بقلم : أبوذر على الأمين
أي دلالة تحملها أحداث جامعة أمدرمان الأهلية على خلفية انتخابات اتحاد طلابها الذي غيب لسنوات قسرا؟. وما مغذى الرسالة التى بُلغت بوضح تام من قبل المؤتمر الوطني ، والتى تكاملت حلقاتها من الذين أشعلوا الجامعة ليكمل الأمين العام للمؤتمرالوطني الرسالة ثم يختمها وزير التعليم العالي؟.
لنذكر أولا بالحدث ...عصر يوم الأربعاء 15يوليو 2005م تقتحم الجامعة ثلاث عربات (بوكس) لاتحمل لوحات مرورية مدعومة بقوة تجاوزت المائة فرد من خارج الجامعة مسلحين ببنادق (كلاش).
بدأت العملية بإطلاق الرصاص بالهواء ليخرج من تبقى من الطلاب بحرم الجامعة منها وقد كان ، ثم بدأ الحرق والتدمير الذي طال وثائق وتسع منشآت بمحتوياتها . ثم يخرج المسلحين ليعودوا بعد منصف الليل ليتمموا على استمرار الحريق الذى ظل مشتعلا حتى الصباح (لاتوجد شرطة اطفاء في حالة حريق متعمد من المؤتمرالوطني) .
بالتزامن مع احداث اقتحام الجامعة والحرق والتدمير وفي مشهد آخر مصاحب ، يقوم ثمانية اشخاص باختطاف احد اعضاء التدريس بالجامعة ، ايضا بعربة (بوكس ) لاتحمل لوحات مرورية . أوضحوا أنهم من جهاز الأمن ، اصطحبوا المخطوف الى مكان مجهول بعد أن عصبوا عينيه ويدية ، ثم اخضعوه للتعذيب والضرب بزجاجات المشروبات حتى الاغماء ، ثم حلقوا رأسه وشاربه وحاجبيه ليلقوا به على طريق غير مطروق.
وعلى خلفية مطالبة طلاب المؤتمر الوطني دون باقي التنظيمات الطلابية بالجامعة بإلغاء الانتخابات سبقت هذه الأحداث وأعقبتها حدثان يكملان رسم الموقف الرسمي للمؤتمر الوطني والحكومة .
ألتقى أمنا الجامعة بالأمين العام للمؤتمر الوطني في سبيل استدراك أي سلوك فالت للطلاب المنتمين للمؤتمر الوطني بالجامعة. لكن الأمين العام للمؤتمر الوطني هو الآخر طالب بإلغاء الانتخابات أو أنه لن يضمن سلوك طلابه . لتتوحد رؤية طلاب المؤتمر الوطني ورؤية الحزب حول تلك الانتخابات بضرورة الإلغاء .
وبعد الأحداث وخلافا لموقف أمناء واساتذة الجامعة الذين يرون استمرار الدراسة ، يصدر وزير التعليم العالي قرارا بإغلاق الجامعة بتدخل سياسي لم يتم فيه رجوع أو مراعاة لموقف أمناء واساتذة الجامعة ، ليحقق المؤتمر الوطني طلابا وحزبا وحكومة ، وبهذه الشاكلة إلغاء الانتخابات بالجامعة .
على هذه الخلفية المتلازمة والمتكاملة من طلاب وأمين عام الحزب وحكومة المؤتمر الوطني ، ما المغذى من أحداث جامعة أمدرمان الأهلية ؟ ، وما هو موقع كل ذلك من الاعراب ضمن التحولات الجارية والمصاحبة لاتفاقية السلام ؟.
إن المؤتمر الوطني يريد أن يقول وبوضوح ، أن الأوضاع لن تتغير عن سابقها . وأن اتفاق السلام مبني على ذلك . وأن المؤتمر الوطني سيفعل ما يرى ويريد ولو استدعى الأمر نسف الإطار ذاته ، ناهيك عن تفاصيل اجراءات انتخابات . فمن لم يقبل بموقف المؤتمر الوطني فالينسى أن هناك حتى جامعة تدعى أمدرمان الأهلية ، ناهيك عن طلابها أو ممتلكاتها .
وأن الذى لم يرى ذلك بوضوح تام ، فالمؤتمر الوطني طلابا وحزبا وحكومة أوضحوه تماما بما جرى بامدرمان الأهلية ، ونذكركم بأننا لا نعرف دستور ولا قانون ولا طوارئ ولم نر ضرورة لكل ذلك طيلة فترة حكما طالما نحن قادرين بالقوة على فعل أي شئ وكل شئ . أما الذين ما زالوا يرون بارقة أمل في بعض تغيير ، فالينظروا كرة أخرى في الاتفاقية سيرون أنها :
أولاً أعطت المؤتمر الوطني تحديدا وليس الشمال 52% (أغلبية مطلقة) في كل شئ ، في إعداد الدستور وإجازته ، وفي تشكيل الحكومة القادمة ، وفي مجلس النواب ، وربما في الولايات كذلك .
ثانياً: الدستور المجاز يحيل كل بنوده أو جلها لقانون ، وهذا القانون سيضعه مجلس النواب الذي للمؤتمر الوطني فيه 52% ، فلا يركن أحدكم إلى أحلام الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان لأنه بيدنا أن نصدر قوانيين تجعلها ديكور في خدمتنا ضد الآخرين .
ثالثاً لقد ضمنا للحركة الشعبية تحديدا وليس الجنوب أغلبية 28% وأطلقنا يدها هناك بدعمنا ، لتطلق يدنا في الشمال وبدعمها أذا استدعى الأمر هذه هي الشراكة .
رابعاً واذا لم يجدي كل ذلك فان مصير السودان سيكون مثل مصير جامعة امدرمان الأهلية ، ليس التفاصيل وأحلام الاختلاف الرفيق وتطلعات الحوار واخذ الراي والرأي الاخر وهذه الخرافات الراي رأينا وإلا سيكون مصير السودان أما أن نبقى فيه كما نريد وكيف نريد أو لايبقى السودان ذاته .
بالنتيجة اذا لم تسوى قضية أحداث امدرمان الأهلية وفقا للقانون وقاعدة المحاسبة ، فإن المرحلة القادمة ستكون أحداث أمدرمان الأهلية عنوانها وجوهرها .