ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
بعض المظاهر السالبة في استقبال الدكتور جون قرنق بقلم بدر الدين بابكر مصطفى-جدة
وطنا .. اعصروا على بعض ساريتنا لا تنهار نشد الحيل .. نعد الخيل .. نسن الصارم البَتّارْ وكلها كمّها الربّاطة .. بي لُقاطا واحنا كتارْ ؟؟ صفاً واحداً كالنيل .. وقلباً حارْ نضاري الواطة بالضرعات .. من الزمن الكركي الضّارْ وهاكُن شتِّتُوني بِذارْ (حميد) بعض المظاهر السالبة في استقبال الدكتور جون قرنق بالأمس عاد المناضل الدكتور قرنق الى الخرطوم بعد عهد طويل ومرير من الحروب والقتل والدمار، وها هو يلقي سلاحه ويضع حداً لكل ذلك. وشهدت العاصمة استقبالاً كبيراً للدكتور جون قرنق، آلاف من الاخوة الجنوبيين وقلة من الشماليين كانوا في الساحة الخضراء للترحيب به. رغم أن الأحداث المؤسفة المصاحبة لذلك الحدث كانت صغيرة ومحصورة إلا أن صداها راح لأبعد من ذلك، فربما أحس بعض الأخوة الجنوبيين في عودة الدكتور انتصاراً ساحقاً لهم على الجلابة وآن الأوان لكي يبدأوا في البطش فقاموا برشق بعض المحلات والسيارات بالحجارة واعتدوا على مراسل إحدى القنوات العربية. لا ينكر أحد أن أولئك الأخوة من جنوب السودان تعرضوا لاضطهاد وظلامات منذ نزوحهم الى الخرطوم، ويعتبرون أن كل شمالي أو مندكورو قد ساهم في ظلمهم واحتقارهم، فقد آن الآوان – حسب رأيهم – لكي يدفعوا ثمن ذلك الاضطهاد، خصوصاً بعد وصول قوات قرنق من شرق السودان وإحساس البعض أن هذه القوات جاءت لتحميهم من ظلم الجلابة. وأولئك قوم بسطاء من السهل جداً إثارتهم وإزعاجهم. ومن الجانب الآخر، ربما يعتقد بعض الشماليين أن الجنوبيين يمارسون عليهم نوعاً من الاستفزاز والاعتداءات، وأن استقرارهم قد بات مهدداً بشكل كبير، ويلاحظ ذلك في المقالات الصادرة في الشبكة الإلكترونية والصحف السودانية، وهذه شريحة لا ينبغي تجاهلها. الحمد لله أن الأحداث بالأمس لم تتعد تلك الأحداث الصغيرة وإلا لأصبح الوطن في كف عفريت، والحمد لله أن بقية المواطنين لم ينجروا وراء تلك الممارسات الطائشة من بعض الشباب وإلا لحدث ما لا تحمد عقباه. سوف تتكرر مثل تلك الممارسات ، وسوف تستمر الاستفزازات والتحرشات من بعض القاصرين والجهلاء من الطرفين، رغم أننا نسعي لأن يكون السودان كله طرف واحد، وأتمنى ألا تتكرر هذه الممارسات، ولكي نحتوي هذه الشرر قبل استفحالها علينا أولاً ضبط أنفسنا كأفراد، والتحلي بالحلم والصبر، ويجب على الأجهزة الأمنية الحزم وسرعة الاستجابة وتطوير آلياتها لمقابلة مثل هذه التجاوزات، وحفظ الوطن من أي سوء في هذه المرحلة الحساسة. وبتوفر الأمن والعدالة في التعاطي مع هذه المشاكل، وباستمرار الاحتكاك والمصالح المشتركة، سوف تزول هذه الاحتقانات وتسود الثقة بين الكل. وعلى المدى البعيد فإن كثير من العمل ينتظر المتعلمين والمثقفين - شماليين وجنوبيين - في توعية المواطنين لبتصيرهم بإن ما حدث لا يعني انتصار طرف وهزيمة الطرف الآخر، إنما حدث نتيجة لاقتناع الكل بالتعايش والتصالح، ولا يعني أن الدكتور قرنق جاء الى العاصمة محتلاً وإنما جاء مشاركاً في بناء وطن يسع الجميع. ويجب أن يفهم الكل في الخرطوم وغيرها من المدن الكبيرة إن السلام لا يعني أن يتربص كل طرف بالآخر لينقض على أخيه متى ما وجد الفرصة. على كل فرد سوداني حريص على وطنه أن يكون قدر المسئولية التي ألقيت على عاتقه، يجب أن نبدأ بالفرد ثم الأسرة ثم الحي والمدينة والمجتمع ككل لغرس قيم السلام، يجب أن نثبت للعالم أننا شعب يستحق فعلاً أن يعيش في سلام، وأننا شعب يستطيع تجاوز آلامه ويستطيع تقبل الآخر، إننا شعب عظيم يستطيع بناء دولة نتفاخر بها، وأننا نستطيع أن نكون وطناً نموذجياً في أفريقيا والعالم. ويجب أن نقتنع بأن أي عرقية او جنس في السودان لا يمكنها إقصاء بقية أعراق وأجناس السودان، يجب علينا أن نقتنع أن كل فرد في الوطن له من الحقوق ما للآخرين وعليه ما على الآخرين بغض النظر عن جهته ودينه. المطلوب أن يتنازل كل منا قليلاً ويقبل بالآخر ويحترمه، مطلوب منا أن نكف عن التحديق في وجوه بعضنا البعض ونركز على بناء وطننا، مطلوب منا اختصار كثير من الكلام والتنظير، وإعمال معاولنا في أرض الوطن الواسعة لننتج من خيراتها ما يمنع أطفالنا من الجوع، أن نقيم مكان كل معسكر مدرسة، ومستشفى ونادي ثقافي اجتماعي يلتقي فيه أبناء الوطن ليلاً بمختلف سحناتهم وأديانهم للسمر واللعب ولتنسيق الجهود والمساهمة في التنمية، مطلوب منا بناء الطرق والجسور لربط الوطن ببعضه وجيرانه، مطلوب منا استثمار كل مواردنا الطبيعية للاستفادة منها محلياً ودولياً. الخيار الآخر أن نعود إلى المربع الأول ولا نلوم إلا أنفسنا، وأن نعيش بقية أعمارنا في القتل والتقتيل والإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان ونصبح مثلاً للفشل والتخبط والغباء. وأني على ثقة أن من يختار ذلك فهو غير عاقل أو أن هناك جهة ما تدفعه الى ذلك.
بدر الدين بابكر مصطفى جدة – المملكة العربية السعودية [email protected]