السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ايقاع الحياة بقلم محمد يوسف (أبومصعب)

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/11/2005 10:31 ص

ايقاع الحياة
محمد يوسف (أبومصعب)
[email protected]

صيحة باسم المغتربين.. لأهل القرار من المسؤولين
يتبادر الى الذهن سؤال ملح عن موقع المغتربين السودانيين فى خطط الدولة التنموية والنهضوية. نعلم أن الدولة أنشأت أمانة متخصصة أسمتها "أمانة جهاز المغتربين بالخارج" وجعلت تبعيتها الى أمانة مجلس الوزراء وهذه الأمانة تحاول منذ حكم النميرى مرورا بالعهد الديمقراطى أبان حكومة السيد الصادق المهدى الى يومنا هذا فى عهد الانقاذ أن تتلمس بعض مشاكل الجاليات السودانية فى تجمعاتها الكبيرة فى دول الخليج وغيرها. وفى هذا ظلت الأمانة تعمل على تيسير بعض الخدمات التى يعانى منها كل مغترب عند عودته الى أرض الوطن عند عطلاته ذلك بتجميع اجراءات تأشيرة الخروج واستخراج وثائق السفر من جوازات وغيرها اضافة الى الضرائب والزكاة وكل أنواع المساهمات الأخرى. وأنشأت الأمانة عددا محدودا من المدارس فى بعض الدول لأبناء الجالية وغيرهم. كما درجت هذه الأمانة فى الآونة الأخيرةعلى تقديم خدمات اضافية مثل اجراءات الحصول على اراضى باسعار استثمارية ومعسكرات صيفية لأبناء المغتربين لتعريفهم بوطنهم لتسهيل اندماجهم فى المجتمع الذى غابوا عنه لسنوات عديدة. وعلى أهمية هذه الخدمات ولكنها تظل قليلة لا تلبى الطموحات الكبيرة ولا ترق الى جذب المغترب الى الداخل، ويمكن أن نطلق على هذه الخدمات اسم "البرنامج المصاحب". ولكن ما هو البرنامج الأساسى الذى يجب اعداده للمغترب؟ وللاجابة على ذلك نقول اجمالا أن البرنامج الأساسى يتمثل فى خطة الدولة فى استيعاب شرائح المغتربين المختلفة فى العملية التنموية بوجوهها المختلفة وسنورد لاحقا تفصيلا لبعض هموم المغتربين ونقدم فى ذلك بعض الرؤى والمقترحات لمساعدة المغترب فى العودة للوطن واشراكه فى عملية النهضة والبناء. ولكن فلنتعرف أولا فى عجالة على شرائح المغتربين ودواعى الغربة ومن ثم على بعض المصاعب التى تحول دون عودتهم ومقترحاتنا لتذليل ذلك.
تنقسم شرائح المغتربين فى الغالب الأعم الى التصنيفات التالية:
أولا:اغتراب بهدف الدراسة الأكاديمية أو المهنية وذلك لاكتساب العلم والمعرفة أو الخبرة والتجربة ويتمثل ذلك فى الدراسات الجامعية والدراسات فوق الجامعية والدراسات المهنية. وهذه الشريحة ان لم تجد العناية ورعاية الدولة فستجد سبيلها الى أسواق العمل الخارجية التى ربما كانت أفضل من سوق العمل السودانى فى استيعاب هذه الشريحة مما يحرم الوطن من كوادر علمية وأكاديمية مدربة ومؤهلة معرفيا.
ثانيا: اغتراب بقصد العمل: (أ) فى شكل انتداب أو اعارة لكفاءات أكاديمية أوعلمية أوفنية فى اطار تبادل ثقافى أو علمى، والتى قد تواجهه بعض أفراد هذه الشريحة شئ من المصاعب ربما تفضى، ان لم يجدوا الاهتمام بهم من طرف الدولة الام، الى اندماجهم كاملا فى المجتمع الذى هاجروا اليه وايثار البقاء هناك على العودة للوطن عند انتهاء الانتداب. (ب) هجرة العمالة غير المدربة والتى لم تمارس مهنا من قبل أو انها كانت تمارس مهنا هامشية مؤقتة أو دائمة. وهذه الشريحة قد يتيح لها الوضع الجديد حياة أفضل وان كانت فى بلاد متقدمة أو مزدهرة قد يتيح لها ذلك فرصا أفضل فى تعلم مهن جديدة أو فرص التدريب على مهنة سابقة. وهذه العمالة المدربة يحتاجها الوطن بشدة وهو يستشرف مرحلة تنموية جديدة تتطلب مشاركة أبنائه خاصة أصحاب الدربة والدراية. ولكن قد يحول دون عودتهم المصير المجهول لعملهم اذا عادوا وهم أصلا لم يمارسوا قبل اغترابهم عملا ثابتا أو دائما. ويقتضى تشجيعهم على العودة اتخاذ بعض الاجراءات التحفيزية.
ثالثا: شريحة رجال الأعمال والمستثمرين السودانيين الذين دفعت بهم السياسات والاجراءات الاقتصادية الى الهروب بأموالهم الى حيث الربح والأمان. أو ربما لمواقفهم المتعاطفة مع بعض الأحزاب والجماعات المعارضة.
رابعا: الاغتراب بسبب مواقف سياسية ويشمل هذه الشريحة السياسيين المعارضين وبعض أتباع الأحزاب المعارضة. والذين يتوقع عودتهم كلما تقدمت الدولة فى اقامة مؤسساتها الدستورية على أسس يجتمع حولها الناس خاصة حرية التعبير وتداول السلطة الشئ الذى شكلت اتفاقية السلام فيه بوابة كبيرة الى هذا المشروع وما يستتبع ذلك من انفاذ لبنودها مما ينعكس ايجابا على بناء الثقة واستشراق عهد ديمقراطى تصالحى جديد.
ولكن ماهى مصاعب العودة للوطن؟ حسب استعراضنا السابق لشرائح المغتربين نستطيع أن نخلص الى أهم ثلاثة مصاعب تحتاج اهتمام أهل القرار والسياسة ومنظمات المجتمع المدنى متضافرين وهى اما: (1) مصاعب وظيفية وخدمية بفقدان الوظيفة، خاصة فى الخدمة المدنية، بواحدة من الأسباب التى أوردناها فى أسباب الهجرة أو بسبب الاحالة للصالح العام والتضييق على النشطين من المعارضين فى بعض حقب الحكم المختلفة. أو بسبب عدم الرغبة فى العودة ثانية للأعمال الهامشية والمهن الفنية المؤقتة(2) أو مصاعب اقتصادية بسبب انتقال بعض أصحاب الأموال والاستثمارات الى الخارج والهروب من مخاطر السوق الوطنى وما شاب قوانين الاستثمار فى الفترة الماضية من عدم مواكبة وما اتصفت به السياسات الجمركية والضريبية من قيود ورسوم عالية واجراءات سلحفائية سبب أضرارا لحركة الصادر والوارد ونجم عنه فى كثير من الأحيان تكدس الموانئ البحرية والجوية بالبضائع ومدخلات التنمية، وما ينتج عن ذلك من تلف وضياع وغرامات أرضية جعلت البعض عاجزا عن تسديد هذه الغرامات وصرف النظر عن بضاعته فازادادت الموانئ تكدسا فوق تكدس. والحال هذه أنك تحتاج الى أسابيع حتى تتعرف على بضاعتك ناهيك عن تخليصها الذى قد يقتضى أسابيعا أخرى ان لم يكن شهورا والاصطفاف أمام نوافذ اجراءات كثيرة متسببة فى اهدار الزمن الذى هو عامل مهم فى العملية التجارية والاستثمارية وأن تعقيد الاجراء يفتح المجال أمام المفسدة المقننة..حزنت لحالنا ونحن نستمع لتجارب الآخرين الذين استعرضوا ما قاموا به من اجراءات لتقليل فترة تخليص البضائع. ففى مؤتمر الحاويات العالمى الذى انعقد فى الخرطوم قبل عامين وما استعرضته بعض هذه الدول فى محاور منظمة الجمارك العالمية ببروكسل أورد المسؤولون بالمملكة المغربية أنهم استطاعوا تقليل مدة تخليص الحاويات من عدة أسابيع الى أربعة ساعات فقط أما مصر فقد استطاعت أن تختصر فترة التخليص من 17 يوما الى ساعتين فقط. وفى مرافقتى لصديقى السودانى الهولندى،الذى يدير شركة للتخليص والنقل البحرى، الى ميناء روتردام الهولندى، أحد أكبر الموانئ البحرية فى العالم، استطاع تخليص 16 حاوية فى ساعة من الزمن. ومن المعروف أن الموارد الأساسية للموانئ البحرية ليست هى الجباية على الأرضيات، وانما تقديم التسهيلات الوقتية اللازمة لتفريغ الميناء واستقبال صادرات وواردات جديدة وذات الأمر ينطبق على سلطات الجمارك كجهاز هام آخر لتسهيل التجارة (Trade Facilitator) تتنامى موارده بدخول المزيد من السلع لا بفرض الرسوم العالية عليها. وحسبما لمسناه من تجاربنا مع وكلاء الشحن البحرى الأوربى أنهم يترددون فى انفاذ عمليات الشحن البحرى لبورتسودان بسبب الاختناقات فى الموانئ السودانية وارتفاع التكلفة الشئ الذى يترتب عليه تكاليف اضافية للشاحن. وسلحفائية الاجراءات فى ميناء البلاد المتمثلة فى تكدس البضائع وكثرة نوافذ الاجراءات أدى الى ارتفاع الاسعار، خاصة فى سلعتى السكر والأسمنت، هذا اضافة الى مشكلة النقل. وأضحت مشكلة الميناء واضحة للعيان الأمر الذى شغل الحكومة والمجلس الوطنى واقتضى زيارة النائب الأول فى طريق عودته من قمة س ص ببوركينا فاسو مؤخرا.
(3) ومن كوابح العودة مصاعب الخدمات التعليمية. والمغتربون أثناء غربتهم هذه التحق أبناء بعضهم بالمدارس فى بلاد المهجر وحين تقرر الأسرة العودة النهائية للوطن تواجهها مشكلة المدارس وتبرز أمامها قضية المناهج فى الوطن وضعفها، ويستعرض رب الأسرة أمامه عددا من الصعاب منها عدم توفر الكتاب المدرسى وقلة الأساتذة المؤهلين الذين انقطعوا من الدورات التدريبية فى الخارج ردحا من الزمان، وانقطاع التبادل الثقافى والعلمى مع دول العالم الذى كان يجلب للبلاد أساتذة أكفاء كالأساتذة البريطانيين الذين يدرسون الانجليزية والأساتذة المصريين الذين يدرسون الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات واللغة العربية. وانعدام المعامل وضعف العلوم التطبيقية، وتأخر مرتبات المعلمين وضآلتها والحالة النفسية للمعلمين وهم يرجى منهم تربية وتعليم نشئ قادر على بناء المستقبل.. كل المستقبل.
ولكن ماهو دور الدولة ومنظمات المجتمع المدنى والتنظيمات السياسية فى تذليل عودة المغتربين؟ يتوقع المرء أن تكون فترة ما بعد السلام جاذبة نحو الوطن وكذا التغيرات السياسية والدستورية والتصالح بين الأطراف المتناحرة أو المتنافرة ولكن يظل هناك عمل كبير وتحديات عظمى تنتظر واضعى السياسة على مستوييها الرسمى والشعبى فى وضع المغترب فى بؤرة الضؤ وفى قلب اهتمامات التنمية كأحد مفاتيحها المهمة. ومثلما كان للسلام حوافز على أهل الداخل بوقف الحرب فانه يجب أن تلامس بشائره المغترب ذلك بتذليل الاجراءات الجمركية وتخفيض الرسوم التعجيزية حتى يتمكنوا من ادخال ما تيسر لهم من مدخرات جمعوها خلال سنين طويلة فى شكل وسائط نقل مختلفة كبيرة أو صغيرة من حافلات وبصات وشاحنات وحتى سيارات ركوبهم الخاصة حسبما يتيسر لهم وحتى يتمكنوا من تأمين وسيلة دخل توفر لهم (قفة الملاح) لا أن تطيل الاجراءات من بقائهم بالخارج بسبب عدم مقدرتهم على دفع رسوم الجباية. فالتنمية التى لا تستهدف المواطن وسعادته ويصبح هدفها تحصيل الجمارك الباهظة والرسوم العالية فقط لتحقيق الربط المقدر لصالح خزينة الدولة تصبح ضربا من الجنون. كما يجب توحيد نافذة المعاملات فى الميناء لتصبح نافذة موحدة، بدلا من توزيعها على نوافذ عدة ،وذلك عبر برنامج حاسوب موحد وهذا ما أثبت نجاحه فى تعامل المستثمرين مع وزارة الاستثمار عبر نافذة واحدة. كما أنه يكون من الصائب ايقاف غرامات الموديل وغرامات الأرضية بسبب بطء الاجراءات لا بسبب اهمال صاحبها. كما يحلم المغتربون بأن ينتقل التعليم من مرحلة الانتشار الأفقى نقلة أخرى الى تعليم نوعى تتجود فيه المناهج ويؤهل فيه المعلم وتتوسع فيه العلوم التطبيقية وننفتح فيه تبادلا مع العالم وأن تعود المعامل لمدارسنا وأن يتقوى مستوى تعليم اللغات المختلفة وأن يتاح للمدارس الأجنبية المختلفة انجليزية كانت أم فرنسية أو غيرها، وفق الضوابط اللازمة، حينها يحسم البعض غربته ويتمكن من الحاق أبنائه بالمدارس والمناهج التى تناسبهم. والتعليم النوعى ضرورة فى ولايات الشمال لأن الجنوب قد عقد العزم على تبنى خدمات تعليم وصحة نوعية، حسب ما جاء على لسان دينق ألور المسؤول بالحركة الشعبية فى احد اللقاءات الصحفية، وتوقع أن يجذب ذلك أبناء الشمال لطلب التعليم والعلاج فى الجنوب، وان كان هذا من البشارات، ولكن الأصوب أن يسعى المسؤولون فى ولايات الشمال أيضا الى تبنى سياسات تعليم نوعى فى المرحلة المقبلة لخلق تنمية متوازنة ومستقرة واسهام متناسب من كل الأقاليم فى مشروع النهضة الجديد. فى الختام هذا ليس بحثا علميا ولكنه جهد المقل الذى حاولت أن أبرز فيه بعض ما تلمسناه من اهتمامات تشغل بال مغتربينا ويحتمل هذا الجهد الخطأ والصواب ولكنه يبقى حجرا أردت به تحريك البركة الساكنة ليتفجر الماء العزب المحبوس فى ينابيعه،،،

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved