بقلم الدكتور عبدالرحمن دوسة

ان من حق محبي الحرية والسلام في السودان ان يفرحوا بقدوم الدكتور جون قرانق رئيس الحركة الشعبية الي الخرطوم ومشاركته في الحكومة المركزية التي ستتولي مصائر الشعب السوداني وتقرر في شأنهم السياسي والمعيشي للسنوات الستة القادمة ذلك لان غالبية السودانيين لم ينعموا بالحرية الحقيقية ولم يذوقوا طعمها منذ خروج الاستعمار حتي اليوم رغم الاستقلال الاسمي للسودان بل لم يفهم الكثيرون منهم الفرق بين الاستعمار الاجنبي والاستعمار المحلي بسبب احتكار كلاهما للسلطة والثروة وحرمان الاخرين منهما بمنعهم المشاركة في ممارسة حقوقهم الوطنية والحصول علي نصيبهم الشرعي حتي يتمتعوا كغيرهم بالثروة والسلطة في بلادهم

لقد انعدم مفهوم المساواة و العدل لدي الحكومات التي تعاقبت علي حكم السودان بعد الاستقلال فانحازت الحكومات في المركز باستمرار لمصلحة الافراد القليلين الذين سيطروا علي الحكم وحابت الفئات المؤيدة لها وتحيزت للاقارب دون اعتبار لبقية اهل السودان فاهانوا بذلك المواطنين الشرفاء ونكلوا بهم ونهبوا ثروات البلاد فافقروا الغالبية العظمي من الشعب السوداني حتي هتك به الجوع والمرض.

ان سنوات الانقاذ هي الاسوأ في كل العهود التي مرت علي البلاد لأن الرسالة التي اتوا بها هي تكريس الظلم وافقار الشعب السوداني وليتهم اعلنوا عن ذلك بوضوح منذ البداية ولكنهم بدلا عن ذلك تدثروا بثوب الدين الحنيف واستفلوا العواطف الروحانية للشعب السوداني المسلم بتخدير العقول باسم الدين والدين منهم براء فوطنوا الظلم ولما تبين لهم انكشاف خديعتهم بدأوا في تطبيق سلاحهم القذر(فرق تسد) مستغلين اسلوب خلق الفتن بين المواطنين بدءا بتزكية روح التنافس العرقي واذكاء نار العصبية والقبلية فاقتتل الناس في لا شىء وماتوا بالحرب وكالة للنظام فوق موتهم بالجوع والمرض وهو ما فعلوه بالفعل في دارفور بعد ان اشبعوا اهلنا في جنوب السودان الموت الزئام خلال العشرين سنة الماضية.

لقد اشرقت اليوم شمش الحرية لاول مرة في السودان بقدوم دكتور جون قرانق الذي اصر علي محاربة مفاهيم الانانية والظلم والاحتكار والتهميش ونادي بسودان المساواة والعدل وازالة التهميش واشراك الجميع في حقهم الطبيعي حتي ينال كل ذي حق حقه دون منع او منّ من احد. فاليوم يحق لكل من نال ظلما او تحريما او تهميشا او تعذيبا دون حق ان يفرح بقدوم رافع راية السودان الجديد. علينا جميعا ان نعتبر اليوم يوم عيد الحرية الحقيقية للشعب السوداني فاليحتفل الجميع بقدوم الرجل الذي انتصرللغلابة. و يحق للغلابة والمظلومين ان يرددوا اليوم اناشيد السودان الجديد مع الاستاذ الفنان محمد وردي رئيس لجنة استقبال قرانق ( اليوم نرفع راية استقلالنا ويسجل التاريخ مولد شعبنا) . لقد ناضل قرانق واجبر الطغاة علي منح الاخوة في جنوب السودان صاغرين حقوقهم الوطنية المشروعة فهنيئا لهم وهنيئا لكل الغلابة والمهمشين والشعب السوداني لان هذا انتصار للحق وتثبيت لقيم العدالة التي اتت به شرائع السماء ولا سيما ديننا الحنيف.

سيتولي دكتور جون قرانق منصب النائب الاول لرئيس الجمهورية ويحق للشعب السوداني ان يتساءل هل سيركن قرانق لسياسة التمييز والتجويع والتهميش الذي ظل يمارسه النظام ضد الشعب السوداني طيلة 16 سنة الماضية؟ هل سيغض قرانق الطرف عن سياسة تخصيص جميع موارد الثروة في البلاد للقلة المنظمة في النظام والمجموعة الطفيلية من المتسلقين والانتهازيين؟ هل سيعين قرانق النظام علي الاستمرار في قهر واذلال واهانة وتركيع الشعب السوداني بالة زبانية امنه(سيء السمعة) الذي لم تسلم اسرة من شره و أذيته؟ كلا الف كلا ان لم يدافع قرانق عن الشعارات التي رفعها في الخارج اثناء نضاله من اجل الفلابة لارساء دعائم الحرية والدميقراطية والعدل والمساواة فلن يكون لمجيئه ومشاركته في السلطة اي معني. فهو بمناداته بتلك المعاني سيظل في عين الملايين من الشعب السوداني رمزا للعدالة والمساواة وتتجسد في شخصه امالهم في تحقيق الدميقراطية وتحرير الرأي وحرية التعبير والالتزام الصارم بتطبيق قيم الامانة والشفافية وعفة اليد التي فقدناها خلال 16 سنة الماضية. فهو اذن امام مهمة صعبة وامتحان عسير لا يرضي له الشعب السوداني بمستوي اقل من امتياز حتي يتحقق شعار السودان الجديد قولا وفعلا. فهنيئا لنا بالسودان الجديد وهنيئا للاخ الكريم استاذ الاجيال المبدع محمد وردي علي توليه رئاسة اللجنة القومية لاستقبال دكتور قرانق والتحية والتهنئه للاخت الكريمة المناضلة سيدة السيدات الاستاذة امال عباس علي مشاركتها في اللجنة وتوليها مهمة الرئيس المناوب والتحية والتقدير لزملائي اعضاء لجنة الاستقبال وعلي رأسهم البروفسير قاسم بدري. لقد سعدت كثيرا باختياري عضوا في اللجنة الا انني لم اتمكن من مشاركتهم لنيل هذا الشرف في العمل الوطني العظيم بسبب تواجدي في الولايات المتحدة الامريكية اثناء قدوم دكتور قرانق للخرطوم فمرحبا بالاخ المناضل قرانق والعزة والكبرياء لشعب السودان الابي.