اكتملت الاستعدادات لانتخاباتنا التشريعية وعلت صور المرشحين، الذين يمثل الشباب من الجنسين أكثر من ثلثيهم، لوحات الاعلانات، وتقول سيرتهم الذاتية أن الكثيرين منهم نالوا حظا من التعليم العالى فى بلادنا وفى بلاد الدنيا المختلفة ومنهم من صقلته الغربة بتجاربها الثرة والمرة ورأى بعينيه كيف تعمل المنظمات السياسية والحزبية فى بلاد غير بلادنا. طرحوا فى هذه الاعلانات برامجا معقولة ومقدورة للدورة التشريعية المرتقبة وخلت هذه الاعلانات من وجوه القيادات التاريخية للاحزاب، التى أدركت بحصافتها وخبرتها أن هذا زمان غير زمانها وأن الشباب قادرين على قيادة العمل التشريعى والتنفيذى بروح عالية خالية من مشاكسات ومناطحات الماضى التى اضعفت الأحزاب، وباعد التنافر الشخصى بين زعمائها بين برامجها المتقاربة، وأصبح الخلاف على كل شئ هو السائد وأقعد ذلك البلاد منذ استقلالها عن النهضة والتنمية. جاءت نتائج الانتخابات فى معظم الأحزاب لصالح الشباب بنسبة تفوق 80% وأصبحت ليالى الاحزاب السياسية تتحدث عن تقاربات واندماج بين التنظيمات التى طرحت برامجا متشابهة وأفكارا متقاربة. وعندها تأكد القادة المخضرمون للأحزاب من تصميم الشباب على القفز فوق أسوارهم الحزبية العالية التى بنوها حولهم وأحاطوها باسلاك شائكة وربما مكهربة لحجب أتباعهم من التواصل مع غيرهم ولجعلهم أسرى لرأى الطائفة والحزب والجماعة لاغيرها. انطلق الشباب بعزيمة لاتفتر لاحداث التغيير المنشود وتحمل المسؤولية الكبيرة ووضعوا أيديهم فوق أيد بعض وقاربوا بين رؤاهم وأفكارهم وصفوفهم تاركين وهم الخلاف وتوجس الماضى وراء ظهورهم، مدركين أن الوطن الكبير لا تبنيه الا ارادة حرة خالية من طائفية حزبية ضيقة ومن رواسب واسقاطات الماضى الهتافى. حينها انصرف بعض الزعماء للتقاعد الاجبارى أو لأداء مهام أخرى كالقاء المحاضرات فى الجامعات والاكاديميات وكتابة تاريخ مسيرة الحركة السياسية فى ماضيها وحاضرها كما أسس بعض هؤلاء الزعماء مراكزا للبحوث والنشر واشادوا قنوات فضائية أصبحوا يخاطبون عبرها العالم ويحاورون بها أهل ملله وثقافاته مضيفين بذلك اسهاما عالميا للثقافة والفكرالسودانى،،،