لقد دخلت الإنقاذ كما يقولون النفق المظلم ، وو قعت فى شر أعمالها فى شباك آل صهيون و أمسكوا بها مسكة مخلبية لا فكاك منها البته و عليها أن تدفع الثمن ، لقد كان مدخل الإنقاذ فى معالجة أزمات الوطن مدخلا خاطىء و مضل ، لأنهم إعتقدوا أن أسلوب المراوغه مع الآخر يصلح فى كل زمان و مكان ، وبذلك أثبتوا عدم جديتهم بكل فى سعيهم لمعالجة المشكل السودانى ، معالجة ناجحة و جذرية من خلال رؤياهم المتمثله فى الخداع و المناورة ، و إتضح ذلك بوضوح شديد فى إصرارهم على تغيب إرادة الجماهير العريضه صاحبة المصلحه الحقيقية فى التغيير ، مفضلين الحرب و الدماء عن السلام و الوفاق القومى الحقيقى ، و ها هو السحر ينقلب على صاحبه ، و حتما سيأكل القط الفأر .
الدلائل كلها تؤكد فى صباح كل يوم جديد بأن مشاكل السودان لن تعالج إلا بارادة أهله مجتمعين ، وفق أسس عادله و منصفه و برضاء الجميع دون تغيب أو تهميش لجهة ، أو فئه أو حزب ، أو منظمه ، أو أى مجموعة لها رأى فى الشأن العام السودانى .
إن الفهم الناقص لتلك المفاهيم القومية التوجه ، و ما قدم من تنازلات من قبل أصحاب المشروع الحضارى و التطلع الأممى فى السودان ، والفهم المغلوط و الإنبطاح المخزى الذى غبر و دفن التوجه الحضارى المزعوم فى نيفاشا و هزم نهج الجماعه الإقصائى ، هو سلوك تكتيكى مكشوف حيث كانوا يعتقدون أنها عربون صداقة و محبه للتصالح مع الإدارة الأميريكية ، مفترضين بأن تلك الصفقه من السقف التنازلى ستقابل بأحسن منها ، أقلها أن يترك لهم السودان الشمالى ليقرروا فية ما يشائون ، فى إطار الفهم المتجدد لديهم ( لكم دينكم و لى دينى ) ، و لقد وضح ذلك من خلال تجاوزاتهم الغير أخلاقية فى دارفور ، فى مجزرة بورتسودان فى الشرق ، و السعى لتسليح القبائل فى شمال كردفان لخلق مزيد من الفتن مع جيرانهم من شرق دارفور فى إطار ما عرف بالتسليح من أجل حماية الأرض و العرض ، لا ندرى عن أى أرض وعرض يتحدثون ؟ ألم يكن السودان كله أرضه و عرضه ملكا لكل سودانى و علية أن يزود عنه ؟
ما هو دور الحكومة فى ذلك و أين مسئولياتها ؟
تجاوزات الحكومه فى الشمال المهمش الذى لحق بركب المهمشين أخيرا و بفضل الجهود الأمريكية ، هل لها ما يبررها ، إن حكومه بتلك التناقضات و عدم المسئولية تعتبر غير آهله لإدارة البلاد لأنها فى كل مرحله ستقدم مزيد من التنازلات و بالتالى سيكون الناتج مزيد من المضاعفات على مكتسبات البلاد كلها بلا إستثناء ، مما يهدد وحدة البلاد تهديدا مباشرا و يجعل من الوطن لقمة سهله للمطامع الأجنبية فى غياب السيادة الوطنية الكاملة التى فقدت فى ظل التدخلات الأجنبية المباشره و غير المباشرة فى الشأن السودانى .
إن مشروع قانون محاسبة دارفور الأميركى ، كما أسلفنا له أبعاده الخطيرة و خاصه على حكومة السودان التى رفضت بشده ذلك المشروع ، و وصفته بأنه مشروع ظالم و يجافى الحقيقة و يتعامل بإزدواجية مطلقه ، و لقد أدان وزير الدوله بوزارة الخارجية السودانية ، هذا المشروع وإعتبره خصما على مسيرة السلام ، لأنه يعطى إشاره سالبه لحركات التمرد و يؤدى الى تعقيد أزمة دارفور .
و علية دعونا نتلمس المشروع لنفصل ما ذهبت إلية الحكومه ، و ما هدف الية مشروع القانون ، حتى نوضح بواطن الأمور من جهة محايده نأمل أن تكون منصفه و خالية من الغرض هدفها الوطن و لا شىء غيرة .
إن ما أشار إلية مشروع القانون من بنود وما إقترح من معالجات من خلال الإضافات و التعديلات فى بنوده من قبل مجلس الشيوخ الأميركى و المتوقع إجازته من قبل مجلس النواب ، و من ثم رفعه للرئيس بوش الذى وعد بتنفيذه ، كان أمر غير متوقع بالنسبه لحكومة السودان ، التى إعتقدت فى لحظة ما بأن لها القدره على فهم كيفية سير الأمور داخل البيت الأميركى ، بل و صل لديها الغرور الى حد الحلم بأنها أحدثت إختراقا قويا للقرار الأميركى و شوشت علية حتى و صل الى حد الجزم بأن أميركا أصبحت ترى المشكل السودانى بعيون إنقاذية ، و سوف تبصم الإداره الأميركية على ما تقرره الحكومه السودانية ، والأخيرة بالطبع تؤكد على الدوام ليس هناك مشاكل معلقه الآن فى السودان ، فالسلام الشامل و العادل تحقق بتوقيع إتفاقية نيفاشا بين المؤتمر الوطنى و الحركه الشعبية ، وتحقق بموجب ذلك الوفاق الوطنى ، و إنجزت حكومة الوحده الوطنية بمشاركة الجميع ، و تمت محاكمة مجرمى الحرب فى دارفور ، و دارفور ستعطى الحكم الذاتى ، و بالتالى فإن ما تحقق يمثل إرادة أهل السودان كافه ، و هى غير آبه بالذين تخلفوا عن تلك الإنجازات ، و تعتقد جازمه بأن أميركا و الغرب يأيدان ذلك لأنها أمنت لهم مصالحهم و سلمتهم ما يريدون و على الذين تخلفوا أن يشربوا من اليم .
ذلك الفهم البسيط و السازج أحيانا أدخل الأنقاذ فى أزمة حقيقية و عليها أن تواجه الواقع الجديد و تنظر بموضوعية فيما ذهب إلية مشروع قانون محاسبة دارفوربإ ضافاته و تعديلاته التى سيدرسها مجلس النواب الأمريكى الأسبوع المقبل ، و من المتوقع أن يجيز مجلس النواب مشروع القانون المعدل تمهيدا لإرساله الى الرئيس جورج بوش الذى و عد بالتوقيع علية ليصبح قانونا نافذا ، و علية سوف نتتطرق للنقاط الهامه فى المشروع مع التعليق عليها و نلخصها فى المحاور التالية :
أولا : تجميد عضوية السودان فى الأمم التحده ، حيث دعى مجلس الشيوخ السفير الأميركى فى الأمم المتحده ليطلب من مجلس الأمن قرارا ( حسب الماده الخامسه من ميثاق الأمم المتحده) لتجميد حقوق و إمتيازات عضوية السودان فى الجمعية العامه للأمم المتحده .
و ذلك يعنى حرمان السودان من كل حقوقه التى يتمتع بها فى المنظمه الدولية ، و هذا له مضاعفاته الإقليمية و الدولية و فية تشوية لمسيرة السودان الدولية حيث ظل السودان طوال تاريخية الطويل و فى ظل كل حكوماته المتعاقبه يلعب دورا إيجابيا فى المنظومه الدولية . والسؤال لماذا كل هذا ؟؟؟.
يجيب : الأميريكيون حتى تنفذ حكومة الخرطوم إلتزاماتها بوقف الهجوم على المدنيين ، و نزع سلاح الجنجويد و المليشيات ، و تسهيل إغاثة اللاجئين و السماح بعودتهم سالمين و بدون عراقيل ، و بدون ضغوط . هل هناك أى مزايدات فى هذه المطالب ؟؟
و السئوال أيضا يظل مطروحا : لماذا لم تقم الخرطوم فى الشروع فى تنفيذ كل تلك المطالب العادله دون أن تعرض البلاد لكل هذه المهازل و الضغوط التى لها ما بعدها ؟؟؟
لمصلحة من تعمل حكومة الخرطوم ؟؟؟
لماذا تحارب الخرطوم مواطنيها ؟؟؟
أليست تلك كلها مطالب عادله و هى فى و جدان كل سودانى ؟؟؟
لماذا تحارب الخرطوم ، الخرطوم ؟؟؟
ثانيا : مد حظر إرسال الأسلحه الى السودان ، على أن يشمل الحظر منعا كاملا للبيع أو توفير معدات عسكرية و هجومية لحكومة السودان ، و حذر القانون أى دوله عضو فى الأمم المتحده تعرقل جهود تحقيق السلام فى السودان و ترسل مساعدات عسكرية لحكومة السودان أو أى حركه من الحركات المتمرده ضدها بما يخالف الحظر الذى فرضه قرار مجلس الأمن رقم 1556 و 1591.
و كل ذلك تنفيذ ا لإتفاقية السلام بين الجنوب و الشمال ، و العمل على تسوية الأزمات و المشاكل العالقه فى دارفور و شرق السودان ، أليس من الأفضل أن تمضى حكومة الخرطوم قدما لمواجهة هذا الواقع بعيدا عن المناورات و الكسب الرخيص ، و تعمل بجد لمعالجة هذه الإشكالات فى إطار بعد قومى حقيقى أساسه العدل و الشفافية و الوضوح بلا مزايدات .
ثالثا : محاكمة مجرمى الحرب ، طلب القانون أيضا من مجلس الأمن معاقبة كبار المسئولين فى حكومة السودان ، و فى المؤتمر الوطنى الحاكم ، و فرض عقوبات ضد أى هيئات يملكها أو يسيطر عليها أؤلئك المسئولون ، حتى تنفذ حكومة السودان ما عليها من إلتزامات .
أليس ذلك مطلبا عادلا ، إن محاكمة مجرمى الحرب أيا كانوا مطلب عادل و لن تستقيم الأمور بدونه ، من الذى يأخذ حق الأطفال و النساء و الشيوخ ، و الضحايا الذين ماتوا و تشردوا ؟؟
إن محاكمة المجرمين شىء لابده منه ( ومن قتل نفس بغير حق كأنما قتل الناس جميعا ) إنه حق شرعى و أخلاقى و إنسانى ، لماذا تتهرب الحكومه من محاكمة المجرمين ، فكل متهم برىء حتى تثبت إدانته ، من حقنا جميعا أن نتعرف على المجرمين و نقتص منهم ، و هل للحكومه رأى غير ذلك ؟؟؟ إن محاكمة المجرمين فيها إنصاف للمظلومين و نصرة لإرادة الوطن و المواطن ، و إنتصارا للحق و عبرا للتاريخ .
رابعا : دعا مشروع القانون مجلس الأمن لإصدار قرار يوسع نطاق عمليات القوات الأفريقية فى دارفور ، حتى تتمكن من تنفيذ إلتزاماتها بالحجم و الطاقه و القوة المطلوبه لحماية المدنين و عمليات الإغاثه ووقف القتال و العنف .
نرى بأن التدخل الأجنبى أصبح واقع نتيجه لمزايدات الحكومه فلقد حذرها الكثيرون من عواقب و مضاعفات الوجود الأجنبى و لكنها كانت فى غيها متعنته و سافهه للآراء الوطنية الصادقه ، و بالتالى فإن ذلك الوجود أصبح ضرورة وواقع لابده من تسهيل مهمته و مساندته للقيام بإلتزاماته بالوجه المطلوب و أى إخفاق له فى تلك المهام يعنى ذلك مزيدا من المضاعفات . و الحديث عن الوجود الأجنبى أصبح تحصيل حاصل فالسودان كله أصبح مباحا و لمزيد من التدخلات و هذه واحده من المؤشرات القوية التى يجب التعامل معها بالجدية اللازمه ، بعيدا عن مزايدات الشخ سبدرات ، و مهاترات مجذوب الخليفه ، و حلم عبدالرحيم حمدى البغيض .
خامسا : طلب مشروع القانون من الرئيس بوش إتخاذ كل الخطوات الضرورية لمنع حكومة السودان من الحصول على عائدات النفط ، يندرج تحت هذا الطلب قرارات ستكون قاسية و اذا ما اراد السيد بوش أن يعتبرها معبرا لأهدافه ، و سيندرج تحتها الأرهاب و مؤسساته المالية السودانية و غير السودانية ، المؤسسات المالية ذات العلاقه داخليا و خارجيا ، و لربما يذهب الإستهداف لأكثر من ذلك و يصيب دولا لها إرتباطاتها مع السودان فى هذا الشأن ، و نجد ديباجة كل ذلك هو عباره ثابته : حتى تنفذ حكومة السودان التزاماتها تجاه السلام و إتفاقياته و حسم الصراع فى دارفور .
سادسا : الإنفراد الأميركى ، أخطر ما ذهب إلية المشروع هو الإصرار على إتخاذ شىء ما تجاه حكومة السودان ، وواضح ذلك فى مشروع القرار حيث فوض القانون الرئيس جورج بوش ، بالإضافة الى اللجوء لمجلس الأمن ، إتخاذ إجراءات أميركية فردية ضد حكومة السودان ، تتمثل فى دعم بعثة الإتحاد الأفريقى لتقوم بتنفيذ التزاماتها فى دارفور ، هذا يعنى تدخل غير مباشر لأن الدعم هنا مربوط بتزليل كافة العقبات بما فيها توفير المعدات العسكرية ، إمدادات ، تكنولوجيا ، مراقبه جوية ، سيطره ، تدريب ، دعم مالى ، إستخبارات و غيرها ، و على الرغم من أن المشروع تحاشى التدخل العسكرى الأميركى المباشر ، الا أنه دخله من بوابه أخرى تلعب فى تقديرى دورا أخطر من التدخل المباشر ، لأن التدخل سيكون بإرادة دولية و وفقا لقرارات الأمم المتحده .
سابعا : إجراءات أميركية ، لقد فوض القانون فى حالة إجازته الرئيس بوش بإصدار و إتخاذ عدد من القرارات :منع تأشيرة الدخول لأميركا ، تجميد ممتلكات كل شخص يراه الرئيس مسؤولا أو مشتركا أو له صله بعمليات الإباده أو جرائم الحرب ، أو جرائم ضد الإنسانية فى دارفور ، بما فى ذلك كل عضو فى عائلته ، أو شريك له ، حول له ممتلكاته فى أو بعد الأول من يوليو سنة 2002 م ، هذا الوضوح و الرؤية الدقيقه تؤكد جدية الإداره الأميركية و إصرارها على حكومة السودان أن تعمل و بشكل جاد على حسم مشكلة دارفور و تقديم المجرمين للعداله الدولية لتقرر بشأنهم علما بأن هذا الإجراء شاملا كل الأطراف ، و هنا ليس لدينا مجالا الا و أن نتفق تماما مع ما ذهب إلية القانون ، و خاصة فيما يتعلق بالأمور غير المباشرة فيما يتعلق بالممتلكات ، فيجب أن يحاسب كل من أجرم فى شعبه ، على الحيكومه أن تخرج حكومة من اللامبالاه و تواجه الأمر بشىء من المسئولية ، .
و ضمن ما أشار إلية مشروع القانون و صفه الصريح بأن ما يحدث فى دارفور هو (( إبادة )) و ليس فقط أعمالا و حشية ، مستندا فى ذلك على القرار الذى أصدره الكونغرس فى العام المنصرم و شهادة كولن باول ، وزير الخارجية السابق أمام الكونغرس فى السنه الماضية ، حيث قال بأن (( حكومة السودان و الجنجويد مسؤولان عن إبادة دارفور )) ، و هنا يتضح بأن الأمر أصبح فية بصمات أميركية و بشكل واضح ، وإشترط القانون عدم رفع العقوبات السابقه عن الحكومة الا اذا نفذت الشروط التالية :
عدم عرقلة جهود الإغاثه ، نزع سلاح الجنجويد و محاكمة قادته ، التعاون الكامل مع الأمم المتحده و الإتحاد الأفريقى ، عدم عرقلة عودة اللاجئين الى دارفور ، تنفيذ إتفاقية السلام بين الشمال و الجنوب ، و من ما سبق و بعد التمعن فى مضمون الشروط المذكوره ، نرى أن تأخذ حكومة الخرطوم الأمر مأخذ الجد ، أن تخرج رأسها من الرمل و تواجه هذه التحديات التى هى قطعا ستكون مضاعفاتها على إنسان السودان البسيط بشكل مباشر بالرغم من أنها تبشر بمعالجة أوضاعه و خاصة فى الهامش المعزول ، نؤكد أن المسئولية الكبرى تقع على حكومة السودان ، كما أن للشريك الجديد الذى ينادى بالتغيير دور مقدر ، وعلية أن يبادر و يقف مع قضايا الجماهير بصوره أكثر قوة فى هذه المرحله ، و على القوى السياسية السودانية أن تخرج من صمتها و تعبر عن إرادة الجماهير بوسائل أقوى و تحاصر هذا المد الخطير ، و عليها أن تدفع إستحقاقاتها كامله من أجل التغيير ، و على المنخرطين الجدد ممثلى التجمع الوطنى أن يتحسسوا أقدامهم قبل المضى قدما فى دوامة اللانهاية .
مكين حامد تيراب