السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

نحو معارضةٍ رشيدة (2/2) بقلم محمد خير عوض الله

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/28/2005 12:50 م

نحو معارضةٍ رشيدة (2/2)
محمد خير عوض الله
[email protected]
مع موروثنا البالي في الممارسة الديمقراطية، نحتاج، ولا شك، لكتابات نقديّة شجاعة وأمينة، تنتقد ماضي هذه التجارب وحاضرها، بلا مجاملة أو خوفٍ من أحد .. وفي تقديري، فإنّ تجربة أداء المعارضات النيابيّة، لم تكن أقلّ سوءاً من تجارب المعارضات الشموليّة، اللهم إلا من ناحية أنّ الأخيرة تستخدم ذات الأدوات التي تنتسب للشموليّة، من تسليح عسكري، لكنّها تزيد عليها بالعمليات التخريبيّة التي تنفذها عبر الطلاب في التظاهرات والمشادات الاستقطابيّة الحادة ، أو عبر (الميليشيات الحزبيّة!) المسنودة من خارج الحدود!! التي تمارس التقتيل والعمليات الإجراميّة (النضالية الشريفة)!! هذه أعمال حقيقيّة كانت ولا تزال تمارسها المعارضة الحزبيّة !! ألا تستحق النقد والتقويم ؟ سيقول البعض: إنّ العنف لا يولّد إلا العنف ، وما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وغير ذلك من عبارات التبرير، والأحزاب نفسها ترفض ـ نظريّاً ـ اتخاذ العنف كوسيلة للتغيير ـ مهما كانت الأسباب ـ لكنّها تنسى هذه القاعدة وهي تعارض الأنظمة العسكريّة! بل تستخدم أسوأ أنواع العنف والتخريب، حينما تعجز عن فرز ما هو للوطن وما هو للمواطن وما هو للحاكم الذي تسعى لتغييره.. !! إنَّ التنظير لثقافة العنف، أو لثقافة اللا عنف (كما سبق قراءتها في استعراض نظريّة اللاعنف عند الدكتور خالص جلبي وصهره المفكر جودت سعيد) تستوجب النظر وإعادة النظر .. أشخاص مثل الشريف حسين الهندي ، مهدي إبراهيم، غازي صلاح الدين، الخاتم عدلان، الصادق المهدي وغيرهم ، ليس المطلوب منهم ـ ولا غيرهم ـ الإشراف على معسكرات التدريب لقتال النظام الحاكم في الخرطوم (أيّاً كان النظام) ، هؤلاء مطلوب منهم تقديم قراءات جمعيّة ناضجة تحدثنا عن (القاسم المشترك الأعظم)، وعن الوسائل السلميَّة لمعارضة الأنظمة، وعن كيفيّة فرز الصوت الجماهيري، حقيقةً لا وهماً، ودعونا في هذا نضرِبُ مثلاً: هل إذا خرجت مظاهرة من ثلاثمائة طالب في سنار وأحرقت سوق ومستشفى المدينة، هل يحق لنا في المعارضة أن نقول: (لقد انطلقت الثورة الشعبيّة العارمة التي لن يوقفها العسكر.. إنّ إرادة الشعب الغلابة ستنتصر مهما فعل النظام.. إنّ .... ) هل هذا التعبير حقيقي؟ إن كانت هذه المظاهرة في معزل تام عن الرأي العام وعن الشعب الذي لم يسمع بها إلا عبر المذياع، مثله مثل بقية شعوب الأرض ؟؟ ... سمعنا كثيراً عن (الانتفاضة المحميّة) من حزب الأمة، وعن (حركة النضال الجماهيري التي بدأت) من الحزب الشيوعي، وغير ذلك من الجمل الإنشائية الثوريّة المفخخة، والسؤال هو: هل الأفضل خداع الذات وتضليل الرأي العام؟ أم إعطاء الأشياء وصفها الحقيقي؟ هل الأفضل إدانة التظاهرة المشار إليها في المثال السابق لأنها أحرقت الجامعة أو أحرقت محلاً تجاريّاً؟ أم مباركتها ( كعمل ثوري جماهيري شريف)؟؟ إنها في تقديري مسألة التوظيف الخطأ التي نعاني منها معاناةً شديدة .. التوظيف الخطأ جعلنا نفقد عالماً ضخماً كان يمكن أن يكون إحدى منارات حركة التاريخ الإنساني كلّه، هو الدكتور حسن الترابي الذي يفضّل مطاردة صبية من الأمن! وفقدنا بالتوظيف الخطأ مفكراً أكاديمياً و(استراتيجيا عالميا) هو السيد الصادق المهدي الذي يعشق أن يرى ظلّه فيقدِّسه! وفقدنا مثله محمد أحمد المحجوب ومحمد إبراهيم نقد وعبد الخالق محجوب ومنصور خالد، وغيرهم من العظماء الذين أنجبهم الشعب السوداني، والتوظيف الخطأ جعلنا لا نقدّم خليفة لأمير الشعراء (أحمد شوقي) من مبدعينا، وهو صاحب العذوبة والتصوير والخيال والموسيقى الدكتور ودبادي، وخليفة شاعر النيل والخصوبة (حافظ إبراهيم ) وهو الأديب المجهول حسين خوجلي، والتوظيف الخطأ جعلنا جميعاً نعمل بالسياسة، فأمين حسن عمر مكانه ـ بلا منازع ـ ساحات البحث والتأليف والنظر الأكاديمي، ومثل ذلك الحاج وراق والخاتم عدلان وعلي محمود حسنين وبروفيسور إبراهيم أحمد عمر الذي أصبح يركب راحلته شرقاً وغرباً يدخل البطاحين والكواهلة وغيرهم في المؤتمر الوطني (الله أكبر).. ما هذا؟ هذا بالضبط هو التوظيف الخطأ لأستاذ الفلسفة الأكاديمي المرموق!! .. إنّ السياسة لا يشترط أن يديرها مفكرون أو أكاديميون .. ينبغي أن يقوم بالعمل التنفيذي فيها (موظفون) مثل توني بلير وجورج بوش، أمّا التفكير لهُم، فيتم في مراكز البحث والتخطيط، لكن ما يحدث عندنا هو عكس ذلك تماماً !!.. هذه إحدى تجليات التوظيف الخطأ، وهكذا يمكن استقراء المسألة من أوجهها كلِّها، فالتوظيف الخطأ في الممارسة التنفيذيّة والتخطيطيّة لحكوماتنا، يقابله التوظيف الخطأ في التخطيط والممارسة للمعارضات النيابيّة والشموليّة !! الآن، وقد حان موعد ترتيب التخطيط السليم المعافى للتجربة الديمقراطية القادمة ـ والمستدامة بإذن الله ـ علينا أن نخطط بوعي وتجرد ووطنيّة، لمسألة المعارضة، ما هي أدواتها؟ وما هو سقفها (مهما كان خطأ الحكومة) حتى لا يقع الشعب بين خطأ الحكومة وخطأ المعارضة ..!! لا بد من تفصيل هذه القضايا، لأننا نخشى أن تجهض المعارضة التجربة القادمة، الآن بدأنا نرى المحاولات الإعلامية التي تسعى لهدم المنجز التاريخي الذي تم التوصل إليه، ورأينا الأحزاب التي تتوجه لتمثيل المعارضة، أو التي لم تحسم أمرها، رأيناهم لا يحتملون صبر السنوات الأربع التي تسبق صندوق الانتخابات، فيتحدثون عن (الحكم الثنائي) وغيرها من تعبيرات (الضيق السياسي) الذي لا ينظر إلا بمنظار مصلحة الحزب !! ويتعمد تجاهل النظر الموضوعي للمعادلة التي أنجبت التحوّل القادم!! على الزعماء أن يتركوا البناء القادم للكادر القيادي والكادر الوسيط ، وهو مليء بالمبدعين المقتدرين، درّبتهم الأحزاب وجاء يومهم .. فليذهب الكبار (مشكورين) وليتركوا لنا هذه الكوادر المقتدرة ذات الأفق الواسع، والتي لا تثقل كواهلها (الحمولات التاريخيّة) كما تفعل بالكبار !!


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved