرتها الأرادة الأستعمارية قهراً لتحقيق مصالحها الأستعمارية من جمع للثروات والرجال. ولم تكن الثورات السودانية قبل المهدية التى قامت ضد المستعمر كانت موحدة تحت راية نضالية واحدة، بل كانت منفردة في أصقاع البلاد. إن اللغة العربية التى أتت مع الأسلام في منتصف القرن السابع الميلادى هى العامل الوحيد الذى بدأ يوحد الشعب السودانى كوسيلة من وسائل التخاطب والتبادل التجارى والتواصل الفكرى. ولم يتوحد السودانيون في مشاعرهم إلا بعد قيام الثورة المهدية (والتى ليس بالضرورة تعنى وحدة ثقافية)، حيث أصبح الدين هو القوة التى جذبت الأشتات ليتوحدوا من أجل الخلاص من العدو المشترك يقودهم رعيل من الشيوخ الأفزاز الذين فهموا التركيبة الثقافية المعقدة للشعب السودانى.

نخلص من تلك القراءة الموجزة أن مشاعر الشعب السودانى كشعب واحد ذو مشاعر سيادية مشتركة بدأت حديثاً أى إنها فقط تجاوزت القرن الواحد، وتلك الفترة ليس كافية عند البعض لتأسيس مشاعر وطنية ترتبط بكل الوطن وليس الجزء، فقد قيل أن شعوباً أوربية كثيرة ومنها الشعب الفرنسى إحتاج إلي 30 جيلاً ليصل إلي وحدة وطنية في مشاعرة. ومع فشل الرعيل الأول من جيل الأستقلال في فهم التعدد الثقافى، بدأت الشعوب السودانية تبحث عن ذاتها في إطارها الأثنى الجغرافي. فقبائل الجنوب أرتبطت أو أختلفت مع بعضها ليس إستناداَ علي محصلة التراث أو الثقافة السودانية (وبمفهوم محصلة التراث والثقافة السودانية أقصد عامة الثقافة السودانية، فأمريكا اليوم لها ثقافة أمريكية جامعة بينما في حقيقة الأمر هناك الثقافة اللاتينية، الثقافة الأفريقية وثقافة البيض أى الشعوب القوقازية)، بل علي موروثها الأفريقى المشترك، كما أن قبائل النوبة في أثناء الحرب تشدها إلي بعضها البعض عوامل تراثها النوبية المشتركة. قبائل البقارة من النيل الأبيض حتى بحيرة تشاد تتشابه في تراثها وثقافتها العربية التى كانت سبب تداعى المجموعات الأفريقية عليها، كما أن قبائل الفور، المساليت والزغاوة كلها تنتحل من ثقافة وتراث السلطنات الخاص بها في إطار بيئتها الجغرافية والقبلية لتستمد عوامل قوتها الذاتية التى دفعتها إلي الحرب. ومع إختلاف أساسيات الثقافات السودانية، أيضاً، نجد إختلاف التطلعات، والولاءات والأولويات، فعلي سبيل المثال نجد المجموعات المتمردة في دارفور ليس لها ولاء إلا لدارفور وشعوبها الأفريقية، في حين القبائل العربية في دارفور توالى العروبة وثقافتها أكثر مما توالى دارفور وثقافتها السلطانية، أما من ناحية التطلعات فجيش الفور، مثلاً، يتطلع إلي إعادة المجد السلطانى، جيش النوبة يتطلع إلي إعادة التراث النوبى الكوشى، بينما جيش الزغاوة يتطلع إلي إيجاد موقع قدم وسط القبائل المتنفذة والتى تمتلك الموارد، السلطة والمصادر التجارية) إنتهى الأقتباس. هل وضحت رؤيتى الشمولية لأسباب الحروب والصراعات التى تعنى ضعف وحدتنا الثقافية والتى نبحث عنها الأن في أطار اللغة العربية؟ فإن كان ذلك حال عامة الشعب السودانى من الضعف في الترابط الثقافى، فإن الشعوب التى أنضمت تحت لواء الوحدة الوطنية حديثاً هى أقل أرتباطاً ثقافياً من سابقاتها وتلك هى حجتى مع الأخوة أبناء المساليت، مما يلزمهم هم وليس نحن فقط بتقوية الروابط الثقافية ببقية ثقافات السودان المختلفة ومنها اللغة العربية، وليس النفور منها.
نخلص فى هذه المرحلة الحرجة من تأريخ سوداننا الحبيب سوف ننقل الحوار إلي كل (مركتس) أو متردد عن وحدة شعب شق طريقة وحتى اليوم وسوف نلزمه طائره (طائر الردة عن الوحدة الوطنية) في عنقه بأذن الله.
ودمتم.

بريمة محمد أدم
واشنطن دى سى، الولايات المتحدة.
11 أبريل 2005


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved