ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
الجمهورية الثانية,, والهوية الإفريقية للسودان بقلم أبو بكر القاضي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 7/13/2005 10:33 ص
أبو بكر القاضي : الجمهورية الثانية,, والهوية الإفريقية للسودان في هذه المقال الذي نكرسه للاحتفال بتنصيب الدكتور قرنق نائبا لرئيس الجمهورية في السودان,, والذي يشكل نقطة تحول في تاريخ السودان ككل وهو ما اصطلح عليه بالجمهورية الثانية للسودان, سنعالج هذا المقال حسب المحاور التالية: 1 - ميلاد السودان الاول عام 1956 كان عربيا وحدويا, 2 - ميلاد السودان الثاني عام 2005 جاء إفريقيا يبشر بهوية «سودانية» إفريقية, 3 - قراء سياسية لديوان مدني النخلي» واقف براك, 4 - هل تطلق الحكومة يد د, قرنق لفك عزلة السودان؟ 5 - ارتيريا الحاضر الغائب في حفل تنصيب قرنق, 1 - استقلال السودان عام 1956 والذي بدأ بالحكم الذاتي عام 1253 جاء في وقت كان المناخ السوداني مفعما بالتيار العروبي الناصري ومد ثورة 23يوليو 1952, لقد تعاطف الشعب السوداني مع هذه الثورة لاسباب خاصة اضافية لكون ان قائد الثورة كان اللواء محمد نجيب حيث انه في شخصه وبدمائه يمثل وحدة وادي النيل,, ولعل من اسباب توقف المد الجارف نحو وحدة وادي النيل ما جرى من عزل للرمز محمد نجيب - حيث رأى بعض السودانيين ان «الغدر» بمحمد نجيب يمكن ان ينسحب على السودان كله, لقد جرت انتخابات البرلمان الاول للسودان تحت شعارين الاتحاد مع مصر أو الاستقلال التام والانضمام لكومون ويلز البريطاني, وقد فاز الاتحاديون بالأغلبية في البرلمان, ومع ذلك قرر الشهيد اسماعيل الازهري استقلال السودان من داخل البرلمان, استقل السودان شكليا عن مصر ولكنه عمليا ظل تحت الوصاية المصرية, وتحت الاستعمار الثقافي المصري, وظل السودان عبر مناهجه الدراسية واعلامه الرسمي يحمل نيابة عن مصر مشروع الأسلحة والتعريب بحجة ان هذا المشروع هو الوحيد الذي يمكن ان يوحد السودانيين ويضمن تبعيتهم الدائمة لمصر, ويبقى على السودان كمستودع للمياه لصالح مصر, 2 - بتوقيع اتفاقية السلام في 9/1/2005 في نيروبي تحت رعاية منظمة الايقاد بدأ السودان دخول مرحلة جديدة وصفها الاعلام العربي (بالجمهورية الثانية) كناية عن بداية عهد جديد سيشهد تحولا وتغيرا جذريا يتجاوز التحول الديمقراطي إلى التحول في الهوية الثقافية,, نحو الإفريقية, يجب ان نشير إلى ان التحول نحو الإفريقية قد صنعته ظروف عديدة, منها ظروف «اختيارية» حيث اختار شعب جنوب السودان النزوح والهجرة إلى الشمال الذي يبدأ من كوستي حتى حلفا, وكذلك نزوح ابناء الهامش في جبال النوبة ودارفور للخرطوم حيث شكل النازحون حزاما اسود حول العاصمة التي اكتظت بالمهمشين بسبب غياب التنمية والخدمات في الأطراف, السبب الآخر «قسري» وهو التهجير القسري الذي مارسته حكومات المركز المتعاقبة التي قامت بتسليح القبائل العربية واعطتها الحماية والترخيص بتجريد القبائل الزنجية من ممتلكاتها واجبارها على مغادرة مناطقها الاصلية,, وقد نزحت هذه القبائل للشمال عموما والخرطوم بصورة خاصة, بالنظر إلى ملامح أهل الخرطوم تجد ان ملامحهم لا تختلف عن اهل سنار عام 1505, أو سكان انجمينا أو داكار اليوم - باختصار تجد نفسك في مدينة أو عاصمة إفريقية لا يمكن ان تكون عاصمة الثقافة العربية, لان الثقافة لها مدلول كبير اكبر من اللغة العربية التي يتحدث بها المستعربون, بالنظر إلى شريحة من الحضور في حفل تنصيب قرنق بالصف الاول بجانب المشير عمر البشير نستطيع ان نستقرئ مستقبل هوية السودان الإفريقية, فعلى يمين البشير يجلس يوري موسفيني الرئيس اليوغندي وعلى يساره عبد الله واد الرئيس السنغالي ثم الرئيس الجيبوتي عمر قيلي, والاثيوبي ماليس زيناوي والكيني كيباك, ورئيس جنوب إفريقيا ثامو مبيكي ورئيس دولة إفريقيا الوسطى, رئيس الوزراء التشادي, والكونغو, اما الحضور العربي فيتمثل في رئيس الوزراء المصري وأمين عام الجامعة العربية, ووزير الداخلية السعودي وممثل للجماهيرية الليبية, وهذه في النهاية هي من دول الجوار, فالسودان (واقف براه عربيا تاريخ السودان الحديث مرتبط بالعواصم الإفريقية مشاكوس 2002, ونيفاشا 2004/2005, كما ارتبط على صعيد ملف دارفور ناجمينا وأبوجا,, وعلى صعيد المعارضة الشمالية ارتبط تاريخ السودان بكوكادام, واتفاقية الميرغني وقرنق في اديس ابابا, ومؤتمر القضايا المصيرية في اسمرا, واتقافية حيبتي مع حزب الأمة, العواصم مثل القاهرة وطربلس وجدة تدخل عرضا لكونها دول جوار وارتباطها الامني بالسودان, وبسبب علاقة السيد محمد عثمان الميرغني وحزبه الاتحادي بهذه الدول, ان هذا الزخم الإفريقي المتراكم في ذاكرة الجيل الحديث في السودان منذ اتفاقية اديس ابابا 1972 وحتى نيفاشا 2005 وأبوجا 2005 سيعين الانسان السوداني على التخلص من غسيل الدماغ الناصري, ويكتشف ان ثقافة (من تحدث العربية فهو عربي) هي ثقافة ضم وتبعية,, فهو لا يصير عربيا وانما مستعربا, الاستعراب هو الغاء لذاتنا السودانية الإفريقية, ومحاولة مفضوحة للباس جلد عربي عبر اللسان,, النعامة تضحك على نفسها عندما تدفن رأسها بالرمال, وتتوهم انها اختبأت, ونحن في السودان نضحك على انفسنا عندما نشترك مع العرب في اللسان ثم نتوهم اننا صرنا عربا!!, 3 - قراءة سياسية لديوان مدني النخلي «واقف براك» يقولون: الشاعر فنان يرسم بالكلمات,, الفنان مدني النخلي صاغ فكرة شعرا في ديوانه (واقف براك),, ولا شك عندي ان الواقف براه هو «السودان» المعزول منذ عام 1983 - الفنان هو انسان متأزم, يبحث عن (عطر الصبابة إلما نسكب) الفنان مخلوق مرهف يشاهد ويعبر عن (نبض التعب) الذي اصاب شعبه, الفنان مدني النخلي (كما اراه من خلال ديوانه واقف براك) سياسي من الطراز الاول ولكنه يستخدم وعاء الثقافة,, وكل مثقف يسعى إلى السلطة بطريقته, هذه الحقيقة يقررها الاستاذ محمد جلال هاشم في كتابه «القومية السودانية وظاهرة الثورة والديمقراطية في الثقافة السودانية» حيث يقول تحت عنوان المنهج الثقافي ومفهوم السلطة» - «كان صراع الإنسان في هذه الدنيا دائما حول السلطة فقد كان منذ فجر التاريخ يصارع الطبيعة بحيواناتها كيما يخضعها لسلطته» وفي تعريف الثقافة تحت ذات العنوان يأخذ الاستاذ محمد جلال بالتعريف الذي يقول: «ان الثقافة هي تراكمات القوالب السلوكية التي اثبتت جدواها عبر تاريخ الإنسان ممكنة اياه من اكتساب النفوذ على قوى البيئة الطبيعية, ليتمكن بدوره من تأمين حياته محافظة على الخيرات المادية والمعنوية التي احتازها, وانتاجها, كل ذلك في عملية مركبة هي ممارسة السلطة» - انتهى,ان الشاعر الفنان هو في النهاية معبر عن ضمير أمته,, في قالب ثقافي ادبي رفيع ليس في متناول العامة,, لانه يرسم بالكلمات,, وبالتالي فإن فنه حمّال وجوه,, بنشر الشاعر ديوانه,, ويذهب وينام ملء جفونه ويترك الخلق يختصم حول تفسيره وتأويله, يقول مدني النخلي في قصيدة (واقف براك) والتي استمد منها الديوان كله عنوانه, يقول: واقف براك والهم عصف,, ريحا كسح زهرة صِباك شُرفة وجع قمرا رحل فوق سماك واقف براك الواقف براه هو الإنسان السوداني الذي احتار في امره العرب والافارقة, فهو يتكلم العربية ولكنه لا يشبه العرب, وهو افريقي (زنجي) ولكن لسانه عربي سواء أكان عربي أم درمان او عربي جوبا الواقف يراه هو سودان النميري والانقاذ (1983 - 2005) سودان القضاة وليس الدعاة , سودان شريعة العقوبات وليس شريعة الرحمة, هذا السودان الذي اضطر العالم ليردعه بالشرعية الدولية والقرارات (1590, 1591, 1593), انه السودان الواقف يراه امام مجلس الأمن وامام العالم, 4 - هل تطلق الحكومة يد د, قرنق لفك عزلة السودان؟ دعونا نعترف بأن الحضور الإفريقي الكبير الذي حضر لتنصيب الدكتور قرنق انما جاء ليشهد صفارة البداية للفترة الانتقالية ودخول اتفاقية السلام حيز التنفيذ, لان سلام السودان تم على ايديهم, ثم انهم جاءوا إكراما للدكتور قرنق الذي استطاع بدبلوماسيته ان يخلق علاقات قوية مع كل العالم, اكثر من هذا واهم من ذلك ان الدكتور له صلات بالحركات المسلحة في دارفور وشرق السودان يستطيع توظيفها لصالح تعزيز السلام الشامل والوحدة الوطنية, على الحكومة ان تدرك ان الدكتور قرنق اعتبارا من 9 يوليو 2005 هو النائب الاول لرئيس الجمهورية بموجب الدستور وبموجب الاستفتاء الحقيقي من شعب السودان الذي جاء بالملايين إلى الساحة الخضراء يوم الجمعة 8/7/2005 لاستقبال أمل الشعب والمهمشين د, قرنق, بامكان الدكتور قرنق اخراج السودان من حالة (الواقف براه) لو اعطى الضوء الأخضر, اريتريا,, الحاضر الغائب! اريتريا,, حكومة وشعبا هي دولة صديقة وشقيقة لللشعب السوداني,, كانت اسمرا ولا تزال مقر التجمع الوطني الديمقراطي وقد كان الدكتور قرنق - النائب الاول - مشاركا في اجتماعات التجمع قبل اسبوع واحد من تنصيبه, وأسمرا هي مقر المعارضة المسلحة في دارفور وشرق السودان, وهي معارضة حقيقية (خشنة) ليست على شاكلة معارضة التجمع (الناعمة), فاذا كانت اريتريا صديقه للتجمع بكل فصائله ومعارضة دارفور والشرق وحزب المؤتمر الشعبي وحزب الأمة, فهي اذن دولة صديقة للسودان حكومة ومعارضة باستثناء حزب المؤتمر الوطني, آن الاوان لتسليم ملفي دارفور والشرق للدكتور جون قرنق ليس بصفته وسيطا وانما بصفته شريكا في السلطة ومنتدبا من مجلس الرئاسة ليقوم بتوطيف علاقاته الخاصة مع الحركات ودول الجوار - اريتريا والاتحاد الإفريقي لجعل عام 2005 عام السلام كما نتطلع لتسليم حقيبة الخارجية (لجنوبي) لانهاء عزلة السودان (الواقف براه)
للمزيد من االمقالات