تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

(خارطة الجسد و الوجه الآخر للهزيمة (1بقلم أ. احمد يوسف حمد النيل -الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/12/2005 3:08 م

(خارطة الجسد و الوجه الآخر
للهزيمة(1

معرفة الجسد تتطلب وعي بسيط من الادنى الى الاعلى و لكن الاهتمام به كثقافة
يجب تطبيقها و تحليلها تستوجب الدراية القصوى و الفهم الاعمق للحدود الفهمية و
المدى اللامتناهي في سلسلة المتباينات العقلية الرياضية . ففي فترة الغياب
العقلي يسيطر على الجسد وهم الحقيقة و استجلاب العادات الضارة حتى يسقط الجسد
الى ادنى مستوى من الوعى فيسيطر عليه مفهوم التعمية و الاقتناع المبهم
الاعتباطي المنطق. مما يفرز ثقافة جديدة و هي تبعية المبهم و في هذه المرحلة
تصبح السيطرة على الجسد في بديهياتها كالسيطرة على الخرافات التي تكون ذاكرته
الازلية مطلقا او ذاكرته الازلية نوعا . و اكثر ما يعصر الجسد وظيفيا هو ذلك
التلاقي المعنون بالمفهوم الازلي المطلق في صيغ المسلمات العاطفية و التعاطفية
و التناغم العلمي الذي طغى عليه سحر الأشياء و حجم المعتقدات في ساحة الحرب
الوهمية التي يظنها الجسد اثناء حركته الوظيفية من الانبعاث و الركود انها
حدوده الواقعية و تفسيراته ذات الحجم الملزم حسب حركته الرياضية في مفهوم
تقليدي اثري. من الافتراضات الحديثة هو ان يكون الجسد حراً في حيز واسع واقعيا
و لكنه يقابل بوصف يجعله ابعد منالاً نسبيا لأنه تعدى حدود الواقع المقصور الذي
ينتمي اليه الذين يكبلون الجسد. لذا ظهرت ثورات عارمة بخارطة انسانية مفادها ان
الجسد ما هو الا شعيرات و عضلات تترجم القيم الحسية والعاطفية الى انفعال جذاب
و مقنع يكشف عن حقيقة الجسد ضد من اسموه او جعلوه سجينا مستخدمين في ذلك نفس
ادوات الجسد فهو سلاح ذو حدين , احدمها يتهم بالخيانة و الآخر بالسلم و
المثالية. و في هذه المرحلة من التفاقم الصراعي تظهر للجسد مقولات و مسلمات
ينتمي جزءا منها الى الحد الاول و الجزء الآخر الى مثالية الممارسة فتبدو اصوات
الجسد لا غبار عليها مرة تصعق منها النفس و مرات تختبيء الذات خوفا و كرها
وراءها . وعندما يصبح استقلال الجسد شيء حقيقي يعترف بخارطته في هذه الاحيان
تدور رحى الحرب بتعدي طرف على الآخر وليدة مغالطات تاريخية غاب اتصالها في حقبة
كان الجسد فيها اشبه بالخرافة لذا لم يعد التاريخ حقيقي فيدون في شكل ذاكرة لا
اطناب فيها الا من المسوقات الخيالية
و عندئذٍ تتكون صورة الجسد المهزوم عند ادعياء المقولة الاكثر قربا للخيال و
صورة أخري منتصرة عند اعداء تلك المقولة. و في كلا الحالتين لا يسلم الجسد من
سوء النية و احتقان المشاعر و بالتالي تتكون ذاكرة الجسد و تاريخه من هذه
الحيثيات التي لا يتحدث عنها الا العارفين بتلك التفاصيل و تضيع الحقيقة بين
الاجيال الى ان تصل الى الجيل الحاضر هزيمة رضي بها الكل و تعاملوا معها كمسلمة
ثم يفرحون و يحتفون بخارطة الجسد الحالية. فيبدو كل شيء يجرب التفكير فيه وراءه
حائط صد يقف عنده الجسد رسولا يستلم كل ليلة حلما عن الحقيقة و يعتبروها ما هي
الا احلام بالمفهوم الغامض الذي يصيب الفرد عند عدم معرفته بالتفاسير.

و في ظل الحركة المتنامية المتتبعة للعمق الجسدي و البعد الغائب عن من لا
يستنطق نفسة لمعرفة فلسفة ما , ظهرت حركة البحث بانواعة لمعرفة السلوك البشري
الذي يحيط بالجسد من شتى نواحيه اثر الاندهاش لدينامية الجسد متمثلة في الشخصية
على مستويات ثلاثة هي اصلا موجوده فمن الناحية البيولوجية نجد "الهو" و
الجانب السايكولوجي تمثله"الأنا" و آخر اجتماعي تمثله"الأنا العليا" . و من هذه
الاصعدة خرجت اتجاهات تفرق بين الجسد و الآخر من حيث المؤثرات البيئية و
الوراثية . و تعتمد في تمييزها على المكاسب الاجتماعية و المادية و الجنسية. و
عندها تفرقت هوية الجسد الى اصناف ظهرت التشكيلات الثقافية و الحضارية برمتها
فهضمت حضارات على حساب حضارات أخرى و من ثم الفكر العنصري . فاخذت تنقرض احد
ديناميات الجسد و هي الدينامية البيولوجية الحضارية و تنامت على العكس
السايكولوجية و الاجتماعية مما ادى آليا الى تصنيف المكتسبات و عدم جدواها او
ضعف وسائلها و اختباء دوافعها . و من بواعث الصراع عدم تكيف العناصر المعنية
بالفشل و عدم قبولها بالحكم الجائر عليها فكان لزاما عليها ان تشهد مخابرها
فورة الجسد و تلمس النفس طريق الانعتاق من الغبن الواقع عليها لتشهد ميلاد
الشخصية من جديد . و بين هذا و ذاك شهد الجسد مرارات عديده و عذابات جمه متنقلا
عبر العصور بين الاعتكاف و الثورة ضارباً بذلك مثلا للنضالات الشرعية في سبيل
بسط الهوية الضائعة على يد قاتليها و هم وحدهم من يزعم بالانتصار للحضارة التي
دخلت مناحي جديدة يعتقدون ان الآخر قد تأخر عن ركبها . و من هنا فقط ظهرت
الجرائم التي مورست للرد على الاخطاء فلحقت وصمات العار بشعوب فقط حاولت ان ترد
عنها الشبهات التي حاقت بها و لكي تريح اعضاء الجسد افرغت ما في جوفها ومن هنا
فقط اعلنت الهزيمة ان اصبح الجسد قابعا فهو مهزوم وان دخل المعركة بوسائله
الضئيلة فهو مهزوم لا محالة. فكرهنا بعضنا و هزمنا بعضنا و حسدنا بعضنا و لكن
ليس هذا هو المعيار الأوحد او المستوى النهائي للتفكير فالانسان الذي مقوماته
الجسد و ما يحوم حوله قطعة من جسد و فكر و روح قد تخطيء و تصيب.فان فشل الجسد
في التماشي مع الخلاف فعلية الاتفاق مع غيره على علاته.
تستطيع الحضارة ان تخرج من صلب جسد ما و يستطيع الجسد ان يدمر الحضارة مستعينا
بدوافعه التي تخرج من حناياه .

اندلعت من بعد ذلك ثورة التعميق و التحديق في تفاصيل الجسد و ما يخرج منه من
نتاج ينتسب الى مسلمات يقينية يتفاوت تصديقها من بيئة لأخرى . ومن هنا ظهر
الفشل الذي يدفعه يقين واحد لا يخضع الى تجربة و لا عقل . فتفرقت الطرق الى
اساليب متفاوتة تعددت فيها المعتقدات التي شكلت خارطة الجسد المهزوم. قد ينهزم
الجسد من جراء الجوع و الفقر و اللا أخلاق و لكن هذه معاني حسية لا تطرق
دلالاتها كثيرا من جراء منهجية التفكير التي تميل وتكتفي بالاجمال اكثر من
التحليل و معرفة فلسفة داء ما و الاخذ بالظواهر الثابتة التي تركها العلم و
اهملتها التجارب و جهل الظواهر المتجددة مما ادى الى نشوء مدارس و مدارات تصف
صنوف و عناصر من البشر بالتخلف و الركود ومن هنا فقط تظهر فلسفات الركود التي
اصلا مفادها الكسل الفكري و الفشل المعرفي و التي من معيناتها الحسد البغضاء و
ثقافة الخلاف مطلقاً على عكس التحرر البشري الذي دافعه اليقين المدرك و الذي
يحوم حول اقطاب من الحرية و الانعتاق. فيقين النفس هو الذي يصور النتائج و
الدوافع , فالاسئلة التي لا يقين لها تهرب باصحابها الى خارج حلبة الصراع مما
يجعلها مقفلة ردحا من الزمان يطرق الناس مرارا و تمر عبرها الانفس بلا حراك ثم
تبرز ثقافة الكلام و من ابوابها التحزب و التفرق جراء المغالطات على مستويات
متفاوته مبلغ علمها التجارب الذاتية عارية الوعي و العلمية .

ليس في تاريخ البشرية انتصار او هزيمة بلا دم , و ليس هنالك انتصار او هزيمة
بلا ضحايا من قبائل الجسد كالاخلاق و القيم و الكرامة. فالانسان المهزوم يوما
ما هو انسان و لكنه مهيض الجناح و منهوك القوى يعتصره فوج الهزيمة و اسئلة
الدهش المتواصل فيتحول دهشه الى شفقة فيتنامى عنده الضعف فتختلف تفاصيل الجسد و
اوصافه حتى يصبح الجسد كله يمثل شقا واحدا من شقي الجسد الذكوري أو الانثوي و
في كلا الحالتين يصبح الجسد اشبه بامرأة تكدح و تصارع مرارات الحرب في اقليم
هرسته ويلات الحرب فلا غنى له عن المرأة كرجل لتربي الايتام الذين تنامت فيهم
حسرة العصر ذاته , او اشبه برجل حطمته ويلات الحرب فاصبح يندب حظه كالمرأة التي
تولول بفقد حبيب او قريب عندما تكسرت معدات المعركة عنده. و في كلا الحالتين
المهزوم هو الانسان صاحب الجسد الرهيب و عندما يوارى في اغبية القبر لا يرى
كجسد فخور بل كخرقة من الانسجة المهترئة و غيرة تتسع عظمته و هو يمارس حب
الحياة و رفاهية العيش و رغده. ويعز على الانسان ان ينام متقطع الاوصال و ضعفه
ظاهر في شكل الجسد بلا ان تداعب افكاره رياح الفكر المضني بينما ينام آخر على
وسادة جبن ينعم بالامن الذي شعاره الصولجان و الحواشي و لكنه كالحسناء التي
تخون زوجها في فراشه مع عشيقها و الناس تصفق و تنظر اليها بعين الاعجاب و
السرور خوفا منها و من صولجانها قاتلين من وراء ذلك تلألوء العقل في سخف و خداع
.
هزائم تلحق بالجسد كل حين و طرفة عين تنام حيالها ابجدية الجسد و ذاكرة الروح
متعبة من جراء التذكارات و اجترار الذكريات التي ينأى الجسد عن حقائقها كما
ينأى الرضيع عن الكلام في مهده و هو سارحٌ في حقائق لا يعلمها الناس سوى انها
دوافع فطرية لطلب الرضاع او حضن الام.


بقلم: أ. احمد يوسف حمد النيل -الرياض

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved