نادية عثمان مختار
انتشرت فى السودان فى الآونة الاخيرة ثقافات عديدة اكثرها غريب على عادات وتقاليد المجتمع السودانى السمحاء التى تميزنا عن بقية شعوب العالم .. ومن هذه الثقافات الجديدة التى لاحظتها بنفسى فى زياراتى المتعددة للخرطوم والتى كان اخرها قبل اسبوع من الان هى ثقافة التقاط صور المناسبات الخاصة جدا عبر أجهزة الموبايل ، ومن ثمّ العبث بها ، والاستهتار وانتهاك خصوصيتها بتبادلها عبر الرسائل بين الشباب ، وكذلك عبر اجهزة الحاسوب الالكترونية ، الشئ الذى جعل البعض يرى أن التكنولوجيا ، وأدوات العولمة أصبحت نغمة وليس نعمة بسبب سؤ استخدامها فيما يضر الناس ، ويشهر بسمعتهم ولاينفعهم بشئ للاسف !!!
والعجيب ان هذه الهواية ( الشاذة) يمارسها بعض الشباب فى بيوت المناسبات الخاصة جدا (الاعراس) فتجدهم يقومون بمتابعة العروس فى حركاتها وسكناتها ، وفى رقصها وابتسامتها ونظرة عينها الخجولة.. فتظن ان المصور شقيق الدم واللحم لهذه العروس ، أو على الاقل العريس ، ثم تكتشف بعد حين ان هذا الهاوى الغريب الأطوار لايمت لاهل العروس او العريس بصلة ، وانما أتى الى الحفل فقط لارضاء هوايته ( السمجة) واللااخلاقية .. فى التقاط صور المناسبة المعنية .. وكم من مآس حدثت لفتيات شريفات عفيفات بسبب هذه الممارسات العقيمة لبعض الشباب المستهتر .. فكانت النتيجة هدم البيوت العامرة وخرابها ,,,او تدمير النفوس الراضية وتحطيمها !!
وكانت أخر مشاهداتى لهذه العادة الشبابية الدخيلة على مجتمعنا المحافظ خلال مناسبة أبناء أحد عملاقة الفن فى بلادنا ، حيث تدافع بعض الشباب لالتقاط اللقطات الموبايلية للعرسان ولوالد العريس الذى صدح شاديا بصوته الطروب فزاده الفرح بتاهيل نجله عذوبة وروعة ، وكنت اظن يقينا ان كل هؤلاء المصورين (موبايليا )هم اهل للعروسين واقرباء لهم .. الى ان امسك المايكرفون رجل تتسم ملامحه بالوقار ، وناشد هؤلاء الشباب وطلب منهم الكف عن التقاط هذه الصور وقال بصوت ملؤه الشجن الاليم (رجاءا ياشباب اكفونا مرارة هذه التجربة ) !!
فشعرت ببشاعة مايفعله هؤلاء من انتهاك صريح لخصوصية الغير .. حيث لم يكفيهم الدخول الى مكان المناسبة من غير اذن ولادعوة ، وانما ايضا استباحوا لانفسهم بان يجعلوا من المناسبة واهلها مادة دسمة للنميمة ، والتبشيع فى اقسى صوره دون آى ذنب جنوه سواء أنهم تركوا باب قلوبهم المفعمة بالفرح مشرعة ، وابواب بيوتهم واندية مناسباتهم مفتوحة للقريب والغريب ..!!
وعلى الرغم من اننى لااحبذ اغلاق بيوتات الفرح فى وجه الناس حتى وان كانوا غرباء الا ان هذه الثقافة االتى انتشرت بشكل لافت بين بعض الشباب تجعلنى أدق ناقوس الخطر ، واطالب الناس بأن يحتاطوا لانفسهم من تلصص الغرباء سارقى الصور عنوة عبر موبايلاتهم الخبيثة !!
والأن فقط بدأت أتفهم خوف بعض الأسر واصرارهم على ان تكون شركة (الهدف) وقواتها الأمنية حاضرة لحفظ الاعراس قبل حضور العرسان والفنان وأطباق العشاء الشهية !!
ويبقى السؤال هاجسا فى النفس .. كيف تسمح ضمائر هؤلاء الشباب بانتهاك خصوصية الغير بهذا الشكل المقزز ؟!!
وكيف ترضى نفوسهم بأذية الأخرين على هذا النحو المؤلم ؟!!
وتبقى الحقيقة أن هذه الثقافة (المشينة ) ليست من واقع مجتمعنا الأصيل ولاتشبهه فى شئ ..!!
ويبقى هؤلاء الشباب فى حاجة الىعلاج نفسى ،و ردع بواسطة الأسر نفسها ، او حتى شرطة النظام العام ان استدعى الامر !!
ويلح فى خاطرى السؤال الذى لااجد له اجابة .. من أين أتى هؤلاء ؟!!!