السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رثاء النفس والتصالح بقلم إيهاب عثمان خالد -الرياض / الملز

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/19/2005 3:13 م

قد تتلون طرقات الحياة بألوان زاهية وتفرش بأجمل انواع الزهور .. وتمتد بخطوط براقة .. تجذب النظر والعقل .. فيسعد الأنسان بولوجه اليها .. وبسرعة خطواته عليها .. متلمساً بيديه وناظريه .. حسن جمالها .. مستمتعاً به .. الأستمتاع الذي يزداد مع وصوله الى هدفه المنشود في الحياة .. ليقرع بيده الناعمة بوابة النجاح .. ويدلف عبرها الى قمم ربما يتربع على وأحدة منها .. ولكنه قد يفأجا بعد بداية طريقه .. أو في منتصفه .. أو قبل نهايته .. بأنتهاء الألوان الجميلة والزاهية .. والأزهار العبقة .. والخطوط اللامعة وليس هنالك من شيئ غير ترأب .. وحجار وأشواك تكسو الطريق .. وطحالب تزين جوانبه .. وخطوط باهتة تمتد أمامه .

أذا وصل الأنسان لمثل هذه الطرق .. قد تلفع نسائم الضعف المعتلة .. فيرثي فيها لنفسه .. ويلوم ويندب فيها حظه .. ويوبخ فيها خطواته .. وذلك ما يعرف برثاء النفس .. فأصعب أنواع الرثاء هو رثاء النفس .. لأن فيه تطمس معظم محاسنها .. وتفتح كل أبوابها للحزن الذي يفقدها الثقة في كل شيئ .. فيدحرج عثرات الطريق أمامها .. ويضعف بالتالي مقاومتها على تجاوز أبسط الصعاب وألينها .. ذلك لتفتح ثغور الضعف في جدارها .. وأنحسار بذور القوة في قاعها .. مع زيادة الأشفاق والتحسر عليها .. كل هذا يؤدي الى أهتزازها .. وتصلب خطواتها .. وترددها في أتخاذ قراراتها .. والتشكيك في قدرتها وقدراتها وامكانياتها .

من منا لم يخطئ يوما ما مهما صغر أو كبر ذلك الخطأ ؟؟ من منا من لم يفشل ويتعلقم مراراة الفشل في حياته ؟؟من منا ممن لم تفاجئه بعض لحظات أو أن شئتم فقولوا ساعات من الزمن بشيئ من الجحود والنكرات ؟؟ ولكن المهم ان لا يلقي الواحد منا باللوم على نفسه فقط .. وينعي حظه ويتحسر على ما فاته من فرص .. ويزيد من مشاعر الأشفاق على ذاته !! ولا يعني ذلك المكابرة على الاعتراف بالخطأ .. والأحساس بالندم .. ومحاسبة النفس .. باعادة ترتيب أوراقها بطريقة منظمة .. وأنما الاعتراف الذي يصحح الخطأ .. والندم الذي يوقد مشاعر الحماس للأقدام على سلك السبل مهما كانت وعورتها .. ويبرز قدرات المرء ويساعد على تكامل شخصيته .. وثباتها .. فرثاء النفس حتى وأن كان مريحاً للأنسان في لحظات ضعفه .. فأن الاستمرار عليه سيطفئ مشاعل التوقد في شخصيته .. ويدثر عينيه بسواد يحجب الرؤية الواضحة .. فلا يرى غير خطوط سوداء تمتد امامه .. وتضعفه وتلين خطواته .. فتجعلها سهلة طيعة للرياح الموسمية .. والمفاجئة .. تعبث بها فلا يستطيع وقتها مساعدة نفسه بل سيبتعد كثيراً عن الصواب .. ويخرج بأنحراف مشوه عن مسار الطريق .. ليبقي وحيداً .. وبعيداً عن غيره حتي عمن كان مقرباً لهم في السابق .. حيث سينحصر تفكيره وهو متربع خارج المسار في مرحلة الازهار التي كان ينعم بها فيما مضي .. مما يزيده أشفاقاً على حاله في وقته الحاضر .. ويستحضرني في هذا الشأن ما ظل يردده أحد الفلاسفة المفكرين في قوله { في أستغراق المرء في الرثاء لنفسه أو الأشفاق الذاتي ليس أي ثمة فائدة له بل على العكس تماماً فأنه يميل الى أفساد نفسه .. وأتلافها ، وبالتالي تتملكه اللامبالاة المتزايدة بالنسبة الى اعوانه واصدقائه } .

بالطبع لكل منا رحلة خاصة به .. فمنها الرحلة السعيدة ومنها الرحلة التعيسة أو الشقية .. ومنها الرحلة المؤلمة .. ومنها الرحلة المخيفة .. وذلك بأختلاف الاشخاص أنفسهم ومدي تعايشهم ونقبلهم لرحلاتهم تختلف معايير هذه الرحلات وتتفاوت نسبة السعادة والشقاء والألم فيها .
من الطبيعي والبديهيات بل والمسلم به أن الأنسان يحتاج لغيره من البشر .. ولذلك تكون رحلة الحياة المشتركة متوقفة عليه وعلى نجاح من معه فيها .. ولكن هناك وقفة فأخفاق الأنسان في أختيار الاشخاص الذين يصطحبهم مع قد يؤدي الى نتائج مؤلمة والخطأ في هذا الشأن وارد .. فمعادن الناس لا تعرف الا بالعشرة والمواقف الرجولية .. أذن فانتقاء طاقم الرحلة ضروري لكل الرحلات تجنباً لحدوث خلل يسير بموكب الحياة الى الهاوية .. والى رثاء النفس الذي يحرق الشخص .. فيبدد أحلامه .

فمن واقع الحياة المعاشة .. قد نجد أن هنالك بعض من الناس من يحول حياته الى حياة مظلمة يملأها اليأس .. والاكتئاب .. بمجرد تعرضه لصدمة نفسية ربما تكون فشلاً في الدراسة .. أو فشلاً في مجال العمل .. أو فشلاً في اختيار الزوجة .. أو حتي فشلاً في في زواج غير مكتمل النمو أو بتعبر أدق زواج غير ناضج .. أو قد يكون هذا نتاج أنهيار كيان الأسرة .. أو غيرها من الأسباب التي تحدث بارادته .. أو غير هذا .. فيحول الحياة الى جحيم يسرى في جسده ليقضي عليه يوماً بعد يوماً .. فيصبح أنسان لا هدف له في الحياة .. ليس له طموح .. أو آمال في الحياة .. فيجب على الأنسان مهما قابلته الأيام بآلامها وأحزانها أن لا يجزع من دنياه .. فلا يأس مع الحياة .. ولا حياة مع اليأس .

فلو أقتنع الأنسان بأن طرق الحياة متعددة ومتشعبة .. فمنها الممهد ومنها الوعر .. ومنها المحفوف بالورود والياسمين .. ومنها المحفوف بالأشواك الكثيفة المتشابكة .. ومنها ما هو خليط بين هذا وذاك .. المهم أن يمنح الأنسان نفسه قيمتها ويدعمها .. ويخرجها من دائرة اللوم الحارق .. والندم الخانق .. وليؤمن أيماناً تاماً بأن الحياة لا يمكن أن تصفو تماماً للأنسان .. فمن نجح في بدايتها قد يداهمه الفشل في منتصفها .. ويعيده مرة اخري الى أول الطريق حيث نقطة الصفر ليبدأ مشواره من جديد .. ومن أمتلات يداه بالخير الوفير قد تهب عليها رياح أختبار الحياة الصعب وتجعلها صفراً .

كل هذا وغيره متوقع في حياة الأنسان التي لا تتعدي عن كونها ثواني ودقائق وساعات غير ثابتة .. تتخطف أوراقها الأيام والأسابيع والشهور والسنون .. وتنثرها في طرقات الحياة بين نجاح وفشل .. وبين قمة وقاع .. وبين بياض وسواد .
علينا أن لا نرثي أنفسنا .. وأن لا نحتقرها .. بل يجب علينا أن نتصالح دوماً مع أنفسنا .. فالذى لا يتصالح مع نفسه بالطبع لا يتصالح مع الآخرين .. أياك أعني .. فلا ترثي لنفسك .. ودع اليأس جانباً .. وأفتح صفحة جديدة للحياة .. فأجمل الأيام تلك التي لم تأتي بعد .

ولي عودة لهذا الشأن .

إيهاب عثمان خالد
المملكة العربية السعودية
الرياض / الملز
[email protected]
[email protected]



للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved