السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الوزير مصطفي وادمان الفشل بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/6/2005 9:27 ص

بعد نجاح الانقلاب الذي قامت به الجبهة الاسلامية علي الحكم الديمقراطي في عام 89 قام الدكتور حسن عبد الله الترابي ( عراب الانقلاب ) بارسال بطاقات الدعوة الي العديد من كوادر الجبهة الاسلامية القومية المقيمين في الخارج ، وكانت كروت الدعوة مزينة بالمستقبل الزاهر مع اغراءات بالمناصب الكبيرة والتي تكفي المدعوين شر بلاد الغربة وعذابها ، وقد لبي هذه الدعوة كل من د.محمد أحمد عمر والذي أصبح وزيرا للصناعة ودكتور محمود شريف والذي اصبح وزير للكهرباء ود.عبدالرحيم حمدي والذي اصبح وزير ا للمالية ود.شرف الدين بانقا والذي اصبح وزير للاسكان ، وكان أخر الواصلين هو د.مصطفي عثمان اسماعيل والذي ترأس مجلس الصداقة الشعبية العالمية ثم أنتقل كالصاروخ الي منصب وزير الخارجية والذي يشغله حتي تاريخ اليوم مع احتمال أن يفقده وفقا لترتيبات اتفاق نيفاشا مع الحركة الشعبية ، وكانت هذه أول هجرة يقوم بها الاسلاميون الي أرض السودان بعد أن تحقق حلمهم الكبير باستيلائهم علي السلطة عام 1989م ، وتعامل الاسلاميون مع السودان مثل تعامل الرحالة الاوربيون الاوائل مع القارة الافريقية ، كان هم الاسلاميين جمع المال والسيطرة علي السلطة بأي ثمن من غير الالتفات الي الازمات التي تطحن المواطن السوداني كل يوم وكانوا يعتبرون السودان منجما من ذهب لم يسبقهم اليه احد من الناس ، وهكذا كان حال الرحالة الذين أكتشفوا القارة السمراء من الاوربيين حيث اهتموا بجمع الذهب والماس وتصدير العبيد للعمل في المصانع داخل أوروبا من غير التقيد بالقيم الاخلاقية ، كلاهما شكل صورة واحدة من وجهي العملة المعدنية الواحدة، وكلاهما جعله الطمع شرها وينسي حقيقة أنه يؤذي بشرا مثله لهم نفس العروق التي تجري في أوعيتها الدماء الحمراء ، وأول امتحان أخلاقي تعرض له الاسلاميون الذين أصبحوا بين عشية وضحاها وزراء في حكومة الجبهة الاسلامية هو قوائم المحالين للصالح العام ، فقد وافق كل من دكتور حمدي ومحمد أحمد عمر وابراهيم أحمد عمر و شرف الدين بانقا وغيرهم من وزراء الانقاذ علي فصل كل من يشكون في ولائه للانقاذ ، والوزير الوحيد الذي رفض تنفيذ أوامر الفصل التعسفي في وزراته هو المرحوم الدكتور محمود شريف و قد تعرض لضغط هائل من صقور النظام من أجل تنفيذ عملية الاستئصال ولكن الرجل سجل موقفا اخلاقيا لا يمكن أن ننساه حيث التمس اعفاؤه من الوزارة حتي لا يذهب الي ربه وهو يحمل لعنات العائلات التي قطع رزقها بسبب وشاية بطانة السوء من امراء الانقاذ ، وقد انضم د شريف لاحقا الي احدي المتحركات المتجه الي الجنوب ولقي ربه في مناطق العمليات ، اما مصطفي عثمان فقد عاد ايضا بناء علي الدعوة الكريمة التي وجهت اليه من زعيم الحركة الاسلامية الدكتور حسن الترابي ، واذا رجعنا قليلا للوراء لنكشف ماضي دكتور اسماعيل فسوف نفاجأ بأنه لم يكن يمثل شيئا في الحركة الاسلامية أيام دراسته الجامعية وأنه كان من الذين يطلق عليهم الاتجاه الاسلامي في الجامعة لقب ( المؤلفة قلوبهم ) ويستفيد من أصواتهم أيام الانتخابات ، وخلال حياته الجامعية كان منهمكا بالتحصيل الاكاديمي ولا تربطه صلة بالعمل السياسي الحركي ، والشئ الوحيد الذي كان يقوم به ونفعه لاحقا هو مواظبته علي حضور الحلقات الروحية التي ينظمها الدكتور الترابي لمريديه في مسجد الجامعة ، ,استفاد د اسماعيل من وضع التعليم العالي القديم فابتعث الي لندن ليتلقي الدراسات العليا وهناك قيل أنه تراس هيئة أسمها الطلبة المسلمين ببريطانيا ، ويعتبر الكثيرون أن مصطفي عثمان قد ضحي بالاقامة السعيدة في لندن من أجل سواد عيون أهل السودان ، وبريطانيا هذه الجزيرة المثيرة للجدل لا يعني أنها جنة الله في الارض ، فقد عرفت بريطانيا بضيق المساحة وان العمل الخاص في بريطانيا ترهقة ضرائب الدخل الكبيرة و التي تصل أحيانا الي أكثر من 50% من الدخل ، كما اشتهرت المدن البريطانيا بغلاء اسعار السكن والايجار وقبل قرن هاجر الكثير من البريطانيين الي أمريكا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب افريقية بحثا عن سبل العيش الافضل ، ولذلك لا يعني أن كل من يترك بريطانيا يكون قد اختار الارض علي جنات الخلد ومن المحتمل أن وضع مصطفي عثمان كوزير للخارجية أفضل له من أن يكون موظفا في وزارة الصحة البريطانية .
وفي عام 1993 نظمت الاذاعة السودانية مسابقة خلال شهر رمضان ، وكان موضوع المسابقة من هو الشخص الذي يرأس مجلس الصداقة الشعبية العالمية ؟؟ وعرض المجلس مكافأة قدرها خمسون ألف جنية لمن يدلي بالاجابة الصحيحة ، وهذه الطريقة السمجة في التعريف تدل أن مصطفي عثمان كان مغمورا في باطن المجهول ولا أحد يعرف عنه شيئا ، وبعد توليه منصب الخارجية بعد صعود رجل الجبهة الاسلامية القوي علي عثمان طه الي منصب نائب الرئيس كان الاستاذ/أحمد البلال الطيب يصف مصطفي عثمان بمهندس الدبلوماسية السودانية لأنه نال خبرة كافية من عمله كأمين عام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية !! علي الرغم أن هذا المجلس لا علاقة بالعمل الدبلوماسي الخارجي وانه تم تاسيسه من قبل الترابي بهدف جذب القوميين العرب والاسلاميين للسودان من مختلف بقاع العالم .
وأكثر المهام الخطيرة التي تولاها دكتور اسماعيل هي ربط السودان مباشرة بقضايا الشرق الاوسط ، حيث كانت الخارجية السودانية حاضرة في كل النزاعات التي تتعلق بالشعب الفلسطيني كما أنها ربطت نظام الانقاذ بحركة حماس والجهاد الاسلامي مع تشكيل دعاية سلبية ضد سلطة الرئيس الراحل ياسر عرفات ووصفه في بعض الاحيان بالخائن والعميل المرتزق ، ووثق مصطفي عثمان علاقة السودان مع الدولة المصرية وأعطي الانطباع للادارة المصرية بأنه حارس لمصالح مصر في السودان ، وكلمات الغزل والاطراء التي يجدها الدكتور اسماعيل من الساسة المصريين هي بمثابة حوافز له حتي يستمر في اداء دور الحارس الامين ، ولقد ظهر دور مصطفي اسماعيل بعد اقصاء الترابي عن الحكم وهذا كان شرطا مصريا من أجل تطبيع العلاقات مع السودان ، ونسي د.اسماعيل كل ما حفظه من حلقات الشيخ الترابي الروحية وكان من زمرة الذين غدروا به في الخفاء وعملوا علي ابعاده من الحياة السياسية وسجنه كالعصفور في القفص ، وأكبر الاخطاء التي وقع فيها مصطفي عثمان وهو يشغل منصب وزير الخارجية هو اخفاقه في التنبوء بمآلات القرار 1593 ، وبعد تكوين لجنة من قبل الامم المتحدة لتقصي الحقائق في دارفور أجمع كل المتابعين لهذه الازمة أن السودان سوف يواجه قرارا دوليا صعبا يضعه علي المحك وكان الظرف يتطلب تحركا جادا لحل هذه الازمة علي المستوي الداخلي قبل أن تدخل في نفق مجلس الامن المظلم ، وقد غالط مصطفي عثمان الواقع وسبح عكس التيار ونقل لنظامه صورة حالمة عن ( فيتو ) صيني يدق الاسفين في شمل مجلس الامن ، كما أنه لم يتوقع أن توافق الولايات المتحدة علي مثول رموز النظام المتورطين في مذابح دارفور أمام محكمة الجنايات الدولية والتي عارضت الولايات المتحدة تشكيلها منذ البداية ورفضت الاعتراف بها ، وأعتقد مصطفي عثمان ايضا ان الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي سوف تنقذان السودان من مقصلة العدالة الدولية عن طريق تشكيل ضغط علي الدول التي سوف تصوت علي القرار ، نام النظام قرير العين هانيها وهو يحلم بالصورة الذهبية التي رسمها وزير خارجيتنا اليافع في العمل الدبلوماسي وترك حبل الغارب لرجل المخابرات اللواء الفاتح عروة يجره في ثوبه كيف يشاء ، وأتضحت الحقيقة المرة بعد ذلك حيث فاز القرار 1593 بأغلب الاصوات مع تحفظ أربعة دول من بينها الولايات المتحدة والصين والجزائر والبرازيل ، وقد أخفي الوزير اسماعيل علي الحكومة وجهة النظر الصينية والتي نصحت النظام بحل الازمة وديا قبل أن تتفاقم وتصل الي منصة مجلس الامن ، ولم تعد الصين النظام بأنه سوف تستخدم حق الفيتو من أجل عرقلة القرار الدولي بل أن الصين نقلت للنظام رؤية واضحة وهي ان الصين حريصة علي تحقق السلم والامن الدوليين وأنها لن تقف ضد قرارات الشرعية الدولية ، ويعتبر اصدار القرار 1593 هو أحد اخفاقات الوزير اسماعيل في العمل الدبلوماسي والكارثة الثانية أنه وافق علي القرار 1590 والذي كرس لوجود القوات الدولية في السودان الي أجل غير محدد ، ويمكننا أن نجد للوزير اسماعيل العذر في كيفية التعامل مع القرار 1593 بعد أن صدر ، وكلنا نذكر كيف أقسم المشير البشير علي رفض القرار من غير الرجوع الي وزارة الخارجية وقد اعفي هذا التصرف من رئيس الجمهورية الوزيراسماعيل من تبعات القرار 1593 .وأصبحت الان الكرة في ملعب حزب المؤتمر الوطني ، هل يا تري سيبرون بقسم الرئيس ويدخلون السودان في أتون الحظر الدولي أم سيسلمون المطلوبين الي المحكمة الدولية وينقذوا السودان من أزمة حقيقية ويكتفوا بما نالوه من سلطة وجاهه في غفلة عن الجميع طوال الاعوام الماضية ، ويكفي المراقب قناعة ان المحكمة الخاصة التي كونها النظام لم تحظي حتي الان بالمصداقية والاهتمام من المجتمع الدولي وأعتبرت ذرا للرماد في العيون من أجل طمس الحقيقة . وتابعنا خبر اصرار وفد حركة تحرير السودان علي فصل الدين عن الدولة في مفاوضات أبوجا التي تجري الان في نيجريا ، وكان رد المشير البشير سريعا وحاسما واعتبر أن هذه المطالب ليست لأهل دارفور ، وبعد ستة عشر عاما من سفك الدماء والقتل والاغتصاب وتشريد أهل السودان في الفيافي لا زال المشير البشير يعتقد أنه يحكم أهل السودان بسنة الاسلام ، ومن حقنا أن نسأل ماذا أستفاد الناس من الدولة الاسلامية التي أتي بها الترابي ؟؟ وحتي الترابي صانع هذا المسخ اصبح ينتقده ويري فيه مثلا للجبروت والطغيان ، ,اصبح الناس الان يبثون عن الامان ولقمة العيش ولا يهمهم اذا كان الحاكم مسيحيا مثل قرنق أو مسلما متشددا مثل المشير البشير ، فقد انتهي عهد المتاجرة بالشعارات ولن يهتم الناس للنموذج الاسلامي في الحكم اذا لم يوفر الخبز والدواء والحرية والامن والعدل وهذا ما عجزت الانقاذ أن توفره لرعيتها .
ولنا عودة
سارة عيسي
[email protected]

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved