عودة الشيخ حسن الترابي الى الساحة السياسية بعد فترة اعتقال امتدت مؤخرا الى خمسة عشر شهرا تكتسب أهمية كبيرة جدا بالنسبة للمراقب للشأن السوداني وكذلك المواطن البسيط على حد سواء. فلا ينكر أحدا أن الشيخ حسن الترابي لهو أكثر الساسة في السودان اثارة للجدل تارة بفكرة الذي يزعم أتباعه بأنه متقدم جدا وتارة بتحالفاته الغريبة بين يمين ويسار وتارة أخرى مع الأنظمة الشمولية والديمقراطية.
وفي تقديري الشخصي فان الطلاق الصاعق الذي حدث في عام 1999م بين الترابي والبشير كان بمثابة الزلزال الذي أصاب كل الساحة السياسية في السودان وليس الأسلاميين وحدهم فعلى اثر ذلك حدثت تطورات انداحت على كافة مؤسسات الحكم في السودان. وكما يحدث بعد كل زلزال تختفي أشياء كثيرة ومعلومات أكثر فبسجن الترابي طيلة هذه الفترة وعدم تمكينه من الادلاء بأي تصريحات يكون المواطن السوداني غيب عن حقائق كان يمكن أن يكون لها مفعول السحر في صنع التغيير المنشود.
فعودة الترابي من السجن هي بمثابة المفتاح لكل الأبوب السرية والخلفية لحكومة الأنقاذ التي لم يتيقن الناس بعد من شفافيتها ومكاشفتها للمواطن لأمور تهمه في المقام الأول رغم ما تبديه من ذلك بين الحين والاخر. فلا تزال الصحف تلاحق وتمنع من الصدور اذا كان بها حرف واحد لا يرض أو يتعارض مع مصالحها ولا يزال وزرائها يتمترسون خلف جدران يستحيل على السلطة الرابعة اقتحامها .
ولعل أول باب سيفتحه الترابي هو باب الدستور الانتقالي الذي وصفه الترابي بأنه مشوها وفيه تكريس لسلطات الرئيس ولمدة ثلاث سنوات هي عمر الدستور الانتقالي ذاته اضافة الى معضلة تعيين الولاة وليس انتخابهم. ولكم عانينا من سلطات الرئيس حينما فرض علينا الترابي فرضا وأوشك أن يجعله الاها والجميع يدك تماما الفرص التي اهدرها السوداني خلال تلك الفترة سيئة الذكر حيث كان خلالها السودان مأوى للأرهاب والجماعات التي رفضتها أوطانها (المؤتمر الشعبي الأسلامي) وأتى احتلال الكويت ليكشف عن الوجه القبيح لذلك النظام الغريب الذي فرض سيطرته على السودان بالقوة. وحدث ولا حرج عن النسيج الأمني الدقيق الذي أحاطو به أنفسهم مؤكدين بذلك رفض الشعب لهم.
فنحن موعودون بالكثير والمثير الخطر لذلك دعونا نرحب بالشيخ الترابي وليس ذلك فحسب بل نحافظ على سلامته التي ربما ينال منه شركاءه السابقيين وخصومه الحاليين. فالرجل بالغ الأهمية للشعب كشاهد ملك. ولا بأس في حصولنا على المعلومة حتى لو تم حل الوزارة الحالية كما هو محدد في التاسع من يوليو الحالي.
والله من وراء القصد.
محمد محي الدين هيبه