ماذا اصاب التجمع الوطنى الديمقراطى ؟؟ سؤال حائر بات يتردد منذ فترة طويلة داخل الاوساط المؤيدة للتجمع وبين المراقبين للشان السياسى السودانى.... فمن العزيمة على انزال الهزيمة ... ومن الاصرار على الاقتلاع ... الى القبول بما هو دون المامول .. ومن رفض ماشاكوس الى الترحيب بنيفاشا ...ومن التحفظ على جدة الاطارى ... الى القبول بالقاهرة .... هذه الحالة بلا شك تعكس ما يشهده هذا التجمع من ارتباك وتخبط ... يطول المقال اذا اردنا ان نتتبع الحال ... الذى ابرز عناوينه تخبط المسار... وسوء القرار
والقرار المعنى هنا هو قرار العودة الذى كان مسار خلافات حادة فى اجتماع التجمع الاخير حسبما نشرت وسائل الاعلام والتى لخصت ازمة العودة فى ان الشيوعى استعجلها وطالب بان تكون فورية وتنفذ مباشرة بعد نهاية الاجتماع الاخير فى حين طالب غريمه الاتحادى الديمقراطى بالتأنى والتدرج فى تنفيذ قرار العودة وقد نجح الاخير فى ذلك لان الجو العام فى التجمع لم يكن مع العودة الفورية نظرا لوجود قضايا عديدة عالقة بعضها يهم التجمع بكامله وبعضها يهم بعض فصائله ( جبهة الشرق وجبهة دارفور)
هذه العودة اثارت تساؤلات عديدة من ضمنها هل سيعود التجمع معارضا للحكومة الجديدة ام مشاركا فيها؟؟ هل سيفسح المؤتمر الوطنى وشريكته الحركة الشعبية (برضاهما) مكانا فى قسمة السلطة يسع التجمع؟؟ ولماذ استعجل التجمع مغادرة مساطب المعارضة قبل ان يضمن كراسى السلطة الوثيرة ام ان فى الامر سر وجهر؟؟هل يا ترى بمقدور وفد التجمع العائد الاجابة على هذه الاسئلة الحائرة؟؟
عاشت الساحة التجمعية على امتداد الاسبوع المنصرم حالة من الانتظار والترقب والمتابعة لوصول وفد التجمع كانت سمتها البارزة هى التخبط والارتباك ودونك التصريحات الصحفية المتناقضة فى صحف الخرطوم اليومية حيث تطالع تصريحا للناطق الرسمى حاتم السر مختلفا عن تصريح وفى ذات الصحيفة لنائب الرئيس الفريق عبدالرحمن سعيد وثالث يتعارض مع الناطق الرسمى ونائب الرئيس منسوبا لمساعد الرئيس فاروق ابوعيسى مما ضاعف من حيرتنا وجعلنا حتى هذه اللحظة لا نعرف تشكيلة الوفد ولا اسم رئيسه ولا مهمته ولا برنامجه ولا مدة اقامته وهل هى عودة نهائية ام مؤقتة؟؟!!ولاحداث المزيد من الربكة فى صفوف التجمع بادرت بعض الاقلام الصحفية المحسوبة على الحزب الحاكم لتفسر حالة التناقض فى خطاب التجمع وبالذات حول زيارة الوفد باعتبار انها تؤشر الى وجود خلافات وصراع داخل التجمع حول رئاسة الوفد ولمن تسند!! هل تسند لنائب الرئيس ام مساعده؟؟
ونحن فى انتظار ان نسمع القول الفصل من التجمع والافادة المبينة لجلاء ما هو ملتبس اذا بمفاجأة كبرى اثارت دهشة الجميع وعقدت ألسن جماهير التجمع المناضلة حيث ترددت انباء هنا فى الخرطوم قامت الحكومة بتسريبها عمدا عزت تاخير وصول وفد التجمع الى اسباب تتعلق بوجود ازمة مالية اقعدت التجمع عن توفير تذاكر السفر ومصاريف الوفد ومن ثم بدات تتكشف للراى العام الداخلى حقائق الامور وان التجمع فتح خطا ساخنا من مكتبه بالقاهرة مع مكتب نائب رئيس الجمهورية الاستاذ على عثمان طه وبدا يستجدى الاخير لكى يوفر لاعضاء وفد التجمع تذاكر الطيران ذهابا وايابا وعلى( الدرجة الاولى) وحجز اجنحة وغرف فى فندق هيلتون (مطلة على النيل) لاقامة اعضاء الوفد وتخصيص سيارات للتنقل ومصاريف للنثريات و.......الخ
هذا التصرف الغريب والسلوك العجيب من قبل وفد التجمع والذى قامت الدوائر الحكومية بتسريبه وقع كالصاعقة على جماهير التجمع خاصة قطاعات الطلاب والشباب والمراة والنقابات وضحايا التعذيب واصابها بصدمة عنيفة وولد لديها احباطا شديدا وجعلها تتساءل ما معنى مجيئكم للخرطوم بعد كل هذا النضال لينتهى بكم المطاف ضيوفا لدى المؤتمر الوطنى ؟ ان كانت هناك جدوى لعودتكم غير الدائمة فلماذا لا تتصرفون كما فعلت الحركة الشعبية عندما ارسلت وفدها الاول قبل اتمام الاتفاق مع الحكومة وقامت بالصرف عليه من حر مالها ووفر لهم الطائرة العقيد القذافى؟؟ لماذا لا تتصلون بأمينكم العام فاقان اموم والذى تراس فيما مضى وفد الحركة لستفيدوا من تجربته و ليشرح لكم كيف تصرف حتى تفعلوا كما فعل؟؟؟ ان كانت قد اصابتكم عسرة مالية فدعونا نستضيفكم نحن جماهير التجمع وجنوده الاوفياء وننال بذلك شرف خدمتكم ونحن على اتم استعداد ان نضع بيوتنا وسياراتنا تحت تصرفكم صحيح ان سياراتنا ليست فارهة كسيارات المراسم ولكنها عنوان النضال وبيوتنا ليست انيقة كغرف الهيلتون لكنها بيوت اهلكم الغبش الشرفاء فى السودان اما التذاكر فيمكن لفروع التجمع فى الخارج ان توفرها اذا تمنعت دولة الاتفاقية (القاهرة) من توفيرها على ناقلها الوطنى ولا اظن انها سترفض اذا طلبتم منها ذلك فحسب علمنا قد قدمت لكم الكثير فيما مضى
عليكم ان تدركوا يا وفد التجمع العائد ان حالة هائلة من الغضب الشعبى لا مثيل لها بدات تجتاح الشارع السودانى بسبب الانباء التى تتردد كل صباح فى مجالس الخرطوم عن مطالبكم الخاصة بالاجنحة الفارهة فى الفنادق ذات النجوم الخمس وسيارات المراسم السوداء اللامعة ومصاريف الجيب بالعملة الاجنبية ويتم تصوير مجيئكم وكانكم خبراء اجانب وليسوا اصحاب قضية
عليكم ان تدركوا ايضا وقبل ان تحط طائرتكم بمطار الخرطوم ان تاييد الشارع السودانى لعودتكم قد بدا يتراجع كما بدا الحماس يفتر والاقبال يضعف اما الامل فى انكم ستحققون فائدة للشعب فقد ذبل تماما
عليكم يا وفد التجمع العائد الا تستغربوا ولا تصابوا بالدهشة اذا رجمتكم الجماهير بالبيض الفاسد او استقبلتكم بالشعارات المعادية والهتافات غير الودية
اخيرا نحن لسنا ضد عودتكم الى احضان وطنكم الدافئة ونجل ونقدر تضحياتكم الجسام ونضالكم الشرس من اجل الديمقراطية والحرية والسلام ولكن لا نريد لعودتكم الميمونة ان تكون عن طريق السبيل الخطا كما لا نريد لها ان تكون عن طريق الاذلال والمهانة وبالطريقة المذلة والرخيصة التى يجرى بها الاعداد حاليا كما يسؤنا ان نراكم وانتم تستدرجون الى مهمة فاشلة ولن يكون النصر فيها حليفكم
هذه دعوة صادقة للتامل والمراجعة واتخاذ القرار الصحيح والصائب ولهذا كله لماذا لا تقومون بتفويض سكرتارية التجمع بالداخل لاجراء المشاورات المطلوبة مع الحكومة ويمكن ان تعزز وتدعم بقيادات سياسية فى قامة الاستاذ محمد ابراهيم نقد والاستاذ على محمود حسنين وان يقدموا لكم تقريرا مفصلا فى اجتماع اسمرا المقبل بموجبه يتخذ التجمع قراره النهائى بشان العودة والمشاركة ويحسم هذا الجدل الدائر لمصلحته.
عبدالرحيم الشيخ