السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بين الضفة والساحل الفصل الثالث - الضفة الخضراء- بقلم: بقادى الحاج أحمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/14/2005 9:48 ص

بين الضفة والساحل الفصل الثالث - الضفة الخضراء- بقلم: بقادى الحاج أحمد
ملخص لما نشر:
الفصل الأول: بالروح بالدم نفديك يا سودانا
قدم الراوي مشهد من موكب انتفاضة ابريل1985م،صمود المنتفضون أمام فوهات
البنادق:
" لماذا اعتقل يا ترى؟
سأل الناس لا سبب
حان الوقت ليعرف الناس يعتقلون
من دون سبب"
ثم ما تبع ذلك من تغيير في الحياة ، لم يستغل في تنمية حقيقية، بل خفت صوت
الانتفاضة سريعا وتلاشى، وكأن شيئا لم يحدث.

الفصل الثاني: الله يسلمك..

نزل الراوي من قمة جبل الانتفاضة، يبحث عن آثارها.. واسباب لقمة العيش. ظل
نشاطه موزع بين العمل والدارسة الجامعية، تراوده أشواق العثور علي شريكة
الحياة، في طيف ندى .. أميرة وسمرة.


الفصل الثالث
الضفة الخضراء

مثلما كان قرارا صائبا، قرار امتلاك المؤسسات والشركات والمصالح الحكومية
لباصات وحافلات تقوم بنقل موظفيها وموظفاتها، كذلك قرار الإجازة بدون مرتب نزل
بردا وسلاما علي أولئك الذين كانت جباههم تشع بشمس الانتفاض الوهاجة، عندما
حـمي الوطيس كانوا في قلب الشارع، وسط المعمعة ولم يكونوا في أي مكان آخر..
فتحت الإجازة بدون مرتب آفاقا جديدة، جعلتـني أفكر في إعادة ترتيب الأمور
والأوليات. اخذ إجازة بدون مرتب لمدة عامين والسفر للعمل بالخارج ، ثم العودة
إلى الوظيفة مع عدم فقدان الترقيات. كسر حاجز التردد عند التفكير في السفر
للخارج لتحسين الدخل، في عدم وجود الإجازة بدون مرتب، فقدان الوظيفة وضياع
سنين الخدمه وفقدان المعاش أو مكافأة نهاية الخدمة. كلها قيود واهية تكبل
الموظف وتمنعة من المغامرة وتعطيه آمان زائف. ولكن ألان بخطوة واحدة يكون المرء
في الضفة الأخرى ليرى هل هي اكثر اخضرار كما تبدو من بعيد أم لا ؟ ثم يعود
بسلام إلى ارض الوطن.
كان التفكير في الاغتراب والسفر للخارج من اجل الدارسة في استراليا، كندا أو
أمريكا موجودا لكنه محفوف بمخاطر الهجرة والهويه، وان السبـيل إليه يحتاج إلى
إمكانات غير متوفرة، مراسلة الجامعات والحصول منها علي قبول وحدها لا تكفي ،
هناك التهيؤ للسفر معنويا وماديا .
بعد الحصول علي الوظيفة انحصر التفكير في السفر للخارج من اجل العمل وتحسين
الوضع المادي ، وان كان أيضا محفوف بمخاطر الاستقالة عن العمل وترك الوظيفة.
ألان اصبح التفكير واضح ولاتشوش عليه أي مخاطر، ترك العمل مؤقتا في إجازة سنوية
بدون مرتب لمدت عامين، تجميد الدراسة الجامعية إلى حين العودة، ومن ثم الحصول
علي عقد عمل لمدة عامين ، تغطيها فترة الإجازة بدون مرتب.
*
بدأت استعين بخبراتي القديمة في كتابة الطلبات للالتحاق بالوظائف الشاغرة
والأعداد للامتحانات والمقابلات وقبل ذلك متابعة صفحات الصحف اليومية للبحث عن
إعلانات وظائف مكتب العمل الخارجي.
لم يطل الانتظار ، لانه كان في ذلك الوقت كثير من الشركات الخليجية تتدافع
بالمناكب من اجل خبرات العمالة السودانية المميزة. الإعلان كان يشترط علي
المحاسبين شهادة جامعية وخبرة ثلاثة أعوام أو بعدم وجود الشهادة الجامعية خبرة
خـمسة أعوام مع معرفة بتشغيل الكمبيوتر.
بعد التقديم وخوض جولات المعاينات وبمعاونة الكمبيوتر تم بحمد الله القبول،
وبدأت الاستعدادات إلى السفر أولها الموافقة علي الإجازة بدون مرتب لمدة عامين
التي كانت شرطها الوحيد موافقة الرئيس المباشر. دخلت عملية السفر حيز العلن
حيث الكل في العمل والمعارف اصبحوا علي علم بها. اخذ الكل يراني بعيون جيدة.
السؤال المستمر اصبح عن السفر وإجراءات التعاقد ومكان العمل.. والسؤال التقليدي
من الجميع.
لسه ما سافرت؟
ويكون الرد بشرح الأسباب التي حالت دون السفر حتى تلك اللحظة.
وبدأت أنا أيضا أري الناس والبلد بعيون جديدة، أرها بصور زاهية ناصعة، مثل تاج
الصحة الذي لا يراه إلا المريض علي روؤس الأصحاء. بدأت أحس أنى مقدم علي فقد
الوطن العزيز علي، وفي المقابل مقدم علي عالم مجهول غامض، رغم كل التفاصيل التي
إعلمها من قبل والتي عرفتها ألان عن العمل في تلك البقاع.
كنت أحس في نظرة الزملاء والزميلات لي بأنهم يتمنون أن يا خذوا مكاني فقط من
اجل الذهاب إلى هناك إلى الضفة الأخرى ليفوزوا بتلك الخضرة التي تتراء لهم من
علي البعد.
كانت تبدو لي من الناحية العملية ، بعد أن شمرت عن السواعد لا أخوض غمارها
مختلفة عن ما يروه، هناك العسل ولكن دونه لسعات النحل..
كنت أحس في اهتمامهم بالمشاركة والتشجيع رغم سؤال – لسه ما سافرت؟ يبدو مزعج
لما يحتاجه من تبريرات ولما يعطى من انطباع باستعجال السفر.. مع تكرار السؤال:
لسعه ما سافرت؟ من كل من تقابل.
يستبد بالمرء الضجر أحيانا..
انتو زهجتو مني يا جـماعة ولا شنو..
لقد وضعوني خارج حساباتهم ، ورغم شعوري الداخلي بالفوز والقبطه إلا إنني أيضا
اشعر بالقلق والتوتر والخوف من الفشل هناك . . الخوف من المجهول. وقبل ذلك بدأت
أحس بأنني غريب عن المجتمع الذي كنت جزاء منه، كل تفكيري واهتمامي اصبح هنالك
في ذلك البلد القادم اليه.
تمت الموافقة علي الإجازة بدون مرتب لمدة عامين، تحدد موعد السفر، حزمت أمتعتي
ومشاعري استعدادا للسفر، ودعني الزملاء وداعا حارا موثقا بحفلة وداع وصور
تذكارية، ودعت الأهل والأصدقاء والحبائب والبلد وداعا حارا أيضا.
في ذلك الخريف والعام في ربعه الأخير، بعد إن قضيت خـمسه أعوام في العمل مليئة
بالتجارب والخبرات ، أتوجه الآن لافتح صفحة جديدة في العمل في بلد آخر مع ناس
آخرين..
*
في المطار قبل ساعة من إقلاع الطائرة اجتمعنا. كنا أحد عشر محاسبا قاصدين
الشركة نفسها، كنا كفريق كرة القدم، الساعة الواحدة صباحا موعد الطائرة
القادمة من أحد العواصم الأفريقية تقضى ساعة في الخرطوم ومن ثم تأخذنا والمؤن
وتنطلق. وصلت الطائرة في مواعيدها، تحمل ركابا جميعهم كانوا نائمين، ماعدا
مضيفة الكبينة التي تولت مهمة خدمتـنا.
كانت المضيفة كقطعة آبنوس طويلة ممتلئة الجسم، ذات وجه أفريقي الملامح واضح
القسمات براقة البسمة، تصلح نموذج لأنثى أفريقيه . كانت أنوثتها تضغط علي
الزي محاولة الخروج والبروز اكثر واكثر..
كنت آري فيها أفريقيا تلك السمراء وارفة الأشجار والظلال، مملوءة الأنهار
والرهود، عالية التلال والجبال، عميقة الوهاد والاوديه. أفريقيا التي تجود
بالمياه والثمار والأنعام والمعادن.أفريقيا ارض مسكونة بالسحر والفتـنة
والجمال.أفريقيا يا سمراء، يا مبتداء الإنسان ومنتهاه ..
بدأت المضيفة توزع المشروبات مع الابتسامات، أخذنا نتلقي ذلك جميعا، و أنا
أتعداه.. مع التحديق فيها وهي بيننا جيئة وذهبا، لاسألها عن السياحة فتلك
البراري ألا فريقيه الشاسعة ذات التضاريس والخيرات الوفيرة.
عندما نفزت كل استفساراتي كان جميع ركاب الخرطوم ما عدا راكب واحد يقطون في
نوم عميق. أصبحنا؛ أنا والمضيفة الصاحيان الوحدان في الكبـينة، علي ارتفاع شاهق
تحلق بنا الطائرة عند الفجر مبتعدة عن أفريقيا، ونحن داخل الطائرة نحلق في
سماوات أفريقيا المرصعة بالنجوم.
كنت بعيدا من حال النوم مثل الآخرين ، وقريبا من مواصلة ذلك التحليق والصحو حتى
الصباح، أو أن اغني مع بوب مارلي " افريكا يونايت" -" افريكا يونايت" حتى
الصباح أيضا.
جاءت المضيفة وسالتني هي هذه المرة أن كنت ارغب في شراب؟
.. قلت: لا شكرا.
لعل المضيفة أرادت أن تساعدني علي النوم بعرضها هذا، لتتمكن هي الأخرى من
النوم، أو التخلص من زبون ما بعد منتصف الليل..
هونت عليها الأمر، أدرت ظهري لخمرها، لقد دعاني من هو اكرم منها، واستقبلت
النافذة لاعبْء من خـمر اصفي واعتق؛ خـمر الصباح الذي انبلج ، ونحن علي ارتفاع
منخفض فوق الأخدود الأفريقي العظيم- البحــر الأحـمر، لوحه رائعة البهاء،
أسكرتني وأنستـني نفسي، والغربة المقدم عليها، وتلك الابنوسيه المكتنزة..
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved