المساجد العتيقة حول العالم هى احدى المعالم الرئيسية فى المدن , دائماً تكون قبلة للسواح والزائرين يطوفون بها ويلتقطون الصور التذكارية فيها ويجدون بداخلها المعلومات التاريخية ويسجلون مذكراتهم فى دفاترها خاصة المساجد ذات البنيات الاثرية القديمة , الا ان مسجد الخرطوم العتيق ( الحزين ) نوع آخر فمن اراد ان يغامر ويقترب من المسجد لابد له من اغماض عينيه من رؤية المناظر غير الكريمة حول المسجد وتغطية انفه من الروائح الكريهة التى تنبعث من جنباته المختلفة ووضع الاصابع على الاذنين خشية سماع اصوات الباعة المتجولين الذين يروجون لسلع غريبة , المقام لايشبهها مثل سم الفار ومبيض الاسنان , او سماع الحانهم الموسيقية جراء " طقطقة " اكواب الماء البارد او " الكركدى" فى اغنية " برد جوفك " .
كثير من الناس لم يكرمهم الله بالصلاة فى هذا المسجد رغم انهم يمرون بالقرب منه اكثر من مرة يومياص ويسمعون النداء لكن ربما لايرون الا المئذنة ويخافون الاقتراب منه اذ لايستطيع شخص " عادى " عبور المناطق حول المسجد بغية الدخول اليه خاصة فى اوقات الظهر او العصر الا اذا كان من المغامرين , وقد كنت احدهم فى عصر احد الايام الماضية , فقد قررت ان اصلى بمسجد الخرطوم العتيق و " توكلت على الله " ودخلت والحمد لله كنت قد توضات بالمكتب قبل الوصول للمسجد فان لم افعل ذلك فربما تكون المغامرة من نوع آخر لان مغامرة الوضوء داخل مسجد الخرطوم لايمكن ان يتصورها العقل .
عند دخولى من البوابة الشرقية اندهشت لما رايته , فلم اتوقع ان ارى حديقة بمثل هذا الجمال والنظام والتى لاتنقص فى الروعة و الجمال عن تلك التى شاهدتها يوماً فى مسجد بتراجايا بالعاصمة السياسية لماليزيا ذلك المسجد المشهور بروعته وجماله , فقلت فى نفسى ليس هناك فرق بين المسجدين والحديقتين , الا ان الفرق فى معاملتنا وسلوكنا تجاههما . فهل ياترى ستصمد هذه الحديقة الجميلة ؟ ربما ! , ولكن بشرط محاربة العادات والسلوك والمعاملات غير الكريمة التى تنتشر بيننا خاصة " ود عمارى " .
صلاح الدين حمزة الحسن