www.elhanafi.com
عندما تأسست الك.د.ش تأسست لتكون نقابة مبدئية و وحدوية، على مستوى التنظيم، و على مستوى صياغة المطالب، و على مستوى البرنامج المطلبي وصولا إلى جعل الطبقة العاملة قوة قادرة على قهر التشرذم و القضاء عليه حتى تستطيع الصمود لانتزاع المكاسب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و المحافظة على تلك المكاسب. إلا أن التحريف الذي تعرضت له الممارسة النقابية في إطار الك.د.ش حول الك.د.ش إلى مساحة للصراع الحزبوي، الشعبوي، الاسلاموي بعيدا عن أدبيات الك.د.ش، و بعيدا عن المبادئ و بعيدا عن الأخلاق النضالية التي هي أخلاق الطبقة العاملة بالدرجة الاولي. و قد ترتب عن ذلك هذا النزيف الذي بدأ بالصراع على قيادة القطاعات، و على قيادة المركزية النقابية، و انتقل إلى إنشاء نقابات اعتبرها منشئوها "بديلة" للإطارات النقابية الكونفيدرالية لتتوج بإنشاء مركزية "بديلة" للك.د.ِش لينتقل الصراع بين النقابة المستولدة من جهة الك.د.ش وبين ك.د.ِش إلى الميدان. و هو ما يعتبر أكبر تشويش عرفته الطبقة العاملة. مما جعلها تفقد الثقة في النقابة المبدئية و تنساق وراء خطاب نقابوي ذي لباس اسلاموي يعمل و منذ البداية على جعل الطبقة العاملة تفتقد بوصلة امتلاك الوعي الطبقي، ليحل محله الوعي الزائف الذي لعب و يلعب دورا في جعل الطبقة العاملة تهتم بالغيب بدل الاهتمام بالواقع. و تكسب الصراع مسحة "دينية" تجعل المعنيين بذلك الصراع ينسلخون عن انتمائهم الطبقي، و يتحولون إلى مجرد كائنات مستنسخة من كائنات عصور الظلام كانت منسجمة مع نفسها. اما الكائنات المستنسخة عنها فتفقد ذلك الانسجام مع النفس و تعيش عصرها بعقلية الماضي التي لا تخدم إلا الجهة المستفيدة من الاستغلال. و الذين يتحملون المسؤولية في ذلك هم الذين عملوا على تغييب المبادئ الكونفيدرالية التي يمكن اعتبارها قنطرة لعبور الطبقة العاملة إلى جسد الك.د.ِش. والارتباط بها و النضال في اطارها. فالديمقراطية لم تعد واردة، و التقدمية أصبحت في خبر كان، و الاستقلالية تحولت إلى تبعية لتكون النتيجة فقدان الجماهيرية، و تصير الك.د.ش.كباقي الإطارات الصورية التي تعج بها الساحة النقابية ليتساوى الانتماء إليها مع الانتماء إلى اية نقابة صورية أخرى مع أن تاريخها النضالي، و جسامة التضحيات التي قدمها مناضلوها المخلصون من اجل الطبقة العاملة في زمن كان يتلقى فيه من يقف وراء النقابة التي ترتدي لباسا "دينيا"، دعما لا محدودا من الطبقة الحاكمة حتى يقووا على محاربة الحركة الديمقراطية و التقدمية التي تعتبر ك.د.ش من أهم مكوناتها. و الكارثة العظمى التي أصابت الطبقة العاملة و نظرا لغياب إعلام هادف، فإننا نجد أن الطبقة العاملة تنساق وراء من وقف وراء مقتل الشهيد عمر بنجلون القائد العمالي، و المناضل النقابي و الديمقراطي الفذ. و هو انسياق يشكل مفارقة كبرى، و تحديا للعمل النقابي الصحيح كما كانت تقوده الك.د.ش. و كما يمكن أن تقوده مستقبلا إذا تخلصت من الأمراض التحريفية التي تسربت إلى صفوفها، و استعادت عافيتها.
لأن الك.د.ش هي الإطار النقابي الذي بني في عز ممارسة الصراع الطبقي الحقيقي و على أسس مبدئية، و لأنها هي الإطار الذي يستوعب كل الفصائل و التوجهات و لأنها قادت نضالات الشغيلة و بإخلاص في مراحل تاريخية معينة، و لأن العديد من المكاسب إذا تخلصت من الأمراض التحريفية التي أصبحت تتخل الممارسة اليومية للنقابيين و الإطارات النقابية و المسؤولين النقابيين. و بدون ذلك التخلص من الأمراض الحزبوية و الشعبوية و البيروقراطية و الاسلاموية تبقى الك.د.ش كباقي النقابات، لا تتميز عنها و لا تفضلها، و لا تستطيع أن تستعيد دورها، و لا يمكن أن تطور ذلك الدور.
و لجعل الك.د.ش تستعيد مجدها، و تتخلص من مظاهر التحريف، لابد من :
1) استعادة الممارسة الديمقراطية الداخلية لضمان حل الخلافات و الاختلافات القائمة في الاطارات القائمة بالطرق الديمقراطية التي تضمن حق إبداء الرأي، و حق التقرير، و حق المساهمة في التنفيذ، و حق اختيار الأجهزة ... الخ
2) الحرص على تقدمية النقابة على مستوى أدبيات الك.د.ش، و على مستوى الممارسة اليومية، لأنه بالتقدمية وحدها يمكن تسييج الك.د.ِش ضد الرجعية و الفكر الرجعي و الممارسة الرجعية المتخلفة التي أصبحنا نلاحظها في مقرات ك.د.ش. و في تدخلات الأطر النقابية، و في الممارسة في الساحة العمالية.
3) ضمان ارتباط الإطارات النقابية بفئات الشغيلة بصفة عامة، و بالطبقة العاملة بصفة خاصة من أجل المحافظة على جماهيرية النقابة عن طريق الإخلاص في الدفاع عن الشغيلة و عن الطبقة العاملة مهما كانت التضحيات التي تقدمها الك.د.ِش.
4) الحرص على استقلالية النقابة لسد الطريق أمام أوجه التحريفية الحزبوية، أو الشعبوية أو البيروقراطية أو الاسلاموية التي يترتب عنها مصادرة نضالات الكادحين لصالح جهة معينة مما ينعكس سلبا على ارتباط الشغيلة بالك.د.ِِش.
5) العمل على تحقيق الوحدة التنظيمية في إطار ك.د.ش و السعي إلى تحقيق الوحدة المطلبية، و النضالية بالتنسيق مع الإطارات النقابية التي تسعى إلى تحقيق نفس الأهداف النضالية.
و بذلك يمكن للجسد الكونفيدرالي أن يستعبد عافيته التي تعتبر ضرورية لقيام ك.د.ش برفع مستوى وعي العمال و أدائهم النقابي، و الارتباط بهم، و قيادة نضالاتهم المطلبية حتى تستطيع اكتساح المزيد من المواقع بدل فقدانها لصالح نقابة رجعية متخلفة تستغل الدين الاسلامي الحنيف و تؤدلجه، و تستغل تدني مستوى وعي العمال، و القهر الاقتصادي و الاجتماعي و الإداري الذي يعانون منه.
فهل يعمل المسؤولون الكونفيدراليون على إعادة النظر في مجمل الممارسة النقابية .
هل يستعيدون مجد النضال الكونفيدرالي باعادة الاعتبار إلى مبادئ العمل النقابي ؟
هل يتخلون عن إنتاج الممارسات التحريفية التي تقف وراء النزيف الذي عرفته و تعرفه الك.د.ش ؟ هل يتم وضع حد لمرض النرجسية التي تقف وراء اختزال العمل النقابي في شخص معين ؟
إن العمل النقابي في إطار ك.د.ش هو عمل عنيد و ستتحطم أمامه كل أشكال التحريف مهما طال استولادها أو استنباتها، و لابد أن تتجاوز ك.د.ش أزمتها و تستعيد مبادئها و ضوابطها التنظيمية لتمارس عملا نقابيا معافى. و تتخلص الطبقة العاملة من التأثر بالعمل النقابي الحزبوي أو الشعبوي أو البيروقراطي أو الإسلامي حتى تبقى سيدة نفسها في إطار ك.د.ِش و في نضالاتها المطلبية، و في اختيار من تراه أهلا لقيادتها وتلك العناوين العريضة للعمل النقابي الصحيح.
ابن جرير في 21/6/03
محمد الحنفي