د.إبراهيم أحمد أونور
تم إنشاء العديد من مراكز البحوث فى الماضى بغرض تفعيل البحث العلمى وربطه بواقع الحياة ولكن سرعان ما إنتهى بها الحال بأن تصبح كغيرها من مكاتب الخدمة المدنية التى تفتقر الكوادر المؤهلة ، كما أن دور الجامعات أصبح محصوراً فى مهام التدريس و أصبح دور البروفيسور أو الدكتور فى الجامعة مماثلاً لخطباء صلاة الجمعة الذين يرددون الخطب المنقولة منذ عهد خلفاء الدولة الأموية.
إصلاح الحال وتقويمه فى رأى يبدأ من خلال إعادة هيكلة متطلبات الوظيفة الجامعية لأستاذ الجامعة ووضع رؤية واضحة المعالم تربط البحث العلمى بواقع الحياة.
لا أظن أن مشكلة البحث العلمي في السودان هي مشكلة تمويل فحسب بل هي في تقديري مشكلة تحديد أولويات كذلك ، حيث أن أولويات الوظيفة الأكاديمية بالجامعات أصبحت محصورة فقط فى التدريس الأمر الذى جعل مستوى المادة البحثية التى تنشر فى دوريات هذه الجامعات ضعيفة للغاية مقارنة بمستوى الدوريات العلمية الإقليمية والعالمية المناظرة لها الأمر الذى أسهم بدوره فى ضعف التأهيل العلمى للشهادات العليا من دكتوراة وماجستير من الجامعات السودانية. أما مراكز البحوث التي أنشئت أصلاً لهذا الغرض تفتقر الكوادر المؤهلة ، حيث أن غياب الدوريات العلمية وغياب النشاط العلمي المتمثل في مؤتمرات علمية وعدم توفر البيانات الصالحة للاستخدام في البحث العلمي اصبحت السمة البارزة للنشاط البحثى فى السودان.
وضع البحوث في مجالات الاقتصاد والعلوم الإدارية الأسوأ حالاً حيث أن جُلّ السياسات الاقتصادية التي تبنتها الدولة لا تستند لأي نتائج بحثية كما أن السمة البارزة للوضع الراهن هو ضعف التخطيط للقرارات الاستراتيجية. معهد الأبحاث الإقتصادية مثلاً أنشأ أصلاً لذلك الغرض لكنه فى الوقت الراهن غير مؤهل ليقوم بدور مفيد فى هذا الإتجاه.
لتذليل الصعاب التي تعوق مسيرة البحث العلمي في هذه المجالات أقترح الآتي:
1) إنشاء مراكز أو معاهد بحوث متخصصة مزودة بكوادر مؤهلة فى مجالات إستراتيجية للبحث العلمى ، حتى إذا إستدعى الحال إستجلاب خبراء أجانب من خارج السودان وتقوية مراكز جمع ورصد المعلومة التي يحتاجها الباحث في المجالات المختلفة. مصلحة الإحصاء مثلاً أنشئت أصلاً لهذا الغرض لكن بياناتها ومعلوماتها لا ترقى لأي مستوى يفيد الباحثين , هذا بالإضافة للمشاكل المنهجية المتعلقة بدقة صحة المعلومة وعدم انتظام صدورها وعدم مواكبتها الزمنية.
2) ربط البحث العلمي بالمنح (grants ( وإحالتها للمنافسة لجميع الباحثين دون إقصاء أحد.
3) تفعيل وتنشيط المؤتمرات العلمية (Conferences) في المجالات العلمية المختلفة والتي تتبنى قضايا قومية معاصرة.
4) رصد جوائز علمية للباحثين الشباب حسب إسهاماتهم النظرية والتطبيقية.
5) دعم وزارة العلوم والتقانة إنشاء برامج دكتوراه بالمقررات والبحث التكميلي في جامعة الخرطوم وفى خارج السودان لخلق كوادر وطنية مؤهلة فى المجالات الأكاديمية و البحثية.
6) ربط النشاط البحثي والأنشطة الإستشارية الأخرى للأكاديميين فى الجامعات بشروط الإستمرار فى الوظيفة الأكاديمية.