بقلم نضال القادري
أحمد أبو مطر.. وعيون إسرائيلية
إذا اتسع لك الوقت لمشاهدة إحدى نشرات الأخبار أو قراءة أحد المقالات على إثر تفجير قامت به حركة الجهاد الإسلامي في الصين أو الدنمارك، فقل بأن العملية إرهابية ونقر بشرع الله كذلك!!! وإذا كنت من المتابعين لأخبار فلسطين المحتلة ولما يحصل من قتل وتدمير وتسجين واغتصاب للأرض والعرض وأن تقر تقر على أثرها بأن عملية تفجيرية لحركة الجهاد الإسلامي أو لأي فصيل من أبناء الشعب المقهور هي إرهابية فذلك هو إرهاب للفكر وللعقل نسمية رهابا. عملية ناتانيا الإرهابية: الشجب فقط لم يعد يكفي!! هو عنوان مقال د. أحمد أبو مطر، نشره الكاتب في إيلاف الإلكترونية يوم الإثنين الموافق في 5 ديسمبر 2005 وكان لي أن أرسلت له رسالة عبر بريده الإلكتروني الخاص علما أنه كان بإمكاني التعليق في أسفل المقال أيضا لكنني فضلت الرد بشكل شخصي ومن بريدي الذي يعرفه المتابعين من الزملاء: الكتاب والقراء، كان كل ذلك لأوضح له بعض النقاط القاتلة التي أوردها في مقاله والتي لا تخلو من الإشمئزاز ومن القرف. ولكن الذي حصل هو أن لجأ الكاتب إلى الإستعراض عبر وسيلته الإعلامية المتاحة للرد على رسالتي، مما استلزم الرد بالمثل من جانبي مع الإحتفاظ بالتالي: حق مقاضاة "إيلاف" في حال تمنعها عن نشر مقالتي التوضيحية عملا بقانون الصحف والمطبوعات.
لقد بعث أحمد أبو مطر إلى بريدي الخاص رسالة مفادها:"إذا كان كل من أدان عملية ناتانيا عميل للموساد ومدفوع له، فهذا يعني أن غالبية القراء الذين أدانوا العملية في تعليقاتهم على مقالتي في إيلاف أيضا عملاء للموساد.. أرجوك إقرأ تعليقات القراء في إيلاف... وكذلك يكون محمود عباس وصائب عريقات عملاء فقد أدانوها بشدة واعتقلت السلطة بعض كوادر الجهاد أيضا... الإعتراض الوارد في المقالة لم تناقشه يا عزيزي نضال... من حق الشعوب المقاومة والنضال وإعتراضي على الإسلوب والكيفية والزمان وعدم دراسة موازين القوى... وتهاجم عملية السلام التي أساندها وكأنني يا عزيزي نضال أنا المسؤول عن هذه العملية.. فلماذا لا تهاجم السلطةالفلسطينية وقطاعات واسعة من شعبنا مع عملية السلام...هل تتذكر البيان الذي وقعه سياسيون وكتاب فلسطينيون بالمئات يدعون لوقف عسكرة الإنتفاضة..هل هؤلاء خونة أيضا يا نضال...أنا لست مغرر بي يا نضال.. أنا أعطي رأيا غير ملزم لأحد... الإجتهاد حق لأي شخص... لو كل من خالفنا في الرأي عميل وجاسوس لأصبحنا كلنا جواسيس وعملاء... ما يميز العدو الإسرائيلي بكل جرائمه وإرهابه لشعبنا أن هذا العدو يستمع شخوصه لبعض ليصلوا لما فيه مصلحتهم التي هي فعلا ضد مصلحتنا...الحوار ياأخي نضال هو طريقنا للوصول للآفضل خاصة أن الكاتب والصحفي ليس صاحب سلطة ليطبق ما يكتبه.. من هنا قالوا من إجتهد وأصاب له أجران.. ومن إجتهد وأخطأ له أجر واحد... أي ليس التهديد بالقتل كما تريد.. وفقنا الله جميعا والخلاص لشعبنا...(إنتهت الرسالة). أحمد أبو مطر لم تقم بالإجابه أو بتقديم الدليل على أنك لست بمشكك في سيرة وأهداف الجهة المقاومة التي قامت بالتفجير، ولكنك أمعنت بالإجابة على أشياء لم ترد في رسالتي لك وقمت بقص مضمونها وتقديمها للقراء ولوسائل الإعلام على أنها تهديد شخصي بالقتل من أجل نيل رتبة شرفية ونضالية على أنك ملاحق وتخضع للمساومة الفكرية وتقمع مقالتك وملاحق.. إلخ. بدوري أنا المفترض أن كون نضال القادري، وأنا هو أيضا.. فأنا لست ملزما بتقديم أوراق إعتمادي للقراء وحتى لأي شخص أخر على الإطلاق ولست بوارد الأسف أو التراجع أو تخفيف وطأة ما تقوم به أو تنشره فلك الحق بذلك، إلا أنني أحتفظ لنفسي بالرد في المكان والزمان المناسبين عبر وسائل الإعلام والقضاء، أما لجهة أنني أنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي أو غيرها فهذا ليس من اختصاصك ولا يخدم الموضوع الذي تود أن توصله للقراء.
تعليقا على الرد، سأبدأ من حيث انتهى الكاتب د. أحمد أبو مطر مستشهدا بقول الشاعر الفلسطيني المرحوم معين بسيسو عندما تحدث في قصيدة له عن صمت الكاتب، فقال: (الصمت موت... إن قلتها مت.. وإن لم تقلها مت.. قلها ومت..) لذلك فأنا أموت بعد قولي كلمة أراها ويراها كثيرون كلمة حق، فهذا موت مرحب به لأنه أفضل من موت السكوت!!!. وأقول أنا: لماذا تحتكر لنفسك أيها الدكتور بملكة أن تموت بعد قول كلمة الحق ولا تمنح الموت في سبيل الحياة "الجهاد" للشهيد (لطفي أمين أبو سعده) طيب الله ثراه في سبيل أبناء شعبه في فلسطين من بحرها إلى نهرها، إن الشهيد لا يريد أن يموت ساكنا وساكتا على جرائم الإحتلال... لقد زعمت أيها الكاتب بأن:"العمليات في الظروف السائدة تستهدف مقاتلة إسرائيل بقدر ما تهدف إلى إثبات وجودها الهامشي المضلل داخل المجتمع الفلسطيني ناعتا في مقالك المناضلين بأنهم أصحاب "دكاكين"، إن استفهامي هو الأتي: من يكون فخامة السيد أبو مازن إذا كانت حماس والجهاد الإسلامي الفائزتين بـ 80% من المقاعد في الإنتخابات البلدية؟! إن ليس بأكثر من أجير بائع بائس في هذه الدكاكين، ومن أجاز لك أن تتكلم عن 15 فصيلا فلسطينيا بتهكم وقد وصلت غالبيتها إلى المجلس التشريعي، بالرغم من أن 15% من إيرادات السلطة توزع على المرافقين والفاسدين والمفسدين من جوقة العم أبو مازن!!!! إن الإحتلال هو الذي شردك من بئر السبع إلى مخيم رفح ومن المخيم إلى المنافي العربية والغربية وأخرها أوسلو على حد قولك فكفى تضليلا لشعبك يا أحمد أبو مطر!!! إن مقالا مضادا قد قمت بدسه تحت عنوان:"عملية ناتانيا إنتحارية أم إستشهادية أم إرهابية! لتحصي فيه عدد الردود من القراء ليس في غاية الأهمية رغم التراجع الحاصل في العنوان إذ أن تتساءل فيما إذا كانت العملية إنتحارية أم إستشهادية أم إرهابية فذلك الخيار مسموحا ونقبل به، إلا أنك لم تقم بذلك في المقال الأول: عملية ناتانيا الإرهابية: الشجب فقط لم يعد يكفي!! لقد جاء المقال ليضيف الصفة والتأكيد والجزم على أن العملية هي إرهابية في المقام الأول ولا من مجال للمناقشة، إنها وجبة سمينة لا يستطيع أن يقدمها إسرائيلي مغتصب لأرض وعرض أعدائه المفترضين (الفلسطينيين)!!
كم من مرة قام مفكر "إسرائيلي" ليقول أن عمليات شارون على المدنيين أو العسكريين هي إرهابية؟! نريد الأسماء والتواريخ والدلائل من صبرا وشاتيلا وصولا لتاريخ قتل عبدالعزيز الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين... يا سيدي إن "إسرائيل" هي "إسرائيل" كيان إرهابي لا يجب أن تدافع عن تلويناته وتقسيماته: يسار ويمين، ليكود وعمل، أشكيناز وسفرديم، مولود حديثا أم مهاجر، أسود أم أبيض.. معارضة وموالاة ..إلخ. لقد كان الأجدر بأن تعترف بأن قرارا رقمه 181 إسمه (حق العودة) يجب أن يتصدر مقالاتك، وإرهاب دولة مغتصبة لا تزال تمارس سياسة الترانسفير والأرض المحروقة يجب أن تقاوم حتى ولو بأهداب العيون.. كفى دفاعا عن الإسرائيليين، "لقد دفناه معا يا أحمد أبو مطر، لماذا البكاء على قبره"!!! وبالنسبة لتنظيف البيت الفلسطيني فهو ليس فقط مسؤولية السلطة الفلسطينية التي لا أعترف بها ضمنا، إنه قرار ذاتي وجماعي وذاكرة لشعب يجب أن يثبتها على الدوام من أجل قضيته حتى لا تتحول إلا سلعة في أيادي الأخرين فتفسد أهدافها. سأذكرك بأخر ما قاله أصحاب المجازر في الضفة وقطاع غزة بعيون إسرائيلية:رغم أعتراف العديد من الخبراء الإسرائيليين بأن إسرائيل تركت قطاعا مدمرا إلا أنها ما زالت تتمسك بخيارات تسمح لها مجددا التحكم بمصير غزة عن طريق إقتصادها، فقدم عضو الكنيست والوزير الإسرائيلي السابق "أمنون" خيارات تمنع تحول قطاع غزة إلى "إيران ستان"، وذلك عن طريق تحول غزة إلى إقتصاد مُكمل للإقتصاد "الإسرائيلي" على غرار أوروبا الشرقية بدلا من أن تتحول إلى "إيران ستان" إرهابية. أيضا قال "روبنشتاين" محللا، يبدو أن كل مراقب سيصل إلى استنتاج بأن مستقبل غزة سيحدد بدرجة كبيرة جدا مستقبل الشرق الأوسط كله. غزة يجب أن تقدم في ظروف الهدوء الأمني خدمات كثيرة لإسرائيل: السياحة على الشواطيء ومطارا سهل العبور ومعامل وورش وخدمات الزواج المدني كبديل لقبرص، وبمساعدة المياه المقطرة يمكن للغزيين أن يساعدوا مصر في توطين شمال سيناء زراعيا... أهذا هو الدور الذي يتطلع له المحتلون!! نعم، ليس أكثر.
بعد الذي تقدم هذا هو دور فلسطين والفلسطينيين الجدد بالعين الإسرائيلية: (نـاتـانيـا) العملية إستشهادية باسم الشعب الفلسطيني من البحر إلى النهر، ومن لا يروق له فليخرج من فلسطين سواء أكان فلسطينيا أم يهوديا.. لا مكان للخنوع تجت نعال الإحتلال.
نضال القادري ـ كندا [email protected]