السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

في الذكري السنوية لرحيله ميشيل يوسف عفلق سودانيا وعربيا بقلم محمد سيد احمد عتيق

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/25/2005 9:58 م

في الذكري السنوية لرحيله

ميشيل يوسف عفلق سودانيا وعربيا

محمد سيد احمد عتيق ( كاتب صحفي سوداني )

بالنسبة لبعثيي السياق العراقي من مختلف الاجيال والاقطار يحتل ميشيل عفلق المكانة الاولي بالمقارنة للكثير من الشخصيات الاخري التي عرفها التاريخ الطويل والمتعرج لحزب البعث العربي الاشتراكي. فمؤسس الحزب الذي بقي امينا عاما له حتي مماته، فيما عدا فترة قصيرة خلال الستينيات، ظل بالنسبة للبعثيين رمزا وابا روحيا بعد ان كانت عوامل السن والمرض قد اقعدته عن دور قيادي فعلي خلال السنوات السابقة لوفاته. من هنا فأن الذكري السنوية لوفاته اواخر يونيو الماضي تغدو مصدر الم مضاعف للبعثيين اذ يلاحظون، مع كل من له ادني حد اهتمام بالموضوع او متابعة لوسائل الاعلام ومناير الثقافه، ان تاريخ ميشيل عفلق الفكري والسياسي لايجد اهتماما يذكر من قبل الناشطين في الحياة الثقافية والسياسية العربيه فتمر المناسبة دون ان يحس بها احد الا اذا كان ضمن الدائرة التي كان يغطيها الاعلام العراقي الرسمي. يعود هذا الي ان طريقة عرض ومعالجة دور عفلق في تاريخ البعث والحياة السياسية العربية عموما ترتدي طابعا تقليديا يتمثل في تكرار مفردات سيرته وبعض مقولاته بصورة مدرسية دون اخضاعها لنقاش مفتوح ومعمق هو السبيل الوحيد الذي يحفظ لمجموع الكتابات وصاحبها مكانا لائقا في ذاكرة المؤرخين والمفكرين العرب والاجانب حتي لو لم يكشف عن ابعاد جديدة فيها يتغذي منها الحاضر والمستقبل.

وبالنسبة للفضاء الفكري والسياسي السوداني بالذات فأن هذا النوع التقليدي من المعالجة الذي يتضمن ايضا التركيزعلي بعض جوانب ارث عفلق دون اخري حسب مقتضي الحال البعثي العراقي، يزيد الازورار عنه وعن الحزب عموما بعد ان اضحت اسلامية عفلق احد محاورها الاساسية منذ عملية غزو الكويت تحت تأثير المناخ التعبوي ذي النبرة الدينية الواضحة السائد عراقيا بينما تجربة السودان المريرة مع الاسلاميين تلح علي البحث المستنير والعقلاني الهادئ في الموضوع الاسلامي بمستوي يجعله الفارق بين حياة البلاد وموتها. ويشار هنا الي ان الصيغة البعثية السودانية كانت حميمة الصلة بميشيل عفلق من حيث تكوينها وتوجهاتها وعلي مستوي العلاقات الشخصية مع عدد من البعثيين السودانيين القياديين. فالتأسيس الواعد لهذه الصيغه خلال الستينيات شكل احد الروافع الهامة لمعنويات الاستاذ عفلق لانه جاء خلال فترة الجزر البعثي الجارفة المتأتي عن مزيج من احتداد الصراع مع الناصريه من جهه وضد (القطريين ) السوريين من جهة اخري الذي استهدفه بكثير من التجريح والتقزيم، لاسيما وانها كانت نبتا بعثيا في تربة بدت غير مواتية بسبب خصوصياتها المتميزة في الاطار العربي. كانت هذه الصيغة في بدء نشأتها متشربة بالكتابات العفلقية الوجدانية والرؤيوية الاولي وبالتالي شديدة الولاء له وبادلها هو منذ البدايه حبا بحب وولاء بولاء استمر وترسخ عندما توثقت صلتها بالتجربة السلطوية العراقية البعثية بعد ذلك من خلاله وهي التجربة التي هيأت لميشيل عفلق في الثلث الاخير من حياته استقرارا واحتراما كانا قد عزا عليه قبل ذلك. وتتبدي خصوصية اهتمام عفلق بالصيغة السودانية في اتساعه بمرور الزمن ليشمل السودان بمجمله في شكل حوارات مع شخصيات سياسية وفكرية سودانية من بينها الصادق المهدي، وفي وعيه بتعقيدات الاوضاع السودانية الي درجة انه قبل التعامل مع مصطلح العروبة السودانيه في خروج عن العروبية البعثية الكلاسيكية استيعابا لهذه التعقيدات كما اعتبر " ان الحزب في السودان له مكانة خاصة " لديه ولدي القيادة العليا في الحديث الوحيد الذي خصصه عفلق لمجموعة بعثية غير عراقيه وذلك في عام 1980 .

حميمية الصلة هذه ربما كانت المفسر الاهم لتصدي البعث –في- السودان لدور قيادي في قضية التجديد والدمقرطة في الحزب والعراق التي تهز كيانه وكيان عدد من تنظيمات البعث منذ فتره بأعتبار التصدي لهذه المهمة الصعبة هو في احد حوافزه القوية الممكنة افصاح شعوري او لاشعوري عن الوفاء لتلك الصله بحكم العلاقة الوثيقة بين اطلاق دفعة ديناميكية في الحزب وامكانية احياء الاهتمام بأرث عفلق وسط اوسع دوائر المثقفين السودانيين والعرب نظرا لاستحالة الفصل بين البعث ومؤسسه. في هذا السياق يأتي ترحيب وتشجيع البعث- في- السودان للمعالجات النقدية والتقييمة لسيرة ميشيل عفلق الفكرية والسياسية والشخصية سواء من اعضاء الحزب او محاوريه من الاتجاهات الاخري كأحد مكونات ومظاهر توجهه نحو تسليط اضواء المراجعة واعادة النظر في التجربة البعثية السودانية والعربية بمجملها التي يبدو انها تجد سوابق ونظائر واصداء لها لدي البعثين اليمنيين والاردنيين والموريتانيين. لذلك لم يكن غريبا ان تصدر احدي محاولات النظر الجدي النادرة في تراث عفلق عن كاتب سوداني هو عبد العزيز حسين الصاوي. ففي كتابه الموسوم " مراجعات نقدية للحركة القوميه: عوده جديده من السودان الي موضوع قديم " الصادر عام 1999 عن دار الطليعه البيروتيه دراسة قصيرة تعالج لاول مره موضوعين هما الاثر المسيحي في فكر ميشيل عفلق وتكوين شخصيته، ومقارنة تبين تشابها مثيرا للاهتمام بين مختلف جوانب سيرته الذاتية وسيرة مازيني ثاني اثنين مع غاريبالدي في قيادة حركة الوحدة الايطاليه. كما يتطرق الكتاب تحت عنوان " المرحلة العراقية في حياة عفلق " الي صلته بالتجربة البعثية العراقية محللا اثر تداعيات عملية الكويت كأحد عوامل محدودية الاهتمام غير البعثي العراقي به. والي جانب الفصل الذي خصصه المفكر القيادي المعروف د. محمد جابر الانصاري لعفلق في كتابه التأسيسي " الفكر العربي وصراع الاضداد " ( 1996)، نجد نموذجا جيدا لنوع الاهتمام النقيض غير المنتج بتراث عفلق وان لم يكن تقليديا وهو كتاب " الاستاذ " لزهير المارديني الصادر عن دار الريس اواخر الثمانينيات لانه ليس سوي مجموعة من الفصول والفقرات المأخوذة حرفيا عن كتابات سابقه حول الموضوع بصورة تشويهيه. والحال انه حتي اذا لم يعد للبعث من اهميه سوي انه حكم بلدين استراتيجيي الاهمية فان ايلاء اهتمام كاف بالتراث العفلقي يبقي مبررا وضروريا.

( عن صحيفة القدس العربي اللندنيه

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved